تحقيق مسبار
من أكثر الأمراض انتشارًا في العالم هو "التهاب الكبد بي" أو ما يعرف بفيروس بي. فما هو فيروس بي؟ وهل ينتقل فيروس بي باللعاب؟ وكيف يمكن الوقاية منه؟
فيروس بي
فيروس بي، يُعرف بالتهاب الكبد بي، وهو فايروس يصيب الكبد ويتسبب في تليُّفه، وقد يؤدي إلى مضاعفات أخرى مثل السرطان وحتى الوفاة، وقد أشارت منظمة الصحة العالمية عام 2015 إلى أنه يوجد أكثر من 257 مليون مصاب بفيروس بي على مستوى العالم، وقد وصل عدد الوفيات بسببه في نفس العام إلى 887 ألف حالة وفاة، نجم معظمها عن المضاعفات الصحية المصاحبة للفايروس، وتقل نسبة المصابين من الأطفال إلى أقل من واحد في المائة، ويعود الفضل في ذلك إلى حملات التطعيم المستمرة منذ عقدين.
يعتمد تحول الفايروس إلى مرض مزمن على عمر الصاب، والأطفال هم الأكثر عُرضة للإصابة بأمراض مُزمنة نتيجة لوجود فيروس بي، وقد يصاب أكثر من 95 في المائة من الأطفال الرُضَّع بأمراض مزمنة نتيجة لفيروس بي، أما بالنسبة للبالغين فإن من يعانون من أمراض مزمنة نتيجة لفيروس بي تتراوح نسبتهم من 20 إلى 30 في المائة من إجمالي المصابين.
وفي عام 2016 بلغ عدد الحالات التي تم تشخيصها 27 مليون شخص، أما الذين تلقوا العلاج ممّن شُخصت حالتهم لم يتجاوز عددهم الخمسة ملايين مريض، ويعود السبب في ذلك إلى أن فيروس بي لا يمكن تشخيصه سريريًا، وغالبية الحالات التي يتم اكتشافها، تكتشف أثناء مراحل متقدمة من تفشي الفايروس، حيث تتراوح فترة حضانته من 60 إلى 150 يومًا، وتبدأ الأعراض في المتوسط بالظهور بعد ثلاثة شهور.
هل ينتقل فايروس بي باللعاب؟
الإجابة نعم، قد ينتقل فايروس بي باللعاب من شخص مصاب إلى آخر غير مصاب، ورغم ذلك فإن احتمالية أن ينتقل فايروس بي باللعاب ليست شائعة، بسبب تركيزه المنخفض فيه، ويعود السبب إلى انخفاض تركيز فيروس بي في اللعاب إلى عدم وجود الدم، حيث يصيب الفايروس مجرى الدم بشكلٍ مباشر، وقد لا يحمل اللعاب العدوى في بعض الأحيان، إذ أنه وبحسب المركز الكندي للصحة، فإن الدم هو البيئة الحاضنة للفايروس، وقد يبقى ملوثًا مدى الحياة، ممّا يسبب الإصابة بتليف الكبد وأمراضًا مزمنة أخرى.
وبالإضافة إلى احتمالية أن ينتقل فيروس بي باللعاب، تتعدد أشكال انتقال الفايروس من خلال الدم، حيث يمكن أن يؤدي الاتصال المباشر بدم الشخص المصاب إلى انتقال العدوى بفيروس بي من خلال:
- ثقب الجلد بالإبر الملوثة بالدماء أو بأي أدوات حادة أخرى.
- ملامسة الجروح والقروح المفتوحة للشخص المصاب.
- ملامسة بقع الأغشية المخاطية للفم والأنف.
- ملامسة البقع الجلدية الناتجة عن الخدوش أو الحروق أو حتى الطفح الجلدي الطفيف.
وينتقل الفايروس بشكل شائع من الأم المصابة إلى الطفل أثناء الولادة، كما ويمكن له الانتقال عبر الاتصال غير المباشر أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة، حيث يمكنه العيش خارج جسم الإنسان لأسبوع على الأقل، مع قدرته على التسبب بالعدوى، ويمكنه أن يعيش أيضًا في الدم الجاف عند درجة 25 مئوية.
وتقل احتمالية أن ينتقل فايروس بي باللعاب عند ملامسة الأسطح التي تحمل لُعاب شخص مصاب، مثل أدوات الطعام أو أدوات النفخ الموسيقية، ولا ينتشر من خلال العطس والسعال أو باقي ما يفرزه جسم الإنسان من سوائل، بشرط عدم تلوثها بالدم بشكل واضح.
أعراض الإصابة بفيروس بي
تعد الإصابة بفيروس بي صامتة، وذلك لأن معظم الأشخاص الذين يصابون بالمرض لا تظهر عليهم أية أعراض، ولا يمكن الكشف عن المرض من خلال معاينة سريرية، وإنما يتطلب الأمر إجراء فحص مخبري للدم، وبالتالي فإن المصابون قد ينقلون العدوى لغيرهم من دون قصد بسبب عدم المعرفة بإصابتهم.
تظهر بعض الأعراض على المصابين البالغين، والتي تشبه أعراض الإصابة بالإنفلونزا، وبالتالي فإنهم يتجاهلون الأمر، وقد يصاب بعض المرضى أو من يحملون فيروس بي بحالة ما يعرف بالتهاب الكبد الخاطف، وهي حالة صحية نادرة الحدوث لكنها خطيرة، حيث تسبب فشل كامل لمهام الكبد وقد تسبب الوفاة، وتتطلب هذه الحالة تدخل طبي سريع.
ورغم عدم وجود أعراض خاصة بمرض التهاب الكبد أو فيروس بي، إلا أن المصابين به تظهر عليهم بعض العلامات التي تصاحب تليف الكبد، ومن أشهر هذه العلامات ما يلي:
- آلام في المفاصل والعضلات بالإضافة إلى الشعور المستمر بالإرهاق.
- فقدان الشهية يصاحبه غثيان مع التقيؤ الخفيف.
- حمى شديدة وآلام في البطن، ويكون شكل البراز شاحب اللون.
وهناك بعض الحالات التي تتطلب تدخل طبي مستعجل، مثل انتفاخ المعدة، أو في حالة القيئ الشديد، كما ويعد "اليرقان" من أحد أعراض الإصابة بفيروس بي، وهي حالة تنتج عن تغير في تركيبات الدم تؤدي إلى اصفرار الجلد والعينين.
الوقاية من فيروس بي
لم يتم اكتشاف عقار فعال حتى اللحظة، ورغم أن الإصابة بفيروس بي قد تؤدي إلى مضاعفات حادة تنتهي بعد ستة أشهر، فإنها تؤدي أيضًا إلى أمراض مزمنة تستمر مدى الحياة.
وقد تم إنتاج العديد من اللقاحات التي من شأنها أن تمنع الإصابة بالفايروس، وبحسب مؤسسة التهاب الكبد الوبائي المختصة بالبحث العلمي حول فيروس بي، فإنه تم إعطاء أكثر من مليار جرعة لقاح حول العالم، ويعتبر اللقاح آمن وفعال لحماية الأطفال والبالغين على حد سواء، وبالإضافة إلى توصيتها بضرورة تلقي اللقاح، تقدم المنظمة مجموعة من الإرشادات للناس في سبيل الحد من انتقال العدوى:
- غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون بعد أي تعرض محتمل للدم.
- عدم لمس الدم وسوائل الجسم الأخرى مثل اللعاب خوفًا من أن ينتقل فايروس بي باللعاب.
- التخلص من الفوط الصحية أو السدادات القطنية في أكياس قطنية.
- تغطية الجروح بعناية، وتنظيف بقع الدم بالمحاليل.
- عدم مشاركة الأدوات الحادة الخاصة مثل أدوات الحلاقة ومقصات الأظافر أو الأقراط.
- تجنب استخدام أدوات التجميل والوشم بدون تعقيم.
كما ونوهت المؤسسة إلى ضرورة الأخذ بالاعتبارات أثناء الاتصال الجنسي بين الزوجين، وذلك لأن العدوى بفيروس بي لا تنتشر عَرَضيًا، أي أن فايروس بي لا ينتقل من خلال العطس أو السعال أو حتى الهواء، وإنما ينتقل من خلال الاتصال المباشر بالجسم أو سوائله مثل الدم واللعاب، ونشرت أيضا قائمة تضم مجموعة اللقاحات اللازم أخذها لتجنب الإصابة، موزعةً على الفئات العمرية المختلفة.
وفي بيان لها أكدت المؤسسة على أن المرضى الذين يعانون من التهاب الكبد، بإمكانهم تلقي اللقاح الخاص بفيروس كورونا مثل غيرهم دون أي آثار جانبية، ونوَّهت إلى أنه في بعض الحالات ممّن يعانون من كبت المناعة أو من يعانون من التهاب الكبد المزمن، قد يعانوا من أعراض جانبية أثناء تلقيهم اللقاح، وبالتالي يجب تنبيه الجهات الطبية إلى وضعهم الصحي قبل أخذه.