هل يمكن قياس تركيز المحلول المائي؟

يبحث البعض عن كيفية قياس تركيز المحلول المائي، سواء لغرض دراسي أو  لغرض تطوير المُنتجات الدوائية  والصناعية في مختلف المجالات. فهل يمكن قياس تركيز المحلول المائي؟

تجيب المقالة التالية على هذا السؤال، وتقدم معلومات حول المحلول المائي وتعريفه وخصائصه. كما تتطرق لتوضيح أنواع المحاليل المائية، إلى جانب المحلول غير المائي.

المحلول المائي

قبل التطرق للحديث عن المحلول المائي بشكل خاص، من المهم معرفة معنى أو ماهية كلمة محلول. إذ يُعرف المحلول بكونه خليطًا متجانسًا من مادتين وأحيانًا أكثر، ويتكون من عنصرين أساسيين هما المُذاب والمُذيب. والمذاب هو المادة التي يتم إذابتها في المذيب، وبحسب قابلية ذوبان المذاب في المذيب، يمكن تحديد كمية المذاب الذي تم إذابته. ومثال على ذلك، المحلول الملحي، الذي يتكون من الملح وهو المذاب والماء وهو المذيب.

وببساطة، يمكن القول أن المحلول المائي هو المحلول الذي يكون فيه المذيب هو الماء. وتتعدد أشكال المحلول المائي، وله خاصية مميزة وهي قدرة أغلب المحاليل المائية على توصيل الكهرباء، خاصة التي تحتوي على أيونات قوية، كونها تميل لأن تكون موصلة جيدة للكهرباء مثل ماء البحر. أما عن ماء الصنبور، فيحتوي على أيونات ضعيفة، وبالتالي يكون توصيله للكهرباء ضعيفًا في المقابل، إذ تعتمد قوة الأيونات على مدى قوة تفكك المذاب إلى أيونات في الماء.

تعريف المحلول المائي

عندما تذوب مادة في مادة أخرى، ينتج ما يُعرَف بالمحلول، وتعريف المحلول المائي يعتمد على وجود الماء بشكل أساسي في عمليةٍ تجمَع ما بين مُذاب ومُذيب، بضرورة أن يكون المذيب في المحلول المائي هو الماء.

ويتلخَّص تعريف المحلول المائي بقدرة الأيونات والجزيئات المذابة على الإحاطة بجزيئات الماء، والتي يتم دمجها في شبكة الروابط داخل الماء؛ وهذا ما يجعلها تنتشر في كافة أنحاء المذيب (الماء). ويعتبر عنصر الماء في الكيمياء الجيولوجية أهم مُذيب، والذي يكون متواجدًا بشكل طبيعي في المياه العذبة ومياه البحر والمياه المالحة.

وعلى الرغم من اعتبار الماء المذيب الشامل والأهم في الطبيعة، إلا أنه لا يُذيب سوى المواد المُحبة للماء بطبيعتها، كالأحماض والقواعد وعدد من الأملاح. أما عن المواد غير المُحبة للماء، فلا يمكن أن تذوب في الماء، ولا تُكوِّن في النهاية محاليل مائية كالدهون والزيوت.

أما عن عملية الذوبان في المحلول المائي، فإن الماء قادر على إذابة المركبات الأيونية والجزيئات القطبية، على عكس الجزيئات غير القطبية التي لا تذوب في الماء كتلك الموجودة في الزيت والشحوم. كما أنّ هناك مركبات أيونية لا تذوب بشكل جيد في الماء، مثل كربونات الكالسيوم، وكلوريد الفضة.

ويعتبر المحلول المائي الملحي المُكوَّن من الملح (كلوريد الصوديوم) المذاب في الماء، أحد الأمثلة الواضحة للمركبات الأيونية الذائبة في الماء، والتي من السهل تذويبها بسبب تحرُّك وتصادم جزيئات الماء في طاقته الحركية الخاصة به، مع الشبكة البلورية المكوَّنة من كلوريد الصوديوم أو الملح، التي يتناوب فيها الأيونات الموجبة والسالبة. 

ولأن الماء قطبي، أي له نهاية موجبة أو سالبة، فهو ينجذب لبلورات الملح، بحيث تجذب أيونات الصوديوم الموجبة الموجودة في الملح الأكسجين السالب جزئيًا الموجود في الماء، وتجذب أيونات الكلوريد السالبة الهيدروجين الموجب جزئيًا. وهكذا تتفكك الشبكة البلورية (الملح) وتذوب في الماء، لينتج عن ذلك في النهاية محلول مائي ملحي.

هل يمكن قياس تركيز المحلول المائي؟

صحيح، من الممكن قياس تركيز المحلول المائي من خلال المولارية، والتي سيتم توضيحها في الفقرة التالية. وتُفيد هذه القياسات في حساب التفاعلات الحاصلة بين الذائب والمذيب. ومن الممكن تحضير محلول مائي لقياس تركيزه عن طريق تذويب كتلة معروفة من المذاب في الماء (المذيب)، أو من خلال طريقة تمييع محلول المخزون.

تركيز محلول مائي

يمكن تفسير معنى تركيز محلول مائي أو غير مائي من خلال مثال بسيط، وهو عصير الليمون الذي يتم صنعه من الليمون والماء معًا، فعندما تكون نسبة الليمون المُذاب في الماء عالية تكون نكهة الليمون قوية، ويكون التركيز في هذه الحالة عاليًا. وعندما تكون نسبة الليمون المذاب في الماء قليلة، يكون التركيز خفيفًا. وهذا ما يجعل المشروب قريبًا من طعم الماء.

وإن تركيز المحلول المائي يعتمد على كمية المذاب في كمية معينة من الماء (المذيب). وتعتبر المولارية (Molarity) وحدة التركيز الشائعة في قياس العناصر المتفاعلة في المحلول، ويشار إليها بالرمز (M). وتعتمد المولارية على حساب عدد مولات المُذاب في لتر واحد من المحلول، أو عدد ملي مول المُذاب الموجود في 1 مل من المحلول، فتصبح الوحدة المولارية هي مول لكل لتر (مول/لتر).

ولتوضيح تركيز محلول مائي ما، يوجد مثال على محلول السكروز المائي الذي يحتوي على 1 مول، أي 342 جرام من السكروز في لتر من المحلول، ينتج عن ذلك أن تركيز السكروز يساوي 1.00 مول/لتر.

أنواع المحاليل المائية

لمعرفة أنواع المحاليل المائية، يجدر القول أن هناك أنواع للمحاليل بشكل عام، والتي تم تصنيفها بحسب انحلال المذاب في المذيب، وهي كالتالي:

• المحاليل مفرطة التشبّع، وتكون فيها كمية المُذاب كبيرة جدًا عند درجة حرارة معينة. وفي حال تم إضافة كمية أخرى مُذاب عليها تتبلور.
• المحاليل المُشبعة، وهي المحاليل التي لا يستطيع فيها المُذيب إذابة أي مادة إضافية عند درجة حرارة معينة.
• المحاليل غير المشبعة، ويكون فيها المُذيب قادرًا على إذابة أي مادة إضافية عند درجة حرارة معينة.

أما عن أنواع المحاليل بحسب التجانس فهناك:

• محاليل متجانسة، تتوحد في هذا النوع من المحاليل التركيبات المُشارِكَة في صنعه، على سبيل المثال: العطر وكوب القهوة ومحلول الملح.
• محاليل غير متجانسة، لا تتجانس التركيبات التي يتكون منها المحلول، بسبب اختلاف خصائصها، مثل محلول الزيت مع الماء ومحلول الماء مع الرمل.

وهناك أنواع أخرى للمحاليل فيما لو كان المُذيب هو الماء أو لا، وتنقسم إلى نوعين:

• المحاليل المائية، وهي المحاليل التي يكون فيها المُذيب هو الماء، مثل ذوبان السكر في الماء وذوبان الملح في الماء.
• المحاليل غير المائية، وهي محاليل يذوب فيها المُذاب في مذيب آخر غير الماء. مثل ذوبان اليود في رابع كلوريد الكربون، وذوبان الكبريت في ثاني كبريتيد الكربون.

وفي تخصيصٍ أنواع المحاليل المائية، فهناك محاليل مالية تؤدي إلى:

• منتجات ذات قابلية للذوبان في الماء.
• منتجات تعطي راسبًا في الماء، بسبب انخفاض قابليتها للذوبان، فتسقط في قاع المحلول على شكل مادة صلبة.

وهناك مجموعة من الأمثلة على المحاليل المائية منها: الكولا، والمياه المالحة، والمطر، والمحاليل الحمضية.

محلول غير مائي

عند ذكر مصطلح محلول غير مائي، فهنا تُذكر المحاليل السائلة التي لا تحتوي على ماء، أو التي يكون فيها المذيب مذيبًا آخر غير الماء، مثل الفسفور في الكحول الإيثيلي، الزيوت النباتية، الأسيتون، والتولوين، والمحاليل المصنوعة من هذه المذيبات. بالإضافة إلى كل خليط يحتوي على ماء ولكن لا يذوب فيه مُذاب أو لا يكون الماء فيه مُذيبًا، فهو لا يعتبر محلولًا مائيًا، مثل الرمل مع الماء.