تحقيق مسبار
إن تلوث البحار من المشاكل العالمية التي تُلحق الضرر بمختلف الكائنات الحية البحرية وغير البحرية؛ لذلك فإنه ينبغي على الجميع العمل بجدٍّ حتى يتم التخلص من هذه المشكلة. يُسلّط هذا المقال الضوء على أضرار تلوث المسطحات المائية، بالإضافة إلى أسباب تلوثها، وينتهي بذكر بعض الإرشادات التي تساعد على الحد من الملوثات.
هل مخلفات البترول من أسباب تلوث البحار؟
تُعد مخلفات البترول من أسباب تلوث البحار بالفعل، كما أن هُناك العديد من الانسكابات النفطية التي أدّت إلى التأثير على المسطحات البحرية بشكل كبير جدًا؛ أبرزها تسرّب نفط إكسون فالديز الذي حصل عام 1989، وكان أكبر انسكاب في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وتسببت بالقضاء على مئات الآلاف من الطيور والأسماك وغيرها من الكائنات الحية.
ما هي أسباب تلوث البحار؟
هُناك الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى تلوث مياه البحار، ومنها الأسباب الآتية:
- الجريان السطحي: تقوم السيارات بترك كميات هائلة صغيرة في حجمها من الملوثات، وكذلك تنتج الكثير من الملوثات الأُخرى ذات الحجم الصغير من الأنشطة البشرية، وتنتهي هذه الملوثات في المسطحات المائية مؤدية إلى تلوثها.
- مياه الصرف الصحي: في كثيرٍ من الأحيان ينتهي مسار مياه الصرف الصحي إلى المحيطات أو البحار، دون معالجتها بالشكل الذي يضمن الحد من تلوث البحار، وهو ما يتسبب بكثيرٍ من الآثار الضارّة على الحياة البحرية بعد تلويثها.
- المواد الكيميائية الصناعية: يُمكن أن تقوم بعض المصانع بإلقاء النفايات السائلة والقمامة التي لم تتم معالجتها والمواد الكيميائية الضارّة في المسطحات المائية، ويُمكن أن ينتقل بعضها إلى البشر بعد دخوله في السلسلة الغذائية للمأكولات البحرية.
- فرط النمو: تنتقل بعض المُغذيات والأسمدة إلى المسطحات المائية أحيانًا وتؤدي إلى فرط في نمو الطحالب البحرية وغيرها من الكائنات الحية الدقيقة بشكل هائل، ويمكن أن يتسبب ذلك بتعطيل النظام البيئي البحري وموت الكثير من الكائنات البحرية.
- إذابة ثاني أكسيد الكربون: تتزايد كميات ثاني أكسيد الكربون بشكلٍ كبير في الوقت الراهن، وتعمل المسطحات المائية بمثابة بالوعة كبيرة تستطيع إذابة ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يؤدي إلى تحمض المياه، ويؤثر على الشِعاب المرجانية وغيرها.
- المياه الساخنة: تتعرض المسطحات المائية إلى التلوث الحراري؛ بسبب المياه الساخنة التي تأتي من محطات توليد الطاقة وشركات معالجة المياه وتنتهي في المحيطات؛ فإن هذه المياه تؤثر على درجة حرارة مياه المحيط ممّا يؤثر على كميات الأكسجين المُذابة.
- الضوضاء: تسير السفن في المحيطات والبحار للعديد من الأنشطة؛ بما في ذلك النقل والاستكشاف، ويصدر عنها ضوضاء عالية غير مُبرّرة، ويُمكن أن تتسبب هذه الضوضاء بتلوث سمعي يُربك البيئة البحرية لتأثيره على الإشارات الصوتية التي تستخدمها الحيوانات.
- البلاستيك: يُعد البلاستيك واحدًا من أبرز ملوثات البحار على الإطلاق، ويؤدي إلى كثير من الآثار السلبية؛ مثل اختناق الحيوانات، وكذلك يُمكن أن يدخل في تركيب الجسم لبعض الحيوانات البحرية ثم ينتقل إلى الإنسان عند الأكل.
هل توجد حقائق بارزة حول تلوث البحار؟
تتوفر الكثير من الحقائق البارزة حول تلوث البحار وما ينتج عنه من آثار سلبية تطول جميع عناصر النظام البيئي، ومنها ما يأتي:
- الملوث الأكثر شيوعًا في المحيطات: إن البلاستيك أكثر العناصر الملوثة شيوعًا في المحيطات، وهو من العناصر الضارّة التي لا تتحلّل بسهولة، وتقوم الحيوانات بأكله ظنًّا منها أنه من أنواع الأغذية في غالب الأحيان.
- المصادر الأساسي لتلوث البحار: تُعد المصادر البرية أكبر مصادر التلوث في المحيطات على الإطلاق؛ منها النفط ومياه الصرف الصحي، كما أنه يتم إلقاء ملاين الكيلوجرامات من النفايات في المحيطات يوميًا.
- موت الحيوانات: تؤدي ملوثات البحار إلى موت أكثر من مليون طائر بحري كل عام، وكذلك تُعد شباك الصيد المُهمَلة من الملوثات وتؤدي إلى موت 300 ألف من الدلافين وخنازير البحر كل عام، وتموت 100 ألف من الثدييات بسبب الملوثات الأُخرى.
- انجراف الملوثات: عادةً ما يتم إلقاء النفايات والملوثات على بُعدٍ كبيرٍ من المياه، ولكنها تنجرف حتى تصل إلى الشواطئ والأماكن القريبة، وتتسبب بتلوث كل شيء بين مكان الإلقاء والمكان الذي استقرت فيه قُرب اليابسة.
- جزيرة النفايات: في المحيط الهادئ قُبالة ساحل كاليفورنيا توجد جزيرة كاملة من النفايات، وتبلغ مساحة هذه الجزيرة ضِعف مساحة تكساس، وتُعد أكبر موقع قمامة في المحيطات حول العالم حتى الآن.
- ضرر النفط: إن النفط أسرع المصادر التي تؤدي إلى تلوث المحيطات من بين مصادر التلوث المختلفة؛ ذلك لضرره الأكبر مقارنةً بالنفايات والقمامة، وتتسبب التسريبات بمُعظم كميات الملوثات النفطية في المسطحات المائية.
- النفايات في قاع المحيط: تقع معظم النفايات التي تؤدي إلى تلوث المحيطات في القاع، وهذا يعني أنه لا يُمكن رؤيتها عند النظر إلى المحيطات، كما أنه من المستحيل تنظيفها أيضًا.
كيف يؤثر تلوث البحار على النظام البيئي بشكل سلبي؟
تشمل التأثيرات السلبية لتلوث البحار والمحيطات الإنسان والنباتات والحيوانات البحرية وعناصر النظام البيئي الأُخرى، ومنها التأثيرات الآتي ذكرها:
- قتل الأسماك: يتغذّى 3 مليار شخص حول العالم على الأسماك، ويُمكن للملوثات من البلاستيك والمبيدات وغيرها أن تؤدي إلى قتل عدد كبير منها حسب موقع كلية بوسطن الأمريكية.
- نشر العدوى: تنتشر ملوثات البحار والمسطحات المائية عمومًا على الساحل، ويُمكن لهذه الملوثات أن تؤدي إلى انتشار بعض أنواع العدوى التي من المُمكن أن تُهدد الحياة.
- القضاء على الكائنات الحية الدقيقة: ينتج عن الانسكابات النفطية والتلوث النفطي للمسطحات المائية القضاء على عددٍ كبيرٍ من الكائنات الحية الدقيقة المُهمة، التي توفر إمدادات كبيرة من الأكسجين في الكرة الأرضية.
- انتقال الزئبق إلى البشر: يُمكن أن ينتشر الزئبق في المحيطات وتراكمه حتى يصل إلى مستويات عالية في الأسماك التي تدخل السلسلة الغذائية للبشر، وهو ما يتسبب بكثيرٍ من المخاطر الصحية لكل من الرضع والأطفال والبالغين.
- تكاثر الطحالب الضارّة: تسببت النفايات الصناعية ومبيدات الألياف والنفايات السطحية ومياه الصرف الصحي بانتشار الطحالب الضارّة، التي تنتج سمومًا تؤدي إلى الخرف وفُقدان الذاكرة، بالإضافة إلى الأضرار العصبية والموت السريع.
- تجويع الكائنات: تأكل بعض الأسماك والحيوانات والطيور البحرية البلاستيك ظنًّا منها أنه غذاءٌ مناسبٌ، ويؤدي ذلك إلى امتلاء المعدة، ويُقلّل من قُدرة الحيوان على أكل الكميات التي يحتاجها من الطعام، وينتهي بموت الحيوانات جوعًا.
- انتشار الأنواع الغازية: إن انتشار النفايات البلاستيكية العائمة في المسطحات المائية يُساعد على انتقال الأنواع البحرية الغازية وانتشارها؛ ممّا يؤدي إلى تهديد التنوع البيولوجي، كما أنه يُهدّد شبكة الغذاء أيضًا.
ما هي أبرز الحيوانات التي تأثرت بتلوث البحار؟
إن تلوث البحار يُهدد الكثير من أنواع الحيوانات البحرية والطيور، ويُذكر من أبرزها ما يأتي تبعًا موقع الصندوق العالمي للطبيعة:
- سلحفاة المياه الخضراء: يستغرق هذا النوع من السلاحف 30-50 سنة حتى يصل إلى مرحلة النضج الجنسي، وتضع الأنثى بيوضها كل 5-8 سنوات، ويُعد تلوث المسطحات المائية من المخاطر التي تهدد حياتها، وكذلك أنشطة الصيد العرضي.
- اللجأة صقرية المنقار: تُعد اللجأة صقرية المنقار من أنواع السلاحف، وأُطلق عليها هذا الاسم بسبب منقارها المدبب الذي يشبه منقار الطيور الجارحة، وهي من الحيوانات التي تأثرت بتلوث البحار إلى جانب الصيد العرضي والتجارة غير الشرعية.
- الحوت الأزرق: يُعرف الحوت الأزرق بأنه أكبر الحيوانات المعروفة في الأرض حتى الآن، ويتراوح طوله بين 24-33 متر، ويصل وزنه إلى 200 ألف كيلوجرام، ويتأثر بكل من التلوث البحري والصيد العرضي والاحترار العالمي.
- الحوت الصائب الجنوبي: كما هي حالة الحوت الأزرق تتأثر حياة الحوت الصائب الجنوبي بشكل كبير؛ نتيجةً للصيد العرضي والاحترار العالمي، إضافةً إلى التلوث البحري، وكان مُهدّدًا بالانقراض في القرن الماضي إلّا إن أعداده تزايدت.
هل يؤثر تلوث البحار على المأكولات البحرية؟
لا شك بأن تلوث البحار يؤدي إلى تلويث المأكولات البحرية في كثيرٍ من الأحيان؛ ذلك لأن المعادن الثقيلة الضارّة والملوثات الأُخرى تتراكم في أجسام هذه المأكولات من الأسماك وغيرها، ويتم تخزين بعض هذه الملوثات في الأنسجة الدُّهنية للحيوانات التي تستهلكها، وعندما يتناولها الإنسان تنتقل الملوثات إلى جسمه مُهددة استقرار حالته الصحية أحيانًا، ولا بُد من معرفة كيفية المحافظة على البحار من التلوث حتى يتم تطبيقها واقعًا والحد من هذه الآثار الضارّة.
ما هي كيفية المحافظة على البحار من التلوث؟
يُمكن للأفراد اتخاذ كثير من الخطوات للحد من تلوث البحار، ومنها ما يأتي:
- التخلص من النفايات بشكل صحيح: بدلًا من سكب النفايات غير القابلة للتحليل أو المواد السامة في البالوعة ينبغي على المرء التخلص منها بشكل صحيح، وكذلك الحال بالنسبة إلى النفايات الأُخرى حتى لا ينتهي بها الأمر إلى تلويث المياه.
- التقليل من استخدام البلاستيك: في معظم الأحيان ينتهي الأمر بالنفايات البلاستيكية إلى المسطحات المائية؛ لأنها غير قابلة للتحلّل، ولذلك ينبغي الحد من استخدام المنتجات البلاستيكية بشكل كبير واستخدام المنتجات غير الملوثة للبحار.
- سن القوانين المناسبة: تحتاج الحكومات إلى سن القوانين والأنظمة التي من شأنها التقليل من المنتجات البلاستيكية الملوثة للبحار، بالإضافة إلى تنفيذ الحلول التكنولوجية وغيرها من الحلول التي تهدف إلى معالجة التلوث البلاستيكي.
- المساعدة في التنظيف: يستطيع الشخص الانخراط في أنشطة التنظيف حول الأماكن المليئة بالمياه؛ حتى يُسهم في التقليل من الملوثات والحد من نسبة التلوث بشكل كبير، ويشمل ذلك جميع المسطحات المائية القريبة.
اقرأ/ي أيضًا: