تحقيق مسبار
عند التفكير في الحمل يبحث بعض الأزواج عن وسائل لتسريع حدوثه، وتبدأ حولهم رحلة الاستفسارات؛ ولعل أهمها هل الاستلقاء ضروري لحدوث الحمل، والحقيقة أن معظم الدراسات والأبحاث تشير إلى مثل هذه النصائح والتعليمات، لكنها تختلط أحيانًا مع بعض الموروثات والتعاليم العارية عن الصحة، التي لا تتعدى كونها طرق قديمة متبعة في بعض الحالات، لكن العلم والدراسات الحديثة نفت العديد من هذه الخرافات فيما أكدت صحة بعضها، وهنا سنحاول الإجابة عن سؤال مقالنا الأساسي لمعرفة فائدة النوم لتسريع حدوث الحمل.
هل الاستلقاء ضروري لحدوث الحمل؟
يجبُ أولًا قبل التفكير في الحمل إجراء بعض الفحوصات الطبية الضرورية، وتناول بعض الفيتامينات التي تُقلل من العيوب الخلقية والتشوهات؛ ومنها حمض الفوليك، كما يجب التأكّد من سلامة الأم الحامل قبل التفكير بالحمل بشكلٍ فعليٍّ، هذا بالإضافة لمعرفة الوقت المناسب للحمل، الذي يعتمد بشكلٍ أساسيٍّ على موعد الإباضة والخصوبة، التي يتمُ حسابها بطرق معينة تعتمدُ على الدورة الشهرية؛ إذ إنّ استمرار ألم التبويض يدل على الحمل، ومن خلال بعض العلامات الخاصة التي تُحدد الموعد المناسب لممارسة الجنس؛ مثل: التغيير في مخاط عنق الرحم، والشعور ببعض الوخز في أحد الجوانب، وغيرها من العلامات التي يُمكن من خلالها أيضًا تحديد جنس المولود.
إنّ عملية الاستلقاء بعد ممارسة الجنس مباشرةً ورفع القدمين للأعلى بحسب بعض الدراسات؛ فهي وضعية قد تُساهم بشكلٍ أكبر في دخول الحيوانات المنوية إلى الرحم، لكن أكثر الدراسات الحديثة تنفي هذه العلاقة، كما أن بعض الدراسات التي تدعم النظرية تُشير إلى تفضيل الاستلقاء في السرير لمدة 10-15 دقيقة وتجنّب الذهاب إلى الحمام في هذه الفترة؛ لأن هذا يُساعد الحيوانات المنوية على الدخول إلى عنق الرحم؛ بالرغم من نفيها للحاجة إلى رفع القدمين؛ لذلك قد تكون إجابة سؤالنا هي النفي في معظم الحالات؛ إذ إن الاستلقاء غير ضروري لحدوث الحمل.
يتساءل البعض عن وضعيات ممارسة الجنس وتأثيرها الفعلي على الخصوبة، لكن الحقيقة أن الدراسات الحديثة أثبتت أن هذه الأوضاع لا تؤثر على فرص الحمل فعليًا ولا تحدثُ فرقًا، كما أن عدد مرات ممارسة الجنس لا يؤثّر بدوره على فرص الحمل؛ إلّا إنّ كانت في فترات الإباضة؛ لذلك فإن الممارسة بشكلٍ منتظمٍ قد تساعد في زيادة فرص الحمل؛ لأن الحيوانات المنوية تعيش في الجسم لمدة 5 أيام، ويجدر التنويه هُنا إلى أن السائل الشفاف لا يسبب الحمل؛ لأنه لا يحتوي على حيوانات منوية.
هل يوجد أسباب لتأخر الحمل؟
الحقيقة أن موضوع تأخّر الحمل موضوع متشعّب فعليًا وله جوانبًا متعددةً، لكن الأكيد هو نفي أن الاستلقاء ضروري لحدوث الحمل وربط تأخّر الحمل بعدم الاستلقاء مثلًا، كما أن أسباب التأخر الأخرى تُعتبر أيضًا محل جدل كبير؛ ويُذكر ومنها:
- استخدام موانع الحمل: الحقيقة أن موانع الحمل لا تؤثر فعليًا على الخصوبة، ويمكن الحمل بعدها مباشرةً دون تأخير، لكن عملية تتبّع التبويض مباشرةً بعد استخدام الموانع قد تكون صعبة، وهذا يؤثر على حساب موعد الولادة.
- بعض العادات اليومية تؤثر على خصوبة الرجل: فيما يخص خصوبة الرجل فإنها تعتمد على عدد الحيوانات المنوية ونوعيتها، التي قد تتأثر بما يلي:
- ارتداء الملابس الضيقة؛ مثل البناطيل، التي من الممكن أن تؤثّر بشكلٍ كبيرٍ على عدد الحيوانات المنوية.
- قضاء الوقت في حوض الاستحمام الساخن أيضًا قد يُقلّل من عدد الحيوانات المنوية.
- وضع الهاتف الخلوي بالقرب من الخصيتين قد يُؤثر على نوعية الحيوانات المنوية بحسب دراسات حديثة.
- أطعمة الصويا تؤثّر على تركيز الحيوانات المنوية.
- بعض العادات اليومية تؤثر على خصوبة المرأة: سرعة حدوث الحمل تعتمد بشكلٍ فعليٍّ على خصوبة الرجل والمرأة على حد سواء، وفيما يخص المرأة فإن خصوبتها قد تتأثر بما يلي:
- التوتر: يُقلل التوتر من الخصوبة عند النساء بشكلٍ عامٍ؛ لأنه يتداخل مع هرمونات الإباضة.
- الإفراط في ممارسة الرياضة: بالرغم من أهمية الرياضة في حياة المرأة والرجل على حد سواء؛ إلّا إنّ الإفراط في ممارستها قد يُسبب تأخير، أو منع التبويض الناتج عن تقليص مدة الدورة الشهرية بشكل عام؛ لذا لا بد من معرفة الفرق بين مغص الدورة ومغص الحمل.
ما هي الوضعيات المناسبة أثناء الحمل؟
بعد التأكيد على نفي سؤالنا هل الاستلقاء ضروري لحدوث الحمل أو لا، لا بدّ من التأكيد على بعض الوضعيات الملائمة طوال فترة الحمل، التي يجب الانتباه لها للحفاظ على سلامة الجنين بشكل عام، وتتمثل فيما يلي:
طريقة الوقوف أثناء الحمل
- رفع الرأس بشكلٍ مستقيمٍ مع الحفاظ على وضع الذقن للداخل وعدم إمالة الرأس مطلقًا.
- الحفاظ على فرد الركبتين.
- الحفاظ على شد الكتف للخلف والصدر للأمام.
- عدم إمالة الحوض للأمام أو الخلف.
- موازنة الجسم على القدمين ودعم تقوّس القدم باستخدام أحذية منخفضة الكعب.
- تغيير وضعية الوقوف بين الفترة والأخرى.
طريقة الجلوس الصحيحة أثناء الحمل
عند الجلوس يجب أن تحافظ المرأة الحامل على وضعية معينة للحفاظ على حملها وتجنّب مخاطره المتنوعة؛ ومنها:
- الجلوس بشكلٍ مستقيمٍ عن طريق ملامسة الأرداف لظهر الكرسي، ووضع الكتفين للخلف مع ملامسة ظهر الكرسي.
- وضع دعامات الظهر الخاصة في المنطقة المنحنية؛ مثل وسائد الظهر أو منشفة صغيرة.
وضعية القيادة ورفع الأشياء أثناء الحمل
يجب استخدام دعامة الظهر بشكلٍ أساسيٍّ عند منحنى الظهر، وتقريب المقعد بدرجة تسمح للركبتين بالانحناء والوصول إلى الدواسات مع مراعاة المسافة بين البطن وعجلة القيادة، وهذا يعتمد عمومًا على طول المرأة ومدة الحمل؛ فقد يكون الأفضل للمرأة في الشهر التاسع الامتناع عن القيادة؛ بسبب صعوبة ترك مسافة بين البطن وعجلة القيادة. بالنسبة للطريقة الصحيحة لرفع الأشياء قد يكون من الأفضل الامتناع عن رفع الأشياء الثقيلة أثناء الحمل، ولكن في حالة الاضطرار عندها يجب المحافظة على ثبات القدمين والحفاظ على استقامة الظهر مع ثني الركب والأفخاذ .
هل يحدث الحمل مباشرةً بعد ممارسة الجنس؟
الحمل بشكلٍ عامٍ يعتمد على ممارسة الجنس، لكن وقت حدوث الحمل يُحدّد عادةً بوقت غرس البويضة المخصبة في جدار الرحم في مدة تتراوح بين 5-15 يومًا؛ لذلك بعض النساء تزعمنّ أنهنّ يشعرنّ بالحمل مباشرةً بعد ممارسة الجنس أو بعد أيامٍ قليلةٍ، لكن الحقيقة أن هذا الأمر مستحيل؛ إذ تبدأ أول علامات الحمل المبكر والتي يُمكن الإحساس بها بعد أسبوع من ممارسة الجنس؛ إذ إن هناك أعراض للحمل قبل الدورة بأسبوع، في حين تستغرق الأعراض الأُخرى أحيانًا بضعة أسابيع لتبدأ بالظهور تصل إلى 4 أسابيع أحيانًا، وأولى العلامات هي التبقّع أو ما يُعرف بظهور بقع دم خفيفة يُخلط بينها وبين الحيض عادةً، كما قد تُعاني بعض النساء من نزيف خفيف يًفسّر بأنه حيض ثم يختفي ليعلن ظهور أول علامة من علامات الحمل. يجب أن تعلم المرأة أيضًا أن الفحص قبل موعد زرع البويضة في الرحم سيُعطي نتائجًا سلبيةً؛ لعدم توفر هرمون الحمل بشكلٍ كافٍ في الجسم؛ لذلك يتم فحص الحمل عادةً بعد تأخّر الحيض لمدة يوم واحد على الأقل.
سرعة الحيوانات المنوية
أظهرت الدراسات الحديثة أن الحيوانات المنوية تستغرق وقتًا يتراوح بين 2-10 دقائق للانتقال من عنق الرحم إلى قناتي فالوب، التي تتواجد البويضات فيها، وهذا الانتقال لا يعتمد على الجاذبية؛ لذلك تستطيع الحيوانات المنوية الانتقال من الأسفل إلى الأعلى، وهذا يجيب بالنفي عن سؤالنا الأهم وهو هل الاستلقاء ضروري لحدوث الحمل؛ إذ يُمكن حدوث الحمل مباشرةً بعد الجماع بغض النظر عن الوضعية أو الاستلقاء، لكن هنا يجب الانتباه أن الحيوانات المنوية قد تستمر في العيش لمدة خمسة أيام في الجهاز التناسلي وهذا يعني أن يوم الحمل لا يكون بالضرورة يوم ممارسة الجنس، وهذا هو سبب اعتماد بعض الأزواج على ممارسة الجنس قبل يومين أو ثلاثة من وقت التبويض؛ عند رغبتهم في تحديد جنس المولود لحدوث الحمل بمجرد نزول البويضة، وتتم عملية زرع البويضة المخصبة في جدار الرحم، وهذا يعني أن عملية الاخصاب تحدث في قناة فالوب وليس في الرحم كما يعتقد بعض الناس، وعملية زراعة البويضة المخصبة هي التي تحدث في الرحم، وبعد هذه العملية بعدّة أيامٍ يمرّ الجنين في عدّة مراحلٍ؛ ليتمكن بعدها من الزرع في بطانة الرحم.
ما هو أفضل وضع للنوم والاستلقاء أثناء الحمل؟
بالنسبة للاستلقاء أثناء الحمل فله وضعيات معينة تتناسب مع مدة الحمل ووزن الجنين بشكل عام إذ يجب الإمتناع عن الإستلقاء على الظهر أو المعدة خصوصًا في الثلث الأول من الحمل بسبب ضغط وزن الطفل على الوريد الأجوف السفلي الذي ينقُل الدم من الجزء السفلي للجسم إلى القلب وهذا يُقلل تدفق الدم إلى المشيمة كما قد يُسبب ألمًا في الظهر، أيضًا قد يُقلل الاستلقاء على البطن من تدفق الدم إلى الجنين. لهذه الأسباب معظم الأطباء يوصون باستلقاء المرأة الحامل على الجانب الأيسر خصوصًا في الثلث الثالث من الحمل لزيادة تدفق الدم إلى الجنين والكليتين كما أن هذه الوضعية تُقلل الضغط على الكبد الموجود في الجهة اليمنى. و يجب الإنتباه إلى وضع الوسادة تحت الرأس بشكل يسمح برفع الرأس عن الجسم وتقليل الضغط عن الظهر مع إمكانية استخدام الوسائد بين الساقين لدعم الظهر أيضًا.
ضرورة الاستلقاء أثناء الحمل
بعد معرفة الإجابة عن سؤالنا هل الاستلقاء ضروري لحدوث الحمل يجب تحديد ضرورة وفوائد الاستلقاء في أشهر الحمل الأخرى؛ إذ تضطر بعض النساء للاستلقاء في الفراش لمدة تتراوح بين بضعة أسابيع إلى مدة أشهر بحسب الحالة الطبية، وقد تتفاقم الأمور وتستدعي التوجّه إلى المستشفى ومنع الحركة نهائيًا؛ إلّا عند الضرورة القصوى، ومن الحالات التي يكون فيها الاستلقاء ضروريًا أثناء الحمل:
- تسمّم الحمل.
- الحمل بعدّة أطفال.
- مشاكل في المشيمة أو عنق الرحم.
- المعاناة من بعض المشاكل الأخرى التي قد تسبب خطورةً على الجنين.
- الخوف من الولادة المبكرة.
مخاطر الاستلقاء والراحة لفترات طويلة
بالرغم من أهمية الاستلقاء في الكثير من الأحيان وفقًا لتعليمات الطبيب؛ إلّا إنّه لا يُساعد كثيرًا في حالات الولادة المبكرة بحسب العديد من الأبحاث، كما أنه يحمل بعض السلبيات والمخاطر على المرأة الحامل؛ أهمها جلطات الدم أو تجلط الأوردة العميقة في الساق والرئتين؛ لذلك يجب تحريك القدمين باستمرار وثني الركب ومدّها بشكلٍ مستمرٍ لمنع التجلطات، كما أن الاستلقاء لفتراتٍ طويلةٍ قد يجعل العضلات ضعيفة، ويقلّل من طاقة الجسم التي تحتاجها المرأة أثناء المخاض؛ لذلك يجب ممارسة بعض التمارين الخاصة بالذراعين والأرجل لتقوية الجسم بشكلٍ عامٍ.
اقرأ/ي أيضًا:
هل الفيتامينات تبطل مفعول حبوب منع الحمل؟
هل حصى الكلى عند الرجال يمنع الحمل؟
هل هناك علاقة بين خط الحمل في البطن وجنس الجنين؟
