هل هناك وصفة لعلاج عرق النسا نهائيًا؟

يعد عرق النسا أحد أكثر أشكال الألم إزعاجًا للشخص المصاب به، خاصة وإذا كان سببه غير معلوم، حتى إنه قد يتداخل مع بعض الآلام الأخرى في الظهر مما يسبب عدم الراحة في الجلوس أو الحركة أو ممارسة الحياة اليومية بانتظام.  

في هذا المقال سيتم التعرف على ماهية عرق النسا وأسباب الألم المصاحب له، بالإضافة إلى طرق علاجه التي يوصي بها الأطباء حول العالم والإجابة على سؤال: هل هناك وصفة لعلاج عرق النسا نهائيا؟ 

ما هو عرق النسا؟ 

عرق النسا أو بالإنجليزية (Sciatica)، هو:

• مصطلح يصف الحالة التي يتهيج أو ينضغط فيها العصب الوركي (Sciatic nerve)، وهو أطول وأكبر عصب في جسم الإنسان حيث يبلغ سمكه سمك إصبع صغير، والذي يمتد من أسفل الفقرات القطنية في العمود الفقري مرورًا بالأرداف وحتى باطن القدمين وأصابع القدم الكبيرة. 
• هذا العصب عندما يتعرض للضغط أو الإصابة ينتج عن ذلك الإصابة بالألم المعروف لعرق النسا، والذي يعتبر أحد أكثر أنواع الألم شيوعًا.
• وفق أحد منشورات كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية فإن 40% من الأشخاص يصابون بعرق النسا خلال حياتهم، كما أنه يصبح أكثر تكرارًا مع التقدم في العمر. 

أعراض عرق النسا

عندما يتعرض الجذر الذي يُشكِّل أحد الأعصاب الوركية أو الألياف العصبية نفسها إلى الضغط أو الالتهاب، يبدأ المصاب بالشعور بالألم في أي مكان على طول فرع العصب؛ أي أسفل الظهر أو الأرداف أو الساق أو القدم، وفي بعض الأحيان قد يختلط الأمر على المصاب بين عرق النسا وألم الظهر المعتاد. 

وتختلف كل نوبة من نوبات عرق النسا عن الأخرى فلا يوجد نوبتان متشابهتان، فيمكن أن تتنوع:

• من الوجع الخفيف أو التنميل أو الوخز إلى الشعور بصدمة كهربائية أو خفقان حراري أو ألم طعن.
• كما يمكن أن تتراوح شدة الألم من مجرد وجع بسيط غير مريح إلى ألم شديد لدرجة تجعل من الصعب المشي أو الوقوف.
• وفي بعض الأحيان يبدأ الأم تدريجيًا، ثم يزداد سوءًا أثناء الليل، ويتفاقم مع الحركة أو الكحة أو العطس.

وبحسب موقع (Spine-Health) المختص في صحة العمود الفقري، يمكن التعرف على عرق النسا عن طريق واحد أو أكثر من الأعراض التالية: 

• الألم: عادة ما يتم الشعور بألم عرق النسا على شكل إحساس بالحرقان المستمر أو ألم حاد يبدأ في أسفل الظهر أو الأرداف وينتشر إلى الجزء الأمامي أو الخلفي من الفخذ والساق و/أو القدمين. 
• التنميل: قد يكون ألم عرق النسا مصحوبًا بتنميل في مؤخرة الساق. وفي بعض الأحيان، قد يكون الشعور بالوخز و/أو الضعف موجودًا أيضًا. 
• أعراض الجانب الواحد: عادة ما يصيب عرق النسا ساقًا واحدة، مما يؤدي إلى الشعور بثقل في الساق المصابة وحدها، ونادرًا ما تتأثر كلا الساقين معًا في نفس الوقت. 
• أعراض مصاحبة لوضع الجسم: قد يزداد الشعور بأعراض عرق النسا سوءًا أثناء الجلوس، ومحاولة الوقوف ، وثني العمود الفقري للأمام ، والتواء العمود الفقري، والاستلقاء، و/أو أثناء السعال. 

أسباب عرق النسا

عرق النسا في حد ذاته ليس تشخيصًا طبيًا، لكنه قد يشير إلى مجموعة من الأعراض الناجمة عن حالة مرضية أخرى. ومن أكثر الحالات الشائعة التي قد تسبب عرق النسا ما يأتي: 

• الفتق القطني. 
•  ضيق القناة الشوكية القطنية. 
•  التآكل أو التغيرات في الفقرات القطنية. 
• الانزلاق الغضروفي. 
• التشنج العضلي و/أو الالتهاب في أسفل الظهر أو عضلات الحوض. 
• ضعف المفصل العجزي. 

كما أنه في حالات نادرة قد تسبب الأورام أو الجلطات الدموية أو حالات أخرى في العمود الفقري السفلي عرق النسا. 

هل هناك وصفة لعلاج عرق النسا نهائيًا؟ 

حوالي 90%  من مصابي عرق النسا يتحسنون دون الحاجة إلى أي تدخل طبي في خلال فترة تتراوح بين أيام وأسابيع قليلة. كما وإن هناك طرق منزلية لعلاج عرق النسا نهائيًا، بل قد يكون العلاج المنزلي هو كل ما يحتاج المصاب من الأساس.  

وحتى إذا كان السبب غير معلوم، فيمكن اتخاذ بعض الخطوات لتخفيف الألم في المنزل مثل: 

• الكمادات الباردة والساخنة: 

يمكن استخدام كمادات الثلج والحرارة كليهما لتخفيف ألم عرق النسا والمساعدة على العمل بشكل أفضل. في أول أيام يمكن البدء بالكمادات الباردة أو كمادات الثلج بوضعها على منطقة أسفل الظهر لتقليل التهاب العصب لمدة 15- 20 دقيقة في المرة الواحدة. وبعد الأسبوع الأول يمكن اللجوء إلى الكمادات الدافئة التي تزيد من تدفق الدم إلى هذه المنطقة وتمدد العضلات لتسريع الشفاء. 

• الحركة: 

يمكن الراحة في أول يومين بعد بدء ألم عرق النسا، لكن بعدها لن يزيد البقاء في السرير الأمر إلا سوءًا، فحينها ربما تصبح الحركة هي أهم شيء يمكن القيام به من أجل تخفيف الألم؛ لذا ينصح بالحركة في أسرع وقت يقدر فيه المصاب أن يقوم بها وبشكل مكثف قدر الإمكان، وكلما استمرت الحركة فترة أطول كلما قلت احتمالية عودة عرق النسا مرة ثانية. 

وبشكل عام تساعد الحركة  لعلاج عرق النسا نهائيًا عن طريق: 

• تقوية العضلات مما يزيد من دعم العمود الفقري. 
• زيادة المرونة واتساع مدى الحركة. 
• زيادة تدفق الدم لكل مناطق الجسم، بما فيها المناطق المصابة لتسريع عملية الشفاء. 
• تقليل إدراك الألم. 
• يمكن اللجوء إلى مسكنات الألم  ومضادات الالتهاب التي لا تحتاج إلى وصفة طبية (OTC) مثل: الأيبوبروفين. 
• كما ينصح بعدم الجلوس لفترات طويلة، حتى وإن كانت الحركة مؤلمة بعض الشيء، لتجنب الإصابة بنوبات عرق النسا.

أسرع علاج لعرق النسا

لأن عرق النسا أو العصب الوركي يتسبب بكثير من الآلام التي قد لا تكون محتملة عند البعض، تكثر الأسئلة حول أسرع علاج لعرق النسا. وهذا ما سيتم التحدث عنه فيما يأتي.

في البداية من المهم القول أن طرق علاج عرق النسا متعددة، وتعتمد بشكل أساسي على معرفة سبب الإصابة به، فلو تم معرفة سبب حدوث عرق النسا يكون العلاج أكثر سهولة وسرعة.

إن أحد أسرع طرق تخفيف آلام عرق النسا هو القيام بتمارين التمدد بالشكل الذي يجعل الورك في حالة من الراحة والاسترخاء. وتتعدد تمارين التمدد التي من شأنها تزويد الورك أو المنطقة المصابة بالألم بالراحة، والتي يحتاجها كل شخص بحسب مسببات حدوث العصب الوركي، ومنها:

1- التمدد بوضعية الحمامة المتكئة، وهو تمرين يساهم في شد عضلة الكمثرى في الجسم، التي تلتهب في بعض الأحيان وتتسبب في الضغط على العصب الوركي. 

2- التمدد بوضعية الحمامة الجالسة، ويكون كالتالي:

• يجلس الشخص المصاب بعرق النسا بوضعية القرفصاء، ومن ثم يمد ساقيه، ويثني ساقه اليمنى فيضع كاحله الأيمن فوق ركبته اليسرى.
• بعد ذلك يتم الانحناء للأمام مع إطلاق العنان للجزء العلوي من الجسم للوصول إلى الفخذ. 
• يستغرق هذا التمرين من 15 وحتى 30 ثانية، ويمكن تطبيقه مجددًا على الساق الأخرى.

3- التمدد بوضعية الحمامة للأمام، وذلك من خلال:

• الجلوس على الأرض، بالقدمين واليدين. وتحريك الساق اليمنى للأمام مع ضرورة ثباتها على الأرض. 
• ومن ثم ثني الساق اليمنى بشكل أفقي باتجاه الجسم، وجعل الركبة اليمنى باتجاه اليمين عن الأرض وأن تكون القدم اليمنى باتجاه اليسار.
• يتم تمديد الساق اليسرى باتجاه الخلف مع استمرارها على الأرض، وتوجيه أصابع القدم اليسرى إلى الخلف. 
• بعد ذلك يمكن نقل وزن الجسم تدريجيًا من الذراعين الى الساقين. وهذا يُمكِّن الساقين من دعم وزن الجسم بالكامل. 
• ويمكن الجلوس باستقامة مع وضع اليدين على جانبي الساقين. 
• من خلال الزفير، يمكن أخذ نفس عميق، وعند ثني الجزء العلوي من الجسم نحو الأمام فوق الرجل الأمامية يمكن إطلاق الزفير. كما ويمكن تكرار هذا التمرين مجددًا على الجانب الآخر من الجسم.

4- التمدد بوضعية الركبة باتجاه الكتف المعاكس لها، يساهم هذا التمرين في تخفيف آلام عرق النسا من خلال ترخية عضلات الألوية والكمثرى، والتي قد تكون سببًا في الضغط على العصب الوركي بعد التهابها. ويمكن تطبيق هذا التمرين كالتالي:

• الاستلقاء على الظهر وتمديد الساقين، مع ثني القدمين إلى الأعلى.
• ثني القدم اليمنى وشبك اليدين حولها.
• سحب الركبة اليمنى نحو الجسم بلطف باتجاه الكتف الأيسر لمدة    30 ثانية.
• النتيجة هي شعور مريح في العضلات بعد التمرين وليس  الألم.
• بعد ذلك يمكن تمرين القدم اليسرى نحو الكتف الأيمن بنفس الطريقة السابقة. 

5- تمديد العمود الفقري بوضعية الجلوس، يساعد هذا التمرين على تخفيف الضغط الواقع على العصب الوركي، من خلال صنع مساحة في العمود الفقري، إذ يتسبب الضغط على العمود الفقري في زيادة ألم وضغط العصب الوركي أحيانًا. ويمكن ممارسة تمرين تمدد العمود الفقري بوضعية الجلوس من خلال ما يأتي:

• الجلوس على الأرض، وفرد الساقين بشكل مستقيم، وثني القدمين للأعلى.
• ثني الركبة اليمنى، مع وضع القدم اليمنى على الأرض بشكل مُسطَّح في الجهة اليسار من القدم اليسرى.
• وضع مرفق أو كوع اليد اليسرى على الركبة اليمنى.
• تحريك الجسم باتجاه اليمين.
• الاستمرار في ممارسة التمرين حتى 30 ثانية وتكريره 3 مرات، ومن ثم العمل على تبديل القدم وممارسته بجهة العكس.

هل الجراحة هي أسرع علاج لعرق النسا؟

قد يفكر البعض في الخضوع للعمليات الجراحية من أجل التخلص من عرق النسا والآلام الناتجة عنه، ولكن هل الجراحة هي الحل الأسرع والأنجع فعلًا في علاج العصب الوركي أو ما يسمى بعرق النسا؟

• من المهم القول أن الخضوع للجراحة هو الحل الأخير بعد تناول الأدوية الفموية وممارسة التمارين الرياضية والعلاجات غير الجراحية بالمجمل في علاج عرق النسا. فالأولوية في تخفيف أو علاج المشكلات الجسمانية هو محاولة الطب علاج هذه الأمراض بالأدوية والطرق الفيزيائية كالعلاج الطبيعي وغيرها، وإن لم تكن هذه العلاجات ناجعة فتبقى الجراحة ماثلة كطريقة أخيرة في العلاج.
• يتوجب الخضوع للجراحة في حال ظهور أحد الأعراض الشديدة كالخدر أو الضعف أو عدم القدرة على القيام بالأنشطة اليومية الطبيعية.
• قد تكون الجراحة هي الحل في علاج عرق النسا عند وجود حالة معينة يمكن علاجها بالجراحة كالانزلاق الغضروفي.
  في النهاية، يمكن القول أن الجراحة ليست دائمًا الحل الأسرع في علاج العصب الوركي أو عرق النسا، لكنها  الطريقة التي قد تكون مهمة في علاج بعض الحالات العصيبة التي تتطلب للجراحة بشكل أساسي، وتلك الحالات التي لم تستجِب للأدوية والعلاجات المختلفة.
  ويجدر القول أن 8% من الأشخاص الذين خضعوا لعلاج العصب الوركي بالجراحة احتاجوا لإجراء عملية جراحية أخرى في غضون عامين فقط من إجراء العملية الجراحية الأولى.

هل هناك مضاعفات لعرق النسا؟ 

نعم، على الرغم من وجود طرق لعلاج عرق النسا نهائيًا، وأن معظم المصابين بعرق النسا يتعافون تمامًا دون الحاجة إلى علاج على الأغلب، إلا أنه تظل هناك احتمالية وإن كانت ضعيفة أن يتسبب عرق النسا في بعض المضاعفات  مثل: 

•  فقدان الإحساس بالساق. 
• ضعف في الساق. 
• فقدان وظيفة الأمعاء أو المثانة. 

متى يجب استشارة الطبيب؟ 

عادةً ما يتم علاج عرق النسا نهائيًا إذا كان خفيفًا بمرور الوقت، لكن في نفس الوقت يجب استشارة الطبيب في الحالات الآتية: 

•  إذا فشلت إجراءات الرعاية الذاتية في تخفيف الأعراض. 
•  إذا استمر الألم لفترة أطول من أسبوع. 
• إذا كان الألم شديدًا أو أصبح أسوأ تدريجيًا. 
• في حالات الألم المفاجئ والشديد في أسفل الظهر أو الساق وتنميل أو ضعف عضلي في الساق. 
• إذا كان الألم يتبع إصابة عنيفة (حادث مروري على سبيل المثال). 
• إذا كان هناك مشكلة في التحكم في الأمعاء أو المثانة. 

وفي حال إذا أصبحت النوبات متكررة وبدأ الألم يتعارض مع الحركة اليومية للشخص، يمكن اللجوء إلى التدخل الجراحي إذا ارتأى الطبيب المختص ضرورة لذلك.