تحقيق مسبار
يعاني كثير من الناس من نزيف اللثة بدرجات وأشكال مختلفة، ويتساءل البعض عن إمكانية معرفة أسباب نزيف اللثة دون الحاجة لتشخيص طبي، كما يتسائل البعض الآخر عن إمكانية علاج نزيف اللثة بشكل بسيط إن كان منزليًا أو بالأعشاب أو غيرها.
في هذا المقال سيتم البحث في موضوع نزيف اللثة وأسبابه وأنواعه وطرق علاجه.
هل يمكن معرفة أسباب نزيف اللثة؟
في معظم الحالات، يمكن معرفة أسباب نزيف اللثة، كما يمكن للأشخاص علاج نزيف اللثة الطفيف في المنزل. ويعد السبب الأكثر شيوعًا لنزيف اللثة هو تراكم البلاك أو الجير عليها، حيث تسمح هذه المواد للبكتيريا بالنمو على طول خط اللثة، لذلك يمكن لنظافة الفم الجيدة والعلاجات الطبيعية علاج نزيف اللثة والوقاية منه.
ونزيف اللثة أمر شائع لكنّه ليس خطيرًا عادةً، فقد يلاحظ الشخص بعض الدم بعد تنظيف أسنانه بالفرشاة أو الخيط، والذي قد يؤدي إلى تهيج اللثة الحساسة، أو ربما يكون ارتداء أطقم أسنان لا تناسب الشخص بشكل جيد سببًا في بعض النزيف كذلك الأمر.
ويُعتبر نزيف اللثة هو أكثر أعراض أمراض اللثة شيوعًا، ولكن يمكن أن يشير أيضًا إلى مشاكل صحية أخرى إذا تكرر، لكن بما أنه يمكن معرفة أسباب نزيف اللثة، عندها يمكن إيجاد طريقة لعلاجه.
أسباب نزيف اللثة
يمكن أن يكون نزيف اللثة علامة على الإصابة بأمراض اللثة، وقد تؤدي أيضًا تراكم الترسبات على الأسنان إلى نزيف لثة مستمر. ويمكن معرفة أسباب نزيف اللثة بالتفصيل وتفسيرها بأحد الأمور التالية:
- السبب الرئيسي لنزيف اللثة هو تراكم الترسبات على خط اللثة، ويؤدي ذلك إلى حالة تسمى التهاب اللثة، وتشمل أعراضه انتفاخ اللثة وألم في الفم وحول اللثة ونزيف اللثة.
- في حال تصلب البلاك الذي لم تتم إزالته (القلح)، يؤدي ذلك إلى زيادة النزيف وظهور شكل أكثر تقدمًا من أمراض اللثة وعظام الفك المعروف باسم التهاب دواعم السن، وهي عدوى تصيب اللثة وعظام الفك والأنسجة الداعمة التي تربط الأسنان واللثة، كما يمكن أن يتسبب التهاب دواعم السن أيضًا في ارتخاء الأسنان أو تساقطها.
- اضطرابات نزفية نقص عوامل التخثر أو الصفيحات الدموية.
- تنظيف الأسنان بالفرشاة بشدة.
- التغيرات الهرمونية أثناء الحمل.
- أطقم الأسنان غير المناسبة أو أجهزة طب الأسنان الأخرى.
- خيط تنظيف الأسنان غير السليم.
- العدوى، والتي يمكن أن تكون إما في السن أو اللثة.
- ابيضاض الدم (اللوكيميا) وهو أحد أنواع سرطانات الدم.
- الاسقربوط (البثع) أي نقص فيتامين سي.
- استخدام مميعات الدم مثل الوارفارين والأسبرين والهيبارين، فخلال الوقت الذي يتم تناول هذه الأدوية فيه، يجب استخدام فرشاة أسنان ناعمة لتقليل خطر النزيف، بدلًا من خيط تنظيف الأسنان التقليدي.
- نقص فيتامين ك.
- عمليات الأسنان وأدوية الأسنان، إذ يُعد أمر مألوف بين أسباب نزيف اللثة أن يحدث النزيف بعد فترة وجيزة من علاج الأسنان، خاصة إذا تم إجراء جراحة في الفم أو أجريت شقوق في اللثة.
- الفم الجاف، حيث أن الأشخاص الذين يعانون من جفاف الفم يملكون مستويات مرتفعة من البكتيريا داخل أفواههم، كما أن نقص الترطيب يجعل اللثة خشنة وعرضة للتهيج، ويعد كل من المدخنين والكحوليين الأكثر عرضة للإصابة بجفاف الفم، ولكنه شائع أيضًا بين كبار السن.
أسباب نزيف اللثة أثناء النوم
بالنسبة لأسباب نزيف اللثة أثناء النوم، فقد يعود أحدها إلى صرير الأسنان، والذي يحدث عندما يكون الشخص نائمًا، حيث أن الضغط المستمر وقبض الأسنان على اللثة بشكل سلبي، يمكن أن يؤثر عليها وبالتالي يتسبب في نزيف اللثة، حيث أن هذا الصرير يضع ضغطًا كبيرًا على الأسنان واللثة والفك، ومن المحتمل أن تتعرض الأسنان للتلف أو التكسر، حيث يؤدي هذا الضغط الذي يتم ممارسته على اللثة إلى أن تصبح مؤلمة وملتهبة، مما يؤدي إلى نزيف في الفم ليلًا.
أما عن طريقة علاج نزيف اللثة إذا كان النزيف ناتجًا عن الصرير أو الطحن، فيمكن استخدام حارس ليلي، وهو عبارة عن مدعم للأسنان مصنوع من مادة رقيقة (بلاستيك) ولكنها قوية من أجل تبطين الأسنان ومنع الأسنان العلوية والسفلية من الالتصاق معًا، فإذا كان الشخص يضغط على أسنانه وفكّه دون وعي، يمكنه عندها ارتدائه أثناء النوم، وهذا يمنع الأسنان من الصرير مما يمنع نزيف اللثة أثناء النوم. ويتم الحصول على هذا القالب الشفاف من طبيب الأسنان، حيث يمنح قالبًا لأسنان المرضى في العيادة، ويستلزم ذلك أخذ طبعات الأسنان العلوية والسفلية، وإرسال الطبعات إلى مختبر أسنان متخصص في تصنيع القوالب هذه.
أما بالنسبة لباقي أسباب نزيف اللثة أثناء النوم، فقد تكون أحد أسباب نزيف اللثة الأخرى بشكل عام.
علاج نزيف اللثة بالمنزل
يمكن علاج نزيف اللثة بالمنزل عن طريق ما يلي:
- استخدام الشاش: كما هو الحال مع النزيف في أي مكان آخر في الجسم، يمكن وقف النزيف عن طريق وضع شاش نظيف ورطب على المنطقة المصابة على الفور، والضغط برفق على الشاش في مكانه حتى يتوقف تدفق الدم، مع الانتباه إلى أن الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة أو حالة طبية أخرى، سيلاحظون أن لثتهم تستغرق وقتًا طويلًا لتوقف النزيف.
- استخدام الثلج: وذلك بوضع كمادة باردة أو مكعب ثلج فوق اللثة المتورمة والنازفة للمساعدة في تهدئتها، حيث أن كمادات الثلج مفيدة بشكل خاص في تهدئة إصابات الفم الطفيفة التي تسبب التورم، مثل الجروح والخدوش، كما يمكن أن تساعد أيضًا في تقليل الألم والتورم الناجم عن التهاب اللثة.
- استخدام غسول الفم: يمكن لغسول الفم المضاد للبكتيريا أن يعالج ويمنع نزيف اللثة، حيث أنه يقتل البكتيريا وبالتالي يعمل على تهدئة التهاب اللثة وتورمها ونزيفها، كما يمكن لغسول الفم أيضًا الوقاية من التهاب اللثة، وهو سبب شائع لنزيف اللثة.
- المضمضة بمحلول ملحي دافئ: يعد أشيَع طريقة لعلاج نزيف اللثة في المنزل، حيث يمكن أن يساعد شطف الفم بالماء المالح على تقليل البكتيريا وتسريع أوقات الشفاء، فوفقًا لجمعية طب الأسنان الأمريكية (ADA)، يمكن لأي شخص صناعة محلول ملحي دافئ عن طريق إضافة نصف ملعقة صغيرة من الملح إلى 8 أونصات من الماء الدافئ.
- استخدام فرشاة الأسنان المناسبة: إذا كان لدى الشخص لثة حساسة، يمكنه اختيار فرشاة أسنان مصنفة على أنها ناعمة أو حساسة للغاية، إذ أنّ فراشي الأسنان الصلبة (الخشنة) أو المتوسطة قاسية جدًا على اللثة، وتوصي (ADA) الناس باستخدام فرشاة أسنان ذات شعيرات ناعمة لمدة دقيقتين مرتين في اليوم، كما يجب استبدال فرشاة الأسنان كل 3 إلى 4 أشهر، أو قبل ذلك إذا بدت الشعيرات بالية.
علاج نزيف اللثة بالأعشاب
بعد معرفة أسباب نزيف اللثة وبعض طرق علاج نزيف اللثة في المنزل، تتحدّث هذه الفقرة عن علاج نزيف اللثة بالأعشاب، فمن الممكن أن تكون العلاجات التقليدية فعالة حقًا. إذ تشير بعض الأبحاث إلى أن المضمضة ببعض الأعشاب والزيوت يمكن أن يساعد في تقليل البكتيريا والالتهابات في الفم، حيث يوجد منتجات تُباع بدون وصفة طبية تحتوي على النعناع والزعتر الأحمر ولحاء القرفة وزيوت الكينا والخزامى، بالإضافة إلى مستخلصات أعشاب مثل (الإشنسا)، ويرى بعض الباحثون أن هذه المنتجات قد تساعد في تقليل البلاك والتهاب اللثة.
كما يوصى أيضًا بعشب يسمى آذريون، المعروف باسم (القطيفة) لعلاج التهاب اللثة، حيث تشير بعض الأدلة إلى أنه مفيد في مكافحة البلاك والتهاب اللثة كذلك الأمر، ويقال أن زهرة العطاس علاج جيد للألم. ومن الأفضل تخفيف المحاليل القوية مثل زيت الأوريجانو النقي، لأنها يمكن أن تلحق الضرر بأنسجة الجسم إذا كانت تستخدم بكامل قوتها.
كما يستخدم الكركم كعلاج نزيف اللثة بالأعشاب، لما له من خصائص مضادة للبكتيريا والفطريات، حيث يحتوي الكركم على خصائص طبيعية مطهرة ومضادة للالتهابات، ويمكن لتطبيق معجون الكركم على اللثة أن يحسن أعراض التهاب اللثة ويساعد في السيطرة على نزيفها، وقد اكتشفت العديد من الدراسات العلمية تأثيرات الكركم المضادة للالتهابات لدى الأفراد الذين استخدموا هذه المادة مرتين يوميًا لمدة 10 دقائق تقريبًا. ويتوفر جل الكركم في العديد من متاجر الأطعمة الصحية أو العلاجات البديلة. ومن أجل استخدامه في علاج التهاب اللثة، يجب أن يطبق على اللثة ويترك لمدة 10 دقائق قبل الشطف بالماء والبصق.
علاج نزيف اللثة ورائحة الفم الكريهة
علاج نزيف اللثة ورائحة الفم الكريهة مرتبطان بشكل وثيق، حيث أن معرفة أسباب نزيف اللثة وعلاجها يؤدي إلى التقليل من رائحة النَفَس السيئة، ومن طرق علاج نزيف اللثة ورائحة الفم الكريهة:
- نظافة الفم الجيدة: قد يكون نزيف اللثة علامة على سوء نظافة الأسنان، حيث تلتهب اللثة وتنزف عند تراكم الترسبات على طول خط اتصالها بالأسنان، ويجب غسيل الأسنان برفق بواسطة الفرشاة مرتين يوميًا على الأقل، واستخدام الخيط مرة في اليوم، ولا يجب شطف الفم بالماء بعد تفريش الأسنان.
- معجون الأسنان: استعمال معجون أسنان يحتوي على الفلورايد والمضمضة بغسول الفم (بيروكسيد الهيدروجين)، وأفضل وقت لذلك قبل النوم.
- التوقف عن التدخين: بالإضافة إلى التسبب في السرطان، يمكن أن يتسبب التدخين في إتلاف اللثة وتلطيخ الأسنان ورائحة الفم الكريهة، حيث يعد التدخين سببًا رئيسيًا لأمراض اللثة الحادة في الولايات المتحدة، كما تقول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
- تنظيف أو كشط اللسان: يمكن أن يكون الغلاف الذي يتشكل عادةً على اللسان مضيفًا للبكتيريا ذات الرائحة الكريهة، وللتخلص منها يجب غسل اللسان بفرشاة الأسنان بلطف مرة واحدة يوميًا، أو باستخدام مكشطة أو منظف اللسان.
- تقليل مستوى التوتر: تشير إحدى الدراسات إلى وجود صلة بين أمراض اللثة والتوتر العاطفي، فوفقًا للباحثين إن الإجهاد العاطفي له تأثير سلبي على جهاز المناعة، مما يؤدي إلى إضعاف دفاعات الجسم لدرجة عدم قدرته على مقاومة عدوى اللثة.
- تناول فيتامين سي: يمكن أن يؤدي تناول الأطعمة الغنية بفيتامين سي إلى تقوية جهاز المناعة، ومقاومة التهابات اللثة التي تسبب نزيف اللثة. وعلى العكس من ذلك، إن عدم تناول ما يكفي من فيتامين سي في النظام الغذائي قد يؤدي إلى تفاقم النزيف، وفي الواقع يمكن أن يؤدي نقص فيتامين سي إلى نزيف اللثة رغم ممارسة عادات فموية جيدة.
- تناول فيتامين ك: قد يؤدي تناول مكملات فيتامين ك أيضًا إلى تخفيف نزيف اللثة، حيث أن فيتامين ك عنصر غذائي مهم يساعد على تجلط الدم، وبالتالي يمكن أن يتسبب النقص فيه في حدوث نزيف سهل.
- تناول كمية أقل من الكربوهيدرات: وجدت الأبحاث أن تقليل تناول الكربوهيدرات قد يؤدي أيضًا إلى تحسين صحة اللثة والوقاية من أمراضها، حيث تحفز الكربوهيدرات والأطعمة السكرية ظهور طبقة البلاك ونمو البكتيريا، فكلما تراكمت طبقة البلاك على اللثة، زادت احتمالية الإصابة بنزيف اللثة ورائحة الفم الكريهة.
- تجنب الأطعمة التي تفسد الأنفاس: حيث يعد كل من البصل والثوم من الجناة الكبار، وتنظيف الأسنان بالفرشاة بعد تناولها لا يساعد، فالمواد التي تسبب روائحها الكريهة تشق طريقها إلى مجرى الدم وتنتقل إلى الرئة وتختلط مع النَفَس.
- المضمضمة بالماء المالح: حيث أن البكتيريا والالتهابات في الفم تسبب أمراض اللثة ورائحة الفم السيئة، فإن شطف الفم بانتظام بمزيج من الماء المالح الدافئ قد يقلل من البكتيريا التي قد تسبب التهاب الجرح، ويوقف نزيف اللثة، كما يحافظ أيضًا على نظافة الفم، فهو من التدابير الهامة لعلاج نزيف اللثة ورائحة الفم الكريهة.
متى يجب رؤية الطبيب؟
رغم أن معرفة أسباب نزيف اللثة قد ساعد في إيجاد العديد من الحلول المنزلية وطرق الوقاية السهلة، إلا أنه يجب مراجعة طبيب الأسنان إذا لم يتحسن نزيف اللثة في غضون 7 إلى 10 أيام، فقد يحتاج المريض إلى تنظيف عميق للأسنان لإزالة البلاك والجير وتعزيز التئام اللثة، وقد يطلب الطبيب أيضًا تحاليل مخبرية للتحقق من نقص الفيتامينات التي يمكن أن تسبب نزيفًا في اللثة.