تحقيق مسبار
قد يتبادر سؤال هل الخيار فاكهة إلى أذهان الكثيرين، خاصة لدى معرفتهم أن تصنيف الثمار من الناحية العلمية، يختلف عن تصنيفها أو استخدامها الشائع لدى الناس. فماذا عن الخيار؟ هل الخيار فاكهة؟ ما هي فوائد الخيار؟ وما هي القيمة الغذائية للخيار؟
يستعرض هذا المقال مجموعة من الحقائق العلمية والتاريخية حول الخيار. مُقدّمًا الإجابة على الأسئلة سابقة الذكر وغيرها.
ما هو الخيار؟
الخيار هو الثمار التي تُنتجها أحد أنواع النباتات الزاحفة، من ناحية التصنيف الحيوي، ينتمي الخيار إلى نفس العائلة من النباتات التي تضم القرع، والبطيخ، واليقطين. ويعود أصل الخيار إلى منطقة جبال الهملايا، ومن هُناك انتقلت زراعة وتناول الخيار إلى مناطق أُخرى حول العالم.
تُشير الحفريات إلى أن تاريخ زراعة وتناول الخيار يرجِع إلى أكثر من 3000 عام. كما تُشير الكثير من الأدلة والشواهد إلى أن العديد من الحضارات التي تُعرف بِحضارات العالم القديم، عَرفَت شُعوبها الخيار واستخدمته كمصدر غذائي، من بينها الحضارة الفرعونية واليونانية. وقد قام المُستكشف كريستوفر كولومبوس بنقل الخيار إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والتي كانت تُسمى إبّان اكتشافها بالعالم الجديد.
ما هي القيمة الغذائية للخيار؟
الخيار هو أحد الأطعمة التي تتميز بتدنّي سُعراتها الحرارية، وذلك لأن أكثر من 90% من وزن الخيار عبارة عن ماء، لكن هذا لا يعني أن الخيار يخلو تمامًا من العناصر الغذائية الأخرى، فيما يلي توضيح للقيمة الغذائية في 100 غرام من الخيار:
العُنصر الغذائي |
لِكُل 100 غرام |
الدهون |
0 غرام |
الكربوهيدرات |
2 غرام |
البروتين |
1 غرام |
الألياف |
1 غرام |
البوتاسيوم |
140 مللي غرام |
فيتامين C |
10% من الاحتياج اليومي |
أمّا فيما يخُص السعرات الحرارية، تحتوي 100 غرام من الخيار على 10 سُعرات حرارية فقط. وبالرغم من أن الكميات التي يحتويها الخيار من العناصر الغذائية قد تبدو مُتدنية، إلا أن هناك العديد من الفوائد الصحية التي تترتب على تناول الخيار.
ما هي الفوائد الصحية لتناول الخيار؟
يُمكن القول أن الفوائد الصحية لتناول الخيار غير مُرتبطة بشكل مباشر بالعناصر الغذائية التي يحتوي عليها الخيار، وإنما تترتب هذه الفوائد على خصائص الخيار، وكذلك على مواد حيوكيميائية تتواجد بشكل طبيعي في الخيار، القائمة التالية تُوضح عدد من الفوائد الصحية للخيار:
- المُساعدة على خسارة الوزن: يتميز الخيار بتدنّي سُعراته الحرارية بشكل ملحوظ، مما يجعله واحدًا من الأطعمة المِثالية للسيطرة على الوزن، أو حتى خسارة الوزن الزائد. كما أن المُحتوى المُرتفع من الماء في الخيار يساعد على الوصول إلى الإحساس بالامتلاء والشبع.
- الوقاية من الجفاف: تتراوح نسبة الماء في جسم الإنسان بين 55% و75%. ويُعد الماء المكون الرئيسي لِغالبية أنواع خلايا الجسم، والحصول على كمية كافية منه أمر ضروري من أجل أن تعمل الخلايا بشكل سليم. كما أن الماء عُنصر رئيسي لإتمام العديد من العمليات الحيوية في جسم الإنسان مثل النمو والهضم وتصنيع الهرمونات والنواقل العصبية والتخلص من الفضلات. حوالي رُبع الاحتياج اليومي من الماء يأتي من الأطعمة وليس عن طريق شُرب الماء بشكل مباشر. والخيار، هو واحد من أفضل أنواع الأطعمة التي تمُد الجسم بالماء، وبالتالي يُساهم تناوله في الوقاية من الجفاف، الذي يترتّب عليه آثار صحية خطيرة.
- السيطرة على مُستوى السُكر في الدم: بالرغم من أن الدراسات التي أُجرِيت بهذا الخصوص لا تزال محصورة في التجارب على الحيوانات، إلاّ أن نتائجها كانت مُشجعة جدًا، فقد وجد الباحثون أن الخيار يُساعد على تراجع مُستوى السُكر في الدم، وكذلك الوقاية من مُضاعفات مرض السكّر.
- الخيار غني بِمُضادات الأكسدة: يحتوي الخيار على عدد من مُضادات الأكسدة التي تلعب دورًا هامًا في القضاء على ما يُعرف بالجذور الحُرّة. والجذور الحُرة هي مواد قادرة على إلحاق الضرر بخلايا وأنسجة الجسم، وقد تؤدي إلى العديد من الأمراض مثل الزهايمر والباركنسون والأورام الخبيثة وغيرها. هذا يعني أن الخيار يُعتبر من الأطعمة التي تساهم بشكل أو بآخر في الوقاية من هذه الأمراض.
- المُساعدة على الهضم بشكل صِحي: وذلك لأن الخيار يحتوي على كمية كبيرة من الماء وكذلك كمية من الألياف، يلعب الماء وكذلك الألياف دورًا رئيسيًا في تنظيم عملية الهضم والوقاية من الإمساك.
- يُمكن أن يتحول بسهولة إلى مصدر للبكتيريا النافعة: وذلك في حال تم تخليل الخيار. المُخللات تمامًا كالألبان المُتخمرة مثل الرايب والزبادي، تحتوي على الخمائر النشطة (Probiotics) والتي تُساهم في تنظيم عملية الهضم والمُحافظة على سلامة الأمعاء وكفاءة امتصاص العناصر الغذائية.
هل الخيار فاكهة؟
إن إجابة سؤال هل الخيار فاكهة؟ أمر معقد إلى حدٍ ما. والحقيقة أن هُناك خِلاف حول ما إذا كان الخيار فاكهة أم لا، يعود إلى عشرات السنين، وقد وصل الخِلاف في بعض الحالات إلى التقاضي أمام المحاكم. وحتى اليوم، هُناك مصادر تُصنف الخيار كفاكهة، ومصادر أخرى تُصنف الخيار كأحد أنواع الخُضروات. ولكي يتسنى فهم هذا الخلاف، يلزم أن يتم إلقاء نظرة على الأُسس التي تبني عليها هذه المصادر قرارها في تصنيف الخيار كفاكهة أم خُضار، هذه الأُسُس هي:
- الأساس العلمي في تصنيف الخيار: من الناحية العلمية وتحديدًا عِلم النباتات، الفاكهة هي الثمرة التي يقوم بإنتاجها أحد أجزاء الزهرة والذي يُسمى المِبيض بعد أن يتم تلقيحه. في حين أن عُلماء النبات يُعرّفون الخُضار على أنه أي جُزء صالح للأكل في أي نوع من النبات، بشرط ألا ينطبق عليه تعريف الفاكهة. وبناءً على هذا التعريف للفاكهة، يُعتبر الخيار فاكهة من الفواكه، لأن الخيار ينتج بالفعل من مِبيض الزهرة المُلقح، تمامًا كالتفاح والمانجو وغيرهما.
- تصنيف الخيار على أساس استعمالاته الشائعة: في نهايات القرن التاسع عشر، قام أحد تُجار مدينة نيويورك بِاستيراد شحنة من الطماطم، لدى وصول الشحنة إلى ميناء المدينة، طالبته السُلُطات بدفع ضريبة على بضاعته، إلا أنه رفض دفع الضريبة ودافع عن نفسه مُستندًا إلى حقيقة أن الطماطم فاكهة من الناحية العلمية وليست خُضارًا، حيث كان القانون في ذلك الوقت يفرض ضريبة على الخضار المُستورد فقط أما الفاكهة فلا. وصل الخلاف بين التاجر والسُلُطات المحلية إلى المحكمة، فجاء نَص الحُكم الذي أصدره القاضي كالتالي: "من الناحية العلمية الطماطم فاكهة، تمامًا كما أن الخيار فاكهة، وكذلك القرع والفاصوليا والبازلاء، إلاّ أن المُتعارف عليه عند الشعب هو أن هذه الأصناف خُضار وليست فاكهة، ويتم تناولها كجزء من الوجبة الرئيسية مع الحساء أو اللحوم أو السمك، ولا يتم تناولها كنوع من التحلية بعد الوجبة على غرار الفواكه"
وقد أصدر القاضي حُكمًا يُجبر التاجر على دفع ضريبة الخضار المستورد. هذا يعني أن القاضي كان يُدرك أن رأي العلم، ينص على أن الطماطم والخيار فاكهة، وعلى الرغم من حديثه عن هذا الأمر بوضوح، إلا أنه أصدر حكمه بناءً على المفهوم الشعبي والاستعمال السائد لدى الناس، وليس استنادًا إلى التعريف العلمي للخضار والفاكهة.
وبالرغم مما سبق، يُمكن الاستناد إلى رأي العِلم حصرًا، فتكون إجابة سؤال هل الخيار فاكهة؟ هي نعم. الخيار فاكهة وليس أحد أنواع الخُضار وذلك بغض النظر عن طعمه غير السُكري وطُرق استعماله وتناوله.
اقرأ\ي أيضًا:
هل الإسفنج حيوان؟
هل النبات كائن حي؟
هل هناك فوائد لورق الزيتون؟
هل فوائد السبيرولينا مثبتة علميًا؟