تحقيق مسبار
عند دراسة التراث الديني اليهودي، يتبين أن التوراة والتلمود أشبع بعمودين للحكمة والهداية في الإيمان، حيث أن لكليهما أهمية كبيرة في اليهودية ويؤديان أدوارًا متميزة ولهما أصول لافتة، فما هو الفرق بين التوراة والتلمود؟
عدد الكتب المقدسة عند اليهود
يتوقف عدد الكتب المقدسة عند اليهود على اعتبارات معينة بحيث تتفاوت أهمية كل كتاب بالنسبة لهم حسب مكانته. ومن أهم المعلومات حول الكتب المقدسة عند اليهود:
- المجموعة الأكثر شهرة وموثوقية للكتاب المقدس اليهودي هي الكتب المقدسة العبرية والمعروفة أيضًا باسم التناخ، والذي يتكون من 24 كتابًا مقسمة إلى ثلاثة أقسام رئيسية: التوراة والأنبياء والكتابات (الكيتوفيم).
- تحتوي التوراة أو "التعاليم" على الرحلات الخمس الأولى من الكتاب المقدس العبري: الخلق والهجرة والتجديد والوفرة والتثنية.
- تحتوي كتب التوراة على معلومات عن خلق العالم وعن تاريخ الآباء والأمهات والخروج من مصر بالإضافة إلى الشرائع التي وضعت على جبل سيناء والتيه في البرية، كما تعد التوراة التي استندت إلى أسفار موسى الخمسة الجزء الأكثر قدسية وأهمية في التقاليد اليهودية.
- يحتوي كتاب الأنبياء الثاني على أقوال وأفعال الأنبياء الذين تكلموا نيابة عن الله مع بني إسرائيل.
- يمكن تقسيم الأنبياء إلى مجموعات فرعية تضم: الأنبياء الأوائل ومنهم يوشع والقضاة وصموئيل والملوك، والأنبياء اللاحقون وهم إشعياء وإرميا وحزقيال والأنبياء الاثني عشر، بالإضافة إلى ذلك فإن جزء الأنبياء من التناخ يتحدث عن زمن الأنبياء وغزو أرض كنعان وقيام الممالك وسقوطها والرفض والنفي من بابل وعن الثروات والتحذيرات المستقبلية، بينما الكتابات أو الكيتوفيم هي عبارة عن أحد عشر كتابًا تعكس أدب وفكر الشعب اليهودي.
- يضم الزبور والأمثال وأيوب ونشيد أناشيد وراعوث والمراثي والجامعة وإستير ودانيال وعزرا ونحميا وقصص يومية.
- كما تضم كتب الشعر والحكمة وقصص متنوعة وكتب التاريخ وكتب رؤى نهاية العالم التي تعكس أفراح وأحزان ومعتقدات وشكوك وأفعال ومخاوف الشعب اليهودي.
ويذكر عمومًا أن عدد الكتب المقدسة عند اليهود يصل إلى 24 كتابًا باعتبار وجود الكتاب المقدس العبري وحده، لأنه يعدّ المصدر الأساسي والموثوق للكتب المقدسة، لكن العدد سيكون أكبر لو أدرجنا الكتب الشفهية (التلمود) والكتب اليهودية الأخرى.
هل التلمود كتاب سماوي؟
التلمود عبارة عن تجميع لكل القوانين والتقاليد اليهودية، وقد تم جمعها بين القرنين الثالث والسادس قبل الميلاد.
والفرق بين التوراة والتلمود هو أن التلمود يعتمد على التوراة الشفهية، والتي تتكون من تفسيرات وتوضيحات للتوراة المكتوبة التي تم نقلها شفهيًا وتم كتابتها لاحقًا في المشنا والجمارا، ومع ذلك، يتوضح الفرق بين التوراة والتلمود، فالتوراة تشير إلى أسفار موسى الخمسة بمعناها الضيق، وإلى كل العلوم اليهودية بمعناها الأوسع، ويعد التلمود تفسيرًا للتوراة، وليس بديلًا لها أو مناقضًا لها، ومن أهم المعلومات حول التلمود:
- يتكون التلمود من عنصرين رئيسيين هما: المشنا والجمارا، والمشنا هو خلاصة مكتوبة للتوراة الشفهية، بينما الجمارا هو توضيح للمشنا وللكتابات التي تضمها والتي غالبًا ما تتوسع بالحديث عن موضوعات أخرى موجودة في الكتاب المقدس العبري.
- يعتبر التلمود كتابًا مقدسًا لأنه يعكس الحوار المستمر وتطور التقليد اليهودي، كما أن التلمود هو المصدر الرئيسي للقانون الديني اليهودي (الهلاخا) واللاهوت اليهودي.
- التلمود ليس نصًا موحدًا، ولكنه مجموعة متنوعة وديناميكية من التعاليم التي تعكس آراء ومناقشات مختلف الحاخامات عبر الزمان والمكان.
- ليس المقصود من التلمود أن يُقرأ حرفيًا أو عقائديًا، بل أن يُدرس ويُفسر بالعقل والمنطق.
ما هو الفرق بين التوراة والتلمود؟
على الرغم من الفرق بين التوراة والتلمود إلا أن لكليهما أهمية في حياة اليهود، والفرق بين التوراة والتلمود يمكن توضيحه بما يلي:
- التوراة المعروفة أيضًا باسم أسفار موسى الخمسة والتي هي: التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية، بمثابة نص في اليهودية يضع الأساس للقانون والعادات اليهودية وتضم الشرائع والوصايا والروايات والتعاليم الأخلاقية التي تلعب دورًا أساسية في الممارسات اليهودية.
- اكتسبت التوراة الأهمية الكبرى لأنه يعتقد بأنها موحى بها من الله حيث ثم اعتقاد ديني بأنها كلمة الله التي أنزلها على موسى على جبل سيناء.
- على العكس من التوراة فإن التلمود عبارة عن مجموعة من التعاليم والتعليقات على التوراة، كما يضم تفسيرات ومناقشات تتعلق بالتوراة والتي ساهم بها الحاخامات على مدار قرون عديدة.
- التلمود بعنصريه الميشنا والجمارا يتعمق في مجموعة واسعة من المواضيع، منها القانون المدني والقانون الجنائي وكيفية ممارسة الطقوس، بالإضافة إلى الأخلاق واللاهوت والفولكلور، كما يقدم تفسيرات مفصلة لتعاليم التوراة.
- يتضمن التلمود أيضًا مناقشات حول مسائل عملية مما يجعل منه دليلًا شاملًا لجميع جوانب الحياة اليهودية، ومن أهم المسائل العملية التي يتضمنها التلمود:
- الزراعة.
- التجارة.
- الطب.
- الحياة الأسرية.
- العمارة.
- علم الفلك.
- تفسير الأحلام.
- الخرافات.
- الجغرافيا.
- التاريخ.
- الأساطير.
- السحر.
- الرياضيات.
- الميتافيزيقا.
- العلوم الطبيعية.
- الثيوصوفيا.
وعلى الرغم من الفرق بين التوراة والتلمود لكن كلاهما يعتبران نصين أساسيين عند اليهود.
الفرق بين التناخ والتوراة
إضافة إلى الفرق بين التوراة والتلمود قد يتساءل البعض عن الفرق بين التناخ والتوراة، حيث أن كلاهما نصان مهمان في الديانة اليهودية، لكن لهما معاني ونطاقات مختلفة.
ولتفصيل الاختلافات ما بين الاثنين نذكر أنه غالبًا ما يُشار إلى الكتاب المقدس العبري باسم التناخ، وهي كلمة تجمع بين الحرف الأول من كل قسم من الأقسام الرئيسية الثلاثة له: T للتوراة وN للنفيئيم (الأنبياء) وK للكيتوفيم (الكتابات).
والتناخ هو أساس العهد القديم المسيحي، على الرغم من اختلاف ترتيب الأسفار وتقسيمها، كما يعد التناخ أيضًا أساس التوراة الشفهية، والتي تتكون من تفسيرات وتوضيحات للتوراة المكتوبة التي تم نقلها شفويًا ثم تم تدوينها لاحقًا في التلمود والمدراش.
وعلى الرغم من أن التناخ هو النص المركزي لليهودية، إلا أن بعض اليهود يجدون صعوبة في فهم كيفية تنفيذ القوانين المنصوص عليها فيه، لذلك ساعدهم وجود التلمود على تفسير قوانين التناخ المكتوبة، فعلى الرغم من وجود فرق بين التوراة والتلمود إلا أنهما مكملان لبعضهم البعض.
ويمثل التناخ الكتاب المقدس اليهودي بأكمله ويتضمن مجموعة واسعة من الأدب التاريخي والنبوي والشعري والحكمة، ويعد بمثابة مجموعة شاملة من التعاليم والروايات الدينية التي تشكل أساس العقيدة والممارسات اليهودية.
بينما تعتبر التوراة الكتاب المقدس الأكثر قداسة ومركزية في الكتب اليهودية المقدسة، حيث يحتوي على الوحي الإلهي المعطى لموسى على جبل سيناء، إضافة إلى الاعتقاد أن التوراة هي كلمة الله ويتم تبجيلها باعتبارها المصدر الرئيسي للقانون الديني والتعاليم الأخلاقية للشعب اليهودي.
وقد تم ذكر الاعتقاد ذلك في التوراة نفسها حيث تدعي أنها كلمة الله، كما جاء في تثنية 31: 24-26: "ولما فرغ موسى من كتابة كل كلمة من هذه التوراة في الدرج، أمر موسى اللاويين حاملي تابوت العهد للرب: «خذوا كتاب التوراة هذا وضعه بجانب تابوت عهد الرب إلهكم».
الفرق بين التوراة والزبور
إضافة إلى الفرق بين التوراة والتلمود قد يتساءل البعض عن الفرق بين التوراة والزبور، حيث أنهما جزءان من الكتاب المقدس العبري، المعروف أيضًا باسم التناخ، والفرق بين التوراة والزبور هو أن التوراة عبارة عن الكتب الخمسة الأولى من الكتاب المقدس المنسوبة لموسى وتحتوي على الشرائع والتعليمات التي أعطاها الله لبني إسرائيل.
في حين أن الزبور عبارة عن مجموعة من 150 قصيدة تعبر عن مشاعر وموضوعات متنوعة مثل التسبيح والرثاء والشكر والحكمة، وغالبًا ما يُنسب الزبور إلى الملك داود الذي كان موسيقيًا وشاعرًا ماهرًا.
والفرق الرئيسي بين التوراة والزبور هو طبيعتهما والغرض منهما، فالتوراة هي رواية عهد الله مع إسرائيل والالتزامات المصاحبة لذلك، أما الزبور هي قصائد عن علاقة الإنسان مع الله.
ويعكس الزبور التجارب الشخصية والجماعية للمؤمنين وآمالهم ومخاوفهم، وهو أيضًا شكل من أشكال العبادة والصلاة، لأنه يعترف بسيادة الله ورحمته.
وعلى الرغم من وجود فرق بين التوراة والزبور إلا أنها تعد أجزاء مهمة من الكتاب المقدس العبري.
كما ترتبط التوراة والزبور ببعض النواحي، فبعض قصائد الزبور تحتفل بالتوراة وتتأمل فيها، مثل القصائد 1 و19 و119.
بالإضافة إلى أنهما يشيران إلى مجيء المسيح، الذي يعتقد المسيحيون أنه يسوع المسيح.
الفرق بين التوراة والعهد القديم
قد يتساءل البعض عن الفرق بين التوراة والعهد القديم إضافة إلى الفرق بين التوراة والتلمود، حيث أن التوراة والعهد القديم كلمتان تشيران إلى أجزاء مختلفة من الكتاب المقدس العبري، المعروف أيضًا باسم التناخ، والفرق بين التوراة والعهد القديم هو أن التوراة هي الجزء الأول والأكثر قداسة من التناخ، الذي يتكون من أسفار موسى الخمسة، وتحتوي على معلومات عن الخلق والآباء والخروج والعهد والشريعة.
في حين أن العهد القديم هو المصطلح الذي يستخدمه المسيحيون لوصف الجزء الأول من كتابهم المقدس، بما في ذلك التوراة وغيرها من كتب التاريخ والنبوة والحكمة والشعر.
وينقسم العهد القديم إلى أربعة أجزاء رئيسية:
- أسفار موسى الخمسة (مثل التوراة).
- كتب التاريخ.
- كتب الشعر.
- كتب النبوة
وقد كتب بالعبرية والآرامية واليونانية بواسطة مؤلفين مختلفين على مدى فترة طويلة من الزمن.
والفرق الرئيسي بين التوراة والعهد القديم هو سلطتهما وتفسيرهما، فبالنسبة لليهود التوراة هي المصدر النهائي للوحي والهداية الإلهية، وهم يقرؤونها ويدرسونها بأكملها.
أما بالنسبة للمسيحيين، فإن العهد القديم هو جزء من كلمة الله، ويُقرأ ويُفهم في ضوء العهد الجديد، الذي يكشف تحقيق وعود العهد القديم في يسوع المسيح، كما يتم تفسير العهد القديم بشكل مختلف باختلاف الطوائف والتقاليد المسيحية.
الفرق بين التلمود البابلي والتلمود الفلسطيني
تم الحفاظ على التقليد الشفهي للقانون والتقاليد اليهودية في نسختين: التلمود البابلي والتلمود الفلسطيني. وهذه النصوص، التي جمعتها وحررتها الجماعات الحاخامية خلال الألفية الأولى بعد الميلاد، وهي من أهم النصوص.
والفرق بين التلمود البابلي والتلمود الفلسطيني هو أن التلمود البابلي كتب في بابل بعد تدمير الهيكل الثاني في القدس عام 70 م، ويعكس تجارب وتعاليم المجتمع اليهودي الذي استقر هناك.
وبالمثل تم إنشاء التلمود الفلسطيني في أرض إسرائيل، حيث ازدهر المجتمع اليهودي تحت الحكم الروماني.
كلا التلمودين مستمدين من المشنا، وهي مجموعة من القرارات القانونية والتعاليم المنسوبة إلى أمير الحاخام يهوذا الأمير عام 200 م. وفي حين أن الأساس النصي قد يكون هو نفسه، إلا أن التلمودين يختلفان بشكل كبير في الحجم والأسلوب.
ويُعرف التلمود البابلي بطوله الكبير وسعة خطابه وشموليته، كما أنه يغطي العديد من المواضيع ويتضمن ثروة من المعلومات والأبحاث، كما يتضمن العديد من المصادر من خارج ما يسمى أرض إسرائيل، مثل الثقافتين الفارسية والزرادشتية.
على عكس التلمود الفلسطيني الأكثر إيجازًا، والذي يركز على الجوانب العملية للقانون ويعكس الظروف والعادات المحلية لما يسمى أرض إسرائيل، ويستخدم التلمود الفلسطيني لغة آرامية مختلفة عن التلمود البابلي، ويختلف في البنية والشكل.
اقرأ/ي أيضًا:
