تحقيق مسبار
يُعاني المُصابون بالصداع العنقودي من نوبات ألم شديدة تتركز في جانب واحد من الرأس، وغالبًا ما يتم الشعور بها في المنطقة المُحيطة بالعين، ويُعد الصداع العنقودي نوع من الصداع نادر الحدوث، ويُمكن لأي شخص الإصابة به، إلّا أنه أكثر شيوعًا عند الرجال، وتميل أعراضه للظهور عندما يكون الشخص في الثلاثينيات أو الأربعينيات من العمر، ويستعرض هذا المقال كل ما يتعلق بالصداع العنقودي من أسباب وأعراض وطرق علاج.
ما هو الصداع العنقودي؟
يُعرف الصداع العنقودي على أنّه أحد أكثر أنواع الصداع إيلامًا، ويحدث في أنماط دورية أو فترات عُنقودية عادةً ما توقظ المُصاب بها من النوم ليلًا بألم شديد في عين واحدة أو المنطقة المحيطة بها على جانب واحد من الرأس، ويُمكن أن تستمر النوبات المُتكررة من الصداع والتي تُعرف بالفترات العُنقودية من أسابيع إلى شهور، وغالبًا ما تتبعها فترات سكون أو هدوء يختفي فيها الصداع لأشهر وأحيانًا لسنوات. ولحُسن الحظ فإن الصداع العنقودي نادر ولا يُهدد الحياة، ويُمكن أن تُساعد العلاجات المتاحة على جعل نوبات الصداع العنقودي أقصر وأقل شدة، كما يُمكن للأدوية أن تُقلل من عدد نوبات الصداع العنقودي التي يُعاني منها المُصاب.
أعراض الصداع العنقودي
عادةً ما يبدأ الألم المُصاحب للصداع العنقودي في الظهور فجأة، وغالبًا ما يتمركز حول العين أو خلفها، وتشمل الأعراض والعلامات الأخرى الشائعة للصداع العنقودي ما يلي:
- عدم الراحة أو الشعور بحرقان خفيف.
- تورّم أو تدلّي العيون.
- صِغر بؤبؤ العين.
- احمرار العين.
- العيون الدامعة.
- سيلان أو احتقان الأنف.
- وجه أحمر ودافئ.
- التعرق.
- الحساسية للضوء.
- الأرق أو الانفعالات السريعة.
تشخيص الصداع العنقودي
لتشخيص الإصابة بالصداع العنقودي يُجري الطبيب عددًا من الفحوصات التشخيصية، وفيما يلي توضيحًا لها:
- الفحص البدني والتاريخ الطبي: يتحقق الطبيب خلاله من الأعراض والعلامات التي يُعاني منها المُصاب، ويتعرّف على تاريخه الطبي والحالات الصحية التي يشكو منها.
- الفحوصات التصويرية: يُمكن أن يلجأ الطبيب لبعض الفحوصات التصويرية بما في ذلك التصوير بالرنين المغناطيسي للرأس (MRI of the head)، والهدف منها استبعاد الحالات الصحية الأخرى التي قد يكون الصداع أحد أعراضها.
أسباب الصداع العنقودي
لا تزال أسباب الصداع العنقودي الدقيقة غير معروفة تمامًا، إلّا أنه نوع من الصداع الناتج عن خلل في الساعة البيولوجية للجسم أو منطقة ما تحت المهاد، ويُمكن للعديد من الأمور أن تُحفّز الصداع العنقودي وتزيد من عدد نوباته أو شدتها، ويُذكر من أسباب الصداع العنقودي المُحتملة:
- دُخان السجائر.
- الكحول.
- الروائح القوية.
- الانتقال للأماكن شاهقة الارتفاع.
- التعرّض للضوء الساطع.
- ممارسة التمارين المُجهدة.
- الحرارة.
- الأطعمة التي تحتوي على النترات.
- الكوكايين.
من هم الأكثر عرضة للإصابة بالصداع العنقودي؟
يُصيب الصداع العنقودي 1 من كل 1000 شخص، وهو أقل شيوعًا من الصداع النصفي على الرغم من أن بعض الأشخاص يُعانون من كلا النوعين من الصداع، وعادةً ما تبدأ أعراض الصداع العنقودي في الظهور بين سن 20 و 40، واعتقد الباحثون قديمًا أن الصداع العنقودي أكثر شيوعًا لدى الرجال مقارنةً بالنساء، أما الآن فإنهم يعتقدون أنه يُؤثر في الرجال والنساء بالتساوي، بالإضافة إلى ذلك، يشيع الصداع العنقودي أكثر لدى الأشخاص الذين يُدخنون ويشربون الكحول بشكلٍ متكرر، ويُعاني الكثير من الأشخاص الذين يُصابون بالصداع العنقودي من انقطاع النفس أثناء النوم أيضًا.
علاج الصداع العنقودي
للأسف لا يوجد حتى الآن علاج مُحدد يُمكنه أن يُحقق الشفاء التام وعلاج الصداع العنقودي، ومع ذلك تهدف العلاجات المتاحة إلى تقليل شدة الألم، وجعل فترة الصداع أقصر، والحد من عدد نوباته وتكرارها. ونظرًا لأن ألم الصداع العنقودي يأتي فجأة وقد يهدأ في غضون فترة زمنية قصيرة، فقد يكون من الصعب تقييم وعلاج الصداع العنقودي كونه يتطلب أدوية سريعة المفعول، وفيما يلي بعض العلاجات التي يُمكن استخدامها للتعامل مع آلام الصداع العنقودي ونوباته:
1- العلاج بالأكسجين
من الطرق الشائعة في علاج الصداع العنقودي، وفيه يُعطى المُصاب بالصداع العنقودي جرعة عالية من العلاج بالأكسجين من خلال قناع الوجه لمدة 15-20 دقيقة.
2- العلاجات الدوائية
تهدف العلاجات الدوائية إلى السيطرة على الألم والأعراض الأخرى المُصاحبة لنوبات الصداع العنقودي، وتقليل عدد مرات نوباته، ويُذكر من الأدوية المستخدمة في علاج الصداع العنقودي ما يلي:
- دواء سوماتريبتان: قد يصف الطبيب في بعض الحالات رذاذًا للأنف يُسمى سوماتريبتان لتخفيف الألم الشديد الناتج عن الصداع العنقودي، ويُعد سوماتريبتان ناهض انتقائي لمستقبلات السيروتونين، مما يُساعد على انقباض الأوعية الدموية في الدماغ، وبالتالي تخفيف الألم.
- أدوية ضغط الدم: تعمل هذه الأدوية على استرخاء الأوعية الدموية، مما يُساعد على تقليل نوبات الصداع العنقودي المتكررة، ومن أمثلتها بروبرانولول وفيراباميل.
- دواء بريدنيزون: أحد الأدوية الستيرويدية التي يُمكن تناولها للمساعدة على تقليل الالتهاب والتورم المصاحبين لنوبات الصداع العنقودي.
- حقن ثنائي هيدروإرغوتامين (DHE): يُمكن أن تُساعد هذه الحُقن على وقف النوبات الشديدة للصداع العنقودي في غضون 5 دقائق، ويجدر التنويه هنا إلى أن هذا الدواء قد يكون خطيرًا إذا تم تناوله مع سوماتريبتان أو بعض الأدوية الأخرى.
- كربونات الليثيوم: دواء يُساعد على إعادة توازن بعض المواد الكيميائية في الدماغ.
- الأدوية المضادة للتشنج: من الأمثلة عليها توباماكس، وحمض الفالبرويك.
- مرخيات العضلات: من أمثلتها باكلوفين.
- الأدوية المضادة للاكتئاب.
3- الجراحة
يُمكن أن يلجأ الطبيب للجراحة كحل أخير لعلاج الصداع العنقودي، وخلالها يتم تعطيل العصب الثلاثي التوائم، ويُمكن أن تُسبب الجراحة تخفيفًا دائمًا للألم لبعض المُصابين، إلّا أنها ترتبط بالعديد من الآثار الجانبية الخطيرة بما في ذلك التنميل الدائم بالوجه.
هل الصداع العنقودي خطير؟
الصداع العنقودي لا يُعد حالة صحية مُهددة للحياة، وعادةً لا يُسبب أي تغيرات دائمة في الدماغ، ومع ذلك فإنه حالة مزمنة طويلة الأمد، وغالبًا ما تكون مؤلمة بما يكفي لتتداخل مع قدرة المُصاب على القيام بالأنشطة الحياتية المختلفة، بالإضافة لذلك يُمكن أن يحدث الصداع العنقودي بشكل أقل مع التقدم في العمر.
هل يمكن الوقاية من الصداع العنقودي وتجنّبه؟
في الواقع يُمكن أن تُساعد بعض الأساليب الوقائية على تقليل فرصة الإصابة بالصداع العنقودي وليس منع حدوثه تمامًا، وفيما يلي بعضها:
- الحصول على قسط كافِ من النوم المريح، والنوم في الوقت ذاته كل ليلة.
- تجنّب استهلاك الكحول.
- الإقلاع عن التدخين.
- تجنّب النشاط البدني الشاق أو الإقامة في الأماكن ذات الارتفاعات العالية.