تحقيق مسبار
إن الفرق بين الائتمان التجاري والمصرفي من ناحية طريقة التعامل والآلية يمنح الشركات والأفراد خيارات أوسع للتعاملات المالية، فقد يكون أحدهما بديلًا أو مكملًا للآخر بحسب وضع الشركة الاقتصادي واحتياجاتها المالية، كما أنّ بعض الشركات تستخدم مزيجًا بين المفهومين لتسهيل المعاملات المالية، لكن ما هو الفرق بشكل دقيق، وكيف يُمكن تحديد المعاملة المطلوبة؟… هذه الأسئلة وغيرها سنجيب عليها في مقالنا وفق نتائج دراسات وأبحاث مُؤكدة.
ما هو الفرق بين الائتمان التجاري والمصرفي؟
يختلف الائتمان التجاري والائتمان المصرفي في الكثير من التفاصيل بالرغم من اشتراكهما معًا في الفكرة الرئيسية، وهي تقديم قروض للشركات أو الأفراد وتسهيل العمليات التجارية، وتُعتبر أهم الفروق بينهما ما يلي:
- التكلفة: ترتفع تكلفة الائتمان التجاري في حال التخلّف عن السداد؛ لأنه يفرض رسومًا إضافيةً على المشتري، أمّا الائتمان المصرفي فترتفع التكلفة بسبب الفائدة المفروضة على القرض.
- السهولة واليُسر: يُعتبر القرض التجاري أسهل من المصرفي؛ لأن التجاري يتم بين التجّار والشركات ويعتمد على الثقة فيما بينهم، حيث يتم الاتفاق على طريقة السداد، أما الائتمان المصرفي فيتطلب تقديم معاملات أكثر تعقيدًا؛ من حيث تقديم الطلب للمؤسسة المالية، ومن ثم تحليل الطلب من قبل المؤسسة، وتحليل وضع العميل واحتساب الفوائد وآلية السداد، وهذه العمليات تتطلب وقتًا معينًا لإتمامها.
- المرونة: الائتمانات التجارية تتم بتقديم بضائع من البائع للمشتري وتأخير وقت الدفع لفترة معينة، أما المصرفي فيتم إعطاء العميل مبالغًا ماليةً لتمكينه من شراء بضائع معينة؛ لذا يُمكن اعتبار التجاري أقل مرونةً بالرغم من إمكانية استخدام نفس البضاعة كأصول للحصول على قروض أُخرى.
- الضمان: الائتمان التجاري لا يتطلب ضمانات، بل يعتمد على الثقة بين التجار، أما المصرفي فغالبًا يتطلب ضمانات للمؤسسة المالية.
ما هو تعريف الائتمان التجاري والائتمان المصرفي؟
قبل الحديث عن الفرق بين الائتمان التجاري والمصرفي يجب تعريف كلٍّ منهما على حِدة، وتحديد مزايا كلّ نوع بشكل مُنفصل؛ إذ يُمكن اعتبار النوعين من التعاملات المالية الضرورية، التي تُساعد على تنشيط الاقتصاد وإدارة عجلته وتحريك الأصول المالية بين الأفراد والشركات وِفق طرقٍ معينة؛ لتسهيل الأنشطة التجارية وتعزيزها.
الائتمان التجاري
يقوم هذا الائتمان على اتفاقية بين شركات بنظام b2b؛ إذ يُمكن للشركة الأولى شراء البضائع من الشركة الثانية دون الدفع مباشرةً، وتأجيل الدفع لتاريخ معين قد يكون 30 أو 60 أو 90 يومًا، ويتم تسجيل المعاملة بفاتورة شراء، وهذا يُعتبر تمويلًا بفائدة مقدارها 0%؛ إذ يُقدم العديد من المزايا للمشتري والبائع، تتركّز حول تسهيل عمليات البيع والشراء وتنشيط التعاملات التجارية.
إن هذا النوع من التعاملات المالية يسمح للعميل بشراء السلع والدفع في وقت مجدول لاحقًا؛ ممّا يجعله وسيلةً جيدةً للشركات للتمويل قصير الأجل، لكنه قد يُسبب بعض التعقيدات في العمليات الحسابية للطرفين؛ بسبب وجود مصاريف وإيرادات مؤجلة، كما قد يُسبب مشاكلًا ماليةً للموردين؛ بسبب تقديمه خدمات غير مدفوعة، وهذا النوع من الائتمانات يعتبر ميزةً للمشتري أكثر من البائع؛ لأنه يعطيه فرصة شراء البضائع وتصنيعها، ثم بيعها قبل دفع ثمنها، وهذا يعني إيرادات أكبر تغطي تكاليف البضائع المُباعة بأثر رجعي، أما من ناحية البائع فقد يكون وسيلةً لتشجيع المبيعات وزيادتها، وقد تلجأ الشركات إلى استخدام الخصومات لتشجيع العملاء على الدفع المبكر، وهذا يُحسّن الأوضاع المالية للموردين ويُقلّل من فترات الانتظار.
الائتمان المصرفي
يُمكن تعريفه بأنه مقدار الائتمان أو القرض المتاح للأفراد أو الشركات أو رجال الأعمال على شكل مبالغ مالية مُقدمة من البنك أو المؤسسة المصرفية، كما يُمكن تعريفه بأنه مجموع الأموال التي يستطيع الشخص اقتراضها من مؤسسة مالية معينة، ويعتمد هذا القرض على قدرة المقترض على سداد القرض وقيمة القرض والفائدة والمدة الزمنية اللازمة لسداده، ويشمل هذا النوع القروض الشخصية وقروض السيارات والرهون العقارية.
يُعتبر الائتمان المصرفي أحد الموارد المالية للبنوك والمؤسسات المالية؛ إذ يتم منح العملاء قروضًا معينة وسدادها بعد مدّة زمنية مع فوائدها المُستحقة، كما تشمل الموارد المالية الأُخرى الأموال المودّعة في البنوك أو الاستثمارات المتنوعة؛ مثل شهادات الإيداع، وعادةً ما تتم الموافقة على القرض بناءً على دخل الفرد وبعض الاعتبارات الأُخرى، كما يتم الاتفاق على آلية السداد ووقتها ومقدار الفائدة.
ما هي مزايا وعيوب الائتمان التجاري؟
الفرق بين الائتمان التجاري والمصرفي لا يُحدّد أيّهما أفضل، بل يُفرّق بين الطريقة والآلية لكلٍّ منهما؛ إذ يُعتبر كل نوعٍ ملائم لمجموعة من الأفراد أكثر من غيرهم، وعملية الاختيار تعتمد على الحاجة والملائمة وليس الأفضلية.
فوائد الائتمان التجاري
تتعدد فوائد هذا التمويل سواءً للبائع أو المشتري، ويُمكن إجمالها فيما يلي:
- خدمة الشركات التي لا تمتلك خيارات تمويل، كما يخدم الشركات التي لا تستطيع بيع بضائعها.
- الوصول السهل إلى التمويل المالي بدون تكلفة مالية كبيرة مقارنةً بأنواع التمويل الأُخرى.
- تحسين التدفق المالي للشركات؛ وذلك لأنّ موعد السداد يستحق في وقتٍ لاحقٍ؛ ممّا يتيح لهم بيع البضائع قبل دفع ثمنها.
- تحسين ملف تعريف العمل للمشتري، وتحسين العلاقة مع البائعين من خلال الالتزام بموعد السداد.
- بناء علاقة قوية بين البائعين والعملاء وزيادة حجم المبيعات؛ لأنها تُشجّع على الشراء والدفع في وقت لاحق.
عيوب الائتمان التجاري
أحيانًا يبتعد بعض التجار عن هذا النوع من الائتمان بسبب بعض العيوب، ومنها:
- زيادة التكاليف في حال التأخّر عن موعد السداد؛ إذ يتم فرض غرامات معينة أو رسوم فائدة في حال التأخّر عن السداد.
- التأثير سلبًا على ملف الائتمان للشركة في حال التأخر عن سداد الدين وتأثّر العلاقة مع الموردين.
- تأخير الإيرادات في حال التخلّف عن السداد، أو في حال الاضطرار إلى عمل خصومات معينة على الدفع، هذا بالنسبة إلى البائعين، الأمر الذي يؤثر على القدرة على تغطية تكاليف التشغيل؛ ممّا يُشكّل خطورةً على الشركة في تحمّل التكاليف، لكن تأخير السداد والإيرادات لا يؤثر على النشاط التجاري للبائع.
أنواع الائتمان التجاري
تتنوع الائتمانات التجارية بحسب طريقة إتمامها؛ فتختار الشركة الطريقة الأفضل للتعامل من خلال سياسات الشركة ومقدار الثقة مع العملاء، ولكلّ نوع آلية تختلف عن الأنواع الأخرى، وتكون بالشكل التالي:
- الحساب المفتوح : عبارة عن اتفاقية غير رسمية يتم بموجبها إرسال البضاعة من البائع إلى المشتري وإرسال فاتورة بقيمة البضاعة.
- السند الإذني: عبارة عن اتفاق رسمي يُضمّن فيه البائع بعض الشروط المتعلقة بطريقة الدفع وتاريخ الدفع، ثم يوافق المشتري على الشروط بتوقيع المستند وإعادته للبائع.
- الكمبيالات المستحقة الدفع: وهي عبارة عن أدوات مالية يسحبها البائع ويقبلها المشتري، وتتضمن اتفاقًا بدفع قيمة الكمبيالة في تاريخ معين.
طرق احتساب الائتمان التجاري
يتم احتسابه من قبل البائع والمشتري باختلاف آلية المحاسبة؛ إذ تستخدم بعض الشركات المحاسبة النقدية، وبعضها تستخدم المحاسبة على أساس الاستحقاق، وهي الطريقة المعتمدة لجميع الشركات العامة، التي تعتمد على الإيرادات والمصروفات وقت إجراء المعاملة، لكنها تُعتبر أكثر تعقيدًا في حال استخدام فواتير الائتمانات التجارية؛ لأنها لا تتلقّى الأصول النقدية بشكل مباشر لتغطية النفقات، وتحتسب الأصول على شكل ذمم مدينة في الميزانية العمومية، وهذه الإيرادات قد تقلّ لأسباب متنوعة؛ منها: تخلّف العملاء عن السداد، أو تقديم خصومات على الائتمان، وهذا يرفع الالتزامات التي تتحملها الشركة؛ لذلك تُعتبر هذه الائتمانات مفيدةً أكثر للمشتري من ناحية الحصول على الأصول دون الحاجة للقروض أو دفع المصروفات على الفور، وبالتالي تعمل على زيادة أصول الشركة.
من المستفيد من الائتمان المصرفي؟
ذكرنا أن الفرق بين الائتمان التجاري والمصرفي الأهم يُعتبر الأشخاص المستفيدين من كلّ نوع، وفي حال هذا الائتمان فإنه يخدم الأفراد أو الشركات على حدٍّ سواء، لكن الجهة المُقرضة هي المختلفة، التي تكون هنا مؤسسةً ماليةً معينةً، ويتم القرض وفق شروط معينة تعتمد على التصنيف الائتماني للمقترض ودخله والأصول والضمانات المقدمة والديون الموجودة مسبقًا.
يُستخدم هذا الائتمان للأفراد لتلبية الاحتياجات المختلفة وتمويل المشتريات المتنوعة؛ مثل السيارات والبيوت، أو توفير الاحتياجات اليومية المتنوعة، كما يُمكن استخدامه أيضًا للشركات لتمويل العمليات المختلفة أو دفع تكاليف بدء التشغيل، أو لشراء السلع المعينة أو دفع النفقات، ويُعتبر تمويلًا قصير الأجل للشركات الناشئة والصغيرة.
أنواع الائتمان المصرفي
يُقسم هذا القرض إلى نوعين أساسيين؛ الأول مضمون، والثاني غير مضمون، على الشكل التالي:
- القروض المضمونة: يتم ضمانها بشكل معين من أشكال الضمان قد تكون على شكل نقود أو أصول، كما في القروض السكنية مثلًا؛ إذ يتم رهن المنزل كضمان للبنك، وفي بعض الحالات يُمكن الطلب من المقترض إيداع مبالغ مالية كضمان للحصول على بطاقة ائتمانية، وهذا يُقلّل بشكل كبير من المخاطر التي يتعرض لها البنك أو المؤسسة المالية المُقرِضة في حال تخلّف العميل عن السداد؛ إذ يُمكن للبنك مصادرة الممتلكات للحصول على قيمة القرض، وفي هذا النوع يكون سعر الفائدة أقل نسبيًا لوجود ضمانات كافية.
- القروض غير المضمونة: حيث تكون المخاطر المحتملة في هذا النوع أكبر بالنسبة للبنوك؛ بسبب عدم وجود ضمانات كافية، لذلك يتم فرض رسوم فائدة أكبر مقابل هذا النوع من القروض.
أمثلة على الائتمان المصرفي
تقدم البنوك مجموعةً متنوعةً من القروض والائتمانات بأشكال متنوعة؛ منها:
- البطاقة الائتمانية: تُعتبر بطاقات الائتمان من أكثر الأنواع شيوعًا؛ إذ تُستخدم هذه البطاقات لشراء الاحتياجات المتنوعة ضمن حدّ ائتماني معين ونسبٍ مئوية سنوية، ويجب على المقترض دفع الرصيد بالكامل أو الحد الأدنى الشهري المتفق عليه.
- الرهن العقاري وقروض السيارات: تُعتبر من القروض المضمونة؛ إذ يتم رهن الأصل كضمان للبنك، ويتم الاتفاق على دفع القرض على فترات زمنية منتظمة تكون عادةً شهرية أو نصف شهرية بحسب الاتفاق، ويتم احتساب نسبة فائدة ثابتة أو متغيرة.
- خط الائتمان التجاري: وهي عبارة عن قروض دوّارة تُمنح للشركات، وقد تكون مضمونة أو غير مضمونة، تتيح للشركة الوصول إلى رأس المال، وتكون هذه القروض أعلى من الممنوحة للأفراد؛ نظرًا لقدرتها الأكبر على السداد والجدارة الائتمانية وحاجة الشركة لرأس مال أكبر.
اقرأ/ي أيضًا:
هل أرباح التجارة الإلكترونية مضمونة؟
هل يمكن قياس الرضا الوظيفي لدى العاملين؟