تحقيق مسبار
يتساءل الكثيرون إذا ما كان العدس بروتين، بمعنى أنه أحد الأطعمة التي يُمكن اعتبارها مصدرًا من مصادر البروتين، وذلك لأن العدس من الأطعمة الشهيرة والمُحببة في الكثير من دُول العالم من ناحية، ومن ناحية أخرى، يُعتبر البروتين من العناصر الغذائية الضرورية لِصحة جسم الإنسان، والتي يُنصح بتناول مقدار مُعين منها بشكل يومي، سواء كان هدف الشخص إنقاص وزنه، أو الحفاظ عليه دون زيادة، وبالطبع عند الرغبة في بناء كُتلة عضلية أكبر وأقوى.
فما هو العدس؟ وما هي فوائده الصحية؟ وما هي أضراره إن كان له أضرار؟ وهل العدس بروتين؟ إجابة هذه الأسئلة وغيرها يُقدمها هذا المقال.
ما هو العدس؟
الاسم العلمي اللاتيني لنبات العدس هو (Lens culinaris)، وهو البُذور التي تُنتجها إحدى النباتات الحَوْلية التي تنتمي إلى عائلة البُقوليات. ينمو نبات العدس في صورة شُجيرات قصيرة نسبيًا، وتمتاز بأعواد نحيفة تحمل أوعية أو قُرون تنمو بداخلها البُذور المُسطّحة المُستديرة، تُشبه قرون نبات العدس إلى حدٍ كبير قُرون البازلاّء. وفي الحقيقية، من ناحية التصنيف العلمي تنتمي البازلاّء والفاصوليا والعدس إلى نفس الجنس، والذي يضم أنواعًا أخرى من بينها الفول السوداني.
وقد عَرَف البشر العدس واهتموا بزراعته مُنذ العصر الحجري، أي قبل حوالي 9000 سنة، وذلك لأهميته كمصدر غذائي، كما أنه يُستخدم في إنتاج أعلاف الحيوانات. وفي حين تُعتبر دُول البلقان وتركيا بالإضافة إلى مصر الموطن الأصلي لزراعة العدس، إلاّ أنه أصبح يُزرع كمحصول غذائي تقريبًا في جميع دُول العالم، وتُشير الإحصائيات إلى أن الإنتاج العالمي من العدس في عام 2019 تجاوز 5.7 مليون طن.
ولعلّ من أبرز مميزات العدس التي تُضاف إلى مُميزاته الغذائية والتجارية، هي أن العدس نبات مُقاوم إلى حد كبير للجفاف. ومن المُثير للاهتمام حول العدس، هو أن مُصطلح عَدَسة الذي يُطلق على أنواع العدسات المُختلفة كعدسات النظارات والعدسات اللاصقة وغيرها، تم اشتقاقه من اسم هذا النبات، وذلك للتشابه بين العدسات وحُبوب العدس في الشكل، وهو الأمر الذي يظهر في أكثر من 20 لُغة حول العالم، يتشابه فيها اسم نبات العدس والعدسات، منها العربية واللاتينية والتركية، بالإضافة إلى اليونانية والفرنسية وغيرها.
ما هي القيمة الغذائية للعدس؟
يتميز العدس بوصفه أحد أنواع البقوليات بقيمة غذائية مُرتفعة، وذلك لأن العدس يُعتبر مصدرًا جيدًا للعديد من العناصر الغذائية، سواء كانت العناصر الغذائية الكُبرى (Macronutrients) أو العناصر الغذائية الصُغرى (Micronutrients).
فيما يلي توضيح للقيمة الغذائية لمائة غرام من العدس المسلوق:
العُنصر الغذائي |
الكمية |
البروتين |
9.02 غرام |
الكربوهيدرات |
20.13 غرام |
الدهون |
0.38 غرام |
الألياف |
7.9 غرام |
السُعرات الحرارية |
116 سُعر حراري |
أما بالنسبة للمُغذيات الصُغرى أي المعادن والفيتامينات، يحتوي العدس على كميات مُتفاوتة من المُغذيات الصُغرى، فيما يلي توضيح لعدد منها في مائة غرام من العدس المسلوق:
العنصر الغذائي |
الكمية |
الحديد |
3.33 ملليغرام |
المغنيسيوم |
36 ملليغرام |
الفسفور |
180 ملليغرام |
الزنك |
1.27 ملليغرام |
فيتامين B1 |
0.169 ملليغرام |
فيتامين B3 |
1.06 ملليغرام |
بالإضافة إلى كميات مُختلفة من البوتاسيوم والسيلينيوم والمنجنيز، وكذلك فيتامين B5 وفيتامين B6 و فيتامين B9.
هل هذا يعني أن العدس بروتين؟
صحيح، يُمكن القول أن العدس بروتين بالفعل، بل إن العدس يُعد واحد من أفضل المصادر النباتية للبروتين، كما يُعتبر من أفضل البدائل النباتية التي يُمكن اختيارها لتجنب اللحوم، وذلك بالنسبة لمن يُفضلون اتباع حِمية غذائية نباتية مثلًا، وحتّى بالنسبة للأشخاص الذين لا يُمانعون تناول اللحوم، يُنصح بتناول العدس ضمن نظام غذائي مُتوازن، وذلك بسبب العديد من الفوائد الصحية لتناول العدس، التي تُضاف إلى كَوْن العدس بروتين.
أمر آخر يتميز به العدس كبروتين، وهو أن العدس لا يُقدم كمية جيدة من البروتين فحسب، بل يُمكن القول أن العدس يحتوي على كمية جيدة من البروتين عالي الجودة نسبيًا. يتكون البروتين بشكل رئيسي من الأحماض الأمينية، من الناحية الغذائية، هُناك 9 أنواع من الأحماض الأمينية التي يُطلق عليها اسم الأحماض الأمينية الضرورية، وذلك لضرورة الحصول عليها من الغذاء، نظرًا لأن جسم الإنسان لا يُمكنه تصنيعها، بخلاف أنواع أخرى من الأحماض الأمينية. يُطلَق على الغذاء الذي يحتوي على جميع الأحماض الأمينية الضرورية اسم البروتين الكامل.
في الغالب، يفتقر العدس إلى نوع واحد من الأحماض الأمينية الضرورية التسعة، على سبيل المثال يفتقر العدس الأحمر إلى الحمض الأميني المِيثيونين (Methionine) فقط. هذا يعني أنه حتى بالنسبة للنباتيين، يُمكنهم الحصول على البروتين الكامل، من خلال دمج العدس مع أحد أنواع الحبوب كالأرز مثلًا في وجبة واحدة، لأن الأرز يحتوي على كمية جيدة من الميثيونين، وهو الأمر الذي يُذكّر بطبق الكُشري الشهير في مصر، كوصفة مُقترحة للحصول على البروتين الكامل من مصادر نباتية.
معلومات مُفصلة حول الكُشري وقيمته الغذائية وفوائده الصحية، يُقدمها أحد المقالات التي نُشرت سابقًا على مسبار بعنوان: هل السعرات الحرارية في الكشري مرتفعة؟.
ما هي الفوائد المُترتبة على تناول العدس؟
لتناول العدس العديد من الفوائد الصحية، وذلك بسبب قيمته الغذائية المُرتفعة، هذه الفوائد هي:
- يعمل العدس على تعزيز صحة القلب: وذلك لأن العدس يحتوي على كمية كبيرة من الألياف، وهو الأمر الذي يُؤدي إلى تراجع مُستوى الكوليسترول الضار في الدم. كما أن العدس يحتوي على حمض الفوليك والبوتاسيوم، وهي أيضًا عناصر غذائية مُهمة لصحة القلب.
- مُكافحة الأورام الخبيثة: يحتوي العدس على السيلينيوم (Selenium)، وهو أحد المعادن التي تعمل على تراجع نُمو الأورام. كما أنه يُحفز إنتاج أحد أنواع خلايا الدم البيضاء، التي تُسمى(T cells)، أي أنه يرفع من كفاءة الجهاز المناعي للجسم بشكلٍ عام.
- مُكافحة الإرهاق العام: كما أن العدس بروتين، هو أيضًا مصدر جيد للحديد. إن تراجع مُستوى الحديد في الدم أمر مُرتبط بالإحساس الدائم بالإرهاق وتدني كفاءة عمل الجسم.
- المُساعدة على الهضم وخسارة الوزن: ويرجع ذلك إلى المُستوى العالي من الألياف الغذائية التي يحتوي عليها العدس، فالأطعمة الغنية بالألياف تُعد من الأطعمة التي تُساعد على الإحساس بالشبع لفترة أطول. كما أن الألياف تلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم عملية الهضم ورفع كفاءة الجهاز الهضمي.
- غذاء جيد للسيدات الحوامل: وكذلك بالنسبة للسيدات أثناء فترة الرضاعة الطبيعية، وذلك لأن العدس يحتوي على كمية من فيتامين B9 الذي له دور في الوقاية من السُكر الحملي، وهو أحد أنواع مرض السُكر، كما أن فيتامين B9 يلعب دورًا رئيسيًا في حماية الجنين من أحد أنواع التشوهات الخلقية، والذي يُسمى بعيوب الأنبوب العصبي.
هل هُناك أضرار لتناول العدس؟
يُشير أحد المصادر إلى مشكلتين اثنتين يتسبب فيهما الإفراط في تناول العدس، لكنها ليست أضرارًا صحية خطيرة بالمعنى الحقيقي، المُشكلة الأولى هي أن تناول كمية كبيرة من العدس يُؤدي إلى الانتفاخ، أي الإصابة بغازات الجهاز الهضمي. أما المُشكلة الثانية فهي خاصة بالأشخاص المُصابين بالقولون العصبي، حيث أن تناول العدس حتى ولو بكميات قليلة، يُسبب لهم آلام المعدة والانتفاخ، وذلك لأن العدس يحتوي على نوع خاص من الألياف يُسمى بالألياف القابلة للتخمّر.
اقرأ\ي أيضًا: