تحقيق مسبار
تؤدي حركة الأرض حول محورها إلى العديد من الظواهر الطبيعية التي يعرفها الإنسان ويعتمد عليها في حياته اليومية، ويُوضّح هذا المقال بعضًا من أبرز الظواهر المُرتبطة بحركة الأرض حول محورها، كما يُبيّن بعضًا من الحركات الأُخرى للأرض؛ بما في ذلك حركاتها حول الشمس مع بيان سبب دورانها حول الشمس أيضًا.
هل الليل والنهار ينتج عن حركة الأرض حول محورها؟
تدور الأرض حول محورها من جهة، وتدور حول الشمس من جهة أُخرى، وينتج كلٌّ من الليل والنهار عن الدوران حول المحور بالفعل، وهي حركةٌ دائمةٌ على مدار الساعة، وتنتهي الأرض من الدوران حول محورها دورةً كاملةً مرةً واحدةً كل 24 ساعة. وربما يختلف الليل والنهار طولًا وقُصرًا على مدار السنة نتيجةً لابتعاد محور الأرض من الشمس واقترابه منها.
من هو العالِم الذي اكتشف دوران الأرض حول محورها؟
وضع عالم الفلك البولندي نيكولاس كوبرنيكوس نظريةً تُبيّن حركة الأرض حول محورها، بينما كان يعتقد الآخرون -في ذلك الوقت- بأن الأرض محور للكون، وأن الشمس والأجرام الأُخرى تدور حولها، كما أنه افترض دوران جميع الكواكب الأُخرى حول محورها أيضًا، لكن نظريته واجهت الكثير من ردود الفعل، ويُمكن تلخيص هذه النظرية بالآتي:
- مركز الأرض: ظن المختصون سابقًا أن الأرض مركز الكون، لكن نيكولاس كوبرنيكوس افترض بأن الأرض مركز للجاذبية الأرضية والقمر فحسب، وليست مركزًا لغيرها من الكواكب والأجرام الموجودة في السماء.
- ثبوت الشمس: افترض نيكولاس كوبرنيكوس أن الشمس ثابتة وجميع الكُرات الأُخرى في الكون تدور حولها، وكان يرى بأن جميع الكواكب دائرية وتدور في مدارات دائرية أيضًا؛ إلّا إنّ ذلك لم يكن صحيحًا.
- الأرض تتحرك أكثر من حركة: يرى البولندي نيكولاس كوبرنيكوس بأن الأرض تتحرك عِدّة حركات لا حركةً واحدةً؛ هي حركتها حول محورها، بالإضافة إلى دوران الأرض حول الشمس في مدار كروي.
- النجوم ثابتة: تُبيّن نظرية نيكولاس كوبرنيكوس ثبات النجوم، وأمّا ملاحظة حركتها من قِبل البشر؛ فذلك لأن الأرض تدور وليس لأن النجوم تتحرك.
هل تدور الكواكب الأُخرى كما تدور الأرض حول محورها؟
ينتج عن دوران الأرض حول محورها كلًّا من الليل والنهار، ويستغرق ذلك 24 ساعة فحسب، كما أن الكواكب الأُخرى تدور حول محورها بالفعل وينتج عن ذلك الليل والنهار في العديد من تلك الكواكب أيضًا، لكن المدة الزمنية التي يستغرقها اليوم الكامل تختلف بين كوكبٍ وآخر؛ فإن اليوم الواحد في كوكب عُطارد يبلغ 176 يومًا على كوكب الأرض، ويمكن لكوكب المريخ الدوران حول محوره دورةً كاملةً خلال 24.6 ساعة، ويستغرق بلوتو 6.4 يومًا للدوران مرةً واحدةً حول محوره.
ماذا ينتج عن دوران الأرض حول محورها؟
تُولّد الجاذبية التي يتعرض لها كوكب الأرض من القمر ظاهرةً تُعرف باسم الانتفاخ؛ ذلك على الجانبين البعيد والقريب من القمر، وهو ما يؤدي إلى ظاهرة المد، وعند دوران الأرض حول محورها يختلف مكان الانتفاخ بشكلٍ دوري، ويتسبب ذلك بارتفاع منسوب المياه في الأماكن الواقعة في منطقة الانتفاخ، أمّا الأماكن التي تبتعد عن الانتفاخ المذكور؛ فإن منسوب المياه ينحسر فيها، ويُعرف هذا الانحسار باسم الجزر. هذا يعني أن ظاهرة المد والجزر تنتج عن سببين: أحدهما جاذبية القمر، والآخر حركة الأرض حول محورها. وتتمثل أهمية وفوائد ظاهرة المد والجزر بما يأتي:
- تحسين جودة الحياة البحرية: يُسهم المد والجزر في إزالة الملوّثات من المسطحات المائية، كما أنه يساعد على وصول العناصر الغذائية التي تحتاجها الحيوانات والنباتات البحرية في المُحيطات حتى تبقى على قيد الحياة أيضًا.
- المساعدة على تقدّم السفن: يؤثر المد والجزر على تقدّم السفن في البحار والمُحيطات بشكلٍ كبير، ويُمكن أن يساعد على تقدّم السفينة في حين يعرقل تقدّمها في أحيانٍ أُخرى، وإذا فُهمت هذه الظاهرة جيدًا؛ يُمكن لذلك أن يساعد على تحسين حركة السفن.
- توليد الطاقة: تُعد الطاقة الكهربائية التي يتم توليدها بالاعتماد على المد والجزر من أنواع الطاقة المُتجددة، ويُمكن الاعتماد على هذه الظاهرة في توفير الطاقة للأفراد الذين يعيشون على طول الساحل بدلًا من المصادر الأُخرى.
لماذا لا نشعر بحركة الأرض حول محورها؟
تدور الأرض بسرعة كبيرة جدًا حول محورها، إلّا إنّ الإنسان لا يشعر بهذه الحركة، كذلك الأمر بالنسبة إلى دوران الأرض حول الشمس أيضًا، كما أن الشمس ونظامها من الكواكب تدور بسرعة أكبر، وأمّا حركة المجرّة؛ فتبلغ 2,092,147 كيلومتر في الساعة الواحدة. ويعود السبب في عدم الشعور بحركة الأرض إلى دورانها بسرعة ثابتة، ذلك كما يحدث عندما يركب المرء مركبةً تسير بسرعة ثابتة؛ فإنه لن يشعر بحركتها حتى تتسارع أو تتباطأ.
هل تدور الأرض في محورها بنفس سرعة دورانها حول الشمس؟
لا شك بأن سرعة حركة الأرض حول محورها تختلف عن سرعة دورانها حول الشمس، كما أنها تستغرق وقتًا أطول لإتمام دورة واحدة كاملة حول الشمس أيضًا؛ ذلك لأن سرعة دوران الأرض حول الشمس تبلغ 107,826 كيلومتر في الساعة تقريبًا، بينما تدور حول محورها بسرعة 1,609 كيلومتر في الساعة تقريبًا، هذا يعني أن الفرق بينهما يبلغ 67 ضعفًا تقريبًا.
لماذا تدور الأرض حول الشمس؟
تدور الأرض حول الشمس نتيجةً للعديد من القُوى التي أثّرت عليها عند تشكل النظام الشمسي؛ فإن الأرض والكواكب الأُخرى تدور في الفضاء، هذا يعني عدم وجود شيء تحتك به ويؤثر على سرعة دورانها، وبالرغم من تأثير جاذبية الشمس على الأرض؛ إلّا إنّ هذا التأثير يضمن استمرار دوران الأرض في المحور نفسه ولا يستطيع تغيير سرعة دورانها.
ما الذي ينتج عن دوران الأرض حول الشمس؟
عندما تدور الأرض حول الشمس تتشكّل الفصول الأربعة من السنة، وهي الربيع والصيف والخريف والشتاء؛ ذلك نتيجةً لميلان محور الأرض؛ فإنه يؤدي إلى اختلاف المنطقة التي تضربها أشعة الشمس بشكلٍ مباشرٍ مع مرور الأيام ودورانها حول الشمس. ومن الجدير بالذكر هنا أن مواعيد الصيف والشتاء تختلف اختلافًا شديدًا بين القُطبين الشمالي والجنوبي؛ إذ إن الصيف في القطب الشمالي يوافق الشتاء في الجنوبي، والعكس بالعكس.
ماذا يحدث إذا تحركت الأرض إلى الخلف عندما تدور حول الشمس؟
تتميز حركة الأرض حول محورها وحول الشمس باستقرارها، وهي حركةٌ دائمةٌ بعكس اتجاه عقارب الساعة، وعند إجراء محاكاة لدوران الأرض إلى الخلف كانت النتائج كما يأتي:
- زيادة الغابات: إذا دارت الأرض إلى الخلف؛ فيُمكن أن ينتج عن ذلك ظهور الغابات الخضراء بشكلٍ أوسعٍ ونمو النباتات وانحسار الأراضي الصحراوية بشكلٍ كبيرٍ عمّا هي عليه في الوقت الراهن.
- ظهور الصحاري: ربما تظهر الصحاري في بعض المناطق ذات الطبيعية غير الصحراوية في الوقت الراهن عند رجوع الأرض إلى الخلف؛ منها جنوب البرازيل وشمال الصين وجنوب شرق الولايات المتحدة الأمريكية.
- التغيّر في درجات الحرارة: قد يصبح الشتاء أكثر برودة في الجزء الشمالي الغربي من أوروبا والأجزاء الغربية من القارات الأُخرى بشكل عام؛ إذا رجعت الأرض في دورانها حول الشمس، كذلك تصبح بعض المناطق الأُخرى أكثر دفئًا.
- اختفاء تيار المحيط الأطلسي: أظهرت المحاكاة اختفاء تيار المحيط المسؤول عن نقل الحرارة حول أجزاء الكرة الأرضية، لكنها بيّنت تشكُّل تيارٍ آخرٍ في المحيط الهادئ، وهو تيار ينقل الحرارة إلى الجزء الشرقي من روسيا.
- البكتيريا الزرقاء: يُمكن أن يؤدي التغيّر في التيارات البحرية إلى انتشار البكتيريا الزرقاء على نحوٍ أكبرٍ في حالة دوران الأرض إلى الخلف؛ ذلك بدلًا من اتجاه الدوران الحالي حول كوكب الشمس.
هل يؤثر دوران كوكب الأرض على المناخ؟
ربما يكون لدوران الأرض حول الشمس تأثيرًا أكبر على المناخ مقارنةً بتأثير حركة الأرض حول محورها، وفيما يأتي توضيح لتأثير الدوران على المناخ:
- تأثير التباعد المركزي: يتغيّر مسار الأرض من شبه الكروي إلى إهليجي، ثم يعود من جديد مرةً واحدةً كل 100 ألف سنة، وتصبح بعض الفصول أطول عندما يصير المدار أكثر إهليجيةً، وتختلف قوة الطاقة الشمسية على الأرض ممّا يؤثر على المناخ.
- تأثير الانحراف: يُشير الانحراف إلى ميل محور الأرض بالنسبة إلى مستوى دورانها حول الشمس، ومع اختلاف درجة الانحراف يختلف المناخ؛ فإن مناخ الأرض يكون أكثر اعتدالًا عند الانحراف الأصغر، ويتغيّر الانحراف مرةً كاملةً كل 41 ألف سنة.
- تأثير المداورة: تؤثر المداورة مع الانحراف على شِدّة الفصول بين النصفين الشمالي والجنوبي من الكرة الأرضية، ويُشير مصطلح المداورة إلى الحركة التذبذبية لمحور الأرض.
ما هي حركات كوكب الأرض؟
لا يقتصر الأمر على حركة الأرض حول محورها فحسب؛ إنما هُناك العديد من الحركات الأُخرى لكوكب الأرض أيضًا، وفيما يأتي بعضًا من أبرز هذه الحركات:
- التأرجح: على مدى 26 ألف عام أدّت حركة التأرجح لكوكب الأرض إلى حدوث فرق يبلغ 5 درجات بين مستوى مدار القمر ومستوى مدار الأرض، بالإضافة إلى التأثير على قوة السحب الناتجة من الجاذبية بينهما.
- تمايل تشاندلر: يُعد تمايل تشاندلر من الحركات الدورية قصيرة المدى لكوكب الأرض، ويُعرف هذا التمايل بأنه تأرجح حُرّ يستكمل دورته الكاملة خلال 435 يومًا فحسب، وهي مدة قصيرة مقابل الحركات التي تحتاج آلاف السنوات.
- الانجراف نحو الغرب: تشهد الأرض حركةً دائريةً سنويةً، بالإضافة إلى انجرافٍ ثابتٍ نحو الغرب في حركات قصيرة المدى، وذلك بسبب حركات السوائل الموجودة على السطح أو السوائل في الستار من طبقات الأرض السفلية.
اقرأ/ي أيضًا: