تحقيق مسبار
يعاني بعض الناس من حالة تسمى الفشل الكلوي، فيتسائل البعض فيما إذا كان من الممكن معرفة أسباب الفشل الكلوي ليتم تجنبها.
سيتم في هذا المقال التعريف بالكليتين ووظائفهما الأساسية، والبحث في مرض الفشل الكلوي من أسبابه وأعراضه حتى علاجه، إضافةً إلى الإجابة على سؤال هل يمكن معرفة أسباب الفشل الكلوي؟
الكليتان والفشل الكلوي
للإنسان كليتان يمنى ويسرى، وهما من أعضاء الجسم النبيلة لما لهما من وظائف أساسيّة للبقاء على قيد الحياة، إذ تعملان على إزالة الفضلات من الدم وكذلك المحافظة على توازن السوائل والمعادن وضبط ضغط الدم. ومن وظائف الكليتان المهمّة أيضًا تكوين مادةٍ كيميائيّة تُسمّى الأريثروبيوتين (Erythropoietin) الضروريّة لتحفيز تكوّن خلايا الدم الحمراء، وأيضًا تصنع الكلية الشكل الفعّال من فيتامين د الضروري لصحّة الهيكل العظمي.
وكبقية أعضاء الجسم الأخرى يمكن أن تُصاب الكليتان بالعديد من الأمراض مثل الفشل الكلوي (القصور الكلوي)، إذ تصبح الكلية غير قادرٍة على القيام بوظائفها مثل تصفيةِ الدم من الفضلات والتحكّم بتوازن السوائل والشوارد، وللأسف قد لا تظهر أعراض الفشل الكلوي إلا بعد أن تفقد الكلية نحو %90 من وظائفها.
أنواع الفشل الكلوي
يمكن أن يحدث الفشل الكلوي فجأةً أو يتطوّر مع مرور الوقت، لذلك يُقسَم إلى حادٍّ ومزمنٍ كالتالي:
- الفشل الكلويّ الحادّ
وهو الانخفاض المفاجئ في وظائف الكلى، ويُعدُّ مهددًا للحياة إذا لم يحدث تدخّل علاجيّ فوري، إذ يحتاج معظم المصابين إلى غسيل الكلى وأحيانًا يفيد ضبطُ ضغط الدم في السيطرة عليه. وقد يحدث الفشل الكلويّ الحادّ لسببٍ قبل كلويّ يسبّب انخفاضًا في الوارد الدمويّ للكلى، أو لسببٍ كلويٍّ بحدوث أذيةٍ في نسيج الكلية، وقد يحدث لسببٍ بعد كلوي كانسدادٍ في المسالك البوليّة. وبحال كانت الأذيّة لسببٍ قبل أو بعد كلوي، يمكن الحصول على الشفاء بمعالجة السبب.
- الفشل الكلويّ المزمن
يحدث عندما تفقد الكلية 40% من وظائفها بشكل دائم، وهو أكثر شيوعًا من الفشل الكلوي الحادّ، إذ يحدث فقدان تدريجيّ لوظيفة الكلية على مدى عدّة سنوات، ولكن إذا اكتشف المرضُ مبكّرًا، يمكن إطالة عمر الكليتين دوائيًا وباتباع حميٍة غذائيٍّة مناسبة. ويرتفع خطر حدوث الفشل الكلوي المزمن عند الأشخاص المصابين بالسكّري أو بارتفاع ضغط الدم والبدينين وكذلك المصابين بأمراضٍ قلبيّة ووجود تاريخٍ عائليّ لأشخاصٍ لديهم أقارب مصابين بالفشل الكلويّ المزمن.
مراحل الفشل الكلوي
يمرّ الفشل الكلويّ بخمس مراحل بدءًا من الداء الخفيف وانتهاءً بالفشل الكلويّ التامّ، وتختلف الأعراض طبعًا حسب المرحلة، وهذه المراحل بالترتيب هي:
- المرحلة الأولى: وهي المرحلة الأخفّ، إذ لا يبدي فيها الشخص أيّ أعراض واضحة، ويمكن التحكّم بها وتجنّب تطوّرها باتباع حميةٍ غذائيّةٍ مناسبةٍ وممارسة الرياضة وتخفيف الوزن.
- المرحلة الثانية: تشبه المرحلة الأولى مع وجود بعض المشكلات التي يمكن الكشف عنها كوجود البروتين بالبول عند إجراء تحليل للبول.
- المرحلة الثالثة: تصبح الأعراض أكثر وضوحًا في هذه المرحلة كتورّم اليدين والقدمين وتغيّرات بوليّة، ويُعدُّ المرض في هذه المرحلة معتدلًا.
- المرحلة الرابعة: تكون الكليتان في هذه المرحلة غير قادرتين على العمل بكفاءة ويكون المرض معتدلًا إلى شديد، وبالإضافة إلى تغيّرات المرحلة الثالثة يحدث أيضًا فقر دمٍ وارتفاع ضغط.
- المرحلة الخامسة: وهي المرحلة النهائيّة من الفشل الكلوي وحدوث الفشل التامّ، وتصبح الأعراض أكثر وضوحًا وشدةً ويستلزم غسيل الكلى المتكرّر أو الزرع الكلويّ.
هل يمكن معرفة أسباب الفشل الكلوي؟
صحيح، يحدث الفشل الكلويّ نتيجة العديد من الأمراض والحالات التي تحدث في الجهاز البوليّ أو من تأثير أمراض جهازيٍّة أخرى على الجهاز البوليّ، كما تملك بعض الأغذية والأدوية تأثيرًا مهمًّا على وظيفة الكليتين.
أسباب الفشل الكلويّ
يوجد العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الفشل الكلوي ويمكن تصنيفها إلى أسباب قبل كلوية، وأسباب مباشرة على الكليتين، وبعض الأسباب الأخرى.
- أسباب الفشل الكلوي قبل الكلوية
من الأسباب التي تؤدّي إلى أذية قبل كلويّة، وبالتالي فقدان تدفّق الدم اللازم لعمل الكليتين:
- الأمراض القلبيّة والسكتات.
- الحروق الشديدة والجفاف.
- الفشل الكبديّ وأمراضه الأخرى.
- حصول عدوى شديدة كإنتان الدم مثلًا.
- ارتفاع ضغط الدم.
- ردود الفعل التحسسيّة الشديدة.
- أسباب الفشل الكلوي المباشرة على الكليتين
يوجد العديد من الأسباب فيما يخصّ التأثير المرضي المباشر على الكليتين، فربما يصبح مرور البول صعبًا مما يؤدي إلى تراكمه مع سمومه وعدم التمكن من إطراحها، ومن هذه الأسباب:
- حصى الكلى.
- خثرات دموية في المسالك البولية.
- السرطانات مثل سرطان البروستاتا والمثانة والقولون.
- تضخم البروستات.
- أذية في الأعصاب المُعصّبة للكلى.
- أسباب الفشل الكلوي الأخرى
حيث يوجد الكثير من الأمراض الأخرى والمواد والأغذية التي من شأنها أن تسبّب فشلًا كلويًّا ومنها:
- تناول المخدّرات والكحول.
- التسمّم بالمعادن الثقيلة.
- بعض أمراض المناعة الذاتية كالذئبة الحمامية الجهازية وتصلب الجلد.
- السكري غير المضبوط.
- التهابات الأوعية الدموية خاصةً الأوعية الصغيرة في الكلية مما يسبب التهاب كبيبات كلوية.
- مرض فرفرية نقص الصفيحات الأساسي وهو مرض يسبب تشكل جلطات دموية في الأوعية الصغيرة.
- بعض الأدوية والمواد كأدوية السرطان وبعض المضادات الحيوية وكذلك الأصباغ المستخدمة في إجراءات التصوير.
أعراض الفشل الكلوي
في المراحل الأولى للفشل الكلوي قد لا يُبدي الجسم أيّ أعراض، وكذلك يمكن أن يبقى تطور المرض غير عرضي حتى الوصول لمراحل متأخّرة وخطيرة من الفشل الكلوي، وعمومًا يسبّب الفشل الكلوي العديد من الأعراض التي تحدث مجتمعةً أو يمكن ملاحظة بعض منها، ومن هذه الأعراض:
- جفاف الجلد.
- الدوار.
- التورّم خاصةً في اليدين والقدمين.
- الغثيان والقئ.
- زيادة عدد مرّات التبوّل.
- تشنّج العضلات.
- مشكلات في الوعي والتركيز.
- الشعور بطعم معدني.
- فقر دم.
- فقدان الشهية.
- مشاكل في النوم.
- خسارة الوزن.
تشخيص الفشل الكلوي
تتعدد وتختلف طرق تشخيص الفشل الكلوي تبعًا للأعراض التي يشكو منها المريض، فقد تكون الكلى سليمةً وبالتالي التوجّه بالتشخيص نحو الأمراض التي من شأنها أن تسبّب الأذية الكلوية، ويكون هدف الاستقصاءات التشخيصيّة تحديد سبب الأذية الكلوية وكذلك درجة الأذية وبالتالي اختيار العلاج المناسب.
ومن الإجراءات التشخيصيّة المستخدمة:
- تحليل البول: لتحرّي وجود دم أو سكّريات أو ألبومين (Albumin) أو كريات حمراء أو بيضاء.
- تحليل الدم: لقياس معدّل التصفية الكبيبيّة ومعدّل تخليص الدم من سمومه وكذلك يفيد في تشخيص بعض الأمراض المسببة للفشل الكلوي.
- قياس ضغط الدم: وهو إجراء ضروري.
- التصوير بالأمواج فوق الصوتية: وكذلك بالأشعة السينية لتحرّي وجود حصيّات أو أورام ومظاهر مرضيّة أخرى والحصول على نظرٍة شاملةٍ للأسباب المتعدّدة.
- خزعة الكلية: باستخدام إبرةٍ رفيعةٍ لأخذ عينةٍ من النسيج الكلويّ ودراستها مجهريًّا.
علاج الفشل الكلوي
يعتمد العلاج على أسباب الفشل الكلوي، إذ يجب علاج السبب لتحسين وظيفة الكلية، ويعتمد أيضًا على درجة الأذيّة، فقد يكون علاجًا خفيفًا بتعديل نمط الحياة وقد يصل إلى ضرورة زرع الكلية.
وتُستخدَم الطرق الآتية في العلاج:
- الأدوية: لا تُستخدم أدوية خاصة لعلاج الفشل الكلوي وإنما لعلاج أعراضه والمساعدة على العيش بشكل مريح قدر الإمكان.
- التحال الدموي (غسيل الكلية): يُجرَى في المستشفى عادةً ثلاثة أو أربعة مرّات في الأسبوع، وتساعد هذه التقنية على تصفية الدم وإطالة عمر الكليتين.
- زرع الكلية: من مُعطٍ حيّ أو ميت (بشروط خاصة) بعد القيام بالعديد من الاختبارات لمعرفة مدى التوافق بين المريض والمُعطي (الذي يمكن أن يكون فردًا من العائلة أو شخصًا غريبًا على توافقٍ نسيجيّ ودمويّ مع الآخذ).
الوقاية من الفشل الكلوي
باعتباره مرضًا خطيرًا وغالبًا غير قابلٍ للشفاء تمامًا؛ فإن اتباع وقاية مناسبة خاصةً لدى الأشخاص عاليي الخطورة، سيجنّبهم حصولَ الفشل الكلويّ أو تحسّنه بحال حدوثه، ومن الأمور الموصّى باتباعها:
- مراقبة الوظيفة الكلويّة بشكل متكرر لدى الطبيب، خاصةً ممّن يعانون من أمراض تسيء لوظيفة الكلية.
- تجنّب التدخين واتباع حميةٍ قليلة البروتينات والصوديوم.
- الحفاظ على مستوى الضغط الدموي وسكّر الدم ضمنَ الحدّ الطبيعيّ.
اقرأ/ي أيضًا:
