تحقيق مسبار
يكثُر الحديث مؤخرًا عن فوائد حبوب زيت السمك كأحد أكثر المكملات الغذائية المُستخدمة شيوعًا؛ بسبب احتوائه على كميات عالية من الأحماض الدهنية والعناصر الغذائية الأساسية الضرورية للجسم، التي تُحقّق مجموعةً كبيرةً من الفوائد المهمة؛ لذلك سنتحدث في مقالنا عن أهم فوائده واستخداماته وطرق استخراجه بحسب دراسات وأبحاث مُؤكّدة.
هل يوجد فوائد لزيت السمك؟
زيت السمك هو عبارة عن الزيت أو الدهن المُستخرج من أنسجة الأسماك الزيتية؛ مثل التونة والأنشوجة والرنجة والماكريل، كما يُمكن استخراجه أحيانًا من كبد بعض الأنواع الأخرى؛ مثل كبد سمك القد، والمعروف أن منظمة الصحة العالمية تُوصي بتناول حصة إلى حصتين من السمك أسبوعيًا؛ للحصول على فوائده المتنوعة والحماية من الأمراض المختلفة، لكن في حال صعوبة الحصول على الكميات المطلوبة يمكن الاستعانة بمكملات زيت السمك للحصول على الكمية المطلوبة من الأوميغا 3، كما أن السمك يحتوي على كميات كبيرة من الدهون الأخرى والفيتامينات المهمة للجسم، وتجدر الإشارة هُنا إلى أن الأوميغا 3 الموجودة في السمك ذات فوائد أكبر من الأوميغا 3 الموجودة في بعض المصادر النباتية، وهي عادةً تُسمى أحماض إيكوسابنتاينويك (EPA) وحمض الدوكوساهيكسانويك (DHA)، أمّا تلك الموجودة في النباتات فهي أحماض ألفا لينولينيك (ALA)، وتعتبر هذه الأحماض عادةً ضرويةً للحماية من الأمراض المتنوعة بحسب مصادر موثوقة.
أهم فوائد زيت السمك
ومن أهم الفوائد التي يعتقد أن الأوميغا 3 تقدمها للجسم ما يلي:
- حماية القلب: تُشير العديد من الدراسات أن تناول كميات عالية من زيت السمك يُقلّل من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين لأسباب متنوعة؛ منها:
- معادلة مستويات الكوليسترول: يُعتقد أن زيت السمك يزيد مستوى الكوليسترول الجيد.
- خفض الدهون الثلاثية: يُقلّل زيت السمك من مستوى الدهون الثلاثية بنسبة 15-30% بحسب مصادر موثوقة.
- تخفيض ضغط الدم: يُساعد تناول زيت السمك في تقليل مستوى ضغط الدم بحسب مصادر مؤكدة.
- منع تصلب الشرايين: يمنع زيت السمك من تكوّن اللويحات التي تسبّب تصلّب الشرايين.
- تنظيم ضربات القلب: يُقلل من إضطراب ضربات القلب التي قد تسبّب النوبات القلبية.
- علاج الاضطرابات العقلية: تُساعد أحماض الأوميغا 3 في تقليل الاضطرابات العقلية؛ بسبب تكوّن الدماغ من 60% من الدهون؛ لذلك فالأشخاص المصابين باضطرابات الدماغ لديهم مستويات منخفضة من الأحماض في الدماغ، ناهيك عن قدرة زيت السمك عادةً على تقليل الاضطرابات النفسية والاضطرابات الذهانية، وبعض أعراض الفصام، والاضطرابات النفسية؛ مثل ثنائي القطب بحسب مصادر مؤكدة.
- تعزيز صحة العين: تُشير بعض الدراسات أن العين تحتاج إلى كميات كبيرة من الأوميغا 3 للحفاظ على صحتها بشكل أفضل، ومحاولة تقليل خطر الإصابة بأمراض العيون المُرتبطة مع التقدّم بالسن؛ ومنها أمراض الضمور البقعي، التي يُعتقد أن تناول الأسماك يُقلّل الإصابة بها، بالرغم من قلّة النتائج المُؤيدة على مكملات السمك في نفس الشأن؛ باستثناء دراسة صغيرة تُؤكّد تحسّن الرؤيا بعد تناول كميات من زيت السمك لمدة 19 أسبوعًا؛ لذلك لا يمكن الجزم بفائدة زيت السمك في التأثير على أمراض العيون بشكل قاطع؛ بالرغم من وجود العديد من الدراسات المؤيدة.
- التقليل من الالتهابات: يحتوي زيت السمك على مجموعة من الخصائص المُضادّة للالتهاب، التي تُساعد في حالات الالتهابات المزمنة، التي تُعتبر وسيلة الدفاع الأولى للجهاز المناعي، وترتبط عادةً بمجموعة من الأمراض المزمنة، كما قد تُقلّل مكملات زيت السمك من آلام المفاصل وتيّبسها لدى مرضى الالتهاب الروماتويدي، وأمراض التهاب الأمعاء وغيرها من مؤشرات الالتهاب في الجسم.
- دعم صحة الجلد: تحتوي البشرة على مجموعة كبيرة من أحماض أوميغا 3 الدهنية، التي يقلّ تركيزها تدريجيًا مع التقدّم في العمر والتعرّض للأشعة الشمسية وغيرها من العوامل الجوّية، لكن تناول زيت السمك قد يُقلّل من الاضطرابات الجلدية المتنوعة والأمراض الجلدية؛ مثل التهاب الجلد والصدفية وغيرها من الأمراض؛ وبالتالي يُحسّن صحة الجلد بشكل عام.
- تطوّر الأجنة: يعتبر تناول مكملات زيت السمك والأوميغا 3 ضروريًا للنساء في مرحلة الحمل؛ لتحسين نموّ الجنين وتطورّه، كما يُعتبر تناوله مهمًا في مراحل الرضاعة المبكرة لتحسين التنسيق بين اليد والعين عند الرُضّع، كما يُعتقد أنه يُحسّن من معدل الذكاء والتعلّم عند الأطفال وتقليل مخاطر الحساسية بحسب العديد من المصادر الموثوقة.
- تخفيض نسبة دهون الكبد: تُساعد مكملات زيت السمك في تحسين وظائف الكبد وكمية الدهون في الكبد، التي قد تلعب دورًا رئيسيًا في زيادة الوزن بشكل عام، وزيادة المخاطر المترتبة على مرض الكبد الدهني غير الكحولي.
- تحسين أعراض الاكتئاب: لا شكّ أن الاكتئاب يُعتبر من الأمراض غير العضوية؛ إلّا إنّ تأثيراته على الجسم تفوق المشاكل النفسية و تتعداها لتصل إلى مشاكل أكبر خطورة؛ إذ يُعتقد أنه من أهم أسباب المرض بشكل عام، ويُعتقد بحسب بعض الدراسات أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب لديهم مستويات أقل من الأوميغا 3 في الدم بحسب مصادر مُؤكّدة؛ لذلك قد تُساعد زيوت السمك في تقليل أعراض الاكتئاب بشكل ملحوظ.
- تحسين فرط النشاط عند الأطفال: يُقلّل تناول زيت السمك من بعض الاضطرابات السلوكية عند الأطفال؛ ومنها اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط المُسبّب لمجموعة أكبر من الاضطرابات السلوكية؛ منها العدوانية والاندفاع، المُؤثّرة على النموّ والتعلّم؛ لذلك فإن زيت السمك قد يُقلّل من العديد من السلوكيات السلبية عند الأطفال في طور النموّ.
- منع أعراض التدهور العقلي: قد تُساعد مكملات السمك في تحسين الذاكرة لدى كبار السن؛ بالرغم من عدم إمكانية إثبات تأثيرها على تباطؤ وظائف الدماغ ومرض الزهايمر المرتبط بالعمر، لكن يُمكن القول أنها قد تؤثر على علامات التدهور المعرفي والأمراض التنكسية على أقل تقدير.
- تحسين أعراض الربو: يُقلّل تناول الأوميغا 3 من أعراض الربو والحساسية عند الأطفال والرُضّع بنسبة تتراوح بين 24-29٪ بحسب مصادر مُؤكّدة، كما أن تناولها للحوامل يُقلّل من الحساسية والربو عند الرُضّع.
- محاربة الالتهابات المزمنة: توفّر الزيوت المُستخرجة من الأسماك الدهنية نوعين من أحماض أوميغا 3 الدهنية؛ هي حمض إيكوسابنتاينويك (EPA) وحمض الدوكوساهيكسانويك (DHA)، وهي عبارة عن أحماض تُقلّل الالتهاب في الجسم وبالتالي تحسّن من الصحة العامة.
- تعزيز كثافة العظام: تشير الدراسات إلى أن النظام الأمريكي يُركّز بشكل كبير على تناول أحماض أوميغا 6 الدهنية، الموجودة بشكل أكبر في الزيوت النباتية، وبحسب بعض الدراسات فإن هذا النظام الغذائي يُعتبر المسؤول عن انخفاض كثافة العظام لدى النساء والرجال على حدٍّ سواء، كما تُشير الدراسات أن الأغذية المُحتوية على الأوميغا 3؛ مثل زيت السمك تحافظ بشكل أكبر على كثافة العظام، وتحسين نوعية العظام بشكل أكبر.
ما هي كبسولات زيت السمك؟
يُفضّل عادةً تناول حصة إلى حصتين من الأسماك الزيتية أسبوعيًا، لكن في حال صعوبة الحصول عليها يمكن اللجوء لتناول مكملات زيت السمك، التي تختلف جرعاتها بحسب العمر والصحة بشكل عام؛ إذ تُوصي منظمة الصحة العالمية بتناول كمية تتراوح بين 200-500 ملغم من أحماض EPA وDHA معًا، مع إمكانية زيادة الجرعة في حالات الحمل والرضاعة، أو في حال التعرض لبعض الأمراض الخطرة؛ إذ يجب معرفة أن بعض المكملات تحتوي على 1000 ملغم من زيت السمك، لكنها تحتوي فقط على 300 ملغم من EPA وDHA؛ لذلك يجب اختيار الأنواع التي تحتوي على تركيز أعلى منه، كما يجب الانتباه إلى إمكانية تأكسد الأحماض الدهنية؛ لذلك يجب اختيار المكملات المُحتوية على مضادات الاكسدة؛ مثل فيتامين ه، والاحتفاظ بالمكملات بعيدًا عن الضوء؛ إذ يُفضّل الاحتفاظ بها في الثلاجة، كما يُفضّل اختيار زيت السمك الناتج عن الأنشوجة والأسماك الصغيرة أكثر من الأسماك الكبيرة، أمّا بالنسبة لوقت تناول زيت السمك فيُفضّل تناولها مع الوجبات الغنية بالدهون؛ لزيادة امتصاصها في الجسم.
كمية زيت السمك المطلوبة
كبسولات زيت السمك تحتوي على مجموعة من الأحماض الدهنية؛ منها حمض الدوكوساهيكسانويك (DHA)، وحمض الإيكوسابنتاينويك (EPA)، التي تعتبر من الأحماض الأساسية للوقاية من الأمراض المتنوعة؛ وبالرغم من الفائدة الأكبر للأسماك المتنوعة للحصول على الأحماض الدهنية؛ إلّا إنّ هذه المكملات مُتاحة للأشخاص الذين لا يحبّون الأسماك ولا يستطيعون الحصول عليها بشكل منتظم، لكن لا شكّ أن هناك كميات قياسية من الأوميغا 3 يجب الحصول عليها يوميًا، ويتم تقديرها عادةً بـ 3 غرامات من زيت السمك يوميًا بحسب جمعية القلب الأمريكية؛ إلّا إنّ زيادة الجرعة عن الحدّ الطبيعي قد يسبّب مجموعةً من الآثار المزعجة؛ منها:
- طعم غير مُستساغ في الفم.
- رائحة كريهة في الفم.
- بعض اضطرابات المعدة.
- غثيان وبعض الاضطرابات في الجهاز الهضمي متمثلةً في براز رخو.
- النزيف خصوصًا في حال زيادة الجرعة عن 3 غرامات يوميًا.
الآثار الجانبية للإفراط في تناول زيت السمك
بالرغم من الفوائد المتعددة لزيت السمك؛ إلّا إنّ الإفراط في تناوله قد يسبب بعض الآثار الجانبية المحتملة؛ ومنها:
- احتمالية الإصابة بالنزيف: لزيت السمك تأثيرات مُسيلة للدم؛ لذلك فإن الإفراط في تناوله قد يسبب خطر النزيف، خصوصًا إذا تمّ دمجه مع بعض الأدوية المميّعة للدم؛ مثل الأسبرين، أو فيتامين E، أو الزنجبيل والثوم.
- التفاعل مع بعض الأدوية: قد يتفاعل زيت السمك مع بعض الأدوية الموصوفة؛ مثل حبوب منع الحمل.
- ارتفاع نسبة السكر في الدم: قد يسبب الإفراط في تناول الأوميغا 3 في زيادة نسبة السكر في الدم عند مرضى السكري من النوع الثاني؛ بسبب تحفيز إنتاج الجلوكوز في الدم.
- انخفاض ضغط الدم: من أهم فوائد حبوب زيت السمك تخفيض ضغط الدم في الجسم عند مرضى الضغط المرتفع، لكن في بعض الحالات فإن تناول الأوميغا 3 بشكل مُفرط قد يسبب انخفاضًا حادًا في ضغط الدم؛ لذلك يجب الحذر من الإفراط في تناوله واستشارة الطبيب بشكل دائم.
هل يمكن استخدام حبوب زيت السمك لزيادة الوزن؟
تعتبر السمنة من أهم مؤشرات الخطر والمُسبب الرئيسي لمجموعة كبيرة من الأمراض الأخرى؛ منها أمراض القلب والشرايين والسكري وبعض أنواع السرطان؛ لذلك فإن العديد من الدراسات تشير إلى فوائد إنقاص الوزن لتقليل خطر الإصابة بالأمراض المتنوعة؛ إذ تشير بعض الدراسات إلى وجود ارتباط بين مكملات السمك وتخفيض الوزن، خصوصًا عند تناولها بالتزامن مع الأنظمة الصحية وممارسة التمارين الرياضية بحسب مصادر مُؤكّدة، فيما تشير دراسات أخرى إلى فائدتها في تقليل محيط الخصر فقط دون التأثير على الوزن بشكل كبير.
يمكن القول أن من فوائد حبوب زيت السمك بشكل أكبر هو إنقاص الوزن أو الحفاظ على الوزن بشكل أفضل عن طريق زيادة التمثيل الغذائي، وكبح الشهية، لكن في بعض الحالات قد يساعد تناول مكملات زيت السمك على اكتساب الوزن واستعادة الكتلة العضلية عند مرضى السرطان، الذين تعرضوا لخسارة كبيرة في الكتلة العضلية أثناء العلاج الكيميائي، كما أن هنالك دراسات تشير إلى تقليل الاكتئاب أثناء خطة العلاج وتقليل كمية الوزن المفقود للمرضى بشكل عام؛ إذ تعتبر أحماض أوميغا 3 الدهنية من الأحماض الأساسية الضرورية للجسم، التي لا يستطيع الجسم تصنيعها، بل يجب الحصول عليها من مصادر خارجية؛ مثل الأسماك والمأكولات البحرية الأخرى.
فوائد حبوب زيت السمك للتسمين
الحقيقة أنّه بالرغم من تعدد فوائد حبوب زيت السمك؛ إلّا إنّه لا يمكن اعتبار التسمين إحدى هذه الفوائد؛ لأنها بالمجمل تُعزّز إنقاص الوزن وزيادة النشاط البدني وغيرها من الفوائد البعيدة عن عملية التسمين، وقد ذكرنا أن زيادة الوزن والتسمين قد تكون فائدة عرضية في بعض الحالات فقط، كما تشير الدراسات إلى تأثير زيت السمك على هرمون الشبع للأصحاء المصابين بالسمنة؛ ممّا يساعدهم على كبح الشهية وتخفيض الوزن، في حين عدم تأثيره المشابه على هرمون الشبع للأشخاص الآخرين؛ لذلك يُمكن القول أن تأثيره على الوزن يختلف باختلاف الحالة الصحية للمريض ومن شخص لآخر، ومن المُؤكّد أنّه يُحسّن من عملية التمثيل الغذائي بشكل أفضل من تأثيره على زيادة الوزن أو إنقاصه.
اقرأ/ي أيضًا: