تشمل الأرض العديد من الأقاليم المُناخية، والتي تتنوع باختلاف المنطقة الجغرافية، بعضها يملك سمات شديدة التغاير عن المناطق المُناخية الأخرى، فيما أن بعضها الآخر متشابه بشكل كبير، ومن ذلك المُناخ المداري والمُناخ الاستوائي.

ما هو المُناخ المداري؟

المُناخ المداري هو المُناخ السائد في معظم مايعرف بالمناطق المدارية، وهي المناطق الواقعة تقريبًا بين مدار السرطان في الشمال ومدار الجدي في الجنوب، يسود في هذه المناطق الجو الدافئ طوال العام، وتشهد هطولات مطرية غزيرة نسبيًا في أغلب الأحيان.

يتميز المُناخ المداري والمناطق المدارية بما يلي:

• درجات حرارة مرتفعة طوال السنة: وهي شبه ثابتة، حيث لاتشهد تغيرات تذكر بين اليوم والآخر.
• انتشار الأمطار: والتي تكون غزيرة ودائمة في المناطق القريبة من خط الاستواء، وتكتسب الصفة الموسمية أكثر وأكثر، كلما ابتعدنا عنه شمالًا أو جنوبًا.
• تمثل المناطق المدارية مايقارب 40% من المساحة الإجمالية للعالم.
•  تحتضن المناطق المدارية حوالي 80% من التنوع الحيوي في الكرة الأرضية، وتشتمل على تنوع بشري ـ ثقافي ولغوي ـ كبيرٍ وغني.

أين يقع المُناخ المداري؟

يقع المُناخ المداري في المناطق التي تشكل وسط الكرة الأرضية تقريبًا، حيث يمتد على خطوط العرض الواقعة بين مدار السرطان شمالًا ومدار الجدي جنوبًا، وهي مساحةٌ تشمل خط الاستواء وأجزاء من قارات أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا وأستراليا.

يسود المُناخ المداري في 36% من مساحة اليابسة، ويؤثر على حوالي ثلث التعداد البشري في العالم، وهو يقع في المنطقة الأكثر تعرضًا للشمس في الكرة الأرضية.

تشمل الأماكن التي يقع فيها المُناخ المداري مناطقًا مثل غابات الأمازون والسافانا وجزر الكاريبي، ويتضمن دولًا مثل المكسيك وكوبا والكونغو والبرازيل وأستراليا.

خصائص المُناخ المداري

تعود خصائص المُناخ المداري إلى التوزع غير المتساوي لطاقة أشعة الشمس على سطح الكوكب، حيث يتلقى خط الاستواء معظم أشعة الشمس المباشرة، وذلك بعكس مناطق أخرى، والتي تتلقى كمية أقل من الطاقة الشمسية، هذا التفاوت هو السبب وراء الخصائص التي تميز المُناخ المداري ومن أهمها:

• تسبب الحرارة تبخر أكبر من المسطحات المائية المدارية، مما يؤدي لتكوّن رطوبة أعلى، وبالتالي تشكّل الهطولات المطرية الغزيرة التي تميز المُناخ المداري.
• الأمطار الوافرة تسبب زيادة في الغطاء النباتي، والذي يدعم بدوره باقي أشكال الحياة في هذه الأقاليم، وهذا ما يجعل مناطق المُناخ المداري غنية بيولوجيًا، وهي إحدى الخصائص المميزة للمُناخ المداري.
• يتميز المُناخ المداري بوجود فصلين: فصل رطب، وفصل جاف، وذلك بشكل مشابه لفصلي الشتاء والصيف في الأقاليم المُناخية الأخرى.
• العامل الأساسي الذي يميز الفصلين الرطب والجاف عن بعضهما، ليس درجات الحرارة، وإنما الهطولات المطرية، فالفصل الرطب يتمتع بهطولات مطرية غزيرة، أما الفصل الجاف فيكون ذو هطل مطري أقل، علمًا أنه في بعض الحالات لايعتبر الفصل الجاف جافًا مقارنةً بمناطق مُناخية أخرى.
• درجات الحرارة من أهم خصائص المُناخ المداري كذلك، حيث تكون شبه ثابتة على مدار العام، وفي الحقيقة نجد أن اختلاف درجات الحرارة في المناطق المدارية يتأثر بالارتفاع بدرجة أكبر من تأثره بالفصل، فمثل أي مكان آخر في العالم تنخفض درجة الحرارة كلما زاد الارتفاع عن مستوى سطح البحر.
• المرتفعات المدارية أقل برودةً من المرتفعات في المناطق المُناخية الأخرى، حيث يميل جوها ليكون معتدلًا في الغالب، يستثنى من ذلك الجبال الشاهقة، والتي تكون باردة وتغطي قممها الثلوج.

أنواع المُناخ المداري

وفقًا لاختلاف خصائص المُناخ المداري يمكن تمييز ثلاثة أنواع له:

1. المُناخ المداري للغابات المطرية (المُناخ المداري الاستوائي).
2. المُناخ المداري الموسمي.
3. المُناخ المداري الجاف (مُناخ السافانا المداري) والذي يقسم إلى نوعين: 
   1. سافانا صيف جاف وشتاء رطب.
   2. سافانا صيف رطب وشتاء جاف.

المُناخ المداري الجاف

يعرف باسم المُناخ المداري الجاف والرطب، كما يعرف أحيانًا باسم مُناخ السافانا ومن أهم خصائص المُناخ المداري الجاف:

• يعرف المُناخ المداري الجاف والرطب باسم مُناخ السافانا نسبةً إلى السهول العشبية التي تحمل هذا الاسم، والتي تتناوب عليها فترات المطر والجفاف
• يتميز المُناخ المداري الجاف والرطب بتعاقب ثلاثة فصول في السنة، أحدها جافٌ وبارد، والثاني جافٌ وحار، أما الفصل الثالث فيكون رطبًا وحارًا.
• الفصل الرطب والحار يكون مشابهًا للطقس الغالب على المُناخ الاستوائي، وتشهده مناطق المُناخ المداري الجاف لعدة أشهر في السنة فقط، فيما يسود طوال العام في المُناخ الاستوائي، وهذا فرق أساسي بين المُناخ المداري في السافانا والمُناخ الاستوائي.
• تعتمد الحياة في مناطق المُناخ المداري الجاف والرطب على أمطار الفصل الرطب، وتتعلق بشكل مباشر بكميات المطر الهاطلة، وبطول فترات انقطاعه. فعندما تكون الأمطار قليلة، يعاني البشر، كما تعاني الحياة البرية، من الجفاف والقحط، فيما تشهد المنطقة فيضانات غامرة خلال السنين التي تكون فيها الهطولات أعلى من معدلاتها بكثير.

المُناخ المداري الموسمي

يشمل المُناخ المداري الموسمي مناطق في جنوب آسيا وغرب أفريقيا ومن أهم خصائص المُناخ المداري الموسمي:

• المُناخ المداري الموسمي يمثل نظام هبوب رياح، تسمى بالرياح الموسمية، يتبدل اتجاه هذه الرياح كل ستة أشهر.
•  تهب الرياح الموسمية في العادة من البحر باتجاه اليابسة خلال الصيف، ومن اليابسة نحو البحر في الشتاء.
• رياح الصيف تحمل معها كمياتٍ وافرةً من الأمطار، والتي تهطل على اليابسة في مناطق المُناخ المداري الموسمي، لذلك يعتمد عليها سكان هذه المناطق لري محاصيلهم، وهو مايمكن أن نشهده بوضوح في دولٍ مثل الهند وبنغلاديش.
• يسود المُناخ المداري الموسمي في عدة من الدول مثل الهند وبنغلاديش الفيليبين وشمال أستراليا والصومال وإثيوبيا واليمن، وكلها مناطق تتداخل فيها اليابسة مع المسطحات المائية تداخلًا كبيرًا.
• السبب في حركة الرياح الموسمية في مناطق المُناخ المداري الموسمي، يرجع إلى اختلاف درجات حرارة الهواء على اليابسة مقارنةً بحرارته فوق المسطحات المائية المجاورة لها، والذي يسبب اختلافًا في الضغط بين المنطقتين، مما ينشأ عنه هبوب رياح قوية وجافة وباردة خلال الشتاء، وذلك بين شهر أكتوبر وحتى مارس، أما في الصيف فتهب رياح رطبة، والتي تسبب هطولات مطرية غزيرة حين تعترضها السلاسل الجبلية المرتفعة، مثل سلاسل جبال الهملايا (أعلي جبال في العالم) في جنوب شرق آسيا.

الفرق بين المُناخ المداري والاستوائي

الفرق بين المُناخ المداري والمُناخ الاستوائي، هو أن المُناخ الاستوائي هو أحد الأنواع الثلاثة للمُناخ المداري، وهو يعرف أيضًا باسم المُناخ المداري للغابات المطيرة، وكذلك باسم المُناخ المداري الرطب ومن أهم الفروقات بين المُناخ المداري والاستوائي:

• تقع مناطق المُناخ الاستوائي في المنطقة حول خط الاستواء، بين درجتي العرض 10° إلى شماله وإلى جنوبه، وهي أكثر المناطق استقرارًا من ناحية الطقس على وجه الأرض، فهي دافئة دائمًا، وبدرجات حرارة شبه ثابتة، كما تكون الهطولات المطرية فيها منتظمة بشكل يومي.
• المعدل السنوي لتساقط الأمطار في منطقة المُناخ الاستوائي يتجاوز 150 سم، وتتفاوت درجات الحرارة خلال اليوم أكثر من اختلافها خلال العام، إن أخفض درجة حرارة هي بين 20° إلى 23° سليسيوس، وتكون قبيل الفجر، بينما تصل درجة الحرارة في الظهيرة إلى مابين 30° و33° سيليسيوس تقريبًا، وربما هذا هو الفرق الأهم بين المُناخ الاستوائي وباقي أنواع المُناخ المداري.
• بعض مناطق المُناخ الاستوائي تكون ذات هطول مطري ثابت خلال العام، وبعضها يكون أكثر رطوبة في الصيف أو في الشتاء، لكنها لا تخضع أبدا لموسم جفاف، وهو فرق مهم بين المُناخ المداري الاستوائي من جهة والمُناخ المداري الموسمي ومُناخ السافانا المداري من جهة أخرى.
• يتصف المُناخ الاستوائي بضعف رياحه، وذلك لتماثل درجات الحرارة بين المناطق المختلفة فيه، مما يجعل حركة الهواء بطيئة جدًا، وهي تصبح أبطأ فأبطأ كلما اقتربنا من خط الاستواء، حتى تنعدم حركة الهواء الأفقية عنده، وتقتصر على تيارات الحمل الرأسية، وهو فرق جوهري بين المُناخ الاستوائي والمُناخ المداري الموسمي.
• طبيعة الهطولات المطرية في مناطق المُناخ الاستوائي والتي تنتج عن حركة تيارات الهواء الرأسية فيها، حيث تتحرك التيارات الهوائية المحملة بالرطوبة إلى طبقات الجو العليا، فيبرد الهواء، لتتكاثف رطوبته على شكل أمطار غزيرة، وهو ما يختلف تمامًا عن الأمطار الفصلية التي تحملها الرياح الموسمية في مناطق المُناخ المداري الموسمي.
• مواعيد سقوط المطر في المُناخ الاستوائي تكون منتظمة وثابتة بشكل يومي، وتتكرر في نفس الوقت كل يوم، وهي تكون عادةً بين الظهر ومنتصف الليل، وغالبًا بين الساعة الثالثة والرابعة عصرًا، حتى أن السكان المحليين في أقاليم المُناخ الاستوائي يحددون مواعيدهم بالقول: قبل أو بعد سقوط المطر.
• يسود المُناخ الاستوائي في مناطق مثل غابات الأمازون في أمريكا الجنوبية، وحوض الكونغو وساحل غانا في أفريقيا، والجزر الإندونيسية وجنوب ماليزيا في آسيا، وجزر هاواي في المحيط الهادئ.

المُناخ المداري في الوطن العربي

يمتد المُناخ المداري في الوطن العربي ليتضمن أجزاء من عدة دول، وهو يشمل:

• المُناخ المداري الموسمي ذو الأمطار الصيفية: هذا المُناخ المداري يشمل في الوطن العربي بعض المناطق، وهي: جيبوتي والصومال والساحل الجنوبي لموريتانيا، وكذلك جنوب غرب شبه الجزيرة العربية، وتحديدًا شمال اليمن وجنوب غرب السعودية.
• المُناخ المداري الموسمي ذو الأمطار الشتوية: وهو يتركز في الجزء الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، وتحديدًا في جبال سلطنة عُمان.
• المُناخ المداري الجاف (السافانا السوداني): يمتد هذا المُناخ المداري في الوطن العربي ليغطي جنوب ووسط السودان ومساحة صغيرة جدًا من جيبوتي.
• المُناخ المداري الاستوائي: يقتصر على أقصى جنوب السودان، وعلى مساحة صغيرة جدًا جنوب الصومال.

اقرأ/ي أيضًا:

هل خط الاستواء أطول دوائر العرض؟

هل خط الاستواء وخط غرينتش واحد؟

هل يمكن التحكّم في المناخ؟

هل مسار الشمس في الصيف والشتاء ثابت؟