` `

هل التعامل مع مريض البارانويا سهل؟

صحة
1 أبريل 2021
هل التعامل مع مريض البارانويا سهل؟
هناك بعض الأمور التي يمكن أن تساعد في كيفية التعامل مع مريض البارانويا (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

يوجد العديد من الأمراض النفسية والعقلية التي تختلف فيما بينها بالأعراض والعلامات والعلاجات وغيرها، وعمومًا تتميز بأفكار غير طبيعية وبشذوذات في العواطف والسلوك والعلاقات مع الآخرين.

ومن هذه الاضطرابات مثلًا الاكتئاب والذهان وثنائيّ القطب وجنون الارتياب (البارانويا) وغيرها الكثير، ويتساءل الناس فيما إذا كان هناك إمكانية لعلاجها والتعامل مع مرضاها.

في هذا المقال سيتم التعريف بمرض البارانويا (جنون الارتياب) وأنواعه وأسبابه وأعراضه وطرق علاجه، كما سيتم الإجابة على سؤال هل التعامل مع مريض البارانويا سهل؟

صورة متعلقة توضيحية

 

جنون الارتياب (البارانويا)

حالة ذهنية يشعر فيها المريض أنه مراقب من الناس وأنهم يتصرفون ضده ويحاولون إيذاءه، مما يجعله يوقن أن الناس يستمعون إليه ويتابعونه لكن دون وجود دليل على هذا الاعتقاد.

تتأثر عملية التفكير في هذه الحالة بالقلق والخوف، مما يؤدي للتوهّم والتفكير غير العقلاني والشعور بالاضطهاد، وعلى الرغم من ذلك يعلم المريض أن مخاوفه لا تستند للواقع مما يجعلها مزعجًة له.

والحالة الأشد منها تُدعى جنون الارتياب السريري، إذ أن المريض في هذه الحالة لا يدرك إصابته بل يوقن أن توهماته ومخاوفه صحيحةٌ تمامًا.

 

أنواع البارانويا (جنون الارتياب)

توجد ثلاثة أنواع رئيسية ترتبط بجنون الارتياب وهي:

  • الاضطراب الوهميّ بجنون الارتياب: يتميز هذا النوع بسيطرة اعتقادٍ واحدٍ لدى المريض على حياته دون وجود دليلٍ على مرضٍ عقلي، فمن الممكن أن يعتقد المريض أنه مُضطهدٌ من شخصٍ ما أو أن يتخيلَ إصابته بمرضٍ خطيرٍ رغم طمأنة الأطباء له.
  • اضطراب الشخصيّة الارتيابي: وهو النوع الأخف، ويكون تعامل المريض مع من حوله وأداؤه في العمل جيدان.
  • الفصام المترافق مع جنون الارتياب: ويعتبر النوع الأشد، إذ يتخيّل المريض أوهامًا واعتقاداتٍ غريبًة وينظر للحياة على أنها غير مناسبٍة له، ويكون التعامل معه صعبًا واستجابته للعلاج سيئة.
صورة متعلقة توضيحية

 

أنواع الاعتقادات التي يشعر بها مريض البارنويا

يتوهّم مريض البارانويا (جنون الارتياب) بالعديد من الأفكار التي قد تكون خفيفة أو شديدة، أو يتوهّم بفكرة واحدة أو أكثر، ومن أنواع الاعتقادات:

  • التعرّض للخطر والقتل.
  • التحدّث عن المريض ومراقبته من قبل أشخاص أو منظمات.
  • محاولة الناس أخذ أموال المريض وممتلكاته الخاصّة.
  • تدخّل الآخرين بأفعال الشخص وقراراته.
  • التعرّض للإزعاج الدائم والاعتقاد أنه عن عمد.

قد تحدث هذه الأفكار بشكل متكرّر لدى المريض، ويمكن حدوثها أيضًا لدى أيّ شخص، إذ إنه من الممكن أن يعتقد الناس أنهم في وضع خطر لسببٍ ما وربما تراودهم أفكار مزعجة، ومن الصعب حينها معرفة ما إذا كانت مجرّد فكرة عابرة أو شعور بعدم الاطمئنان أو أنها جنون الارتياب.

من الممكن أحيانًا الاعتماد على بعض الأسس للتفريق بين جنون الارتياب والمشاعر السلبية الأخرى، ففي حالة مرض البارانويا:

  • لا يوجد دليل محدّد على الفكرة السلبية.
  • الفكرة يشعر بها المريض فقط ولا يشعر بها الآخرون.
  • يوجد دليل على عكس ما يعتقده المريض.
  • بقاء الفكرة ملازمًة لحياة المريض وتصرفاته رغم محاولات طمأنته من الآخرين.
صورة متعلقة توضيحية

 

مسببات البارانويا (جنون الارتياب)

يشارك العديد من الأمور في إصابة الشخص بجنون الارتياب، ويُعتقد أنه ينتج عن جينات ومواد كيميائية في الدماغ وأيضًا بسبب تعرّض الإنسان لحدثٍ مؤلم، لكن سببه عمومًا غير معروف.

ومن الأمور التي قد تفاقم احتمالية حدوث ما يلي:

  • التوتر: ربما يكون التوتر في موقف سلبي كالمرض أو إيجابي كالحفلات والزفاف، إذ تسبّب هذه المواقف زيادة التوتر والشعور بالريبة والشك، ولن يقتنع المريض بأيّ دليلٍ يشير لعكس شكوكه.
  • الحصول على قدر غير كافٍ من النوم: البقاءُ دون نومٍ لفترة طويلة أو النومُ المضطرب سيسبب هلوسات سمعيّة وبصريّة لدى الشخص، إذ يُفضَّل النوم لمدة سبع إلى تسع ساعات للحفاظ على صحٍّة عقليٍّة سليمة.
  • استخدام بعض الأدوية: إذ إن الإفراط في استخدام بعض العقاقير (كالماريجوانا والمهلوسات والكوكايين وغيرها) أو الكحول يسبّب حصول جنون الارتياب لفترات قصيرة حتى إطراحها من الجسم، ويمكن أيضًا أن يفاقم حالًة موجودة سابقًا.
  • بعض الأمراض: مثل اضطراب الشخصيّة الارتيابي الذي يؤدي في النهاية إلى جنون الارتياب السريري الحقيقي، والفصام (حالةٌ خطيرةٌ يصعب فيها التمييز بين ما هو حقيقي وما هو متخيّل)، وأيضًا اضطراب الشخصيّة الحدّي (وهو حصول تقلّبات سريعة في المزاج).
  • مشاكل الذاكرة: مثل ألزهايمر وأنواع الخرف الأخرى، والتي تزداد احتماليّة حصولها مع التقدّم في السنّ.
  • اضطرابات المزاج: مثل الاضطراب الذهاني واضطراب ثنائي القطب.
  • الجينات: ما تزال الدراسات غير كافية بما يخصّ اعتبار الجينات سببًا في حدوث جنون الارتياب أو انتقاله وراثيًا.

 

أعراض البارانويا (جنون الارتياب)

قد تحدث الأعراض لدى كلّ شخص في مرحلة ما من حياته وتبعًا لمواقف معينة، لكن جنون الارتياب يتصف باستمرارية هذه الأعراض التي لا أساس لها، وتختلف الأعراض في شدّتها وتكرّرها وتؤثّر بشكل صريح على حياة المريض اليومية، وهي:

  • عدم الثقة بالآخرين.
  • التوتر والقلق المستمرَّين.
  • الشعور بالاضطهاد وبالتهديد.
  • سوء الفهم المستمرّ لتصرفات الأشخاص.
  • العزلة.

وسيؤثّر استمرار المرض وعدم علاجه سلبًا على تصرّفات الشخص وعلاقته بمن حوله وجعلها أقل فاعلية، مما سيتسبب بمشاكلَ عائليّة ومهنيّة.

صورة متعلقة توضيحية

 

تشخيص البارانويا (جنون الارتياب)

عند مراجعة الطبيب بسبب الأعراض؛ سيبدأ الطبيب بالفحص الجسدي لنفي الأمراض العضوية وسيأخذ التاريخ الطبي والدوائي للمريض، وعندما لا يجد الطبيب سببًا جسديًا للأعراض سيحيل المريضَ لطبيبٍ نفسيّ أو أخصائيّ في الصحّة النفسيّة، إذ يستخدمون أدواتٍ مخصّصًة لتقييم الاضطرابات العقلية.

 

علاج البارانويا (جنون الارتياب)

تجب استشارة الطبيب عند ملاحظة أعراض جنون الارتياب على شخص ما، ويُفضّل عدمُ إخبار المريض مباشرة؛ إذ أن اعتقاداتِه حقيقيةٌ تمامًا بالنسبة له، لذلك من المهم تقديم الدعم للمريض وطلب الاستشارة الطبيّة، وقد يجد الطبيب صعوبًة في الحصول على ثقة مرضى جنون الارتياب مما يجعل العلاج يستغرق وقتًا طويلًا.

بالنسبة للحالات الخفيفة؛ من الممكن الاكتفاء بالعلاجات النفسيّة، خاصة العلاج المعرفي السلوكي ومجموعات الدعم النفسي وإعادة التأهيل ومهارات التأقلم، وتهدف هذه العلاجات لتحسين حياة المريض وتفاعله مع الآخرين، وتعتمد مهارات التأقلم على تقنيات الاسترخاء وتعديل السلوك.

 أما في الحالات الأشد أو تلك الناتجة عن أمراضٍ نفسية أخرى (الذُهان أو الفصام)؛ عندها يكون العلاج الدوائي أساسيًّا (مثل الأدوية المضادة للقلق أو العقاقير المضادة للذهان).

وفي بعض الحالات تكون الخطوة الأولى في العلاج هي الامتناع عن تناول الكحول وإيقاف تناول بعض الأدوية.

 

هل التعامل مع مريض البارانويا سهل؟

للأسف فإنه من الصعب التعامل مع الشخص المريض بالبارانويا (جنون الارتياب)، وذلك نظرًا لشكوكه الدائمة وعدم ثقته بمن حوله، ولكن هناك بعض الأمور التي يمكن أن تساعد في كيفية التعامل مع مريض البارانويا وهي:

  • منح المريض مساحته الشخصية لتخفيف شعوره أنه محاصر من أهم النصائح في كيفية التعامل مع مريض البارانويا.
  • عدم مجادلته وعدم إجباره على الاقتناع بمرضه.
  • إبعاد المريض عن الأشياء المزعجة له وعن الخوف والتقلّبات المزاجية.
  • اختيار الوقت المناسب للتحدّث مع المريض عن مرضه، ووضع خطّة مريحة للتعامل مع مخاوفه.
  • عند التعرّض للتهديد أو الخطر من المريض يجب طلب المساعدة.
  • إخبار المريض بكلّ حركة يقوم بها الآخرون كي لا يفسّرها على أنهم يحاولون إيذاءه.
  • عدم الإصرار على المريض بالنصائح والمشورات، وتركه يتحدّث ويفهم نصائح من حوله بنفسه.

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على