تحقيق مسبار
يقترن اسم عمر الخيام بالشعر، فهو المشهور في ميدان الأدب والقصائد، والمعروف بالرباعيات التي ارتبطت باسمه، ولكن للرجل مكانةً رفيعةً في العلم، وإسهامًا جليلًا في المعارف.
من هو عمر الخيام؟
عمر الخيام هو عالم مسلم، برع في الرياضيات والفلك، كما كان شاعرًا، يشتهر في وقتنا الحالي بالرباعيات التي تنسب له.
هو غياث الدين أبو الفتح عمر بن إبراهيم الخيامي، ولد عام 1048، في مدينة نيسابور، في إيران حاليًا، يرجع له الفضل في وضع تصحيح للتقويم، وفي اكتشاف طريقة جبرية لحل المعادلات من الدرجة الثالثة، إضافة إلى غيرها من الإنجازات العلمية التي اشتهر بها في زمانه.
هل عمر الخيام فارسي؟
نعم، إن عمر الخيام فارسي، من مدينة نيسابور الفارسية، والواقعة في إيران حاليًا، نظم معظم شعره بالفارسية، بما فيها رباعياته المشهورة، واشتهر في عصره بين العرب والفرس كعالمٍ على قدرٍ عالٍ من المكانة.
أصل الشاعر عمر الخيام
هو عمر بن إبراهيم المكنى بأبي الفتح، ولقبه هو الخيام بالفارسية والخيامي بالعربية، وهو مختلف باختلاف اللغتين، ويرجح أن اللقب قد حملته عائلته.
أصل الشاعر عمر الخيام فارسي، من مدينة نيسابور الفارسية، والواقعة في خراسان (إيران حاليًا)، لم يعرف كثيرًا عن أصل عائلته، لأن الفرس بعكس العرب لم يظهروا الاهتمام بمعرفة وحفظ السلالات والأنساب، ولكن يمكن الاستدلال من سيرته على أنه كان من عائلة فقيرة لا تملك الثروات.
المدينة التي ولد فيها عمر الخيام
المدينة التي ولد فيها عمر الخيام هي مدينة نيسابور، وهي مدينة فارسية توجد فيما يعرف بإقليم خُراسان، وحاليًا تقع ضمن حدود دولة إيران.
وعلى الرغم من أن ولادة عمر الخيام ونشأته في مدينة نيسابور تعتبر حقيقة شائعة، ومسلمًا بها في أغلب المصادر، إلا أن بعض المؤرخين يذكرون مواضع أخرى على أنها المدينة التي ولد فيها عمر الخيام.
يذهب أحمد بن نصر الله تتوى صاحب كتاب "تأريخ الألفي" إلى أن عمر الخيام فارسي ولد في قرية "شمشاد"، وهي من توابع مدينة بلخ، فيما يقول غيره أنه ولد في قرية "بسنك" التابعة لمدينة استراباد، إلا أن الشهرزوري وخواندمير والقزويني يجمعون على أن المدينة التي ولد فيها عمر الخيام هي نيسابور، وهو الخيار الأكثر ترجيحًا.
كانت نيسابور واحدة من المدن الأربع الكبرى في خراسان، أما حاليًا فهي تشكل بلدةً في شمال شرق إيران، وتقع إلى الغرب من مدينة مشهد، وذلك في سهلٍ واسعٍ وخصب وجيد التروية، وهي تشتهر بزراعة محاصيلٍ متنوعة، مثل الحبوب والقطن، وبصناعة السجاد والفخار.
مذهب عمر الخيام
يرجح أن مذهب عمر الخيام هو المذهب السني، حيث أن اسمه عمر، واسم أخته عائشة، وهو مايستبعد احتمال ولادته على المذهب الشيعي.
أحيانًا تدور الشكوك حول كونه ملحدًا، وهو رأيٌ يستند إلى الرباعيات المنسوبة له، والتي تتغنى بالخمر وتسخر من عدمية الحياة، ولكن أعماله الفلسفية والعلمية تنفي ذلك، وهي الأعمال التي يُعرَف أنه مؤلفها بشكل قاطع، بعكس الرباعيات المشكوك في أصلها.
تشير مؤلفاته الفلسفية إلى عقيدة توحيدية لكاتبها، وهي مشابهة للنسق الفلسفي للعالم ابن سينا، والذي يدعوه في كتاباته بـ "معلمي". زد على ذلك، أن جميع كتبه العلمية والفلسفية تبدأ بتسبيح الله ومدح الرسول، وتنتهي بالتسليم والصلوات، إضافة إلى الشهادات في يوم وفاته، عن أدائه للصلوات طوال اليوم قبيل موته.
أما عن كونه متصوفًا، فذلك مستبعدٌ أيضًا، فعلى الرغم من مدحه للفلسفة الصوفية، إلا أنه لم يُعرَف عنه اتباعه لطريقة صوفية، أو اتخاذه لمعلم روحي، وذلك في أي من سيره الذاتية.
زوجة عمر الخيام
لا يُعرَف الكثير عن الحياة الخاصة لغياث الدين عمر الخيام، ولا عن زوجته أو أولاده، يرد في بعض المصادر أنه لم يتزوج، وأن كنايته بأبي الفتح، وليس باسم أحد أولاده، دليلٌ على ذلك، فهي الكناية الدارجة في العادات، فيما تشير مصادر أخرى إلا أنه تزوج وأنجب، وأن له بنتًا واحدةً، وصبيًا واحد، وهو المرجّح.
ويبقى اسم زوجة عمر الخيام مجهولًا، وأحيانًا ترد لها بعض الأسماء في بعض المصادر، ولكن لا يزال من الصعبِ التحقّقُ من مدى صحتها.
إنجازات عمر الخيام
على الرغم من صعوبات عصره، كانت إنجازات عمر الخيام عديدة، وكان إنتاجه العلمي غزيرًا، سواء في نيسابور أو بعد انتقاله إلى سمرقند، أو أثناء وجوده في أصفهان تحت رعاية السلطان ملكشاه، وتعتبر "رسالة في البراهين على مسائل الجبر والمقابلة" الرسالة التي شكلت بداية مسيرة تألقه العلمي، إلى جانب أعماله أخرى في الحساب وعلم الجبر والموسيقا، والتي ألفها ولم يكن قد تجاوز عمره 25 سنة.
أوكل السلطان ملكشاه إليه مهمة إنشاء مرصدٍ فلكي في أصفهان، وجعله على رأس مجموعة من العلماء، ولمدة 18 سنة أنتج هذا الفريق بقيادة الخيام، العديد من المنجزات العلميةً الثمينة في مجال الفلك.
خلال هذه الفترة قام الخيام باستكمال وجمع الجداول الفلكية، كما شارك في تصحيح التقويم الشمسي في عام 1079م، وقد قاس أيضًا طول السنة، وكانت نتيجة هذا القياس دقيقة بشكل مبهر، حيث بلغت 365,24219858156 يومًا، وهي ليست نتيجة مميزة لدقتها فقط، بل لثقة الخيام في محاولته هذه، وإعطائه رقمًا دقيقًا وبعيدًا عن التقريب.
من مساهماته الشهيرة في الرياضيات اكتشافه لحل جبري للمعادلات من الدرجة الثالثة، وذلك باستخدام القطوع المخروطية، حيث بيّن عدم إمكانية حل هذه المعادلات بطرق المسطرة والفرجار، وهو ما تم إثباته بعد 750 سنة.
وقد أشار أيضًا إلى أن لهذه المعادلات أكثر من حلّ واحد، ولكن لايوجد مايشير إلى معرفته أن لها ثلاث حلول، فقد كان يشرح في أعماله إمكانية أن يكون لها حلّان، وكان يأمل أن يستطيع من يأتي بعده إيجاد حل حسابي لمعادلات الدرجة الثالثة، وهو ماحدث بعد عدة قرون من وفاته.
وكان من إنجازات عمر الخيام مساهمته في الهندسة غير الإقليدية، وذلك خلال محاولته إثبات مسلمة التوازي، حيث فتح خلال محاولته هذه، ومن غير قصد، البابَ على الهندسة غير الإقليدية.
وربما تظل أشهر إنجازات عمر الخيام هي رباعياته الذائعة الصيت، هذه الرباعيات وعلى الرغم من أنها السبب في شهرته الحالية كشاعر، إلا أنها غطت على إنجازاته العلمية، والتي تعتبر أكثر أهمية، وأرفع قيمة.
رباعيات الخيام
الرباعيات في الأدب هي لون شعري يتكون فيه البيت من أربع أشطر، الأول والثاني والرابع لها نفس القافية، بينما للشطر الثالث قافية مختلفة، وهو لا يقتصر على القصائد الفارسية، بل نراه كذلك في الشعر العربي، وخاصة في الأندلس، ولايغيب أيضًا عن الشعر العربي المشرقي.
إن أول من ترجم رباعيات الخيام، هو الشاعر الإنكليزي "إدوارد فيتزجيرالد"، وذلك في القرن التاسع عشر، حيث نقلها إلى اللغة الإنجليزية، ومنها تُرجمت إلى أكثر من خمسين لغة حول العالم، بل وطبعت كذلك بطريقة بريل ليقرأها المكفوفون.
ربما يكون أولُ مترجمٍ لرباعيات الخيام إلى العربية هو وديع البستاني، والذي اعتمد المصدر الإنكليزي، ومثله فعل محمد السباعي، ولكنها فيما بعد تُرجمت إلى العربية مباشرةً من اللغة الفارسية، ولعل الشاعر أحمد رامي هو أشهر من قام بذلك، كما ترجمها من الأصل الفارسي أيضًا الشاعر أحمد الصافي النجفي، إضافةً إلى ترجمات رباعيات الخيام العائدة لطالب الحيدري ولعبد الحق فاضل.
تُنسب إلى الخيام 1200 رباعية، ولكن الباحثين يجمعون على أن عددًا أقل بكثير من رباعيات الخيام هي حقًا له، فمواضيعها شديدة التباين، كالقضاء والقدر والوجود والحياة والموت والخمر والحكمة والتوبة، وهي لاتوحي بأن مؤلفها هو شخص واحد، كما أنه يجدر بالذكر أن شاعرين فارسيين آخرين عُرفا بلقب الخيام وكتبا رباعيات، وهما: علي الخيام البخارائي، وكان معاصرًا لعمر الخيام، وعمر الخيام الأسترابادي، والذي ألف رباعياتٍ في الخمر والغزل والمتع، فلا يُستبعد أن يحصل خطأ وخلط بين رباعيات هؤلاء الثلاثة.
حسن الصباح وعمر الخيام
إن حسن الصباح وعمر الخيام شخصيتان ضمّهما نفس الزمان، وجمعتهما الظروف في نفس المكان، فمما هو معروفٌ تاريخيًا أن نظام الملك وزير السلطان السلجوقي ملكشاه، دعاهما إلى بلاطه، وقربهما إليه، وأن علاقةً شخصيّة، ومعرفةً قوية، جمعت الرجلين ببعضهما.
قد يكون ذلك هو مصدر القصة الشائعة عن حسن الصباح وعمر الخيام ونظام الملك، من حيث أنهم تعاهدوا عهدًا أيام الشباب، وأنهم كانوا زملاء دراسة، ليفترق الأصدقاء بعدها، فيتزعم حسن الصباح حركةً من الطائفة الإسماعيلية، لُقبت بلقب "الحشاشين" بين مناوئيها، ويصبح نظام الملك وزيرًا عند السلطان السلجوقي ألب أرسلان ومن ثم ابنه ملكشاه، فيما يبتعد عمر الخيام عن السياسة، ويتجه نحو العلم والشعر.
ولكن هذه القصة بعيدةٌ عن الحقيقة، ولا دليل على صحتها، بل تنفيها الدلائل والقرائن، فنظام الملك كان يزيد عمر الخيام بالسنّ بحوالي 30 سنة، كما أن عمر الخيام درس في نيسابور، بينما درس حسن الصباح في الرِيّ، مما يدل على بطلان هذه الرواية وبعدها عن الدقة.
معلومات عن عمر الخيام
إن عمر الخيام فارسي، وهو عالمٌ وشاعر، ولد في العام 1048، وتوفي سنة 1131، وذلك عن عمر يناهز 83 عامًا، وهو يعتبر أشهرَ علماء خراسان في عصره.
يرجح أن لقب الخيام الذي حمله يعود إلى عمل والده في مهنة صناعة الخيام، في البداية تلقى تعليمه في مدينته نيسابور، وذلك في مجالات العلوم والفلسفة، قبل أن ينتقل إلى سمرقند (في أوزبكستان حاليًا)، ليستكمل دراسته فيها، ويضع خلال وجوده هناك رسالته في علم الجبر: "رسالة في البراهين على مسائل الجبر والمقابلة"، والتي كانت الكتاب الذي أكسبه الشهرة كعالمٍ في مجال الرياضيات.
انتقل فيما بعد إلى مدينة أصفهان، ملبيًا دعوة السلطان السلجوقي ملكشاه، والذي كلفه بإجراء التصحيحات اللازمة للتقويم الفلكي، وبنى له مرصدًا فلكيًا لأجل هذه الغاية، ليضع ماعُرف باسم "التقويم الجَلالي"، وهو تقويمٌ أكثر دقةً من التقويم الغريغوري المستخدم حاليًا.
كانت سنوات عمر الخيام في أصفهان سنواتٍ غنيةً بالإنتاج العلمي، وغزيرة بالمؤلفات والإنجازات في مجالات الرياضيات والفلك، ولكن هذا انتهى بعد وفاة راعيه السلطان ملكشاه، حيث انقلبت عليه أرملة السلطان، ليسارع عندها لمغادرة أصفهان، وذلك في رحلة حجّ إلى مكة المكرمة.
بعد رحلته إلى مكة، عاد عمر الخيام إلى نيسابور، ليعمل في التعليم، ويخدمَ هناك كمنجمٍ للبلاط الحاكم، وقد شمل إنتاجه العلميّ خلال سنين حياته مجالات الفلسفة والطب والقانون والتاريخ إلى جانب الرياضيات والفلك.
لعل أكثر مايشتهر به عمر الخيام في عصرنا الحالي هو رباعياته الشعرية التي ألفها باللغة الفارسية، وعلى الرغم من تشكيك البعض في نسبتها إلى عمر الخيام، تبقى هذه الرباعيات مقترنة باسمه، ويظل مشتهرًا بها في زماننا الحاضر.
اقرأ/ي أيضًا:
من هو حسن الصباح زعيم الحشاشين؟
