تحقيق مسبار
يُعتبر تلوث المياه أحد الكوارث البيئية التي تتسبب في الكثير من الأضرار، وبسبب تعدد مصادر تلوث المياه، تُصبح المُشكلة أكثر تعقيدًا. وبطبيعة الحال، معرفة مصادر تلوث المياه قد يكون الخطوة الأولى فيما يخص علاج المشكلة أو الوقاية منها، فما هو تلوث المياه؟ وما هي أنواعه؟ ما هي مصادر تلوث المياه وكيف يُمكن الحد منها؟ إجابات هذه الأسئلة وغيرها في فقرات هذا المقال.
ما هو تلوث المياه؟
تلوث المياه هو عملية دخول أو مُخالطة أي نوع من أنواع المُلوثات إلى أي مُسطّح مائي، مثل الأنهار والبحار والبحيرات وغيرها، بالشكل الذي يجعل المياه في ذلك المُسطّح المائي تُشكل خُطورة على البيئة وغير صالحة للاستخدام البشري، سواء للشرب أو لغيرها من استخدامات المياه اليومية. وتشمل الملوثات التي قد تتسبب في تلوّث المياه المواد الكيميائية والنفايات البشرية والكائنات الدقيقة مثل البكتيريا والطفيليات.
يُمكن أن يحدث تلوث المياه بشكل مباشر، أي أن تُخالط المُلوثات مُسطّحًا مائيًا مباشرةً، كما يُمكن أن يحدث بشكل غير مُباشر، وذلك لأن مُلوثات الهواء بإمكانها أن تنتقل من الهواء إلى المياه، وكذلك بالنسبة لِمُلوثات التُربة، والتي يُمكن أن تنتقل إلى المياه الجوفية بعد أن تمتصها التُربة. هُناك عدة أنواع من تلوث المياه والتي سيتم توضيحها في الفقرة التالية من هذا المقال، كما أن تلوث المياه نفسه هو أحد أنواع تلوث البيئة بشكل عام.
معلومات أكثر حول تلوث البيئة وأنواعه الرئيسية ومخاطره في مقال مسبار هل تلوث البيئة خطير؟.
ما هي أنواع تلوث المياه؟
يُمكن تصنيف تلوث المياه إلى نوعين رئيسيين حسب نوع المسطح المائي الذي تعرّض للتلوث، كما يُمكن تصنيف تلوث المياه أيضًا إلى نوعين رئيسيين بحسب مصادر تلوث المياه. فيما يلي توضيح لهذين التصنيفين:
أولًا: تصنيف تلوث المياه بحسب نوع المُسطح المائي:
- تلوث مياه سطحية: يضم هذا النوع تلوث أي مُسطح مائي يقع على سطح الأرض مثل الجداول والأنهار والبحار والمحيطات والبحيرات، بأي نوع من أنواع مُلوثات المياه.
- تلوث مياه جوفية: أي تلوث المياه التي تقع تحت سطح الأرض مثل مياه الآبار والأنهار الباطنية، وأشهر مصادر تلوث المياه الجوفية هي المُلوثات التي تتسرّب إليها من التربة. يُشار إلى أن المياه الجوفية عادةً ما يتم استخراجها واستخدامها من خلال حفر الآبار، مما يعني أن تعرضها للتلوث يُشكل خطرًا مُباشرًا على صحة الإنسان.
ثانيًا: تصنيف تلوث المياه بحسب مصادر تلوث المياه:
- تلوث المياه من مصدر واضح ومُحدد (Point Source Pollution): يُشير هذا المُصطلح إلى تلوث المياه إذا كان مصدر التلوث واضحًا ومُحددًا بدقة، مثل مجاري الصرف الصحي وأنابيب تصريف المياه العادمة القادمة من المُنشآت الصناعية أو مزارع تربية المواشي، وكذلك السُفن بأنواعها المُختلفة، وخصوصًا سفن النقل والسفن التجارية الكبيرة.
- تلوث المياه من مصدر غير مُحدد بدقة (Nonpoint source pollution): يُشير هذا المصطلح إلى أي حادثة تلوث مياه إذا كان مصدر التلوث غير مُحدد بدقة، ويصعب تتبعه وبالتالي السيطرة على المُلوثات القادمة منه. بشكل رئيسي يحدث هذا النوع عندما تجرف مياه الأمطار كمية من المُلوثات أثناء جريانها على سطح الأرض أو في قنوات التصريف مثلًا، لتنتهي هذه المُلوثات في المُسطحات المائية السطحية أو أن تتسرب من المياه التي جرفتها عبر التربة إلى المياه الجوفية.
ما هي مصادر تلوث المياه؟
هُناك العديد من مصادر تلوث المياه، لكن يُمكن القول أن مصادر تلوث المياه الرئيسية والأكثر ضررًا هي كما يلي:
- مياه المَصارف: وهي المياه العادمة سواءٌ تلك القادمة من شبكات الصرف الصحي أو المياه القادمة من المنشآت الصناعية.
- المزارع: تُعتبر المزارع ومزارع تربية المواشي مصدرًا رئيسيًا من مصادر تلوث المياه، حيث تُستخدم المواد الكيميائية مثل المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية والأدوية المُضادة للطفيليات التي تُستخدم لعلاج أو حماية قطعان الماشية، إذ أنّ جميع هذه المواد يُمكنها أن تتسرب إلى التربة ومنها إلى المياه الجوفية، كما يُمكن تصريف كميات من المياه التي تحتوي على هذه المواد بشكل مباشر في المجاري المائية الطبيعية.
- التلوث النفطي: يُمكن أن يحدث التلوث النفطي نتيجةً لتسرب النفط الخام أو أحد مُشتقات النفط من أحد منشآت تخزين النفط، أو أن يحدث التسرب من ناقلات النفط أو الشاحنات أثناء النقل بحرًا أو برًا، كما يُمكن أن يحدث التلوث النفطي نتيجةً للتخلص من النفايات النفطية عن طريق إلقائها في المجاري والمسطحات المائية بشكلٍ متعمد.
- التلوث الإشعاعي: تُستخدم المواد المُشعة في العديد من الصناعات ومحطات الطاقة النووية، وكذلك في القطاع الصحي والمستشفيات كما في أجهزة التصوير بالأشعة السينية. التعامل مع النفايات المُشعة بشكل غير صحيح يجعل منها مصدرًا بالغ الخطورة من مصادر تلوث المياه.
- إلقاء النفايات عمدًا: وهو الأمر الذي يحدث بكثرة سواء بالنسبة لمجاري المياه العذبة كالأنهار أو مُسطحات المياه المالحة كالبحار والمحيطات، حيث يتم التخلص من كميات كبيرة من النفايات البلاستيكية وغيرها من أنواع النفايات بهذا الأسلوب بشكلٍ متعمد، أو أن تجرف مياه الأمطار والسيول كمية من النفايات في طريقها إلى المسطحات المائية.
هل يُمكن الحد من مصادر تلوث المياه؟
هذا صحيح، هُناك العديد من الخطوات والتعليمات التي يُمكن اتباعها من أجل الحد من مصادر تلوث المياه، وهي تعليماتٌ بسيطةٌ يُمكن تطبيقها على المستوى الفردي، أي أن يقوم كُل شخصٍ بتطبيقها، وقد تبدو هذه التعليمات غير مُؤثرة لبساطتها، إلاّ أنها تُعتبر طُرقًا ناجحةً في الحد من مصادر تلوث المياه. فيما يلي قائمة بعدد من هذه الإرشادات والتعليمات:
- ترشيد استهلاك المياه: يجب الحرص على استخدام المياه بشكلٍ مسؤولٍ وتجنب الإهدار والإسراف في استخدامها، حيث أن ترشيد استهلاك المياه يؤدي إلى تقليل كمية المياه التي يتوجب على المؤسسات المختصة معالجتها لتغطية الاحتياجات اليومية لعموم السُكان في أي دولة من الدول.
- ترشيد استخدام المُنظفات المنزلية: حيث يُنصح باستخدام أقل كمية مُمكنة من المُنظفات المنزلية بأنواعها المختلفة وذلك لأنها مواد كيميائية في المقام الأول، وتدخل النظام البيئي من خلال شبكات الصرف الصحي الموجودة في المُدن والمناطق المأهولة بالسُكّان.
- الحرص على نظافة البيئة: من المُهم الامتناع بشكلٍ تامٍ عن إلقاء النفايات في غير الحاويات المُخصصة لها عند التواجد في الأماكن والمُتنزهات العامة، وخاصةً عند التواجد بالقرب من مُسطحٍ مائي، مثل الشواطئ أو بالقرب من الأنهار أو البحيرات وغيرها.
- عدم إلقاء أي نوع من أنواع النفايات مهما كان في المرحاض، أو التخلص من النفايات السائلة كالزيوت أو أي مادة كيميائية عن طريق المرحاض أو أحواض المطابخ أو دورات المياه.
- استخدام الأسمدة الكيميائية بحذر: إذا كان المنزل يحتوي على حديقة، أو كان أي شخص يُمارس الزراعة، حتى على مُستوى الزراعة المنزلية البسيطة، يجب استخدام الأسمدة الكيميائية والمُبيدات الحشرية بحذر وعدم الإفراط في استخدامها.
- الحرص على تقليل مرّات استخدام غسالات الملابس، وذلك من خلال تشغيلها فقط عندما يكون هُناك كمية كبيرة من الملابس بحاجة للغسيل، وذلك من أجل تقليل كمية المياه والمُنظفات المُستخدمة، والأمر نفسه ينطبق على غسّالات الأطباق.
- التخلص من النفايات الطبية بطريقة سليمة: عدم التخلص من الأدوية سواءٌ كانت سائلة أو صلبة عن طريق المرحاض أو أحواض المطابخ أو دورات المياه، ويُنصح دائمًا باتباع الإرشادات المنصوص عليها من قِبل الجهات المُختصة في كُل دولة، فيما يخص الطريقة الصحيحة للتخلص من كل نوع من أنواع النفايات، سواء كانت أدوية أو غيرها.
اقرأ/ي أيضًا:
هل الفحص الفني الدوري للسيارات ضروري؟