تحقيق مسبار
ضغوط العمل وكثرة السهر تُفقد الجسم جزءًا كبيرًا من طاقته خلال النهار؛ لذلك يبدأ البحث عن فوائد القيلولة ومدى تأثيرها على الطاقة والصحة؛ والتي يُمكن تعريفها بأنها النوم لدقائق معدودة خلال النهار أو الليل أحيانًا لتجديد النشاط وتحسين القدرة على أداء المهام اليومية المختلفة بكفاءة عالية؛ لذا سنحاول هُنا الحديث عن القيلولة الصحية والتفريق بينها وبين القيلولة التي يعتبرها بعض الأشخاص مجرد عادة طبيعية تدخل ضمن روتين حياتهم اليومي، وهل تؤثر فعليًا على الذاكرة والنشاط، وما هي أضرارها إن وجدت. كلّ هذه المعلومات سنتحدث عنها في مقالنا هذا وفق نتائج دراسات وأبحاث مؤكّدة، كما سنتحدث بشكل مُفصّل عن أوقات القيلولة المثالية ومقدارها للحصول على أفضل النتائج.
هل تحسين الذاكرة والنشاط من فوائد القيلولة؟
الحقيقة نعم؛ إذ وجدت مجموعة من الدراسات أنّ من أهم فوائد القيلولة تعزيز الذاكرة والنشاط بخمسة أضعاف تقريبًا، كما أنّها تُعزز قوة وأداء الدماغ؛ لذا يقترح الباحثون النوم لمدة تتراوح بين 20-60 دقيقة يوميًا خلال النهار لِتحسين قدرات التعلّم، لكن يجب التركيز على النوم لمدة كافية خلال ساعات الليل للحفاظ على الصحة؛ إذ لا يمكن استبدال النوم الليلي بالقيلولة خلال ساعات النهار، كما يجب التأكيد على أنّ القيلولة رغم فوائدها؛ إلّا إنّه لا يمكن اعتبارها ضرورةً مُلحّةً يجب ممارستها يوميًا؛ إذ إن الحاجة إليها بشكل دائم تُشير إلى مخاطر صحية متنوعة وتسبب مشاكل صحية أُخرى.
فوائد القيلولة
يعتقد العديد من الناس أنّ القيلولة مرتبطة بالأطفال أو الكُسالى؛ إلّا إنّّ نتائج الدراسات الحديثة جاءت مغايرةً لتُظهر ضرورة القيلولة لجميع الناس لتعزيز قدراتهم الإدراكية والمعرفية المتنوعة وزيادة نشاطهم؛ لذلك يُمكن تلخيص فوائدها فيما يلي:
- تحسين الإدراك: تُساعد القيلولة في زيادة الشعور باليقظة وتُحسّن كفاءة الدماغ عن طريق تقليل مستوى الأدينوزين، وهو ناقل عصبي مسؤول عن الإدراك في الدماغ.
- تحسين الذاكرة: تُعزز القيلولة من الذاكرة بمعدل 5 أضعاف؛ إذ تُشير الدراسات أن القيلولة بعد تعلّم أشياء جديدة تعزّز القدرة على الاحتفاظ بها لفترات طويلة؛ إذ أشارت دراسة أُجريت عام 2018 على مجموعة من الطلاب أن الطلاب الحاصلين على قيلولة بعد تعلّم دروس جديدة حقّقوا نتائجًا أفضل من أقرانهم الذين أمضوا ساعات أكثر من التعلّم دون قيلولة، كما استطاعوا الاحتفاظ بالمعلومات لمدّة أطول أيضًا، ما يعني أن القيلولة ساعدت في تنشيط الذاكرة القريبة والذاكرة البعيدة أيضًا، ناهيك عن دورها في تحسّين القدرة على ربط المعلومات معًا وسهولة استرجاعها.
- تعزيز المناعة: إنّ قلّة النوم بحسب بعض الباحثين تؤثر على عمل جهاز المناعة وقدرته على مقاومة الالتهابات؛ لذلك يُمكن للقيلولة تنشيطه وتحسين الوظائف الخلوية، وقد أيدّت هذه المعلومات دراسة أُجريت عام 2015 على مجموعة من الأشخاص وكانت نتائجها أن القيلولة مدة 30 دقيقة قلّلت من مستويات السيتوكينات الالتهابية والنورادرينالين، وهي مواد كيماوية تُعزّز عمل جهاز المناعة.
فوائد نوم القيلولة الأخرى:
- الاسترخاء.
- التخلّص من التعب.
- تعديل الحالة المزاجية.
- تحسين القدرات العقلية واليقظة.
- زيادة وتيرة الأداء بسبب تنشيط الذاكرة وتحسين سرعة ردود الأفعال.
- تعزيز القدرة على إيصال المعلومات وربطها معًا وإيجاد الروابط بين المعلومات المخزنة.
- تخفيف التوتر والقلق خصوصًا في حالات العمل والدراسة.
- الحفاظ على صحة القلب وتخفيض ضغط الدم.
- تحسين النوم ليلًا، بالرغم من مخاوف العديد من الأشخاص على تأثيرها على مستوى نومهم ليلًا؛ إلّا إنّ العديد من الدراسات تُشير إلى تحسينها للنوم ليلًا عند ممارستها بالشكل الصحيح، خصوصًا عند كبار السن.
أضرار القيلولة
بالرغم من الفوائد المتعددة للقيلولة؛ إلّا إنّها قد تكون مُضرّة أو تُسبب بعض المشاكل لمجموعة من الأشخاص، ومن أبرز أضرارها:
- التعب والدوار: بعض الأشخاص يصابون بالتعب بعد القيلولة، وهذا ناتج أحيانًا عن زيادة مدّة النوم.
- التأثير على النوم ليلًا: بعض الأشخاص المصابين بالأرق تُقلّل القيلولة لديهم من فرص النوم ليلًا أو نوعيته وتمنعهم من الاستغراق في النوم.
- زيادة خطر الإصابة ببعض الأمراض: ترفع القيلولة الطويلة نسبة الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة عند بعض الأشخاص؛ مثل مرض السكري أو الاكتئاب وأمراض القلب.
- الإصابة باضطرابات النوم: تُعتبر القيلولة والحاجة المُلحّة لها دليلًا على الإصابة باضطرابات النوم ودلالةً على انخفاض جودة النوم، خاصةً أثناء الليل.
أنواع القيلولة
تنقسم القيلولة إلى عِدّة أنواع لكلّ منها أهداف مُحدّدة أو فوائد، وهذه الأنواع هي:
- قيلولة التعافي: وهذا النوع يُستخدم لتعويض نقص النوم في الليلة السابقة.
- قيلولة وقائية: هذه القيلولة تتم لمنع التعب الناتج عن حرمان النوم مستقبلًا قبل السفر أو أداء الأعمال ليلًا.
- قيلولة أساسية: تُعتبر مطلبًا جسديًا في حالات المرض للمساعدة على الشفاء.
- قيلولة الشهية: وهي النوع الذي يتم ممارسته باستمرار لأخذ قسط من الراحة اليومية.
- قيلولة الإنجاز: وهي النوع الذي يمارسه الأطفال وهو ضروري للنمو.
ما هي طرق الحصول على فوائد نوم القيلولة؟
لتحقيق أقصى الفوائد يجب ممارسة القيلولة وفق نمط معين واتباع مجموعة من النصائح؛ منها:
- القيلولة القصيرة: لا شكّ أن القيلولة لا تعني النوم لساعات طويلة، بل تعني النوم لمدة تتراوح بين 10-60 دقيقة فقط؛ لأنّ النوم لفترة أطول يزيد احتمالية الإصابة بالتعب والدوار؛ لذلك يجب ضبط المنبّه للتأكّد من النوم لوقت محدد والاستيقاظ قبل دخول الجسم في النوم العميق الذي يُسبب الأرق والتعب؛ لأن دورة النوم الكاملة تستغرق 90 دقيقة تقريبًا يتم فيها الانتقال بين مراحل النوم الخمسة؛ لذلك يُفضّل الاستيقاظ في المرحلة الأولى من النوم، ولأن فترة النوم الطويلة قد تُدخل الجسم في مرحلة الخمول والتعب.
- القيلولة المبكرة: أحيانًا يكون وقت القيلولة هو الأهم وهو الذي يُحدّد مقدار الفائدة أو الضرر؛ لذلك ينصح الباحثون عادةً بأخذها بعد الظهر وتجنّب القيلولة المتأخرة لأنها ستقُلّل فرص النوم ليلًا، أما عند الأشخاص المضطرين للسهر لساعات طويلة فيمكنهم أخذ القيلولة ليلًا.
- اختيار المكان المناسب: بما أن القيلولة تهدف للراحة والاسترخاء يجب اختيار البيئة المناسبة لها والنوم في مكان هاديء بعيدًا عن الإزعاج ومصادر التشتيت.
- جعل القيلولة بين الساعة 1-3 بعد الظهر: تعتبر القيلولة في هذه الأوقات هي الأفضل؛ لأنها فترة الركود الطبيعية، كما يُفضّل تجنّب النوم بعد الساعة 3 لأنها ستؤثر على النوم ليلًا.
- النوم في مكان مريح: يجب تهيئة مكان مناسب للقيلولة والابتعاد عن الضجيج والضوضاء، لكن يُمكن النوم على الأريكة بدلًا من السرير لتجنّب الراحة الزائدة وعدم القدرة على الاستيقاظ.
- النوم في وقت محدد: يُفضّل أن تكون القيلولة في نفس الوقت يوميًا.
- الراحة قبل القيلولة: يُفضّل الاستراحة قبل القيلولة أو قبل النوم عادةً والجلوس بعيدًا عن الأجهزة والنشاطات المختلفة.
ما هي فوائد قيلولة الظهر؟
تُشير العديد من الدراسات أن وقت القيلولة الأفضل هو بعد الظهر؛ فهي التي تُعزّز النشاط البدني والقدرات الإدراكية والذاكرة وتقدم الفوائد الأُخرى التي تمّ الحديث عنها مُسبقًا، لكن بالرغم من هذه الفوائد إلّا إنّها ليست ضرورةً مُلحّةً ولا يوجد ضرورة لممارستها يوميًا. أمّا الأشخاص الذين لا يستطيعون إكمال يومهم دونها فهذا دليلٌ على إصابتهم بأحد اضطرابات النوم المؤثرة على نوعية نومهم ليلًا؛ مثل انقطاع النفس أثناء النوم أو بعض المشاكل الصحية الأُخرى التي تجعلهم مُعرّضين أكثر للتعب والإرهاق وتشعرهم بالرغبة المستمرة في النوم. كما يجب ممارسة الاستيقاظ الصحيّ بعد القيلولة لتحقيق فوائدها المتنوعة؛ إذ يجب الاستيقاظ بهدوء والجلوس قليلًا قبل العودة إلى العمل، كما يُفضّل ممارسة القيلولة في نفس الوقت يوميًا ولنفس المدة الزمنية؛ لمساعدة الجسم على الاعتياد عليها وتحقيق أقصى الفوائد.
ما هي فوائد القيلولة للبشرة؟
يُعتبر النوم الصحي من أهم العوامل المُؤثرة على صحة البشرة وتحسين مظهرها؛ إذ يُنصح بالنوم لمدة تتراوح بين 7-9 ساعات يوميًا، كما تُساعد القيلولة في تحسين مظهر البشرة وتقدّم الفوائد التالية:
- تقليل التجاعيد: ذلك لأن الجلد يصنع الكولاجين أثناء النوم، الذي يُعتبر المُسؤول عن تجديد البشرة وإزالة التجاعيد، بالإضافة إلى تقليل الخطوط الدقيقة وترطيب البشرة.
- زيادة تدفق الدم إلى البشرة: وهذا يجعلها تظهر أكثر صحةً وشبابًا وتوهجًا؛ إذ تؤثر قلّة النوم عادةً على مظهر البشرة وتبدو باهتةً أكثر أو شاحبةً.
- تقليل الهالات السوداء: تُساعد القيلولة في تخفيف الأكياس تحت العينين وتقليل الهالات السوداء والانتفاخ تحت العين.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يمكن تعلم كيفية النوم بسرعة؟