تحقيق مسبار
قد يكون ماء الرئة هو الاسم الأشهر في منطقتنا العربية للدلالة على مرض تراكم السوائل في الرئة، ويتخوّف الكثير من أنّ ماء الرئة يسبب الوفاة بسبب كم المخاطر التي تخلّفها الإصابة بهذا المرض، وتكثر الأسئلة حول طبيعة هذا العرَض وأسبابه وطرق علاجه.
هذا المقال سوف يناقش هذه التساؤلات، وسوف يجيب عن سؤال هل ماء الرئة يسبب الوفاة؟
ما هو ماء الرئة؟
ماء الرئة أو تراكم السوائل في الرئة أو الاستسقاء الرئوي أو الوذمة الرئوية، هي مصطلحات جميعها تشير إلى نفس المرض، والذي يسمّى علميًا بالوذمة الرئوية أو (Pulmonary Edema)بالإنجليزية، وتصنّف الوذمة الرئوية على أنها قصور حاد في البطين الأيسر مع ارتفاع ضغط الدم الوريدي الرئوي، والذي يؤدي لتراكم غير طبيعي للسوائل داخل الأكياس أو الحويصلات الهوائية للرئتين، مما يسبب مجموعة من الأعراض المؤذية أبرزها ضيق النفس الشديد والتعرّق، ومن الممكن أن يكون ماء الرئة حادًا ومفاجئًا أو مزمنًا، ويتم تصنيف ماء الرئة على أنها حالة طبية طارئة تحتاج إلى عناية فورية، وعادةً ما يركز علاج ماء الرئة على تحسين وظيفة الجهاز التنفسي والتعامل مع مصدر المشكلة، ويتضمن بشكل عام توفير أكسجين إضافي وأدوية لعلاج الأعراض الأساسية.
ما هي أسباب ماء الرئة؟
هناك العديد من الأسباب المحتملة لماء الرئة أو الوذمة الرئوية، وهذه هي مجموعة من الأسباب المحتملة للإصابة بماء الرئة:
- قصور القلب الاحتقاني: يعد هذا السبب الأكثر شيوعًا لماء الرئة، ويحدث قصور أو فشل القلب عندما يتعذّر على القلب ضخ الدم بشكل صحيح إلى جميع أنحاء الجسم، حيث يؤدي هذا إلى حدوث ضغط احتياطي في الأوعية الدموية الصغيرة في الرئتين، مما يؤدي بدوره إلى تسرب السوائل من الأوعية، وعندما تملأ السوائل الرئتين، لا يُمكّن تراكمها الرئتين من ضخ الأكسجين في مجرى الدم، مما يؤدي بدوره إلى حرمان باقي الجسم من الأكسجين.
- النوبات القلبية أو أمراض القلب الأخرى.
- تلف صمّامات القلب.
- ارتفاع ضغط الدم المفاجئ.
- الالتهاب الرئوي.
- الفشل الكلوي.
- تلف الرئة الناتج عن عدوى شديدة.
- تسمم الدم الشديد الناتج عن عدوى.
ومن الممكن أيضًا لبعض العوامل الخارجة أن تتسبب بماء الرئة، وهذه هي أبرز تلك العوامل:
- التعرض للارتفاعات الشاهقة
- تعاطي المخدرات والجرعات الزائدة منها.
- تلف الرئة الناجم عن استنشاق السموم.
- الصدمات الشديدة
- التعرض للغرق.
تشخيص ماء الرئة
تتطلّب المشاكل التنفسية كماء الرئة تشخيصًا وعلاجًا فوريًا، وذلك للوقوف على الأسباب التي أدّت لتراكم السوائل في الرئة، وهناك العديد من الطرق لتشخيص ماء الرئة وهذه بعض منها:
- التصوير بالأشعة السينية: عادةً ما يكون أول إجراء يقوم به الأطباء لتشخيص ماء الرئة هو التصوير بالأشعة السينية، والتي من الممكن أن تؤكد على تشخيص ماء الرئة واستبعاد الأسباب الأخرى المحتملة لضيق النفس.
- التصوير المقطعي المحوسب (CT Scan): قد لا يعطي التصوير المقطعي المحوسب للصدر سببًا لتراكم ماء الرئة، إلا أنه يمكن أن يعطي أدلة غير مباشرة للمساعدة في إجراء التشخيص.
- مقياس التأكسج النبضي أو مقياس النبض: والذي يستخدم الضوء لتحديد كمية الأكسجين في الدم، ومدى كفايتها للجسم.
- إجراء اختبار غاز الدم الشرياني: حيث يُسحب الدم عادةً من شريان المعصم، ويتم فحص كمية الأكسجين وثاني أكسيد الكربون وتركيزها في الدم.
- التخطيط الكهربائي للقلب: والذي من الممكن أن يظهر علامات عن سماكة جدار القلب أو أي نوبة قلبية سابقة، قد تكون تسببت في تراكم ماء الرئة.
- مخطط صدى القلب: حيث يمكن لهذا التخطيط تحديد مناطق ضعف تدفق الدم وصمامات القلب غير الطبيعية، وعضلة القلب التي لا تعمل بشكل طبيعي، للوقوف خلف السبب الرئيسي لماء الرئة.
- قسطرة القلب.
- فحص الموجات فوق الصوتية للرئتين.
ما هي أعراض ماء الرئة؟
في حال الإصابة بماء الرئة يجاهد الجسم للحصول على قدر كاف من الأكسجين الضروري للجسم، كمية الأكسجين تحددها كمية السوائل المتزايدة في الرئتين التي تمنع انتقال الأكسجين إلى مجرى الدم، وتعتمد الأعراض المصاحبة على نوع الوذمة الرئوية، وهذه أبرز الأعراض التي قد ترافق الوذمة الرئوية طويلة الأمد:
- ضيق في التنفس عند بذل أدنى مجهود بدني.
- ضيق في التنفس عند الاستلقاء.
- أزيز داخل الصدر.
- الاستيقاظ المرافق لضيق النفس ليلاً، والذي يزول عند الجلوس.
- زيادة الوزن بسرعة، خاصة منطقة الساقين.
- تورّم في الأجزاء السفلية من الجسم.
- الشعور بالإعياء.
أما في حال كانت الوذمة الرئوية من النوع المرتبط بالارتفاعات العالية، فمن الممكن أن الشعور بالأعراض التالية:
- الشعور بالصداع.
- عدم انتظام في دقات القلب.
- ضيق النفس الشديد عند بذل أدنى مجهود.
- السعال.
- الحمّى.
- صعوبات في المشي.
هل ماء الرئة يسبب الوفاة؟
الأكسجين هو كلمة السر في الحياة، والذي يعتمد عليه الجسم للقيام بمهامه الوظيفية المتعددة، والحويصلات الهوائية هي المكان الذي يتم فيه العمل الحقيقي للرئتين، حيث يأتي الهواء النقي الذي نتنفسه بالقرب من الشعيرات الدموية التي تحمل الدم المفتقر إلى الأكسجين من أنسجة الجسم، والذ يتم ضخه من الجانب الأيمن للقلب إلى الرئتين عبر الشريان الرئوي، ومن خلال الجدران الرقيقة للحويصلات الهوائية، تحدث تبادلات الغازات بين الهواء داخل الكيس السنخي والدم المستهلك داخل الشعيرات الدموية، حيث يتم امتصاص الأكسجين من الحويصلات عن طريق الدم الشعري، وينتشر ثاني أكسيد الكربون من الدم في الحويصلات الهوائية، عندها ينقل الدم الذي أصبح غنيًا بالأكسجين مرة أخرى إلى الجانب الأيسر من القلب، والذي يضخه بدوره إلى أنسجة وأعضاء الجسم.
تعتمد الحياة نفسها على التبادل الفعال للغازات داخل الحويصلات الهوائية، لكن مع الإصابة بماء الرئة يصبح الأمر صعبًا جدًا، حيث تمتلئ بعض الأكياس السنخية بالسوائل المتراكمة، لم يعد بمقدورها أن تجري عمليات التبادل الغازات بين الهواء المستنشق والدم الشعري في الحويصلات المملوءة بالسوائل، وإذا ازدادت أعداد الحويصلات الهوائية المتأثرة بتراكم السوائل تحدث أعراض شديدة الخطورة، وإذا أصبحت الوذمة الرئوية واسعة النطاق وخارج السيطرة فقد تسبب الموت المؤكد.
لذلك تتمثل الأهداف الفورية في علاج ماء الرئة في تقليل تراكم السوائل في الرئتين واستعادة مستويات الأكسجين في الدم إلى المستوى الطبيعي، حيث يعطى العلاج بالأكسجين على الفور، وفي حالة ظهور علامات لقصور عضلة القلب، يتم أيضًا إعطاء مدرات البول بشكل حاد لجانب بعض الأدوية التي تمدد الأوعية الدموية، والتي غالبًا ما تستخدم لتقليل الضغط داخل القلب، وإذا بقيت مستويات الأكسجين في الدم منخفضة للغاية على الرغم من هذه الإجراءات، قد تكون هناك حاجة إلى التهوية الميكانيكية، حيث يمكن استخدام التهوية الميكانيكية لزيادة الضغط داخل الحويصلات الهوائية، وإعادة بعض السوائل المتراكمة إلى الشعيرات الدموية، لهذا تستدعي الإصابة بماء الرئة تدخلًا فوريًا للأطباء لمنع تدهور وظيفة الرئتين، الذي من شأنه أن يجعل ماء الرئة يسبب الوفاة.
كيف تقلل من فرص الإصابة بماء الرئة؟
علميًا لا توجد طريقة لمنع تشكّل ماء الرئة تمامًا، حيث يجب على الأشخاص المعرضين للإصابة بماء الرئة، الاهتمام الفوري بالأمر إذا ظهرت عليهم أعراض هذا الاعتلال، وقايةً من تفاقم الأعراض التي قد تجعل من ماء الرئة يسبب الوفاة. لكن أفضل الطرق لمحاولة منع ماء الرئة هي الاعتناء بصحتك جيدًا لجانب الأمور التالية:
- أخذ مطعوم الالتهاب الرئوي.
- أخذ لقاح الإنفلونزا، خاصة إذا كنت تعاني من مشاكل في القلب أو إذا كنت من كبار السن.
- مراقبة مستويات الكوليسترول في الدم لتجنب الإصابة بماء الرئة المرتبط بالمشاكل القلبية.
- تناول مدرات البول بعد حدوث وذمة رئوية مفاجئة لمنع تكرارها.
- زيارة الطبيب بانتظام.
- الابتعاد عن التدخين وتعاطي المخدرات.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- الالتزام ببرنامج تغذية صحّي غني بالفواكه الطازجة والخضروات والحبوب الكاملة ومنتجات الألبان الخالية من الدهون أو قليلة الدسم.
- المحافظة على الوزن ضمن معدله الطبيعي.
- التقليل من تناول الملح.
- التقليل أو التوقف عن شرب الكحول.
- السيطرة على معدلات التوتر.