تحقيق مسبار
يثير القمر دهشة الناظرين إليه، ويثير تساؤلاتهم حوله أيضًا، فما هي المسافة بين الأرض والقمر؟ وما هي أهمية القمر لكوكب الأرض؟ وهل يمكن معرفة المسافة بين الأرض والقمر؟ وكيف يمكن حسابها؟
أهمية القمر لكوكب الأرض
هو خامسُ أكبر أقمارِ المجموعة الشمسية، والقمر الوحيدُ الذي يدور حول كوكب الأرض، ولا يعد جرمًا سماويًا يدور حولها فحسب، فأهميته بالنسبة لها بالغة جدًا، ومن الصعب تخيل الحياة على الأرض دونه، يساعد في تحديد أوقات الفيضانات والحصاد والاستدلال به في السفر والترحال، وعلى الرغم من عدمِ وجود حياةٍ على القمر، إلا أنه مهم جدًا في استمرارية الحياة على كوكب الأرض، يرى العلماء أن القمر له دور مهم في تشكل الكوكب واستقرارِ محيطاته والحياة عليه.
تاليًا أهمية القمر بالنسبة لكوكب الأرض وسكّانه:
- يحافظُ على مستويات المسطحات المائية عند خط الاستواء، ومن دون جاذبيةِ القمر، قد ترتفع مستويات المياه عند القطبين، كما أن له دورٌ مهمٌ في المد والجزر وما يتبعهما من تغيراتٍ بيئية ومناخية تحافظ على الحياة.
- يساعد على الحفاظ على دوران كوكب الأرض حول محورها، حيث كانت الأرض تدور حول نفسها بشكلٍ أسرع، إلا أنه وعند تشكُّل القمر ووصولهِ لمكانه الحالي انخفض معدل دورانها حول نفسها وبشكل متزامن مع دورانه حول نفسه.
- ساهمَ القمرُ في تطور أشكال الحياة على كوكب الأرض، كما ويؤثر بشكلٍ كبيرٍ على حياة الكثير من الكائنات، حيث إن الحياة الليلية تعتمد على الضوء القادم منه، مثل طريقة الصيد عند الحيوانات المفترسة ليلًا، أو صعود الأسماك بالقرب من سطح الماء ليلًا.
هل يمكن معرفة المسافة بين الأرض والقمر؟
يمكن معرفة المسافة بين الأرض والقمر، وبالرغم من أنها غير ثابتةٍ بسبب دوران القمر المستمر حول الأرض، إلا أن العلماء قد توصلوا إلى طريقةٍ تمكنهم من حساب المسافة بين الأرض والقمر بشكلٍ دقيق، ويدور القمر حول الأرض بشكلٍ إهليجي شبه بيضاوي، مما يسفر عنه تغيرًا في المسافة بينهما، وبسبب دورانه بيضاوي الشكل، يسجّل القمر نقطتين يكون عندهما أقرب ما يمكن وأبعد ما يمكن عن الأرض.
- أقرب نقطة يقترب فيها القمر من الأرض تسمى "الحضيض"، وتبلغ المسافة بين الأرض والقمر فيها حوالي 363 ألف كم.
- أما النقطة الأبعد تكون فيها المسافة بين الأرض والقمر حوالي 405 آلاف كم، وتُسمّى "الأوج القمري".
بشكلٍ عام، يبلغ متوسط المسافة بين الأرض والقمر حوالي 384 كم، إلا أنه ومع التقدم العلمي أصبح من الممكن حساب المسافة بينهما بشكلٍ دقيقٍ من خلال نماذج حسابية وأجهزة علمية أخرى.
تلعب جاذبية القمر دورًا هامًا في دورانه حول الأرض، مما يؤثر على المسافة بينهما، ويستغرق القمر مدة 27 يومًا و8 ساعات للدوران حول الأرض، فيما يعرف بالشهر الفلكي.
يعتقد العلماء أن المسافة بين الأرض والقمر لم تكن كذلك عند تشكله، حيث أن القمر قد تشكل عند اصطدام جسمٍ سماويٍ بالأرض قبل ملايين السنين، ثم تم سحب الحطام بعيدًا عن الأرض بفعل الجاذبية، وعند تشكله، كان القمر أقرب إلى الأرض من موقعه الحالي بأكثر من عشرين مرة حسب العلماء، وعلى الرغم من أن القمر يتحرك في مسارٍ إهليجي حول الأرض، إلا أنه وخارج مساره يتحرك بعيدًا عنها بشكلٍ مستمر، حيث أنه يبتعد عن كوكب الأرض بمقدار 4 سم سنويًا.
كيف تُحدد المسافة بين الأرض والقمر؟
بدأت محاولات معرفة المسافة بين الأرض والقمر منذ عقودٍ طويلة، حيث كان هناك محاولات عدة من الإغريق لمعرفتها، وقد قاموا بتحديد المسافة بينهما من خلال قياس قطر الأرض، حيث قاموا بتقدير قطر الأرض بحوالي 8000 ميل، ومن ثم قاموا بتحديد قطر القمر بـ2300 ميل، ومن خلال معادلاتٍ حسابيةٍ قاموا بتقدير المسافة بين الأرض والقمر، وكانت النتيجة الحسابية 248000 ميل.
اعتمد العلماء فيما مضى طرقًا تقليدية وحسابية من أجل تحديد المسافة بين الأرض والقمر، وكانت هذه الطرق ناجحةً إلى حدٍ ما، وتفضي إلى نتائج دقيقة، كما وقد قاموا بتحديد المسافات بشكلٍ تقديريٍ من خلال العين، أو من خلال المعادلات الرياضية، إلا أنه مع التطور العلمي والتكنولوجي، لم يعد هناك حاجة من أجل تقدير المسافة، فقد تم تطوير تقنيات وطرق حديثة من أجل قياس المسافة بين الأرض والقمر، منها:
- أشعة الليزر: عندما حط رواد الفضاء للمرة الأولى على سطح القمر سنة 1969، قاموا بتركيب مرايا عاكسة، تستخدم هذه المراية من أجل تحديدِ المسافة بين الأرض والقمر، وذلك من خلال تسليط أشعة الليزر عليها من الأرض، ويتم ذلك من خلال احتساب المدة التي استغرقتها أشعة الليزر في الوصول إلى القمر ومن ثم العودة إلى الأرض، وبناءً على المدة التي استغرقها الضوء يتم حساب المسافة الدقيقة بين الأرض والقمر، وتعد هذه الطريقة أكثر طرق الحساب دقة، حيث إنَّ هامش الخطأ فيها لا يتجاوز بِضعة مليمترات.
- الرادارات: تشابه هذه الطريقة في عملها طريقة عمل الليزر، حيث أنها تقوم على مبدأ قياس المدة اللازمة لوصول إشارة الرادارات ومن ثم حساب المسافة، حيث يقوم العلماء بإرسال إشارات عبر الرادارات إلى سطح القمر ومن ثم حساب المدة التي استغرقتها النبضات حتى تصل إلى سطح القمر، ومن خلال معادلة حسابية لحساب سرعة الإشارة، يتم تحديد المسافة بين الأرض والقمر. يعيب هذه الطريقة أنها لم تقم بقياس المسافة بالشكل الدقيق كما هو الحال عند استخدام الليزر، حيث أن العلماء حصلوا على نتائج بهوامش أخطاءٍ عدة كان من ضمنها هامش خطأ 1.4 كم.
ما هو خسوف القمر؟
أثناءَ دورانهِ المستمر حول الأرض، ودوران الأرض حول الشمس، تتغير كمية الضوءِ القادمةِ من القمر والضوء الساقط عليه أيضًا، تحدث ظاهرة الخسوف نتيجةً لوقوع الأرض في المنتصف بين الشمس والقمر، ممَّا يسبب حجبها للضوء عنه، ولا يتكرر الخسوف كأطوار القمر بسبب دوران الأرض المائل حول الشمس، وذلك بسبب اختلاف مدار القمر عن مدار الأرض، حيث إن الأول يدور حول الثاني، وقد تستمر مدة الخسوف لساعات، ويعتمد ذلك على زاوية الرؤية من الأرض ونوعِ الخسوف وغيره، وهناك نوعان من خسوف القمر:
- الخسوف الجزئي: يحدثُ الخسوف الجزئي للقمر عندما لا يكون في المنتصف تمامًا بينما تتقابل الأرض مع الشمس، حيث إنَّ ظل الأرض لا يغطيه بشكلٍ كامل، ويكون الظل يشبه القرص، ويحدث الخسوف الجزئي مرةً قبل الخسوف الكلي للقمر ومرةً أخرى بعده.
- الخسوف الكلي: شرط الخسوف الكلي هو أن تقع الأرض تمامًا بين الشمس والقمر، بحيث تحجبُ ضوء الشمس عن القمر بشكلٍ كامل، مما يجعله مُعتمًا، ويستمر الخسوف الكلي للقمر إلى أن يتبدل موقع الأرض، أو لا تبقى في المنتصف بينه وبين الشمس.
أما ظاهرة القمر الدموي، فتحدث عندما يكون القمر في ظل الأرض بشكلٍ كامل، ويصبح باللون الأحمر الخافت بسبب انعكاس أشعة الشمس على الغلاف الجوي للأرض، ويبقى الميل المداري للقمر ثابتًا بالنسبة للنجوم طوال العام، لكنه يتغير بالنسبة للشمس.
يقوم العلماء بدراسة خسوف القمر بشكلٍ مستمر، حيث أنه عند حدوثه تكون الأقمار الصناعية في ظل الأرض أيضًا، فيقومون بإطفائها تجنبًا لحدوث أية أعطال، ومع ذلك فإنهم يقومون بدراسةِ التغير في درجات الحرارة على سطح القمر الناجمةِ عن حدوث الخسوف.
اقرأ/ي أيضًا:
هل عدد كواكب المجموعة الشمسية 11؟