` `

كيف نرى الألوان؟

علوم
26 يوليو 2023
كيف نرى الألوان؟
يمكن للبشر رؤية حوالي 100 مليون لون (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

يستعرض هذا المقال الإجابة على سؤال كيف نرى الألوان، وما هي آلية عمل العين لإدراك الألوان المختلفة وكيف ترى اللونين الأبيض والأسود، بالإضافة إلى الإضاءة على عمى الألوان.

صورة متعلقة توضيحية

كيف ترى العين اللون؟

يقع طيف الضوء المرئي بين طيف الأشعة فوق الحمراء والأشعة تحت البنفسجية ويضم أطوال موجية مختلفة، وعندما يسقط الضوء المرئي على جسم ما فإن هذا الجسم يعكس طول موجي معين يقابله لون ما ويمتص بقية الأطوال الموجية، بالتالي اللون الذي يعكسه هو اللون الذي نراه.

عندما يصل هذا الضوء المنعكس إلى العين (يمثل لون ما) يعبر بداية من القرنية التي تثني الضوء باتجاه الحدقة (الفتحة التي تقع بمنتصف القزحية أي الجزء الملون من العين) والتي تتحكم بكمية الضوء التي تصل إلى العدسة، والتي بدورها تغير شكلها بحيث تركز الضوء على الشبكية حيث توجد المستقبلات الضوئية البصرية.

تملك الشبكية نوعين من المستقبلات الحسية البصرية وهي:

  • المخاريط Cones: يوجد منها ثلاثة أنواع وهي التي ترى الألوان، حيث أن كل نوع منها يميز لون أكثر من غيره والألوان الأساسية التي تميزها الأنواع الثلاثة من المخاريط هي الأحمر والأخضر والأزرق، وتتركز المخاريط في منتصف الشبكية كما تعمل بشكل أفضل في ظروف الإضاءة الجيدة.
  • العصي Rods: لا تملك القدرة على تمييز الألوان حيث تنقل الإشارات باللون الأسود والأبيض فقط، وتوجد في الجزء المحيطي من الشبكية كما تعمل بشكل أفضل في ظروف الإضاءة المظلمة، وهذا ما يفسر عدم القدرة على تمييز الألوان بشكل جيد في الظلام.

ثم تقوم هذه المستقبلات بعد تعرفها على الألوان والأشكال والأحجام بتحويل فوتونات الضوء إلى إشارات كهروميكانيكية وإرسالها إلى الدماغ عبر الألياف العصبية وهذا ما يفسر كيف نرى الألوان.

رؤية الألوان في العين

لفهم كيف نرى الألوان بشكل دقيق لا بدّ من التعرف على سبيل الرؤية وأقسامه، فسبيل الرؤية عبارة عن حزم من الألياف العصبية التي تعمل على نقل المعلومات البصرية (شكل الشيء ولونه وحركته) من البيئة المحيطة إلى القشرة الدماغية حيث يتم معالجتها وتحليلها وإدراك الرؤية ويتألف من:

  1. الشبكية Retina: وهي الجزء الداخلي من العين وتملك نوعين من الخلايا العصبية المتخصصة المستقبلة للضوء تدعى بالعصي Rods والمخاريط Cones والتي ترتبط مع خلايا حسية أخرى عبر طبقات الشبكية، وتقوم بتحويل فوتونات الضوء إلى إشارات كهروكيميائية.
  2. العصبين البصريين (من كل عين) Optic Nerves والسبيل البصري Optic Tract: عبارة عن حزم من الألياف العصبية تنقل الإشارات من العين إلى الدماغ، ويحدث تصالب لجزء من كل عصب بصري أسفل الغدة النخامية وهذا ما يدعى بالتصالب البصري Optic Chiasm.
  3. المهاد (الوطاء) Thalamus: وهو جزء هام جدًا من الدماغ، تصله الإشارات من جميع أنحاء الجسم لمعالجة البيانات، أما بالنسبة للبصر فتصله الإشارات عبر العصب البصري ويقوم بمعالجتها ثم إرسال معلومات جديدة إلى أجزاء أخرى من الدماغ. 
  4. القشر البصري Visual Cortex: تصل المعلومات من الوطاء إلى القشرة الدماغية، بالتحديد الجزء المسؤول عن البصر منها والذي يوجد في الجزء الخلفي (القذالي) من الدماغ، وفي هذا القسم يتم إدراك ماهية ما نراه ولونه وشكله ثم إرسال هذه المعلومات إلى القشر أمام الجبهي.
  5. القشر أمام الجبهي Prefrontal Cortex: يقع في الدماغ في المنطقة خلف الجبهة وهو الجزء من القشرة الدماغية الذي يعالج المعلومات القادمة من الحواس ويربطها بالذاكرة والمشاعر مما يؤدي في النهاية لرؤية الشيء وإدراكه وتذكره.

كيف نرى اللون الأسود؟

يشير الباحثون أنه يمكن للبشر رؤية حوالي 100 مليون لون، كما تشير الدراسات أن 12% من النساء يملكن أربعة أنواع من المخاريط بدلًا من ثلاثة بالتالي يملكن القدرة على تمييز الألوان أكثر بمئة مرة من بقية البشر وذلك وفقًا للجمعية الامريكية لطب العيون.

ولفهم الآلية التي تفسر كيف نرى الألوان وكل لون بالتحديد، بدايةً يجب معرفة ماهية الألوان، فالألوان هي منظور الإنسان للأمواج الضوئية المختلفة.

حيث تعكس الأشياء الضوء (أي الألوان) ولا توجد الألوان "ضمنها"، وعندما يسقط الضوء المرئي على شيء ما فإن هذا الشيء يعكس قسم من الضوء (وهو القسم الذي يدخل إلى العين ونميزه كلون محدد) ويمتص بقيته.

أما بالنسبة للأشياء ذات اللون الأسود فإنها تمتص كل الضوء الذي يسقط عليها ولا تعكس أي جزء منه (إلا بعض الفوتونات مما يجعلنا نرى درجات مختلفة للون الأسود) بالتالي لا نرى أي لون، أي عمليًا نرى سواد.

وهنا يبرز السؤال فيما إذا كان اللون الأسود لونًا بالأصل؟ والجواب نسبي فإذا أردنا اعتبار أن الألوان هي انعكاس الأطوال الموجية عن الأجسام عندها لا يعتبر الأسود لونًا، أو أنها طريقة معالجة العين لوجود الضوء أو نقصه عندها يمكن اعتبار الأسود لونًا، وعلى أية حال إن الأسود هو انعدام الأطوال الموجية المنعكسة عن جسم ما أي انعدام الألوان.

كيف نرى اللون الأبيض؟

اللون ببساطة هو نطاق الضوء المرئي الذي يمكن للبشر رؤيته، وتستطيع العين البشرية رؤية الضوء بأطوال موجية تتراوح بين 380 و750 نانومترًا، فمثلًا عند استقبال ضوء منعكس عن شيء ما طول موجته 650 نانومترًا فإننا نرى اللون الأحمر، وهذا ما يفسر كيف نرى الألوان.

وفي الحقيقة إن الأشياء التي نراها باللون الأبيض تعكس جميع الأطوال الموجية التي تسقط عليها، فاللون الأبيض هو مزيج من جميع ألوان الضوء المرئي، ويحدد مقدار الضوء المنعكس شدة بياض الشيء، فكلما كان الضوء المنعكس شديدًا كان الجسم ناصع البياض أكثر ويتعلق هذا الأمر بعاملين أساسيين:

  • الانكسار.
  • حجم الجسيمات (التشتت).

فمثلًا السكر البودرة يبدو أكثر بياضًا من السكر البلوري وذلك بسبب اختلاف حجم الجسيمات مما يعكس كمية أكبر من الأمواج الضوئية.

فهل الأبيض يعتبر لونًا؟ الأبيض لا يقع ضمن الطيف المرئي لأنه يتكون من جميع الأطوال الموجية للضوء أي هو جميع الألوان مجتمعةً، وعلى سبيل المثال إن ضوء الشمس هو ضوء أبيض لأنه يحتوي على جميع الأطوال الموجية للضوء المرئي، وكذلك ضوء المصباح الكهربائي.

اختلاف رؤية الألوان بين العينين

يملك معظم البشر حوالي ستة ملايين من المخاريط و110 مليونًا من العصي، وتملك المخاريط جزيئات تكشف اللون (يملك البشر عادة ثلاثة أنواع من الأصبغة الضوئية: الأحمر والأخضر والأزرق) بينما لا تملك العصي جزيئات حساسة للون لذا تنقل الصورة باللونين الأبيض والأسود فقط.

ويختلف ترتيب وهيكلة وعدد هذه المستقبلات الحسية الضوئية التي تستجيب لأطوال موجية مختلفة بين الأفراد وفي كل عين لدى الفرد نفسه مما يؤدي لاختلاف كيف نرى الألوان بين العينين، حيث إن إحدى العينين سترى الأشياء بشكل أكثر دفئًا والأخرى ستراها بشكل أكثر برودةً لدى العديد من البشر. 

ووجود هذا الاختلاف الدقيق والهام بين العينين هو أمر شائع جدًا عند إجراء اختبارات إدراك الألوان، حيث ستكون العينين مختلفتين بإدراك اللون نفسه بشكل طفيف لكن ضمن النطاق الطبيعي (أي لا يوجد عمى ألوان).

لكن إذا كان الفرق كبيرًا بين العينين فقد يكون هذا الأمر مرضيًا أي بسبب وجود شيء ما يؤثر على جودة الصورة في إحدى العينين مقارنة بالعين الأخرى مثل عتامات العدسة (الساد) ويجب عندها زيارة طبيب العيون وإجراء فحص شامل للعينين.

كيف يرى مريض عمى الألوان؟

بما أن المخاريط هي المسؤولة عن كيف نرى الألوان في العين، يحدث عمى الألوان عندما لا يعمل أحد أنواع المخاريط الثلاثة بشكل صحيح أي يرى لونًا غريبًا عن المعتاد أو أن يكون غائبًا أو غير وظيفيًا، بالتالي لا يتمكن الشخص من التمييز بين ألوان معينة، وعند غياب الأنواع الثلاثة من المخاريط يحدث عمى الألوان الكلي ولكنه مرض نادر.

ويعتبر الرجال أكثر عرضة للإصابة بعمى الألوان من النساء حيث يعاني 8% من الرجال و1% من النساء من أحد أشكال اضطراب رؤية الألوان، ويمكن أن يبدأ عمى الألوان منذ الولادة أو يتطور لاحقًا في الحياة، وعادةً ما ينتشر ضمن عائلات محددة.

يوجد عدة أنماط من عمى الألوان والنمط الأكثر شيوعًا هو اضطراب رؤية اللونين الأخضر والأحمر (أي لا يمكن التمييز بينهما) ويليه من حيث الشيوع اضطراب رؤية اللون الأزرق والأصفر.

كما يوجد عدة درجات من عمى الألوان فقد يستطيع الشخص المصاب بدرجة خفيفة من تمييز الألوان بظروف الإضاءة الجيدة لكن يصبح الأمر صعبًا عندما يكون الضوء خافتًا.

وغالبًا لا يدرك المرضى المصابون أنهم يرون الأشياء بألوان مختلفة عن الآخرين ويتم اكتشاف هذا الأمر صدفةً، عندها يتجه الشخص لطبيب العيون من أجل إجراء بعض الفحوصات التي تؤكد التشخيص ومنها عندما يعرض الطبيب على المريض لوحات مؤلفة من نقاط ملونة يوجد بمنتصفها رقم ما، حيث يستطيع الإنسان الطبيعي تمييز هذا الرقم بينما يجد مريض عمى الألوان صعوبة في تمييزه.

اقرأ/ي أيضًا:

هل لون العيون الرمادي طبيعي؟

هل يعد اختلاف حجم العينين أمرًا طبيعيًا؟

هل قلة النوم تسبب اصفرار العين؟

هل العين الإلكترونية فرصة للإبصار مجددًا؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على