` `

هل يختلف تاريخ ظهور الموسيقى العربية الكلاسيكية عن الأجنبية؟

موسيقى
3 فبراير 2022
هل يختلف تاريخ ظهور الموسيقى العربية الكلاسيكية عن الأجنبية؟
الموسيقى العربية الكلاسيكية ظهرت في القرن العشرين (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

الموسيقى العربية الكلاسيكية نوعٌ من أنواع الموسيقى المتنوعة المشهورة في الدول العربية التي تشترك في النظريات والآلات الموسيقية، ويُمكن تعريفها بأنها الموسيقى النموذجيّة التي ترتبط بشكل وثيق مع نظريات الموسيقى الفارسيّة والحضارات الأُخرى. وتتأثر هذه الموسيقى بالثقافات التي مرّت عليها منذ القدم؛ مثل الحضارة المصريّة القديمة والحضارة الرومانيّة وغيرها، كما تأثرت في منتصف ونهايات القرن العشرين بالموسيقى الشعبيّة الأمريكيّة مثل موسيقى الجاز، وهذا سبب ظهور أنواع عديدة من الموسيقى العربية لكلّ منها ميّزات مُعيّنة وآلات مختلفة. سنتحدث في هذا المقال عن نوع مُعيّن وهو الموسيقى الكلاسيكية وتاريخ ظهورها وكلاسيكيّاتها المتنوعة استنادًا إلى أبحاث ودراسات علميّة مُؤكّدة.

ما هي المُميّزات الرئيسية للموسيقى العربية؟

تتميّز الموسيقى العربية بعِدّة ميّزات أساسيّة؛ أهمّها:

  • اعتبارها نسيجًا لحنيًا يُظهر الفروق الفردية والارتجال.
  • الاعتماد على نظام المقام في التنغيم واللحن.
  • اعتمادها على الآلات الإيقاعية لإنتاج مجموعة من الإيقاعات التي لا يُمكن عزفها على الآلات الغربية.
  • وجود أجراس على الآلات الوتريّة وآلات النفخ.
  • الجمع بين الموسيقى المتريّة واللامتريّة.
  • اعتبارها موسيقى لحنيّة بالكامل ومُزخرفة، كما يُعتبر الغناء المرآة الحقيقيّة للموسيقى العربية التي تُرافق المُطربين عادةً ويُعزف معها بانسجام.

ما هي أهم آلات الموسيقى العربية الكلاسيكيّة؟

يُمكن عزف هذا النوع من الموسيقى بشكل مُنفرد أو بواسطة فرقة موسيقيّة متكاملة، وتُعتبر التخت هي الفرقة الموسيقيّة التمثيليّة للموسيقى العربية في دول الشرق الأوسط، وتشمل الأدوات الموسيقية في التخت العود والكمان والقانون والنايّ واثنتين من آلات الإيقاع؛ مثل الدربوكة والرّيك، ويمكن توضيح كلّ منها على النحو الآتي:

  • العود: يُعتبر العود أهمّ آلة موسيقية تقليديّة في الشرق الأوسط بحسب رأي العديد من المُختصّين، ويعود أصلها إلى أكثر من 5000 عام في آسيا الوسطى.
  • النايّ: هو عبارة عن فلوت منفوخ مصنوع من قصب السكر أو الخيزران، يتم العزف عليه من خلال حركات خفيفة للشفاه والرأس؛ إذ يستطيع العازف عزف جميع النغمات اللازمة للعديد من المقامات الموسيقيّة.
  • القانون: وهو عبارة عن آلة على شكل شبه مُنحرف تنتج مجموعةً من النغمات.
  • آلات القرع: وهي مجموعة من الآلات التي تنتج أصواتًا مختلفة؛ ومنها الدربوكة والرقّ البندر.

هل يختلف تاريخ ظهور الموسيقى العربية الكلاسيكية عن الأجنبية؟

نعم يختلف؛ لأن الموسيقى الكلاسيكية الأجنبية ظهرت في القرن التاسع عشر؛ إلّا إنّ الموسيقى العربية الكلاسيكية ظهرت في القرن العشرين على يد مجموعة من الموسيقيّين العرب المُتأثرين بالحضارات المتنوّعة الغربيّة وحضارات مصر القديمة والرومان، أمّا تاريخ ظهور الموسيقى العربيّة بشكل عام فيعود إلى ما قبل ذلك بكثير، فقد تطوّرت على مرّ العصور كما في التسلسل التالي:

  • فترة ما قبل الإسلام: ظهرت الموسيقى العربية في عصر الجاهليّة بين القرنين الخامس والسابع الميلادي ولها جذورٌ عميقةٌ في الشعر العربي؛ بالرغم من عدم وجود دراسات تُؤكّد وجودها في ذلك الوقت، وقد استدلّوا على ذلك بإلقاء الشعراء لقصائدهم على إيقاعات ونغمات موسيقية عاليّة، كما لعبت الموسيقى دورًا كبيرًا في طرد الأرواح الشريرة؛ إذ كانوا يعتقدون أن الجنّ ينزل القصائد للشعراء ويُنزل الألحان الموسيقيّة للموسيقيّين، وكان الشعراء يُلقون قصائدهم في الجوقة التي تُعتبر بمثابة مرفق تربويّ، لكن هؤلاء الشعراء لم يعملوا على غناء القصائد بل كانت النساء ذوات الصوت الجميل تُكلّف بهذه المُهمّة ويتعلمنّ طريقة العزف على الآلات الموسيقية المتنوعة؛ مثل العود والطبل والربابة، لكن الألحان في ذلك الوقت كانت بسيطة للغاية وكان الغناء يتم في مقام واحد.
  • الفترة الإسلامية المبكرة: ظهر المقام العربي وهو عبارة عن نظام الأنماط اللحنيّة المُستخدم في الموسيقى العربية الكلاسيكية، وكلمة مقام تعني محطّة وهي تُشير إلى نوع لحن مبنيّ على مقياس، وتستند جميع المؤلّفات في الموسيقى التقليدية على نظام المقام ويتم تحقيق المقامات بالآلات الموسيقية أو بالموسيقى الصوتيّة؛ إذ تمّ تأليف مجموعة من المؤلفات والكُتب الموسيقيّة؛ ومنها:
    • مؤلفات الكندي: الذي كان أوّل مُنظّر للموسيقى العربية وتجاوز ما حقّقه اليونانيون في استخدام الشُروح الأبجديّة؛ حيث نشر 15 رسالةً في نظريّة الموسيقى؛ إلّا إنّ خمسة منها فقط نجت، كما يُعتبر أوّل من استخدم كلمة موسيقى التي أصبحت تدلّ لاحقًا على الموسيقى باللغات العربيّة والفارسيّة والإنجليزيّة.
    • مؤلفات أبي الفرج: كتب أبو الفرج كتاب الأغاني الذي يُعتبر موسوعةً من القصائد والأغاني تصل إلى 20 مجلدًا.
    • الفارابي: ألّف كتابًا بارزًا عن الموسيقى باسم كتاب الموسيقى الكبير في القرن الثامن.
  • الموسيقى الكلاسيكية الأندلسية: ظهرت في القرن الحادي عشر حين أصبحت إسبانيا مركزًا لتصنيع الأدوات الموسيقية، التي انتشرت تدريجيًا ف أنحاء فرنسا ثم وصلت إلى بقيّة أنحاء أوروبا.
  • الموسيقى العربية في القرن السادس عشر: نشر بارتول جيورجيو فيتس في الفترة بين عام 1506-1566 كتابًا وصف فيه الموسيقى في المجتمع الإسلامي بعد أن أمضى ثلاثة عشر عامًا في الإمبراطورية العثمانيّة.
  • الموسيقى العربية في الهند: ظهرت الفرق الموسيقية التي تضمّ مجموعةً من الموسيقيين العرب، كما ظهرت رسومًا ودلالات تشير إلى وجود أصل لهذه الموسيقى منذ عام 200 قبل الميلاد.
  • الموسيقى الحديثة المُبكّرة بالقاهرة: كانت الموسيقى في هذه الفترة جزءًا أساسيًا من المجتمع؛ حيث استخدمها التجّار والعديد من العُمّال وكانت مستمدة من التقاليد الهندية واليونانية والفارسية؛ إلّا إنّ أبرز ما كان يميّزها تقسيمها إلى ثلاث نغمات. كانت الأغاني في هذه الفترة تتصف بالبساطة وتتشابه في الصوت ويتم تأليفها من بضع نغمات فقط، وكان يُطلق على الموسيقيّين لقب الآلاتي وتعني العازف، فيما كان الآلاتي في تلك الفترة سيء السمعة لكنهم يجدون أعمالًا في الحفلات الترفيهية, أمّا الموسيقيّات الإناث فكان يُطلق عليهنّ لقب العمّة أو العَوَام وكنّ يُحقّقن رواتبًا أكثر من الذكور.
صورة متعلقة توضيحية

ظهور الموسيقى العربية الكلاسيكية في القرن العشرين

تُقسم الموسيقى العربية إلى مجموعة من الأنماط والأنواع؛ منها الموسيقى العربية الكلاسيكية والموسيقى العلمانيّة والموسيقى المُقدّسة وموسيقى البوب؛ إذ تأثرت هذه الأنواع بالثقافات المتنوعة التي تداخلت معها؛ لذلك تُعتبر مزيجًا بين موسيقى العرب وموسيقى الشعوب الأُخرى التي سكنت العالم العربي، وهذا سبّبَ تداخلها كما سبّبَ تطوّر المجالات الفنيّة الأُخرى المتنوعة.

كانت مصر الأولى في الدول العربية التي شهدت تطوّرًا للموسيقى؛ حيث تمّ استبدال الموسيقى التركية بالموسيقى المصرية الوطنية وأصبحت القاهرة مركزًا للابتكار الموسيقي، وكانت أم كلثوم من أوائل الموسيقيّات اللواتي اتخذنّ نهجًا علمانيًا، ثم تبعتها فيروز وكلاهما يعتبران من أساطير الموسيقى العربية.

تغريب الموسيقى العربية

بدأت عملية تغريب الموسيقى العربية وظهور أنواع جديدة خلال خمسينيّات القرن الماضي، وكانت البداية مع عبد الحليم حافظ، ثم تبعه بعض الفنانين بحلول سبعينيّات القرن الماضي إلى أن نشأت فرقة من موسيقى البوب ​​العربية، التي تتكوّن من أغاني غربيّة مصحوبة بآلات وكلمات عربيّة، واتخذ هذا النوع من الموسيقى مجموعةً من الفنانين العرب في تسعينيّات القرن الماضي كان من أشهرهم عمرو دياب، مصطفى قمر، سميرة سعيد وغيرهم من الفنانين الذين اشتهروا في تلك الفترة.

ما هي خصائص الموسيقى العربيّة؟

من أهم خصائص الموسيقى العربية تركيزها على اللحن والإيقاع بدلًا من التناغم، كما تتميّز بتجانس الصوت بالرغم من وجود بعض الأنواع مُتعدّدة الألحان، كما أنها تتميّز بخمسة مكوّنات هي:

  • نظام النغمة العربية: وهو نظام اخترعه الفارابي ويعتمد على تراكيب فاصلة مُحدّدة.
  • نظام الهياكل الإيقاعية: وتُعرف بالأوزان وهي هياكل زمنيّة إيقاعية تُنتِج مجموعةً من الأنماط الإيقاعية، تُستخدم هذه الهياكل عادةً لمرافقة الأنواع الصوتيّة لإعطائها الشكل.
  • تنوّع الآلات الموسيقية: تستخدم مجموعةً من الآلات الموسيقية الموجودة في العالم التي يُعزف عليها بتقنيات مُوحّدة وتُعرض بتفاصيل مُشابهة في البناء والتصميم.
  • تنوّع السياقات الاجتماعية: تتميّز بإنتاج فئات فرعيّة أو أنواع تُقسّم على أنها ريفيّة أو حضريّة أو بدويّة يُمكن التعرّف عليها بسهولة بعد سماعها.
  • التجانس الجمالي: تتصف الموسيقى العربية بتجانس البُنى النغميّة والإيقاعيّة الزمانيّة في جميع أنحاء العالم العربي .

ما هي أهم كلاسيكيّات الموسيقى العربية؟

تتنوّع قوالب الموسيقى الكلاسيكيّة العربية التي يبني عليها المؤلّف أو العازف ألحانه الغنائية، التي تُعطي للألحان شكلًا معينًا يُحدّد مساره، ويمكن تقسيمها لعِدّة قوالب أساسية؛ هي:

  • الموشحات: وهي واحدة من القوالب المُركّبة المبنيّة على إيقاعات عرجاء وعلى الشعر الفصيح وتُسمّى بالموشحات الأندلسية، يتم تأديتها عادةً عن طريق مُطرب يُكرّر الجملة مرّات عِدّة مع تغيير المقامات في كلّ مرّة يُرافقه عادةً فرقة موسيقية تُعيد الجملة خلفه، وقد اشتهرت في تاريخ الموسيقى العربية مجموعةً كبيرةً من الموشحات؛ منها موشح ملا الكاسات لمحمد خيري.
  • القدود: وهي قالب بسيط من حيث البُنية اشتهر في حلب ومنها إلى بقية الوطن العربي، يتم تأديتها بعد القصائد والموشحات وتكون لغتها العامية الحلبيّة أو المصرية، ويمكن حفظ كلماتها بسهولة، ومن أشهر مُؤدّي القدود محمد خيري في وصلته الشهيرة أول عشرة محبوبي.
  • الدور: يُعتبر من القوالب التي انتشرت بشكل كبير منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى ثلاثينيات القرن العشرين في مصر، كما يُعتبر من القوالب المُعقّدة من حيث بُنيتها ويُقدَّم باللغة العامية ويتم تأديته قبل المقاطع الغنائية؛ ومن أشهر الأمثلة عليه دور أنت فاهم لسعاد أحمد، ودور أحب أشوفك كل يوم  للمُطرب محمد عبد الوهاب.
  • الطقطوقة: تُعتبر من الأغاني القصيرة التي لا يتجاوز طولها 4 دقائق ويتم تكرار عِدّة مقاطع فيها، تتميّز الطقطوقة بلحنها وكلماتها السهلة؛ ومن أهم الأمثلة عليها طقطوقة حيرانة ليه للمطربة ليلى مراد.
  • الأغنية: تُسمّى بالأغنية الطويلة وهي نوع من الموسيقى ظهر في أواسط القرن العشرين، تتميّز بأداء المطرب لأغنية طويلة مُدّتها تصل إلى ساعة أو أكثر باللغة الفصحى أو العامية؛ حيث يتم فيها الانتقال بين المقامات المتنوعة؛ ومن أشهر مؤدي هذا النوع المطرب عبد الحليم حافظ والمطربة أم كلثوم.
  • القصيدة الملّحنة: ظهر في أواسط القرن العشرين نوع جديد يتمثل في تلحين القصائد ذات الوزن والقافية وتأديتها بواسطة مطرب؛ ومن أهم المطربين الذين اشتهروا بهذا النوع المطربة أم كلثوم التي أدّت قصيدة الأطلال.
  • المونولوج: ظهرت المونولوجات في أواسط القرن العشرين وهي أغنية مبنيّة على قالب غربي يتم فيها تأدية حوار بين الشخص ونفسه، يتميّز باحتوائه على عدد كبير من الأنغام والجمل؛ ومن أهم الأمثلة عليها مونولوج يا طيور الذي قدّمته المُطربة أسمهان.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يوجد فوائد للموسيقى الهادئة؟

هل يوجد فرق بين الجيتار الكهربائي والعادي؟

هل تختلف الآلات الموسيقية بأنواعها وأشكالها؟

هل مؤلفات بيتهوفن من أشهر الموسيقى الكلاسيكية العالمية؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على