تحقيق مسبار
قبل الحديث عن الفرق بين الجيتار الكهربائي والعادي يجب تعريف الجيتار، الذي يُطلق عليه اسم القيثارة أيضًا والمُنتمي لعائلة الآلات الموسيقية الوترية، وقبل الحديث عن الفرق يجب التأكيد على أنّ مسألة تحديد الفرق لا تعني تحديد الأفضل، بل تعني تسليط الضوء على مزايا كلّ نوع لتسهيل عملية الاختيار المُعتمدة بشكل أساسيّ على الاحتياجات والرغبات. في هذا المقال سنتحدث بشكل مُفصّل عن الفروقات الرئيسية بين الجيتار الكهربائي والعادي وفقًا لآراء الخبراء والمُتخصّصين في مجال الموسيقى.
هل يمكن معرفة الفرق بين الجيتار الكهربائي والعادي؟
نعم؛ يختلف النوعان في عِدّة نقاط أساسية، لكن من الناحية الفنية فإن النوعان مُنتشران بكثرة؛ لأنّ لكل آلة مُحبّين ومزايا مُتعدّدة سنتحدث عنها بشكل مُفصّل فيما يلي:
التاريخ
يختلف الجيتاران من ناحية التاريخ أو وقت الإصدار، فلا شك أن العادي أو الكلاسيكي يُعتبر الأقدم؛ إذ ظهر إصداره الأول في القرن السادس عشر، واستمر التطوّر وظهور إصدارات جديدة لحين الوصول إلى الجيتار الكهربائي. أمّا الجيتار الكهربائي فقد ظهر منذ قرابة 70 عامًا فقط، ويُعتبر من الآلات الحديثة ذات الإمكانيات الصوتيّة العالية، كما يمكن القول أنّ الأنواع الكهربائية أكثر تنوعًا من نظيرتها الكلاسيكية، لكن لا شكّ أن جوهر النوعين لا يختلف كثيرًا.
سهولة التعلّم
يختلف الجيتاران من ناحية طريقة التعلّم؛ إذ يُفضّل المعظم البدء بتعلّم العزف على الجيتار الكلاسيكي أولًا ثم الانتقال إلى الأنواع الأُخرى على اعتبار أن الجيتار الكهربائي مُكلف نسبيًا، كما أن العُنق العريض في الكلاسيكي سيجعل عملية التعلّم أسهل من ناحية تعلّم التقنيات الصحيحة التي يتم ترجمتها لاحقًا على الكهربائي، وعلى أيّ حال يُفضّل البدء بتعلّم العزف على الجيتار الكلاسيكي الأصعب ثم الانتقال إلى الكهربائي الأسهل.
المرونة
لا شكّ أن الجيتار الكهربائي يُعتبر أكثر مرونةً من ناحية طريقة الاستخدام والخيارات والمزايا المختلفة؛ إذ يحتوي على مُضخّمات متنوعة لِلصوت ومُكبرات ومجموعة من المؤثرات التي تجعل الصوت أكثر تنوّعًا؛ لذلك يُمكن تقديم الألحان الإبداعية، أمّا الكلاسيكي فإنّ الخيارات محدودة والصوت الناتج معروف ويعتمد على طريقة العزف فقط وتطبيق النوتات.
التميّز
يُعتبر الجيتار الكلاسيكي تُحفةً فنيّةً تُقدّم الصوت الكلاسيكي القديم والأصيل للجيتار، الذي يصعُب الحصول عليه من الجيتارات الكهربائية، ناهيك عن القيمة المعنوية والفنيّة للجيتار العادي بوصفه مصنوع يدويًا باستخدام مواد مُحدّدة، أمّا الجيتار الكهربائي يُعتبر آلةً موسيقيةً حديثةً بمواصفات مُحدّدة.
ما هي أهم مواصفات الجيتار الكهربائي؟
تتشابه الجيتارات الكلاسيكية والكهربائية من ناحية التصميم والقالب الأساسي لها؛ فجميعها مُكوّنة من عنق وجسم وجسر، لكن يتمثل الفرق بين الجيتار الكهربائي والعادي بشكل الجسم؛ إذ تتميّز الجيتارات الكهربائية بجسمها الصلب بينما الكلاسيكية فيأتي جسمها مُجوّفًا.
ظلّ الجيتار لسنوات عِدّة مجرّد داعم في المجموعات الموسيقية الكبيرة، لكن بعد انتشار موسيقى الروك أند رول وزيادة مساحة المسارح أصبحت الجيتارات العادية لا تفي بالغرض وأصواتها لا تُضاهي الآلات الأُخرى؛ ممّا جعل العازفين يرغبون في تكبير حجمه وزيادة صوته؛ فتمّ العمل على زيادة المُلحقات من أسلاك ومغناطيس وغيرها، الأمر الذي ساهم في زيادة حجمه بشكل كبير، ثم توالت التحديثات عليه لتطوير الأنماط الموسيقية المختلفة.
تسلسل صناعة الجيتار الكهربائي
- الظهور الأول: ظهرت أول القيثارات الكهربائية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، وكانت مجرد نماذج بدائية بسيطة، كما قيل أن بول إتش هو أوّل من صنع جيتارًا كهربائيًا مستوحيًا ذلك من المواد المُستخدمة في صناعة الهواتف، وهي المغانِط التي تعمل على إنشاء الاهتزازات الصوتية.
- تأسيس أول مصنع لصناعة الجيتارات: عمل جون دوبيرا وجورج بوشامب على ابتكار جيتارات أعلى صوتًا عن طريق ربط الأبواق المُضخمة وتطوير اللواقط الكهرومغناطيسية، ثم البدء بتصنيع الجيتار المُصمّم من رقبة وجسم خشبي وكان يُسمى بالمِقلاة، وهذا النموذج كان السبب في شراكة أدولف ريكنباكر وبوشامب معًا والبدء في تصنيع أول خط من الجتيارات الكهربائية وإنشاء أول مصنع لها تحت مسمى مصنع ريكنباكر.
- إصدار الجيتار الإسباني: أول جيتار على الطراز الإسباني تمّ تصنيعه وبيعه من قبل (Lloyd Loar) ، ويُعتبر هذا التصميم الشكل الأساسي للجيتار الحديث.
- إصدار جيتار (ES-150): إنشاء نموذج الجيتار الكهربائي الحديث باسم (ES-150)، الذي كان لـِ (Orville Gibson) الفضل في وضع تصميمه؛ إذ تمّت صناعته وتطويره على مراحل؛ هي:
- صنع العازف (Slide Alvino Rey) النموذج الأوليّ لتصميم (ES-150) كنموذج لأوّل جيتار كهربائي حديث، أمّا النسخة النهائية فأطلقها جيبسون والتر فولر.
- حقّق الجيتار الأول نجاحًا كبيرًا وأحدث فرقًا في العالم الموسيقي، لكن مع ذلك كان له بعض العيوب؛ ومنها تضخيم الاهتزازات التي تُسبّب الارتداد والتشويه، وهذا دعا ليس بول إلى تطوير الجيتار وتصميمه في جسم صلب عام 1940، وسُمِيَ الابتكار بالسجل؛ بسبب جسده الصلب الذي جعله يتخلّص من المشاكل في الطراز القديم.
تواريخ مهمّة
- عام 1946 عرض بول الجيتار الجديد على جيبسون الذي لم يكن مقتنعًا بالجسد الصلب.
- عام 1949 بدأ بيع أول نموذج جيتار بجسم صلب وحقق نجاحًا كبيرًا في ذلك الوقت، ثم تمّ تغيير اسمه لاحقًا إلى (Telecaster) وهو أحد الأسماء التجارية المشهورة للجيتار، والنموذج الشهير في موسيقى الريف والروك آند رول، وهذا جعل جيبسون يسعى لبناء نموذج جيتار جديد بجسم صلب تحت اسم ليه بول.
- عام 1956 تمّ تقديم نموذج جديد يُسمى نمط الفراشة والمتميّز برقبة ممتدة إلى قاعدة الجسم مع جوانب مُثبّتة.
- عام 1960 بدأ اعتماده كآلة موسيقية راسخة.
- الإصدارات الجديدة توالت خلف بعضها البعض، واشتُهر بعزفه مجموعةً كبير من الموسيقيين على مرّ العصور.
ما هي آلية عمل الجيتار الكهربائي؟
عند الحديث عن الفرق بين الجيتار الكهربائي والعادي لا بدّ من الحديث عن الجسم أو المواد الأساسية؛ إذ تتم صناعته من مجموعة متنوعة من المواد الخام؛ منها الأخشاب الصلبة عالية الكثافة؛ مثل الجوز والرماد والقيقب والماهوجني،؛ إذ يدخل الخشب في صناعة العنق، كما يدخل في صناعته الغراء المُستخدم لتثبيت القطع، إضافةً إلى طلاء النيتروسليلوز، كما يُعتبر الكروم من المواد الخام أيضًا.
يتميز الجيتار الكهربائي بحجمه الكبير الناتج عن الجسم الصلب المزوّد باللواقط المغناطيسية، المتصلة بالأوتار التي يسبب اهتزازها إنشاء نبضات كهربائية تنتقل إلى مُضخمات الصوت؛ لذلك يجب أن يكون الالتقاط مُستقرًا ولا يتأثر باهتزازات الجسم؛ لذلك كانت الجيتارات القديمة المُكوَّنة من جسم أجوف تُسبّب تشوّهات في الصوت؛ لذا يتم اعتماد الخشب عالي الكثافة لصناعة الجيتارات بسبب الحاجة للمزيد من الاستقرار وهذا ما يميزّه عن الأنواع الأُخرى.
ما هي أنواع الجيتار الكهربائي؟
لا يختلف كثيرًا عن الأنواع الأُخرى؛ إذ يتم صناعة الأوتار من الفولاذ لكنّه يحتاج إلى مُكبّر صوت؛ لأنّ جسمه لا يحتوي على المُكبّرات، كما تُستخدم الريشة في العزف عليه، ويُستخدم لعزف جميع أنواع الموسيقى بسبب اعتماده على ايقاع الموسيقى، ومن أهم أنواعه:
- جيتار كهربائي بهيّكل صلب: هذا النوع من الجيتارات لا يحتوي على تجويف داخلي لاستيعاب الاهتزازات؛ لذلك فهو يُنتج أصواتًا مُنخفضةً عند تشغيله بدون مُضخمات الصوّت، لكن يُسمح لأوتاره بالاهتزاز لفترة أطول، في حين تُصنع أدواته من الخشب الصلب الذي يتم تجفيفه في خزّان ساخن قبل التشكيل لمدة تتراوح بين 3-6 أشهر، كما تعمل الالتقاطات على تحويل الاهتزازات إلى إشارات كهربائية تنتقل إلى مُكبّرات الصوّت.
- جيتار شبه أجوف: يتضمّن هذا النوع جسمًا مُجوّفًا يتم إنتاج شحنات كهربائية عليه، ويعمل بطريقة مشابهة للجيتار ذي الجسم الصلب، كما يُحقّق تعاونًا بين الجسم الصلب والجسم المُجوّف ويكون أشبه بالجسم الصلب ويشتمل على فتحتين للصوت.
- الجيتارات الصوتية الكهربائية: يُمكن اعتبار هذا النوع جيتارًا صوتيًا أكثر من كهربائي؛ لأن الالتقاطات لا تُنتِج إشارات مباشرة ويتم توصيلها بأجهزة صوتية لالتقاط الصوت بدلًا من استخدام الميكرفون، ويتم أحيانًا تزويده بمقبض كهربائي أو ميكروفون مُنخفض الكتلة.
أنواع أُخرى
تختلف بعض أنواع الجيتارات من حيث أنواع العُنق وعدد الأوتار على الشكل التالي:
- الأوتار: يعتبر الجيتار المُكوَّن من 6 أوتار مزدوجة هو الأكثر شيوعًا، لكن بعض الأنواع تحتوي على 4 أوتار أو 5 للسماح بالوصول إلى النغمات الأعلى، كما يوجد أنواع نادرة تحتوي على 7 أوتار.
- العُنق: يوجد أنواع مختلفة من الجيتارات بحسب العُنق؛ فبعضها يتكوّن من عُنق مزدوج يتيح للعازفين الاستفادة من 6 أوتار وعزف أنواع مختلفة من الموسيقى دون الحاجة إلى تبديل الجيتار.
ما هي مكوّنات آلة الجيتار الكهربائي؟
يتكوّن من مجموعة من الأدوات والمُكوّنات التي سنتحدث عن أهمها في النقاط التالية:
- الرأس: يحتوي على رؤوس المفاتيح المُستخدمة لضبط الأوتار.
- الأوتار: تمتد من الرأس إلى الفُرسة.
- الصندوق: يُعتبر الجزء الأكبر والأهم، وهو المسؤول عن إخراج الصوت وتضخيمه وصفاته.
- الفرسة: قطعة موجودة على الصندوق وترتبط بنهاية الأوتار.
- الجوز أو الرقبة: وهو شريط رفيع مصنوع من المعدن أو العاج أو البلاستيك يضم فجوات لتثبيت الأوتار عليها.
- الحَنق: شرائط معدنية رفيعة تساعد على إيقاف الأوتار عند الضغط عليها.
طريقة إصدار الصوت
عند البحث عن الفرق بين الجيتار الكهربائي والعادي يجب الحديث عن آلية إخراج الصوت، التي تحدث في الأنواع الكهربائية عن طريق النقر على أوتارها فيُولّد تيارًا كهربائيًا صغيرًا في الالتقاطات المغناطيسية، وهي عبارة عن مغناطيس مُكوّن من لفائف أسلاك دقيقة، بعدها يتم إرسال التيار عبر الكابل إلى مُكبّر الصوت، يتناسب التيار مع مقدار الحركة وكثافة الخيط، كما يتأثر مقدار الاهتزاز بعِدّة عوامل؛ أهمها تكوين جسم الجيتار وعدد الملفات المغناطيسية؛ إذ يتكوّن بعض الأنواع من ملف واحد فيما تحتوي بعضها على ملف مزدوج.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يمكن تعلّم العزف على العود بسهولة؟
هل تختلف الآلات الموسيقية بأنواعها وأشكالها؟