تحقيق مسبار
تبحثُ العديد من الحوامل عن فوائد الولادة بالماء لرغبتهنّ بخوض التجربة والابتعاد عن طرق الولادة الطبيعية الأُخرى، التي تُعتبر تجربةً مؤلمةً، فيما تعتبرها بعض النساء تجربةً طبيعيةً وآلامها مُحتملة وتستمر لفترة زمنية قصيرة، لكن هل هذه التجربة مُتاحة في كافة المستشفيات حول العالم، أم أنّها متوفرة في عيادات خاصة، أو هل يمكن تجربتها في المنزل، وهل يوجد لها فوائد علميّة مُثبتة أم أن مخاطرها أكبر من فوائدها؟. جميع هذه الأسئلة سنتحدث عنها في مقالنا هذا وفق نتائج دراسات وأبحاث مؤكّدة.
هل فوائد الولادة بالماء مُثبتة علميًا؟
الحقيقة أن فوائد الولادة بالماء غير مؤكّدة بالكامل والمّثبت أنّه لا يوجد دليل علمي على فائدتها بحسب تصريحات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال والكلية الأمريكية لأمراض النساء، كما أنّ الفوائد مُقتصرة على استخدام الماء في المرحلة الأولى من المخاض فقط، أما في المرحلة الثانية والثالثة فلا يوجد دليل علمي على فوائدها؛ لذلك فإن العديد من المستشفيات حول العالم قلّلت أو منعت استخدام هذه التقنية منذ عام 2016؛ بسبب مخاطرها المتعددة والمتمثلة في انتشار العدوى أو خطر اختناق الجنين؛ إلّا إنّ العديد من الخبراء والأطباء ينصحون بأخذ حمام دافئ قبل بداية عملية الولادة لزيادة الاسترخاء وتقليل الآلام.
نصائح أثناء الولادة في الماء
عند التفكير في خوض تجربة ولادة طبيعية بالماء في المنزل يجب الحرص على بعض الأمور والتدابير؛ لضمان الحصول على الفوائد والتقليل من الأخطار المحتملة والحفاظ على حياة الأم والطفل معًا، ومن هذه النصائح:
- وجود اختصاصي رعاية صحيّة أو مُمرّض مُرخّص، كما يُفضّل وجود طبيب مُختص في المكان لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
- الحفاظ على أقصى درجات التعقيم والنظافة للحوض والأدوات المُستخدمة.
- وجود أجهزة وأدوات طبية لِمراقبة الأم والجنين أثناء الوجود في الماء.
- الاستعداد والقدرة على إخراج المرأة من الماء في الوقت المطلوب.
- شرب كميات كبيرة من الماء لتجنّب الجفاف.
ما هي فوائد الولادة في الماء؟
تعتمد بعض المستشفيات حول العالم طريقة الولادة في الماء نظرًا لِفوائدها المزعومة؛ بالرغم من تحفظّات بعض الخبراء والمتخصصين حول ذلك، ومن أهم هذه الفوائد:
- تقصير مدّة المخاض: من المُحتمل أن يُساعد الغمر في الماء في مراحل الولادة المبكرة على تقليل مُدّة المخاض وتسهيل عملية الولادة.
- تقليل الحاجة إلى التخدير: يُساعد الغمر في الماء على تقليل آلام العمود الفقري وبالتالي تقليل الحاجة إلى المسكنات والتخدير ومنها إلى تقليل التكاليف؛ لأنّ معظمها يكون بسبب المخدر والمسكنات وبعض الأدوية الأُخرى.
- تقليل الحاجة إلى العملية: يُساعد الغمر في الماء على تقليل فرص الولادة القيصرية، كما أنّها تُقلل الإجهاد والتعب وتسرّع التعافي بعد الولادة بمعدل أكبر.
- زيادة الرضا: معظم النساء اللواتي جربنّ تجربة الولادة في الماء عبّرن عن رضاهنّ عن التجربة بشكل أكبر؛ نظرًا لسهولتها وحرية الحركة بفضل انعدام وزن الجسم تحت الماء.
- زيادة الراحة: لأن الماء الدافئ يُعتبر مهدئًا للأم ويُقلّل من التوتر.
- زيادة طاقة المرأة: أثبتت الدراسات أنّ الغمر في الماء في مراحل المخاض يزيد من طاقة الأم.
- تقليل الألم: يُعزّز الغمر في الماء من تقلّصات الرحم ويُحسّن من تدفق الدورة الدموية؛ ممّا يُقلّل الألم ويُعزّز تدفق الأكسجين للطفل.
- خفض ضغط الأم: يُقلّل الغمر في الماء من ضغط الدم الناتج عن القلق.
- تقليل التوتر: يُقلّل الماء من هرمونات التوتر ويُعزّز إنتاج الأندورفين الذي يُساعد على تقليل الألم.
- تقليل التمزّق: يزيد الماء من استرخاء عضلات الحوض ويزيد مرونة العِجان؛ ممّا يُقلّل التمزق.
مخاطر الولادة في الماء
بالرغم من تعّدد فوائد الولادة بالماء بحسب بعض الآراء؛ إلّا إنّها تحمل بعض المخاطر؛ منها:
- إصابة الطفل بالتهابات أو أمراض أُخرى: في بعض الحالات يستنشق الطفل قطرات الماء المُحتوية على البكتيريا، وهذا يُسبّب له عدوات خطيرة ومشاكل في التنفس تصل إلى التهاب الرئة أو السعال والحُمّى، فيما تزداد الخطورة أحيانًا وتصل إلى موت الطفل.
- عدم القدرة على تنظيم درجة حرارة الطفل: وذلك بسبب وجوده في الماء.
- تلف الحبل السرّي: بعض الحالات يلتف الحبل السرّي أو ينقطع قبل إخراج الطفل من الحوض، فيما يُصاب أحيانًا بالتلف.
- صعوبة إخراج الأم للضرورة: بعض الحالات الحرجة تتطلّب إخراج الأم الفوري من الحوض؛ بسبب بعض المُضاعفات أو حالات الخطر، وهذا يكون أكثر صعوبةً داخل الماء، وفي بعض الحالات تحتاج الحالة إلى إجراء عملية قيصرية مُستعجلة.
حالات ممنوعة من إجراء ولادة طبيعية بالماء
بالرغم من فوائد الولادة بالماء المزعومة؛ إلّا إنّها تُعتبر محظورةً على بعض النساء؛ ومنهنّ النساء اللواتي تعرضن لأكثر من ولادة قيصرية، كما لا يُنصح بها في بعض الحالات التالية:
- إذا كانت المرأة تعاني من عدوى في الدم.
- إذا كانت الأم مُصابة بالحُمى.
- إذا كانت تُعاني من نزيف مهبلي.
- في الحالات التي تستوجب تتبّع نبضات الجنين.
- إذا كانت الأم خضعت للتخدير.
- إذا كانت المرأة بعمر أقل من 17 عامًا، أو يزيد عمرها عن 37 عامًا.
- إذا كانت المرأة تُعاني من مرض السكّري أو لديها مضاعفات؛ مثل تسمّم الحمل.
- النساء المُصابات باضطرابات في الأكل.
- النساء المُصابات بضغط الدم غير المنتظم.
- إذا كانت المرأة مُعرّضة لمُضاعفات معينة بعد الولادة بحسب تاريخها الطبي.
- النساء المُصابات بالتهاب الكبد.
- إذا كان رأس الطفل موجّهًا للأعلى، عندها تزداد احتمالية التعرّض لولادة قيصرية.
- إذا كانت الولادة مبكرة وقبل أوانها.
- إذا كان حجم الطفل كبيرًا.
ما هي طريقة الولادة في الماء؟
لتحقيق فوائد الولادة بالماء يجب اتباع الطريقة الصحيحة لذلك؛ إذ تبدأ رحلة البحث عن المستشفيات والمراكز التي تُقدّم هذه الخدمة، عندها سيتم تحديد واختيار طريقة الولادة؛ إذ تُفضّل بعض النساء استخدام الماء قبل الولادة فقط، أما الولادة ذاتها فتكون على السرير بالشكل الطبيعي، فيما تُفضّل الأُخريات خيار الولادة الكاملة في الماء؛ إذ تُقسّم مراحل المخاض إلى ثلاث مراحل أساسية، وهذه المراحل هي:
- المرحلة الأولى: وهي مرحلة الانقباضات؛ إذ يبدأ خلالها عنق الرحم بالاتساع ويفتح ليصل إلى 10 سم تقريبًا، وهذه المرحلة يُمكن خلالها الغمر في الماء للمساعدة على تقليل مدتها وتقليل أعبائها؛ إذ تشير الدراسات إلى فوائد الماء في هذه المرحلة بالرغم من قلّتها والحاجة إلى المزيد لإثبات ذلك.
- المرحلة الثانية: يتحرك الطفل إلى المهبل استعدادًا للولادة والخروج منه، وفي هذه المرحلة يتم إخراج المرأة من الماء لولادة الطفل على السرير؛ إلّا إنّ البعض يُفضّلن إتمامها داخل الماء بالرغم من وجود العديد من المخاطر التي يجب تجنّبها وتبقى بعضها غير مفهومة، لأنّ الدراسات بشكل عام تُشير إلى المخاطر أكثر من الفوائد؛ لذلك يُوصي الخبراء بالخروج من الماء في هذه المرحلة للتمكّن من اتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب، كما نشر موقع Webmd تصريحات لرئيس قسم أمراض النساء والتوليد في جامعة أوريغون للصحة والعلوم يُشير فيها إلى أن الخروج من الماء أسلم في هذه المرحلة تحسبًا لِتأخير الإجراءات الضرورية لمساعدة الأم والطفل، خصوصًا في حال ضرورة الخضوع لعملية قيصرية.
- المرحلة الثالثة: مرحلة ما بعد الولادة، وهي مرحلة إخراج المشيمة، ويتم فيها رفع الطفل على صدر الأم بحذر لتجنّب قطع الحبل السرّي، ثم إخراج الأم من الحوض.
الأدوات والتجهيزات اللازمة للولادة في الماء
قبل التفكير في فوائد الولادة بالماء يجب التحدّث مع الطبيب المُختص لإجراء الفحوصات اللازمة والتأكّد من صحة الجنين وجاهزيته لهذا الإجراء وصحة الأم كذلك؛ إذ يمكن الولادة داخل المستشفى بالرغم من قِلّة المستشفيات التي تقدم هذه الخدمة؛ لذلك يلجأ البعض لإجرائها في المنزل، لكن يجب التأكّد من وجود ممرضة أو طبيبة لحضور عملية الولادة ومساعدة الأم، كما يُفضّل الوجود في مكان قريب من المستشفى تحسبًا للحالات الطارئة، ويتم أولًا تحضير الأدوات التالية:
- حوض الولادة: يمكن شراؤه أو استئجاره؛ إذ لا يُفضّل استخدام الحوض المنزلي؛ بسبب صعوبة تصريف المياه من ناحية، وصعوبة ضمان تعقيمها من ناحية أُخرى؛ ويمكن الحصول على حوض بتكلفة تتراوح بين 60-500 دولار تقريبًا.
- ماء ساخن: يجب تعبئة الحوض بالماء الساخن؛ إذ يمكن توصيل الخرطوم بالسخان مباشرةً أو استخدام معدات خاصة للتسخين.
- قماش لتبطين الحوض: وذلك لجعله مريحًا وآمنًا خلال الولادة.
- خراطيم ماء: أحدها لتوصيل الماء والآخر للتصريف.
- أدوات الصيد: مثل مصفاة أو شبكة لالتقاط المواد الصلبة التي تخرج أثناء الولادة.
- مواد تعقيم وتنظيف الحوض: يجب تنظيف الحوض قبل وبعد الولادة باستخدام المُبيّضات، كما يتم إضافة أملاح البحر أو أملاح إبسوم.
- جهاز لضبط الحرارة: يجب أن تتراوح درجة حرارة الماء بين 36.1-37 درجة مئوية.
اقرأ/ي أيضًا:
هل الولادة في الأسبوع 36 طبيعية؟
هل الولادة الطبيعية أفضل من القيصرية؟