تحقيق مسبار
تظهر أعراض اضطراب الشخصية الحدية عند قرابة 5.9% من البالغين في الولايات المُتحدة الأمريكية خلال حياتهم، وهذا يعني أنه من الأمراض المُنتشرة، ويهدف هذا المقال إلى بيان مدى تأثير الاضطراب المذكور على الحياة الشخصية للمُصابين؛ بما في ذلك التأثير على الحياة الزوجية، كما أنه يتطرق إلى ذكر العديد من الطرق أو الأساليب المُتبعة لعلاج هذا الاضطراب، مع ذكر درجة خطورة الاضطراب المذكور على المُصاب والمُجتمع المُحيط، بالإضافة إلى بيان الأسباب المؤدية إلى الإصابة أيضًا.
هل يؤثر اضطراب الشخصية الحدية على الزواج؟
لاضطراب الشخصية الحدّية العديد من التأثيرات على العلاقة الزوجية؛ إلّا إنّ مُعدلات الطلاق عند المُصابين بهذا الاضطراب طبيعية مقابل نسبة طلاق الأشخاص الطبيعيين، لكن نسبة الزواج مرةً أخرى عند المُصابين باضطراب الشخصية الحدية مُنخفضة مقابل غيرهم من الأشخاص الطبيعيين، وعادةً ما يكون زواج المُصابين باضطرابات الشخصية الحدية فوضويًا وصعب الإدارة، وينبغي على المتزوجين المُصابين الانفصال إذا وصل تأثير هذا الاضطراب إلى أيٍّ ممّا يأتي:
- العنف الجسدي: على الزوجين الانفصال إذا تسبّب اضطراب الشخصية الحدية بأيّ من آثار العُنف الجسدي؛ فإن ذلك يُمكن أن يؤدي إلى إصابة أحد الزوجين بالأذى.
- الشعور بمزاج سيء: يُمكن أن يؤدي اضطراب الشخصية الحدية إلى شعور أحد الزوجين بمزاج سيء طيلة اليوم، وعدم القدرة على الراحة أو تحسين المزاج بسبب تصرفات الزوج الآخر، وهو أحد الأسباب التي تستدعي الانفصال.
- الحدود الكثيرة: عندما تُصبح الحدود بين الزوجين كثيرة يُصبح من الصعب الاستمرار بالعلاقة الزوجية على النحو الطبيعي، وينبغي على الأزواج الوصول إلى حل لهذه المُشكلة أو الانفصال إذا تطلب الأمر.
- عدم الرغبة في التحسّن: ربما يصدر عن المُصاب باضطراب الشخصية الحدية بعضًا من التصرفات الخاطئة، وينبغي عليه مُحاولة التحسين من هذه التصرفات، ويُعد الانفصال من الحلول المطروحة إذا لم يرغب المُصاب بتحسين تصرفاته.
متى يجب مُراجعة الطبيب بسبب اضطراب الشخصية الحدية؟
يجب مُراجعة الطبيب المُختص والحصول على الاستشارة المُناسبة فور الشعور بأعراض اضطراب الشخصية الحدية؛ لضمان السيطرة على هذا المرض في وقت مُبكر؛ حيث يُعد الاضطراب المذكور واحدًا من الاضطرابات التي لها بعض المُضاعفات الخطيرة على صحة المُصاب والمُجتمع المُحيط، إلى جانب الآثار السلبية على الحياة الشخصية كما سبق عند ذكر العلاقة بين الشخصية الحدية والزواج، ولا بُدّ من علاج هذا الاضطراب في وقت مُبكر للحدّ من المُضاعفات السلبية التي تُصاحبه.
ما هي صفات الشخصية الحدية؟
فيما يأتي بعضًا من أبرز صفات الشخصية الحدية:
- التقلبات المزاجية: يتقلب شعور المُصاب بهذا الاضطراب تُجاه الآخرين على نحوٍ مُفاجئ أحيانًا، وكذلك شعوره حول العالم والذات أيضًا، ويُمكن أن يؤدي ذلك إلى مشاعر لاعقلانية؛ مثل الغضب الذي تصعب السيطرة عليه.
- الخوف من هجر الآخرين: لدى المُصابين باضطراب الشخصية الحدية خوفٌ شديدٌ من هجر الآخرين لهم، وهذا ما يجعلهم يضعون العديد من الحدود في التعامل مع الآخرين لضمان عدم الاقتراب كثيرًا؛ وذلك لتجنب هجرهم فيما بعد.
- صعوب الحفاظ على العلاقات: غالبًا ما تكون علاقات مُضطربي الشخصية الحدية غير مستقرة مع الآخرين، كما أنهم يجدون صعوبة كبيرة في المُحافظة على علاقتهم بالآخرين.
- السلوكيات الخطيرة: تشيع الكثير من السلوكيات الخطيرة أو المُتهورة عند المُصابين باضطراب الشخصية الحدية، ومن ذلك القيادة المُتهورة، أو اللجوء إلى المُخدرات، أو قتال الآخرين.
- أذية النفس: يُمكن أن تتولّد الكثير من الأفكار الانتحارية عند المُصابين بهذا النوع من اضطرابات الشخصية، كما أنهم يؤذون أنفسهم بالحرق أو القطع أو الجرح أحيانًا، ويَميل كثيرٌ منهم إلى تخريب تقدمهم في العمل أو الدراسة أيضًا.
- الاكتئاب: يشعر كثير من مُضطربي الشخصية الحدية بالاكتئاب، إلى جانب الشعور بالحُزن والملل والفراغ، وربما يصل الأمر ببعضهم إلى الشعور بانعدام قيمتهم أو كراهية أنفسهم في بعض الأحيان.
- جنون الارتياب: يُعرف جنون الارتياب باسم البارانويا، ويُمكن أن يتعرَض بعض المُصابين باضطراب الشخصية الحدية إلى هذه الحالة مع الشعور بالقلق حول رغبة الناس بقضاء الأوقات معهم أو محبة الناس لهم.
هل أسباب اضطراب الشخصية الحدية معروفة؟
لم يتمكّن المُختصون من الوصول إلى الأسباب الدقيقة للإصابة باضطراب الشخصية الحدية كما هي حالة مُعظم الاضطرابات العقلية الأخرى عند البشر؛ إلّا إنّ هذا الاضطراب يُمكن أن يرتبط بالعوامل الآتية:
- الوراثة: تكثر إصابة الأشخاص باضطراب الشخصية الحدية إذا كان أحد أفراد عائلتهم مُصابًا بهذا الاضطراب، ويشمل هؤلاء الأقارب كلًا من الأبوين أو الأشقاء، أو غيرهم من أفراد الأسرة المقربين.
- الحساسية العاطفية: لدى بعض الأشخاص حساسية عاطفية تؤدي إلى الإصابة باضطراب الشخصية الحدية؛ ممّا يجعل من قدرتهم على إدارة المشاعر صعبة مُقابل الأشخاص الطبيعيين الآخرين.
- اضطرابات الدماغ: يُمكن أن يكون لدى المُصابين باضطراب الشخصية الحدية بعض التغيّرات الهيكلية أو الوظيفية في أماكن مُحددة من الدماغ، كما تُشير بعض الدراسات، ويُمكن أن تتسبب هذه التغيّرات بالاضطراب المذكور.
- البيئة المُحيطة: يتوقع المُختصون وجود ارتباط بين الثقافة المُحيطة والبيئة التي يعيش فيها الإنسان والأحداث التي تعرض إليها من جهة، وبين الإصابة باضطراب الشخصية الحدية من جهة أخرى.
هل اضطراب الشخصية الحدية خطير؟
يُمكن أن يتسبب اضطراب الشخصية الحدية بالعديد من الآثار الخطيرة على المُصاب؛ فإنه يؤدي إلى انتحار بعضهم أو قيامهم بإذاية أنفسهم أو الوقوف في طريق تقدمها وظيفيًا أو دراسيًا، كما أن هناك العديد من الآثار العدوانية التي تتولد عند المُصابين بهذا الاضطراب تُجاه الآخرين كما سبق؛ ومنها: القيادة العُدوانية التي يُمكن أن تؤدي إلى إزهاق أرواح الآخرين أو إتلاف مُمتلكاتهم، وفيما يأتي بعضًا من المُضاعفات الاجتماعية والصحية الخطيرة الأخرى لهذا الاضطراب:
- عدم استكمال التعليم عند المُصاب.
- انتهاء العلاقة الزوجية بالطلاق.
- الإفراط في تعاطي المُخدرات.
- التعرض إلى اضطرابات القلق النفسي.
- الاشتراك في العلاقات المؤذية للنفس أو الآخرين.
- الإصابة باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.
- التعرض إلى اضطراب الكرب التالي للرضح.
كيف يمكن علاج اضطراب الشخصية الحدية؟
تُستخدم العديد من طريق العلاج النفسية والسلوكية والدوائية للتعامل مع اضطراب الشخصية الحدية وعلاجه، ومن هذه الطرق والعلاجات ما يأتي:
- العلاج النفسي: يهدف العلاج النفسي إلى تعلم طريقة السيطرة على المشاعر التي تُزعج المُصاب، إلى جانب مُساعدته في تحسين العلاقة مع الآخرين وإدارة المشاعر بدلًا من الاندفاع، كما أنها تُعزز من قدرة المريض على أداء وظائفه.
- العلاج السلوكي الديالكتيكي: يعتمد هذا النوع من العلاج على بعض التقنيات المُخصصة للتعامل مع مُضطربي الشخصية الحدية؛ لتحسين سيطرتهم على مشاعرهم وتحسين علاقاتهم مع الآخرين.
- العلاج المرتكز على المُخطّط: يُسهم هذا العلاج في تحديد احتياجات المُصاب التي عجز عن تلبيتها وتسببت بآثار سلبية على حياته؛ وذلك لمُساعدته في تلبية هذه الاحتياجات وتوفير نمط حياة ذي جودة أفضل.
- العلاج المستند إلى التعقّل: يُعد العلاج المُستند إلى التعقل واحدًا من أنواع العلاج بالتحدث؛ ليُساعد المريض في تحديد أفكاره ومشاعره في أيّة لحظة، مع ابتكار منظور بديل بشأن الموقف الذي ينبغي عليه اتخاذه من هذه الأفكار والمشاعر.
- العلاج النفسي التحويلي: يُعرف هذا العلاج باسم العلاج الديناميكي أيضًا، ويعتمد على إنشاء علاقة بين المريض ومُقدم الرعاية؛ للمُساعدة في فهم مشاعر المريض، وكذلك فهم الصعوبات التي يُواجهها عند التعامل مع الآخرين.
- العلاج الدوائي: لم تقم إدارة الغذاء والدواء الأمريكية باعتماد أيّة أدوية لاضطراب الشخصية الحدية حتى الآن؛ إلّا إنّ هناك عدّة أدوية تُساعد في التقليل من أعراض هذا الاضطراب؛ مثل: مُضادات الاكتئاب، ومُضادات الذُهان.
هل توجد علاقة بين الشخصية الحدية والذكاء؟
لا يرتبط اضطراب الشخصية الحدية بمُستويات الذكاء عند الإنسان؛ حيث يُمكن العثور على العديد من الأذكياء الذين يُصابون بهذا النوع أو الأنواع الأخرى من الاضطرابات، كما يُصاب بعض الأشخاص طبيعيي أو محدودي الذكاء بهذه الاضطرابات أيضًا، ويختلف المُصابون بأحد أنواع الاضطرابات -بما فيها اضطراب الشخصية الحدية- مع بعضهم البعض في مستويات الذكاء التي يتمتع بها كل واحد منهم أيضًا.
كيف يتم تشخيص اضطراب الشخصية الحدية؟
يتم تشخيص الشخص بأنه من مُصابي اضطرابات الشخصية الحدية إذا توفرت في شخصيته أيّ من الأعراض الآتية:
- الشعور بالقلق الشديد تجاه تخلّي الأشخاص الآخرين عن المريض مع فعل أي شيء مُمكن لمنع حدوث ذلك.
- ظهور المشاعر الشديدة مع استمرارها فترة تمتد بضعة ساعات أو بضعة أيام، ثم تغيّر هذه المشاعر فجأة إلى ضدها؛ كالشعور بالحُزن والضعف بعد السعادة والثقة.
- عدم وجود إحساس قوي بالذات عند الشخص المريض مع مواجهة التغيّرات التي تنتج عن هذا الشعور.
- مواجهة صعوبات كبيرة في إنشاء العلاقات مع الآخرين والمُحافظة عليها.
- شعور المريض بالفراغ في الكثير من الأحيان.
- الاندفاع في تصرفات المريض مع إمكانية فعل بعض الأشياء المؤذية؛ مثل: الإفراط في تناول الطعام، أو تعاطي المُخدرات.
- التعوّد على إذاية النفس أو مُحاولة الانتحار.
- ظهور مشاعر الغضب الشديدة التي تصعب السيطرة عليها فيما بعد.
- الشعور بأعراض جنون العظمة أو الانفصال عند التوتر الشديد.
هل توجد طريقة للوقاية من اضطراب الشخصية الحدية؟
لا توجد طريقة معروفة للوقاية من اضطراب الشخصية الحدية حتى الآن؛ فإنه واحد من الأمراض التي تنتقل بسبب العوامل الوراثية عادةً كما يرى الأطباء المُختصون؛ على الرغم من عدم تحديد سبب الإصابة الدقيقة، وينبغي على الأشخاص الذين تزداد نسبة خطورة إصابتهم بهذا الاضطراب استشارة مُقدم الرعاية الصحية باستمرار؛ لمعرفة أعراض الاضطراب والبدء في علاجها خلال وقت مُبكر قبل أن تتضاعف وتصعب السيطرة عليها.
اقرأ/ي أيضًا: