` `

هل يؤدي تعويم العملة إلى تغيّر سعرها؟

سياسة
19 يناير 2023
هل يؤدي تعويم العملة إلى تغيّر سعرها؟
يؤدي تعويم العملة إلى تغيّر سعرها مقارنة بالعملات الأجنبية (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

كثيرًا من يتمّ اللجوء إلى تعويم العملة للحصول على الكثير من الفوائد الاقتصادية بعد إجراء هذه العملية؛ إلا إن هُناك الكثير من المخاطر التي تحفّ عملية التعويم أيضًا. يسلط هذا المقال الضوء على الفوائد والأضرار التي تنتج عن تعويم العملات مع توضيح الأشكال والأنواع المختلفة للتعويم أيضًا.

هل يؤدي تعويم العملة إلى تغيّر سعرها؟

يؤدي تعويم العملة إلى تغيّر سعرها مقارنة بالعملات الأجنبية. ويتم تحديد سعر العملات بشكل أساسي بالاعتماد على العرض والطلب عندما تكون عائمة، وذلك خلافًا لسوق صرف العملات الثابتة التي لا تتأثر بانخفاض الطلب أو ازدياده، وإنما يتم تحديد السعر من قبل الحكومة في غالب الأحيان عندما يكون الصرف ثابتًا.

صورة متعلقة توضيحية

ما هو معنى تعويم العملة؟

يمكن تعريف تعويم العملة بأنه ترك سعر صرف هذه العملة للسوق النقدية حتى تحدّد أسعارها بناءً على العرض والطلب، وعادة ما تختلف سياسات الدول في تعويم العملة بناءً على كفاءة أدائها ومدى مرونة الجهاز الإنتاجي فيها، بالإضافة إلى مستوى تحرر الاقتصاد الوطني للدولة. وعلى الرغم من ترك سعر الصرف عند تعويم العملة؛ إلا إن الحكومات تحرص على اتخاذ الإجراءات التي تحافظ على إبقاء سعر العملة مناسبًا للتجارة على المستوى الدولي.

هل يوجد أكثر من شكل لتعويم العملة؟

يوجد شكلان اثنان لتعويم العملة، وهُما: التعويم المُدار والتعويم الحر، وفيما يأتي بيان للفرق بين الشكلين:

  • التعويم الحرّ: في هذا الشكل يتم ترك سعر الصرف بشكل كامل للعملة حتى يُحدّد بحريّة حسب معطيات سوق النقد، ولا تتدخل الحكومات في أسعار الصرف إلى فيما يتعلّق بإبطاء سرعة التغيير في سعر الصرف.
  • التعويم المُدار: في هذا النوع يتدخل المصرف المركزي في الأسعار كلّما تطلبت الحاجة ذلك، استجابة للعديد من العوامل، ومنها الفجوة الكبيرة بين الطلب والعرض، والتطورات في أسعار الصرف في السوق الموازية وغيرها.

ما هي الأنواع المختلفة لأنظمة تعويم العملة؟

توجد عدة أنواع لأنظمة تعويم العملة في العالم، وهي الأنواع الآتي ذكرها:

  • التعويم النقي: يكون تعويم العملة نقيًا إذا لم يتدخّل البنك المركزي في أسعار الصرف، وتركها للسوق المالية حتى تُحدد أسعارها وفقًا للعرض والطلب، وبذلك يكون التعويم حرًا بشكل كامل دون إدارة من البنك المركزي بشكل عام.
  • التعويم غير النقي: في هذا النوع من أنظمة التعويم يحرص البنك المركزي على التدخّل لمنع التقلبات التي تطرأ على أسعار الصرف للعملة عند الوصول إلى حدود معينة خلافًا للتعويم النقيّ، وهذا يعني إدارة البنك المركزي للتعويم.
  • التعويم المشترك: يتضمن هذا النوع من التعويم العملات التي ترتبط في أسعار الصرف مع بعضها البعض سواءً كان ذلك عند الانخفاض أو الارتفاع، ومن الأمثلة على ذلك التنظيم النقدي لدول الاتحاد الأوروبي.
  • التعويم المستقلّ: يكون تعويم العملة مستقلًا إذا لم يرتبط سعر الصرف لها انخفاضًا وارتفاعًا بأيّ عملة من العملات الأخرى، وبذلك يكون تحديد سعر الصرف بناءً على العرض والطلب مستقلًا بالكامل.

لماذا يتدخل البنك المركزي في أسعار الصرف عند تعويم العملة؟

إذا انخفضت أسعار الصرف للعملة بشكل أكبر أو انخفضت بشكل حادّ؛ فإن ذلك يؤثر على التجارة بشكل سلبي إلى جانب تأثيره على الوفاء بسداد الديون، ولذلك يتدخل البنك المركزي للدولة، ويقوم بالعديد من الإجراءات لنقل أسعار الصرف إلى قيمة معقولة دون تركها ضمن المستويات المرتفعة أو المنخفضة.

ما هي دواعي تعويم العملة؟

هُناك العديد من الدواعي لتعويم العملة وتحرير أسعار صرفها، وتتضمن القائمة الآتية عدة منها:

  • عدم وجود الاحتياطات الكافية: إذا لم تمتلك الدولة الاحتياطات الكافية من النقد؛ فلن تستطيع المحافظة على سعر الصرف، وهو ما يدعوها أحيانًا إلى الاعتماد على نظام تعويم العملة.
  • عدم الحاجة إلى التدخل الدائم: يتم إجراء عدد كبير من عمليات الصرف المعقدة يومًا، وتصبح عمليات الصرف أكثر تعقيدًا بناءً على عمليات بعض السماسرة، عند تعويم العملة لا تحتاج البنوك المركزيّة إلى تدخل يوميّ للمحافظة على أسعار الصرف.
  • صعوبة تحديد سعر صرف ثابت ومتوازن: يصعب على الدولة تحديد سعر صرف ثابت ومتوازن لعملتها، ويصبح الأمر معقدًا بشكل أكبر لدى الدول التي تشهد إصلاحيات هيكليّة واسعة، ويدعوها ذلك إلى تعويم العملة وتحرير أسعارها.
  • عدم استقرار الاقتصاد الكلي: إن عدم الاستقرار في الاقتصاد الكلي من المشاكل التي تواجهها عدة دول حول العالم وتجعل مهمة تثبيت أسعار الصرف معقدة وصعبة، ولذلك تلجأ إلى تحرير الأسعار وتعويم العملة.
  • العوامل السياسية: تقتضي العوامل السياسية في العديد من البلدان تعويم العملة وتحرير أسعار الصرف للمحافظة على مصالحها، ولا شك بأن للعوامل السياسيّة أثر في اتخاذ القرار بتعويم عملة الدولة.

ما هي فوائد تعويم العملة؟

تطمح الدول إلى الحصول على العديد من الفوائد عند تعويم العملة، ويُعد تجنب التضخم من أبرز فوائد تعويم العملة حسب موقع انفيستوبيديا، ومن الفوائد كذلك تقليل حجم الاحتياطيات المطلوبة، وإتاحة الفرصة للهيئات المالية والنقدية فيما يتعلق بمتابعة الحاجات الداخلية للدولة، وتلجأ الدول إلى اتخاذ القرار بتحرير أسعار صرف العملة بعد إجراء مقارنة بين الإيجابيات والسلبيات لضمان الحصول على أقصى فائدة ممكنة.

ما هي العوامل التي تؤثر على سعر صرف العملة؟

تتأثر أسعار صرف العملة بالكثير من العوامل، ومنها العوامل الآتية:

  • مقدار الطلب على الخدمات والسلع: عندما يزداد شراء الأفراد للسلع أو الخدمات الأجنبية تزداد مستويات عرض العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، ويؤثر ذلك على أسعار الصرف بشكل كبير للعملة المحلية الوطنية.
  • التضخم: إن التضخم من أكبر المشاكل التي تؤدي إلى اختلال النظام الاقتصادي في الدولة، ويؤدي إلى إضعاف قدرتها على توفير التمويل المطلوب من العملات الأجنبية، ويؤدي إلى انخفاض سعر الصرف للعملة الوطنية.
  • سياسات الدولة المالية والنقدية: لا شكّ بأن أسعار الصرف تتأثر بالسياسات المالية والنقدية الداخلية في الدولة، ومن ذلك قيمة الضرائب التي تفرضها الدولة لمعالجة التضخم الذي تعاني منه العملة.

ما هي سلبيات ومخاطر تعويم العملة؟

إلى جانب الفوائد التي تجنيها الدول عندما يتم تعويم العملة وتحرير أسعار صرفها توجد العديد من المخاطر والسلبيات لتعويم العملة أيضًا. فيما يأتي قائمة تتضمن أبرز سلبيات ومخاطر تعويم العملة:

  • تقلبات الأسعار: لا شكّ بأن تعويم العملات يؤدي إلى التقلبات المستمرة في أسعار الصرف، وتكون هذه التقلبات كبيرة، ويمكن أن تؤثر على التجارة الدوليّة بشكل سلبي وتعرضها إلى خطورة كبيرة.
  • إعاقة عملية التنمية: يؤدي تحرير أسعار الصرف إلى عدم استقرار احتياطات الصرف لدى الدولة، وهو ما يتسبب بالخسائر الكبيرة بالنسبة إلى مديونية الدولة الخارجية، ويعود ذلك بآثار سلبية على التنمية.
  • التضخم: في بعض الأحيان يؤدي تحرير أسعار صرف العملة إلى العديد من آثار التضخم، ويمكن أن تتسبب هذه الآثار بعرقلة السياسات النقدية الوطنية للدولة.

هل توجد أسباب دعت إلى تعويم الجنيه المصري؟

بالفعل توجد عدة أسباب دعت إلى تعويم الجنيه المصري، وفيما يأتي العديد من هذه الأسباب:

  • الحصول على قرض من صندوق النقد الدوليّ: توجهت مصر إلى الحصول على بعض القروض من صندوق النقد الدولي، واشترط الصندوق تعويم الجنيه المصري للموافقة على القروض المطلوبة.
  • القضاء على السوق السوداء: سعى البنك المركزي المصري إلى القضاء على السوق السوداء التي يتم بيع الجنيه فيها بشكل غير شرعي، وكان تعويم الجنيه من العوامل التي يمكنها القضاء على هذا السوق شريطة توفير النقد الأجنبي المطلوب.
  • الحد من استنزاف الاحتياطات الأجنبيّة: استخدم البنك المركزي جزءًا من الاحتياطات الأجنبية لدعم قيمة الجنيه مقابل الدولار الأمريكي ممّا أدى إلى استنزاف جزء كبير من هذه الاحتياطات، وعند التعويم؛ يقل استنزاف الاحتياطات الأجنبيّة.
  • تقوية المركز المالي لمصر: من خلال تعويم العملة يستطيع البنك المركزي الاحتفاظ بمزيد من الاحتياطات الأجنبية، وهو ما يساعد في إعادة الثقة للنظام المالي في مصر، ويزداد التصنيف الائتماني لها.
  • زيادة قدرة الصادرات التنافسية: عندما يتم تعويم الجنيه تنخفض قيمته مقابل العملات الأجنبية، وهو ما يؤدي إلى انخفاض كمية الصادرات من جمهورية مصر العربية، ويساعد ذلك في زيادة القدرة التنافسية.
  • حلّ أزمة نقص العملة الأجنبية: يُعد حل أزمة نقص العملة الأجنبية من الأهداف التي يسعى البنك المركزي المصري إلى تحقيقها على المدى القصير، ومن خلال تعويم الجنيه يمكن دعم الاحتياطي النقدي والوصول إلى هذا الهدف.
  • تعزيز قطاع السياحة: بما أن قيمة الجنيه المصري انخفضت مقابل الدولار الأمريكي بسبب قرار تعويم العملة؛ فهذا يعني أن بمقدور السائح الحصول على قدر أكبر من الخدمات مقابل القيمة المالية نفسها، وهو ما يعزّز قطاع السياحة.

ما هي أبرز نتائج تعويم الجنيه المصري؟

كان ارتفاع معدلات التضخم من أهمّ نتائج تعويم الجنيه المصري على المدى القصير، ونتج عن ذلك شعور الطبقات المتوسطة والفقيرة بانخفاض الدخل الحقيقي الذي يحصلون عليه، وهو ما تسبب بزيادة نسبة الفقر في جمهورية مصر العربية إلى قرابة 62% حسب إحدى الدراسات، وكان من نتائج التعويم أيضًا التدهور في طريقة توزيع الدخل.

أدى تعويم العملة في جمهورية مصر العربية إلى ارتفاع معدّل الدين العامّ حتى وصل إلى قرابة 55.7 مليار دولار أمريكي مع نهاية العام الماليّ 2015-2016 إلى جانب انخفاض القوّة الشرائية للجنيه، ومن المتوقع أن يستمر معدل الفقر داخل مصر بالازدياد أيضًا، وتسبب تعويم العملة بعجز الميزان التجاري بين الواردات والصادرات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل الدينار الكويتي يتصدر ترتيب أقوى العملات في العالم من حيث القيمة؟

العملة الورقية من الجنيه المصري صدرت عام 1899 وليس عام 1834

هل الدولار أقوى عملة في العالم؟

هل عملة قطر هي الريال؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على