تحقيق مسبار
يعاني مسلمو الروهينغا من اضطهادات كبيرة وانتهاكات لحقوق الإنسان منذ فترة طويلة، وذلك حسب العديد من المنظمات العالمية بما فيها هيومان رايتس ووتش، وكذلك منظمة العفو الدولية، وتم رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد حكومة ميانمار بسبب هذه الأعمال أيضًا عام 2017 بعد تعرض الروهينغا إلى أعمال عنف كبيرة جدًا.
من هم الروهينغا؟
يتم استخدام مصطلح الروهينغا للإشارة إلى مجتمع من المسلمين الذين يتركزون عمومًا في ولاية أراكان داخل بورما التي يطلق عليها اسم ميانمار أيضًا حسب موسوعة بريتانيكا، ويتعرض هؤلاء المسلمون إلى الكثير من المضايقات وانتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطات الحاكمة في البلاد.
أين تقع الروهينغا؟
لا توجد دولة تعرف باسم الروهينغا، وإنما يعيش هؤلاء الأفراد في بورما بشكل أساسي، ويمكن العثور على بعضهم في مخيمات للّاجئين داخل أراضي بنغلاديش، كما أن الكثير من مسلمي الروهينغا يحاولون الهجرة إلى الدول الأخرى حول العالم للحصول على حقوقهم المختلفة، التي تمنعهم منها السلطات الحاكمة في بلادهم.
ما هو أصل الروهينجا؟
يعود أصل الروهينجا إلى المسلمين الذين استوطنوا ولاية أراكان خلال ثلاثينيات القرن الخامس عشر، وتعود أصول الاضطهاد الذي تعاني منها مجتمعات الروهينغا إلى الاحتلال البريطاني في بورما حسب ناشونال جيوغرافيك؛ فإن بورما كانت جزءًا من الهند البريطانية خلال هذه الفترة من الاحتلال.
خلال فترة الاحتلال البريطاني لبورما دخل كثير من المسلمين إليها بصفتهم عمالًا مهاجرين مما تسبب بزيادة عدد المسلمين كثيرًا، ووعدت بريطانيا مسلمي الروهينغا بدولة مستقلة مقابل مساعدتها في الحرب العالمية؛ الثانية إلا أنها لم تفِ بهذا الوعد أيضًا، مما تسبب بالكثير من المشاكل للروهينغا فيما بعد.
هل يحمل الروهينغا جنسية ميانمار؟
بالرغم من استيطانهم في أراضي ميانمار منذ مئات السنين إلا أن حكومة ميانمار لا تمنح الروهينغا جنسيتها، وصرحت الحكومة في البلاد بوجود 135 مجموعة عرقية معترف بها، ولم تكن الروهينغا واحدة منها، وإلى جانب ذلك ترفض حكومة ميانمار الاعتراف بمصطلح الروهينغا أيضًا باعتباره يشير إلى الأقليات التي تعتنق الإسلام داخل المنطقة.
متى كانت أكبر موجة نزوح للروهينغا؟
في عام 2017 شهد العالم أكبر موجة نزوح جماعي للروهينغا، وذلك بعد تعرضهم إلى موجة هائلة من العنف في ميانمار، وتضمنت هذه الأعمال إحراق قرى بأكملها مع قتل آلاف الأسر أيضًا حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهو ما أجبر ما يزيد على 742 نسمة على البحث عن مكان للعيش في أراضي بنغلاديش.
ما أبرز الدول التي يهاجر إليها الروهينغا؟
نظرًا للاضطهادات التي يتعرض إليها الروهينغا يقوم الكثير منهم بالهجرة إلى الدول الأخرى حول العالم بعد مغادرة ميانمار، وتتضمن القائمة التالية أبرز الدول التي يهاجر إليها الروهينغا حسب مجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية:
- بنغلاديش: يقوم معظم مسلمي الروهينغا بالهجرة إلى بنغلاديش؛ فإنها من الدول المجاورة، ولكنها لا تمتلك سوى موارد وأراضي محدودة لاستضافة اللاجئين، ويصل عدد الروهينغا فيها إلى 900 ألف لاجئ تقريبًا.
- ماليزيا: وصل عدد الروهينغا في ماليزيا إلى 100 ألف لاجئ تقريبًا في عام 2019 مما يعني أنها تستضيف عددًا كبيرًا، ولكن معظمهم ليس لديه وضع قانوني، وهذا يجعلهم غير قادرين على العمل مع حرمانهم من التعليم والرعاية الصحية.
- الهند: يوحد آلاف اللاجئين من الروهينغا الذين يعيشون في الهند، ولا تعترف الحكومة الهندوسية في الهند بالروهينغا على أنهم مهاجرون شرعيون، وتقوم بإعادتهم إلى وطنهم عند العثور عليهم.
- تايلند: يتم النظر إلى تايلند على أنها مركز إقليمي لتهريب البشر، وعادةً ما يستخدمها الروهينغا بصفتها نقطة عبور لمواصلة الرحلة إلى إندونيسيا أو ماليزيا بعد مغادرة ميانمار أو بنغلاديش.
- إندونيسيا: لا يزال عدد المهاجرين من الروهينغا إلى إندونيسيا صغيرًا؛ إلا أنها واحدة من الوجهات التي يختارها هؤلاء المسلمون، وتتم معاملة الروهينغا في إندونيسيا بصفتهم مهاجرين غير شرعيين.
هل تمت إدانة جرائم حكومة ميانمار ضد مسلمي الروهينجا؟
في عام 2020 أصدرت محكمة العدل الدولية حكمًا يقضي بمنع جميع أعمال الإبادة الجماعية ضد مسلمي الروهينغا من قبل حكومة ميانمار مما يعني أنها أدانت هذه الجرائم بالفعل حسب موقع الأمم المتحدة على شبكة الإنترنت، وذلك بعد إعطاء الضوء الأخضر لإجراء التحقيق في الجرائم التي اتهمت بها ميانمار ضد هذه المجموعة.
لم تقتصر إدانة جرائم حكومة ميانمار ضد مسلمي الروهينجا على محكمة العدل الدولية، وإنما هناك بعض الدول التي ترفض هذه الأعمال أيضًا بما فيها غامبيا، وفي عام 2017 دعا وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي الأمم المتحدة لاتخاذ قرارات بشأن قضية مسلمي الروهينغا، الذين يعيشون في أراكان داخل ميانمار بشكل أساسي أيضًا.
هل تصنف مذابح الروهينجا بأنها من أعمال الإبادة الجماعية؟
تُصنّف مذابح الروهينجا بأنها من أعمال الإبادة الجماعية فعلًا، بعد رفع دعوى ضدها قضت محكمة العدل الدولية على حكومة ميانمار بعدم ارتكاب أية أفعال تندرج في نطاق المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، ويشمل ذلك قتل الأعضاء من الجماعة أو إلحاق الأضرار الجسدية أو العقلية بهم، أو إخضاعهم لظروف معيشية تهدف إلى تدمير الجماعة جزئيًا أو كليًا، أو فرض تدابير لمنع إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
في عام 2023 نشرت بعض حسابات التواصل الاجتماعي صورًا لمئات الأشخاص وهم عراة، وذلك مع الادعاء بأنها للمسلمين الذين ينتظرون إعدامهم في ميانمار، ولكن تحقيق مسبار راجع هذا الادعاء ووجد بأنه ادعاء مضلل؛ فإن الصورة التي تم نشرها مأخوذة من كواليس تصوير فيلم برازيلي، وليست من ميانمار أصلًا.
ما الدولة التي رفعت قضية ضد الإبادة الجماعية للروهينغا؟
لم تقم دول العالم العربي برفع دعوى الإبادة الجماعية ضد الروهينغا أمام محكمة العدل الدولية، وإنما قامت جمهورية غامبيا بذلك، وهي واحدة من دول أفريقيا، ولكن رفع الدعوى كان بدعم 57 عضوًا من الدول في منظمة التعاون الإسلامي، وفيما يأتي بعضًا من التفاصيل حول القضية حسب هيومان رايتس ووتش:
- سبب رفع الدعوى: قامت غامبيا برفع الدعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد أعمال الإبادة الجماعية التي يتعرض إليها الروهينغا، بعد ارتكاب جيش ميانمار جرائم وفظائع واسعة ضد الروهينغا، وشمل ذلك أعمال القتل والاغتصاب وغيرها.
- طبيعة الدعوى: إن القضية التي رفعتها غامبيا ليست قضائية جنائية، وإنما هي قضية بين دولة ودولة من الدول التي تحكمها النصوص القانونية في ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية الإبادة الجماعية والنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية.
- أهمية الدعوى: ظلت جرائم جيش ميانمار ضد مسلمي الروهينغا ممتدة إلى فترة طويلة دون أية مساءلة، وتكمن أهمية هذه الدعوى التي تم رفعها أمام محكمة العدل الدولية في مساءلة ميانمار والحد من أعمال الإبادة الجماعية.
هل يتعرض الروهينغا إلى الفصل العنصري؟
يتعرض الروهينغا إلى الفصل العنصري فعلًا حسب منظمة العفو الدولية؛ فإنهم يعيشون داخل سجن مفتوح نظرًا للمضايقات التي يتعرضون إليها من قبل حكومة ميانمار، ويتم حرمانهم من حقوقهم الأساسية بما في ذلك الحصول على الجنسية، ودفع هذا الفصل العنصري ما يزيد على 600 ألف إلى الهجرة للمعيشة في بنغلاديش.
تقوم حكومة ميانمار بعزل مسلمي الروهينغا في بعض المناطق أو الأحياء شبه المعزولة عن العالم الخارجي، ويواجه هؤلاء المسلمون قيودًا شديدة على حريتهم في الحركة خارج قراهم وأحيائهم، ويتم ذلك عبر شبكة من القوانين والأوامر والسياسات التي يتم تنفيذها من قبل المسؤولين في الدولة حسب التحقيق الذي أجرته منظمة العفو الدولية.
هل الروهينغا الوحيدون الذين يعانون من الفصل العنصري؟
لا يعاني الروهينغا وحدهم من الفصل العنصري أو عمليات الإبادة الجماعية، وإنما يتعرض الشعب الفلسطيني كذلك إلى أعمال الفصل العنصري حسب منظمة العفو الدولية، وتقوم دولة الاحتلال بفرض نظام من القمع والهيمنة ضد المواطنين الفلسطينيين داخل الأراضي التي تقع ضمن سيطرتها كما تفعل حكومة بورما ضد مسلمي الروهينغا.
اقرأ/ي أيضًا: