تحقيق مسبار
يشعر الكثير من الناس ببرودةِ الأطراف عند انخفاضِ درجات الحرارة أو حتى بدون انخفاضها، ويبحث الكثيرون منهم عن أسباب برودة الأطراف علّهم يتجنبونها. فما هو دور الأطرافِ في حفظ حرارة الجسم؟ وهل يمكن معرفة أسباب برودة الأطراف؟ وكيف يمكن المحافظة عليها دافئةً عندما تكون الحرارة منخفضة؟
ما هو دور الأطراف في تنظيم حرارة الجسم؟
تختلف درجة الحرارة الكامنة تحت أنسجةِ الجلد عن درجات الحرارة في الهواء الطلق، كما وتتغيرُ حرارة تلك الأنسجةِ بتغير درجات الحرارة، حيث يزيدُ متوسط حرارتها بمقدار 0.7 درجة مئوية مع كل ارتفاعٍ بمقدار درجةٍ مئويةٍ واحدة للحرارة خارج الجسم. وتلعبُ أطراف الجسم دورًا مهمًا في تنظيم حرارته من خلال:
- تُصدر المستقبلات الحرارية أسفل الجلد إشاراتٍ عند حدوث تغير في درجات الحرارة، ممَّا ينجُم عنه تنظيمًا حراريًا من خلال التحكم بتدفق الدم إلى الأنسجة في الأطراف.
- تعمل الأعصاب الشُّعاعية في اليدين على إرسال هذه الإشارات إلى الدماغ عند حدوث تقلُّبٍ في درجات الحرارة، ليقومَ الدماغ بعدها بإرسال الأوامرِ التي تخص تدفق والتعرُّق والعضلات أيضًا. أما القدمين؛ هناك مجموعة من الأعصاب المسؤولة عن الاستشعار الحراري، والتي تقومُ بوظيفةٍ مشابهة لأعصاب اليدين في تنظيم حرارة الأطراف.
- يكون تدفق الدم في الوضع الطبيعي 10 مل لكل دقيقةٍ في الأنسجة الدموية في اليدين، ويصل إلى 0.2 مل، عند درجات الحرارة المنخفضة، كما ينخفض التدفق في القدمين أيضًا عند الشعور بالبرد. علمًا أنّ الدم يتدفق في اليدين أكثر ممَّا هو في القدمين بأربعِ مرات.
إن الشعور ببرودةٍ في اليدين والقدمين يُعد أمرًا طبيعيًا في أغلب الأحيانِ، خصوصًا عندما يكون الجو باردًا، إذ يعمل جسمُ الإنسان على تنظيم درجة حرارته خلال استمرارِ الدم بالتدفق إلى جميع أعضاء الجسم من أجل إبقائه دافئًا، ويستمر القلب بضخ الدم إلى أطراف الجسم طوال الوقت.
هل يمكن معرفة أسباب برودة الأطراف؟
يمكن معرفة أسباب برودة الأطراف، وتختلفُ أسباب برودة الأطراف حسب الحالة الصحية للشخص وحسب الطقس أيضًا، حيث أنَّ جسم الإنسان يعمل على موازنة درجة حرارة الجسم وإبقائه عند درجةٍ معينة، ويقوم بخفضِ تدفق الدم إلى الأطراف قليلًا، وضخه إلى الأعضاء الحيوية كالعقل والدماغ من أجلِ الحفاظ على صحتها.
ويعتبر الطقس السببُ الأكثر شيوعًا لبرودةِ الأطراف، فينخفض الدم المتدفق إلى أطراف الجسم عند درجات الحرارة المنخفضة، مما يحدِثُ تشنجًا في الأوعية الدموية فيها وذلك من أجل الحفاظ على الدم بداخلها لكي تبقي أطرافَ الجسم دافئة، ورغم أنها ظاهرةُ طبيعية، إلا أنَّ برودة الأطراف قد تكون مؤشرًا على أحد المشاكل الصحية التالية:
- مرض الشريان المُحيطي، هو مرضٌ يؤدي إلى عدم قدرة الشرايين على الحفاظِ على الدماء فيها بالقدر الكافي. وتُعتبر أمراض الشرايين شائعةً لدى الكبار في السن، وخاصةً عند مرضى السكري، حيث تضيَقُّ الشرايين بسبب الترسبات، ولا تحتفظ بالدم داخلها، مما يؤدي إلى الشعور ببرودةٍ في الأطراف.
- فقر الدم (الأنيميا): قد يكون فقر الدم أحد أسباب برودة اليدين والقدمين، وهو حالةٌ مرَضِية يكون فيها عدد كريَّات الدم الحمراءِ في الجسم أقل من الطبيعي، ويحدث هذا المرضُ بسبب نقصِ الحديد في أغلب الأحيان، فتقلُّ كمية الأكسُجين المحملة في الدم المنقول إلى الأطراف، مما يؤدي إلى برودتها.
- مرض السُّكري، من المضاعفاتِ الناجمة عن مرض السكري هو حالةُ تعرف باعتلال الأعصاب، ومن مضاعفاته أن يفقد المريضُ إحساسه بأطرافه خصوصًا القدمين.
- الإجهاد: تتقلب حركة الدم في جسم الإنسان عند تعرضه للإجهاد، إذ قد يؤدي تدفق الأدرينالين إلى تقلُّص الأوعية الدموية مما يسبب الشعور ببرودة الأطراف.
هناك العديد من أسباب برودة الأطراف الأخرى، ومنها مرض قصور الغدة الدرقية، وهي حالة مرضية تسبب حساسيةً أكبر لدرجات الحرارة الباردة مع انخفاضٍ طفيف في درجة حرارة الجسم.
كيف يمكن الحفاظ على حرارة الأطراف؟
بالرغم من أن برودة الأطراف تعد أمرًا طبيعيًا، إلا أنه يجب الإبقاء عليها دافئة، وذلك له فوائد صحية تعود على اليدين والقدمين، وما بهما من خلايا حسية وعصبية.
تاليًا مجموعة نصائح تساعد في الحفاظ على حرارة الأطراف:
- لبس القفازات والجوارب عندما تنخفض درجة حرارة الجو، وعدم تعريض الأطراف للحرارة المنخفضة.
- ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بين الحين والآخر، من أجلِ الحفاظ على تدفق الدم إلى الأطراف لكي تبقى دافئة.
- إذا كانت برودة الأطراف شديدة، يمكن استخدام الوسادة الحرارية أسفل القدمين من أجل تدفئتهما ومساعدة الدم على التدفق.
- عند الشعور ببرودة الأطراف، يمكن تدليك اليدين وفركهما ببعض لكي تتولد الحرارة بهما، بالإضافة إلى رفع القدمين قليلًا عن سطح الأرض مما يسهل من تدفق الدم إليهما.
- تجنب المشي بقدمين حافيتين في درجات الحرارة المنخفضة واستخدامِ جوارب صوفية حافظةٍ للحرارة، بالإضافة إلى استخدام نعالٍ مرتفعة قليلًا كي تعزل الحرارة.
إن التدفق المستمر للدم في الأنسجة الدموية للأطراف يُعدُّ عاملًا مهمًا في الحفاظ عليها من البرد، هناك علاقةٌ عكسية ما بين تدفق الدم وبرودة الأطراف، فكلما استمر الدم بالتدفق إلى أطراف الجسم، تستمر الحرارة الكامنة فيها عند معدلاتها الطبيعية.
ما هي متلازمة رينود (Raynaud's syndrome)
هي حالة مرضية نادرة تسبب برودة الأطراف، تُعرف متلازمة رينود بأنَّها اضطراباتٌ وتشنجات تصيب الأوعية الدموية، وتحدث استجابةً للطقس البارد، حيث تضيَقُّ الشرايين والأوعية الدموية الصغيرة في الجسم فينخفض معدل الدم بداخلها، وتتأثر أصابع اليدين بهذا المرض عند 40% من الذين يعانون منه، كما وتتأثر أصابع القدمين أيضًا، ومن أهم أسباب متلازمة رينود ما يلي:
- التعرض لموادٍ كيماوية تؤثر على عمل الشرايين داخل الجسم.
- تناول أدوية وعقاقير طبية تؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية التي تنقل الدم.
- فعل أي شيء من شأنه أن يؤثر على عمل الأعصاب التي تتحكم بالشرايين والأوعية الدموية.
وفي بعض الحالات، قد تأتي متلازمة رينود مصاحبةً لمرضٍ آخر، فهي مرتبطةُ إلى حدٍ كبير بالأمراض التي تصيب الشرايين بشكلٍ مباشر، أو بتلك الأمراض التي تصيبُ الأعصاب التي تقوم بالتحكم بالشرايين والأوعية الدموية، ومن هذه الأمراض:
- تصلُّب الجلد، هو أحد الأمراض التي تصيب الجلد وتؤثر على المناعة، ويكون تصلُّب الجلد مصحوبًا بمرض رينود في بعض الأحيان.
- متلازمة النفق الرسغي، وهي حالة مرضية تسبب خدرًا في أطراف الجسم، بسبب انحباس العصب المتوسط.
من أهم علامات متلازمة رينود هو تحول الأصابع إلى اللون الأبيض ثم الأزرق لفترة قصيرة، بالإضافة إلى ظهور تقرحاتٍ في أصابع اليدين والقدمين، ولا يوجد علاج لها، لكن هناك الكثير من الإجراءات الوقائية التي تخفف من حدة النوبات العصبية الحاصلة، ولا تحتاج رينود إلى إجراءِ جراحة طبية، قد يكتفي الطبيب بوصف بعض الأدوية من أجل تخفيف شدة الحالة.
اقرأ/ي أيضًا: