تحقيق مسبار
تتعدد فوائد الملح البحري المُستخرج من مياه البحر والمُستخدم في العديد من المطابخ العالمية والعربية، بل إنّه المُفضّل لدى العديد من الأشخاص لاعتقادهم بأنه مُفيدٌ أكثر من أنواع الملح الأُخرى؛ حيث يُستخدم في العديد من المجالات الصحية والصناعية، كما يُعرف هذا الملح أيضًا باسم الملح العضوي، لكن ما هي فوائده، وما هي أضراره وكيف يتم استخراجه؟. كل هذه الأسئلة سنجيب عنها بالتفصيل في مقالنا الحالي وفق نتائج أبحاث ودراسات علمية مُثبتة.
هل فوائد الملح البحري العضوي مُثبتة علميًا؟
تُعتبر فوائد الملح البحري مُثبتةً علميًا بحسب دراسات وأبحاث مُؤكّدة؛ إلّا إنّه لا يوجد دراسات كافية تُؤكّد فائدته أكثر من الملح العادي المُستخدم بشكل شائع في المطابخ العالمية؛ إذ تُشير الدراسات إلى نتائج متضاربة في هذا المجال؛ إلّا إنّ معظمها تُؤكّد اشتراكهما في نفس الفوائد والأضرار وما دون ذلك يعود إلى رغبة الناس وتفضيلهم لنوع معين دون الآخر. لكن بالمجمل فإنّ الموائد العربية والعالمية لا تخلو مُطلقًا من أحد أنواع الملح، وعند الحديث عن الفوائد والأضرار فنحن نتحدث عن استخدامه ضمن نطاق مُعيّن بحسب توصيات الخبراء؛ إذ يحتاج الأطفال والبالغين إلى كمية من الملح تُعادل 2300 غم تقريبًا، وهي الكمية الموجودة في ملعقة طعام صغيرة، لكن بعض الأشخاص المُصابين بأمراض ارتفاع ضغط الدم والسكّري وأمراض الكلى يجب عليهم تقليل الكمية إلى 1500 غم يوميًا.
ما هي فوائد الملح البحري؟
يتكوّن الملح البحري والملح العادي من مُركّبات كلوريد الصوديوم، وهي مُركّبات تُنظّم ضغط الدم وتوازن السوائل في الجسم. يتم الحصول على الملح البحري عن طريق تبخير مياه البحر، ويُعتبر أقلّ مُعالجةً من الملح العادي، هذا ما يجعله يحتفظ بالمعادن المتعددة؛ مثل البوتاسيوم والكالسيوم والحديد، كما أنّ حجم حُبيّباته أكبر من الملح العادي؛ لذلك تحتوي ملعقة الطعام منه على كميّة أقلّ من كلوريد الصوديوم؛ إلّا إنّ هذه الاختلافات البسيطة لا تجعله أكثر فائدةً؛ لأنّ كمية الصوديوم لا تُحدث فرقًا كبيرًا، فضلًا عن أن تركيز المعادن فيه يُعتبر قليلًا نسبيًا؛ لذلك يجب تناول كميات كبيرة للحصول على هذه الفوائد، بينما يُمكن الحصول على نفس الفوائد من خلال مجموعة أُخرى من الأطعمة. من أهم فوائد الملح البحري نذكر ما يلي:
- ترطيب الجسم وتنظيم ضغط الدم: يُساعد في الحفاظ على مستويات الماء في الجسم ويُنظّم ضغط الدم؛ لأن كلوريد الصوديوم مسؤول عن توازن السوائل في الجسم ويُحافظ على رطوبته؛ لذلك فإنّ تقليله في الطعام يُسبّب الجفاف، خصوصًا أثناء ممارسة الأنشطة البدنية والتمارين الرياضية، لكن من الضروري معرفة أن الجسم لا يحصل على الصوديوم من الملح فقط بل يحصل عليه من مجموعة أُخرى من الأطعمة.
- الحفاظ على وظائف الجسم: تحتاج خلايا الجسم لكميّة من الكهارل، وهي مجموعة من المعادن مثل المغنيسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم، وهي عناصر ضروريّة للمحافظة على صحة الجسم وتنظيم عمل الأجهزة الرئيسي؛ إذ لا يُمكن للأجهزة المتنوعة العمل بدون وجودها، ومن مهامّها تنظيم ضربات القلب والتحكّم في انقباض العضلات؛ لذلك يُحذر الأطباء بشِدّة من نقص الملح والكهارل؛ لأنها تُسبّب مجموعةً كبيرةً من الأمراض والمُضاعفات الخطيرة التي تُؤدي إلى الوفاة أحيانًا.
- الحفاظ على سلامة الجهاز العصبي: يُعتبر الصوديوم المسؤول عن نقل الإشارات العصبية بين الدماغ وأعضاء الجسم المختلفة؛ لذلك فإن تناوله باعتدال يُحافظ على سلامة الدماغ والعضلات والجهاز العصبي.
- تنشيط الجهاز الهضمي: يُعتبر الملح البحري والعادي المُكوّن الأساسي لحمض المعدة؛ لذلك فإن تناوله باعتدال يساعد على إنتاج كميات مناسبة منه، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على جميع أعضاء الجسم؛ لأنّ هذا الحمض مسؤول عن امتصاص العناصر الغذائية الضروريّة والمعادن الأساسية في الجسم.
الفوائد المحتملة
بالرغم من أنّ فوائد الملح البحري مُثبتة من ناحية علمية؛ إلّا إن بعض الفوائد كان لها نتائجًا مُتضاربةً؛ إذ يعتبر بعض الخبراء أنّ هذه الفوائد ترتبط بمُكوّنات الملح البحري الأُخرى الموجودة، فيما يعتبرها آخرون فوائدًا للملح نفسه؛ ومن هذه الفوائد:
- تعزيز صحة الأمعاء: تناول كمية معتدلة من الملح يُعزّز صحة الأمعاء ويُسهّل حركتها؛ إذ أشارت دراسة علمية أن تناول الماء المُملّح قبل إجراء عمليات تنظير القولون يُحسّن من حركة الأمعاء؛ وذلك بالرغم من عدم وجود دراسات كافية تُؤكّد فائدته لوحده في ذلك.
- تحسين صحة الجلد والالتهابات: بعض الدراسات تُشير إلى فوائد الملح العضوي في تقليل الالتهابات الجلدية والإكزيما والصدفية عن طريق الاستحمام بالماء المالح، لكن لا يوجد دراسات تُثبت أن ملح البحر حصرًا يُقدّم هذه الفائدة. فيما أثبتت دراسة أُجريت على أشخاص استخدموا مياه البحر الميت في الاستحمام أنّها ساعدت بالفعل على ترطيب الجلد وتقليل خشونته وجفافه أكثر من الاستحمام بالمياه العادية، لكن بعض الباحثين أرجعوا هذه الفائدة للمُكوّنات الأُخرى؛ مثل المغنيسيوم الموجود في مياه البحر الميت وليس للملح فقط، كما أشارت دراسات أخرى إلى أن تركيز الملح العالي في الجسم والجلد يزيد عدد الخلايا المناعية التي تُهاجم الجسم وتُسبب الالتهابات والحكّة والجفاف؛ لذا يُمكن القول إن فائدة الحمّامات المالحة تعتمد بشكل كبير على تركيز المعادن الأُخرى في الملح، وهذا ينطبق بشكل كبير على أملاح البحر الميت والبحار الأُخرى.
- تعزيز عمل الغدة الدرقية: تعتبر الغدة الدرقية المسؤولة عن عملية التمثيل الغذائي؛ لذلك فهي تحتاج إلى كمية معتدلة من الملح الغنيّ باليود الذي تتم إضافته أثناء عمليات المعالجة للعمل بشكل صحيح، لكن هذه الفائدة مُختصّة باليود فقط؛ لذلك يجب الحرص على تناول الملح المُعالج باليود، لأنّ نقصه يُقلّل من إنتاج هرمون الغدة الدرقية مُسببًا مجموعةً من الأعراض؛ مثل التعب والإمساك وصعوبة التفكير والحساسيّة للبرد.
فوائد أملاح البحر الميت
عند الحديث عن فوائد الملح البحري يتبادر إلى الذهن مباشرةً استخدام أملاح البحر الميت في العديد من المجالات الطبية؛ إذ يعتبر من أهم الأماكن العلاجية في العالم بسبب فوائد أملاحه في علاج الحالات الجلديّة المُستعصية مثل الصدفية والأكزيما، واستخدامها في علاج أمراض التهاب المفاصل والالتهاب الروماتويدي، وهي عبارة عن أمراض مناعية تجعل جهاز المناعة يُهاجم الأعضاء المختلفة في الجسم؛ إذ يُمكن إضافة كوب من أملاح البحر الميت إلى حوض الاستحمام الدافئ أو الساخن، كما أن هذه الأملاح تُستخدم بكثرة في مجال العناية بالبشرة وصناعة المنتجات الطبية مثل الماسكات والكريمات والصابون، وهذا سبب استخدام طين البحر الميت الذي يحتوي على كمية كبيرة من الأملاح في صناعة منتجات العناية بالبشرة، كما يُمكن تطبيقه مباشرةً على الجلد.
ما هي أضرار الملح البحري؟
يُعتبر الملح ضروريًا للجسم ولتنكيه الأغذية المتنوعة، لكن الإفراط في استخدامه يُسبّب مجموعةً من الأضرار؛ أهمُّها:
- ارتفاع ضغط الدم: الاستهلاك المُفرط للملح يُسبب ارتفاع ضغط الدم والتعرّض لمشاكل القلب والأوعية الدموية؛ وبالتالي زيادة مخاطر الإصابة بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية، لتقليل هذه المشكلة يُمكن زيادة تناول البوتاسيوم الذي يُقلّل تركيز الصوديوم في الجسم وبالتالي تعزيز استرخاء الأوعية الدموية.
- زيادة احتباس السوائل: الإفراط في تناول الصوديوم يُسبّب عجز الكلى عن تصفية الصوديوم الزائد، الذي يُسبّب احتفاظ الجسم بالسوائل لتخفيف تركيزه مُسببًا انتفاخ الجسم، خصوصًا الأطراف.
- ارتفاع خطر الإصابة بهشاشة العظام: الإفراط في تناول الملح يُسبّب فقدان الكالسيوم بشكل أكبر عن طريق التبوّل؛ فيعمل الجسم على استخلاص الكالسيوم من العظام مُسببًا هشاشتها.
- زيادة مخاطر الإصابة بسرطان المعدة: حيث أشارت دراسة نُشرت عام 2014 في مجلة (Cancer Treatment and Research) وبحث سابق نشرته المجلة البريطانية للسرطان، إلى أن الإفراط في تناول الملح يرتبط بشكل كبير بمخاطر الإصابة بسرطان المعدة.
ما هي استخدامات الملح البحري؟
يدخل الملح بكل أنواعه في العديد من المجالات والاستخدامات؛ ومنها:
- إضافة النكهة للطعام: لا يمكن تناول الأطعمة المتنوعة بدون ملح.
- حفظ الأطعمة: يُعتبر تناول الملح لحفظ الأطعمة المختلفة شائعًا منذ القدم؛ إذ كان يُستخدم في حفظ اللحوم والدواجن والأسماك، كما يُستخدم في حفظ الخضار على شكل مُخلّلات.
- الصناعات المختلفة: يُستخدم الملح بشكل شائع في الصناعات المختلفة؛ مثل الدباغة والصباغة وإنتاج الفخار والكلور والصابون والتبييض، كما أصبح يُستخدم حديثًا في الصناعات الكيميائية.
الاستخدامات الصحيّة للملح العضوي
يُمكن استخدام الملح البحري في علاج مجموعة من المشاكل الصحيّة بسبب فوائد الملح البحري للصحّة، ومن أهم هذه الاستخدامات:
- علاج الظفر النامي: وهي حالة صحيّة تحدث بسبب انحناء حواف الأظافر وانغراسها في الجلد؛ إذ يُمكن نقع القدمين في الماء المالح الدافئ عن طريق إضافة ملعقة ملح صغيرة لكل 230 مل ماء، وتكرار العملية عِدّة مرّات يوميًا لحين اختفاء الأعراض، كما يُمكن وضع مرهم يحتوي على مضادّ حيوي على الظفر.
- علاج قروح كونكر: يُمكن استخدامه لعلاج التقرّحات الفموية البيضاء في الفم، التي تُسبّب الألم، عن طريق خلط ملعقة صغيرة من الملح مع كوب ماء دافئ والمضمضة فيها عِدّة مرّات يوميًا.
- علاج انسداد الأنف: يُعتبر استخدام الملح العضوي شائعًا في فصل الشتاء وفي مواسم انتشار الإنفلونزا؛ إذ يُمكن استخدامه كمُطّهر ومُعقّم للأنف لتقليل الالتهاب وسيلان الأنف والقضاء على الفيروسات، وهذا سبب توفر المحاليل الملحيّة في الصيدليات.
- التخفيف من التهابات الحلق: تُساعد الغرغرة بالماء المالح في تقليل أعراض التهاب الحلق وتخفيف التورّم والخدوش فيه.
اقرأ/ي أيضًا:
هل فوائد السمسم للنساء تقتصر على الحوامل؟