تحقيق مسبار
تتحقق المقالة التالية من ماهية خطوط الطول ودوائر العرض، وتجيب على سؤال هل خط الاستواء أطول دوائر العرض؟ كما توضح عدد دوائر العرض وأهمها، وأهميتها وفيما تُفيد، وتستعرض دوائر العرض على خريطة العالم.
خطوط الطول ودوائر العرض
خطوط الطول ودوائر العرض هي خطوط وهمية تدور حول الأرض باتجاهات مختلفة. ولتوضيح الفرق ما بين خطوط الطول ودوائر العرض فإن خطوط الطول هي تلك التي تدور حول الأرض وتكون بشكل عمودي من الأعلى للأسفل وتلتقي عند القطبين الشمالي والجنوبي، ويُقاس بها شرق أو غرب خط الطول الرئيسي، وتقاس المسافة حول الأرض بـ360 درجة. وخط الطول الذي يمر عبر غرينتش وإنجلترا أحد أهم خطوط الطول، وهو مقبول دوليًا بخط طول بدرجة 0، كما يُعرف باسم خط الزوال الرئيسي، وهو الذي يقسم العالم إلى نصفين، النصف الشرقي منه والنصف الغربي.
أما عن دوائر العرض فهي تلك الدوائر التي تقيس المسافة ما بين شمال وجنوب خط الاستواء على خريطة الموقع أو الكرة الأرضية، وتُعرف بالمتوازيات، لكونها تأتي بشكل متوازٍ. ولا شك أن خطوط الطول ودوائر العرض تعملان معًا كشبكة تتقاطعان فيها، لينتج عن ذلك ما يُعرف بالإحداثيات التي تستخدم في تحديد مكان أي نقطة على وجه الأرض.
عدد دوائر العرض
إن عدد دوائر العرض 180 دائرة عرض، وتأتي في خطوط متوازية نسبيًا مع خط الاستواء على دائرة عرض بدرجة صفر، والتي تصل إلى +90 درجة شمال خط الاستواء حتى القطب الشمالي، و-90 جنوب خط الاستواء حتى القطب الجنوبي.
دوائر العرض الرئيسية
عدد دوائر العرض الرئيسية 5 دوائر، وتتمثل فيما يأتي:
- الدائرة القطبية الشمالية: هي إحدى دوائر العرض الرئيسية التي تضم حدود المنطقة الشمالية المُتجمدة شمال الكرة الأرضية في دائرة عرض 66,5628 °، وتتميز بدرجات الحرارة شديدة البرودة، وبما تشهده خلال فصل الشتاء من ظلام دامس يدوم 24 ساعة في اليوم، أما في فصل الصيف تشهد 24 ساعة من ضوء الشمس في اليوم.
- مدار السرطان: يحيط بالمناطق الشمالية المُعتدلة مع الدائرة القطبية الشمالية، ويقع على عرض 23,4372 °، يُسمى بالمدار الشمالي وفيه يحدث الانقلاب الصيفي الذي تكون فيه الشمس فوق أعلى ارتفاع عن أقصى الشمال بشكل مباشر في شهر يونيو من السنة.
- خط الاستواء: الخط الذي يفصل الكرة الأرضية إلى نصفين شمالي وجنوبي عند دائرة عرض 00,00°، ويغطي مسافة 24901 ميلًا على سطح الأرض، وتتعامد الشمس عليه مرتين سنويًا أحدهما في شهر مارس وأخر في شهر سبتمبر في ظاهرة تعرف بالاعتدال. كما يُعرف خط الاستواء بالخط المتعامد مع محور دوران الأرض. وتعرف المناطق المحيطة بخط الاستواء بالمدارية، والشمالية منه بمدار السرطان، أما المنطقة الجنوبية منه فهي منطقة مدار الجدي.
- مدار الجدي: وهو مدار يحيط بالمنطقة المعتدلة الجنوبية المرتبطة بالدائرة القطبية الجنوبية على دائرة عرض -23,4372°، ويحدث فيه الانقلاب الشتوي في شهر ديسمبر عندما تقع الشمس في أقصى الجنوب مباشرة مرة واحدة في السنة.
- الدائرة القطبية الجنوبية: وهي الحدود المتجمدة من المنطقة الجنوبية وحتى الجنوب التي تقع على عرض -66,5628°، وإن موقعها غير ثابت، ويعود ذلك لميل الأرض المحوري والذي يتغير حوالي 2 درجة على مدار 40000 عام بسبب قُوى المد والجزر الناتجة عن كوكب الأرض مع القمر.
دوائر العرض على خريطة العالم
تعددت المحاولات عبر الزمن في سبيل إنشاء طريقة مضمونة لقياس مواقع الأشخاص والأماكن على الأرض، ولم تكن هناك احتمالية لتواجد دوائر العرض على خريطة العالم قبل مجيء عالِم الرياضيات والفلك والجغرافيا اليوناني بطليموس، الذي أنشأ لكوكب الأرض نظامًا شبكيًا عندما قام بتقسيم الدائرة إلى 360 درجة، وكانت كل درجة تتألف من 60 دقيقة، وكل دقيقة تتكون من 60 ثانية، حتى طبَّق النظرية على سطح الأرض وقام بتحديد الأماكن بالدرجات والدقائق والثواني، ونشرها كإحداثيات في كتابه الجغرافيا.
وعلى الرغم من اعتبار طريقة بطليموس كأفضل محاولة في تحديد دوائر العرض على الأرض في تلك الحقبة، إلا أن الطول الدقيق لدوائر العرض لم يتم تحديده لمدة ما يقارب 17 قرنًا، حتى تم تطويره في العصور الوسطى وتنفيذه بشكل كامل بدرجة 111 كم، وكتابة الإحداثيات بالدرجات على شكل °، والتي أصبح يستفاد منها في مجموعة من المهام والوظائف العملية.
هل خط الاستواء أطول دوائر العرض؟
صحيح، يعتبر خط الاستواء أطول دوائر العرض مع خط عرض صفر، ويجدر القول أن خطوط العرض تقصر كلما ابتعدت عن خط الاستواء، بحيث تصل إلى نقطة عند القطبين بمسافة +90 درجة شمالًا و-90 درجة جنوبًا، على خلاف خطوط الطول التي تتقارب في أطوالها.
أهمية دوائر العرض
تتمحور أهمية دوائر العرض في قدرتها على تحديد المواقع على خريطة العالم بشكل أساسي، وما يتبعها من تفاصيل متعلقة بطبيعة الموقع وأهميته وتفاصيل مناخه، وغيرها من الأمور التي قدمت الإفادة لمجموعة المهتمين بمعرفة دوائر العرض من فئات مختلفة، سواء الجغرافيين أو العسكريين أو الفلكيين.
وفي توضيح أكبر لأهمية دوائر العرض فهي تكمن في عملها مع خطوط الطول جنبًا إلى جنب فيما ينتج عنهما إحداثيات تحديد المواقع، التي تتطلبها عمليات الجيش من خلال تقديم معلومات حول أماكن الأسلحة أو قوات العدو للقادة العسكريين، بالإضافة إلى دورها في الهندسة من خلال قدرتها على مساعدة المهندسين في التخطيط المتمكن في بناء الجسور أو البنايات أو الآبار وغيرها، كما لها دور في عمليات الإنقاذ التي تقوم بدورها في مساعدة طياري الطائرات على الهبوط في أماكن معينة أو إسقاط المساعدات في أماكن معينة.
دوائر العرض تفيد في..
إلى جانب أهمية دوائر العرض في تحديد المواقع، إن دوائر العرض تفيد في:
- الجغرافيا: دوائر العرض تفيد في المِلاحة والباحثين في فهم الأنماط الظاهرة على الأرض على اختلاف أشكالها، إذ تتميز خطوط العرض العالية على سبيل المثال بتمتعها بمناخات مختلفة عن تلك الموجودة في خطوط العرض المنخفضة، وهذا ما يلاحظ على جو أو مناخ القطب الشمالي الأكثر برودة وجفافًا من ذلك الذي تتمتع به المناطق الاستوائية، ويعود ذلك للتوزيع غير المتساوي لأشعة الشمس عند خط الاستواء وباقي الأرض.
- إن دوائر العرض تفيد في توضيح سبب الاختلافات الموسمية الشديدة الطارئة على المناخ، إذ وبالاعتماد على دائرة العرض يمكن معرفة تباين تسلُّط ضوء وزاوية الشمس على مناطق معينة في أوقات مختلفة من السنة، وهذا ما يؤثر على درجات حرارة كل منطقة، التي تعتبر الرابط الذي يخلق تفسيرًا للبيئات التي تتناسب مع أنواع النباتات والحيوانات التي بإمكانها التواجد في أماكن معينة للنمو والعيش، وهذا ما يُفسره التنوع البيولوجي الكبير الموجود في الغابات الاستوائية المطيرة، بينما تبدو الطبيعة في كل من القطب الشمالي والجنوبي ذوي الظروف القاسية أقل تنوعًا وربما أكثر ميلًا لانقراض بعض الأنواع.
اقرأ/ي أيضًا:
