` `

دون أدلة: وسائل إعلام تتبنى الرواية الإسرائيلية حول مجزرة مدرسة التابعين

زينة البكري زينة البكري
سياسة
11 أغسطس 2024
دون أدلة: وسائل إعلام تتبنى الرواية الإسرائيلية حول مجزرة مدرسة التابعين
لم تقدم إسرائيل أي دليل يثبت وجود مسلحين في مدرسة التابعين

استهدفت القوات الإسرائيلية فجر يوم السبت 10 أغسطس/آب الجاري، مدرسة التابعين في حي الدرج وسط مدينة غزة، وراح ضحية الاستهداف أكثر من 100 شخص، وأصيب العشرات. وقال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إنّ "جيش الاحتلال قصف النازحين بشكل مباشر أثناء تأديتهم صلاة الفجر، مما رفع أعداد الشهداء بشكل متسارع".

مجزرة الفجر في غزة أكثر من 100 شهيد

فور وقوع الاستهداف، ومع تكشف أعداد الضحايا، ادعى الجيش الإسرائيلي أن العملية استهدفت "إرهابيين" كانوا يستخدمون مسجدًا في مجمع مدرسة "التابعين" كمقر عسكري للتخطيط وتنفيذ هجمات ضد الجنود الإسرائيليين المتوغلين داخل قطاع غزة. وهي رواية تبناها لاحقًا الإعلام الغربي على الرغم من نفي حركة حماس، دون تحقق من المعلومات، أو انتظار نتائج تحقيقات من جهات مستقلة.

وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو المتداولة حجم الدمار الذي خلفه هذا الهجوم وتناثر أشلاء المصلين والأطفال في المكان، غير أنّ الجيش الإسرائيلي ادعى أنه نفّذ الضربة باستخدام ثلاث ذخائر دقيقة لا يمكنها أن تُسبب حجم ضرر كبير، وهو ما يتعارض مع الأعداد الكبيرة للضحايا.

كما ادعى الجيش الإسرائيلي في منشور له على حسابه الرسمي على موقع إكس، أنه اتّخذ العديد من الخطوات للتخفيف من مخاطر إلحاق الأذى بالمدنيين، بما في ذلك استخدام رأس حربي صغير، والمراقبة الجوية، والمعلومات الاستخباراتية.

صورة متعلقة توضيحية

وسائل إعلام غربية وعربية تتبنى الرواية الإسرائيلية 

وجد “مسبار” أنّ عددًا من وسائل الإعلام الغربية تبنت الرواية الإسرائيلية. على سبيل المثال، ركزت وكالة بلومبيرغ في مقالها على الرواية الإسرائيلية حول قصف مدرسة التابعين. 

ونقلت الوكالة في مقالها، أنّ الغارة الإسرائيلية استهدفت "مركز القيادة والسيطرة" التابع لحركة حماس الموجود داخل المدرسة وفي مسجد مجاور، كما شككت في أعداد الضحايا، قائلة إنه "لا يمكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل". 

إضافة إلى ذلك، تعمّدت الصحيفة الإشارة إلى أنّ مصدر الأرقام هي سلطات تابعة لحركة حماس، على الرغم من أنّ مكتب الإعلام الحكومي في غزة يعمل بشكل مستقل عن حركة حماس، ولم يثبت حتى الآن تقديمه أي أعداد غير صحيحة منذ بداية الحرب.

وكتبت الصحيفة "قدّرت سلطات حماس في غزة أن حوالي 100 شخص قتلوا في الهجوم الصاروخي الذي وقع يوم السبت، ولا يمكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، ولا تفرق الوزارة بين الضحايا المدنيين والمقاتلين".

وسائل إعلام غربية وعربية تتبنى الرواية الإسرائيلية حول قصف مدرسة التابعين ومجزرة الفجر

أمّا صحيفة ذا نيويورك تايمز، فقد نشرت مقطع فيديو عبر حسابها الرسمي على موقع إكس، يظهر فيه الدمار وآثار الدماء جراء القصف الذي استهدف مصلين، وأشارت الصحيفة إلى أنّ إسرائيل قال إنها قصفت المكان ”لأنّ حماس وفصائل أخرى مسلحة تستخدمانه كمقر للعمل".

تقرير ذا نيويورك تايمز عن مدرسة التابعين

كما نشرت الصحيفة مقالًا لها انطلقت فيه بسرد الرواية الإسرائيلية بخصوص وجود مسلحين من حركة حماس داخل مبنى مدرسة التابعين، وفي حديثها عن أعداد المدنيين الذين راحوا ضحية هذه الغارة، أشارت الصحيفة إلى أنّه "لا يمكن تأكيد هذا العدد وأنّ المسؤولين في وزارة الصحة في غزة لا يفرقون بين المدنيين والمقاتلين عند الإبلاغ عن الضحايا"، وهي ذات الرواية التي يروجها الجيش الإسرائيلي باستمرار.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ الجيش الإسرائيلي يقول إنّ حركة حماس تختبئ بين المدنيين لاستخدامهم كدروع بشرية وتستخدم المباني المدرسية كمراكز للعمليات، دون أن تُشير إلى نفي حركة حماس المستمر لهذه الرواية.

صورة متعلقة توضيحية

وفي تغطيتها لمجزرة مدرسة التابعين، ركزت صحيفة لوموند الفرنسية بدورها على الإشارة إلى أنّ الدفاع المدني ومكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة تديرهما حركة حماس، وذلك أثناء حديثها عن عدد المدنيين الذين قتلوا.

كما تطرقت الصحيفة إلى تدوينة وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، التي قال فيها إنه "يجب على حماس أن تتوقف عن تعريض المدنيين للخطر"، وهو موقف اعتبرته الحركة يتماشى مع الرواية الإسرائيلية. 

صورة متعلقة توضيحية

من جهتها، تبنت قناة سكاي نيوز عربية الرواية الإسرائيلية، إذ نشرت مقالًا عبر موقعها بعنوان "إسرائيل تكشف تفاصيل بشأن قصف مدرسة التابعين في غزة".

واكتفى كاتب المقال بتبني الرواية الإسرائيلية بخصوص وجود "إرهابيين" داخل المدرسة المستهدفة، وهو ما لم تثبته إسرائيل ولا أدلة عليه، فيما تجاهل الإشارة إلى بيان حركة حماس الذي نفت فيه الرواية الإسرائيلية وأكدت أنها رواية مضللة وزائفة.

صورة متعلقة توضيحية

 كما نشرت قناة الحدث مقطع فيديو في حسابها على فيسبوك، بعنوان "إسرائيل تعلن قصف إرهابيين في مقر عسكري يقع بمدرسة التابعين"، وذلك على الرغم من أنّ مراسلها في مدينة غزة خضر الزعنون أكد في مداخلته أنّ حديث إسرائيل عن وجود إرهابيين في المدرسة هو "مبرر جاهز"، أي أنها تستخدمه باستمرار لتبربر المجازر التي ترتكبها في حق المدنيين.

وأضاف الزعنون في مداخلته، أنّ "الجيش الإسرائيلي تعوّد على استهداف مدارس تأوي نازحين داخل قطاع غزة ومن ثم يقول إنه استهدف إرهابيين"، مضيفًا أنّ "مدرسة التابعين تأوي مدنيين أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ، نزحوا من منازلهم ولجؤوا إلى المدرسة بحثًا عن الأمن والحماية والغذاء".

حركة حماس تنفي وجود مسلحين في مدرسة التابعين 

نفت حركة حماس “مزاعم الجيش الإسرائيلي حول وجود مسلحين داخل مدرسة التابعين”، مؤكدة أنّ السياسة الصارمة المعمول بها لدى مقاتلي كل فصائل المقاومة هي "عدم تواجدهم بين المدنيين لتجنبهم الاستهداف الصهيوني".

وقالت حماس في بيان لها، إنه لم يكن في مدرسة التابعين أي مسلح، وإن "جيش العدو يكذب مجددًا ويختلق الذرائع السخيفة لاستهداف المدنيين".

كما اعتبرت حركة حماس تصريحات وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، بشأن مجزرة مدرسة التابعين "تساوقًا شنيعًا مع رواية الاحتلال الكاذبة التي تدّعي استخدام المدارس ومراكز النزوح لأغراض عسكرية، بهدف تبرير استهداف المدنيين".

كما طالبت حماس الأمم المتحدة والمجتمع الدولي "بتشكيل لجان تحقيق دولية، والدخول إلى قطاع غزة ومراكز الإيواء والنزوح، والتحقق من مزاعم جيش الاحتلال الكاذبة".

صورة متعلقة توضيحية

لا أدلة على وجود مسلحين في مدرسة التابعين

وعلى الرغم من عدم وجود أي أدلة أفصحت عنها إسرائيل تثبت وجود مسلحين في المدرسة، وهو أمر يسهل توفيره في ظل وجود تقنيات تصوير عالية الجودة من طائرات الاستطلاع الإسرائيلية وتكنولوجيا المراقبة المتطورة التي تغطي قطاع غزة، إلا أنّ الإعلام تبنى ادعاء إسرائيل، فيما يتطلب الواقع أن يكون هناك دليل يدعم هذا الادعاء قبل أن يتم التعامل معه على أنه حقيقة.

وهو ما يشكّل علامات استفهام كثيرة حول المهنية في تغطية الأحداث، إلى جانب التشتيت والتضليل الذي تتسبب به وسائل الإعلام، فيما تصل المعلومات إلى الجمهور مشوّهة، وهو ما قد يهدم قدرة الجمهور على التعاطي مع هذه القضايا، أو تقلل من قدرته على التعاطف معها.

هجوم إسرائيلي مكثف على مدارس تأوي نازحين

أكدت تقارير صحفية أن الجيش الإسرائيلي استهدف منذ بداية شهر أغسطس/آب الجاري، عشر مدارس تأوي نازحين أغلبهم من النساء والأطفال، لجؤوا إليها بعد تدمير منازلهم.

وجاء في تقرير لوكالة الأناضول، أنّ الهجوم الإسرائيلي على هذه المدارس أسفر عن وقوع أكثر من 179 ضحية، بينهم أطفال ونساء وشيوخ، إضافة إلى مئات الإصابات.

صورة متعلقة توضيحية

وفي تعليقها على مجزرة مدرسة التابعين، قالت المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، إنّ "إسرائيل تقوم بإبادة جماعية للفلسطينيين حيًا تلو الآخر، مستشفى تلو الآخر، مدرسة تلو الأخرى، مخيم لاجئين تلو الآخر، منطقة آمنة تلو الأخرى، في أكبر معسكر اعتقال مخز في القرن الحادي والعشرين". وأضافت فرانشيسكا ألبانيز، أن الإبادة الجماعية "تتم بأسلحة أميركية وأوروبية، ووسط لا مبالاة جميع الأمم المتحضرة".

بدوره، أكد مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أنه "مرعوب من الصور التي التقطت من مدرسة إيواء في غزة تعرضت لضربة إسرائيلية، مع عشرات الضحايا الفلسطينيين". وأكد بوريل، أنه تم استهداف ما لا يقل عن 10 مدارس في الأسابيع الفائتة، وأنه لا يوجد مبرر لهذه المجازر.

وفي تقرير لها بتاريخ 5 أغسطس الجاري، قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إنها “تشعر بالفزع إزاء النمط المتكشف المتمثل في غارات القوات الإسرائيلية على المدارس في غزة، مما أسفر عن قتل الفلسطينيين النازحين داخليًا الذين يبحثون عن مأوى هناك”. 

وجاء في التقرير، أنّ "الأرقام تُشير إلى تسجيل 17 هجومًا على مدارس على الأقل في الشهر الفائت، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 163 فلسطينيًا، من بينهم أطفال ونساء، مما يشير إلى عدم الالتزام بمبادئ التمييز والتناسب والاحتياطات في تنفيذ هذه الهجمات".

صورة متعلقة توضيحية

اقرأ/ي أيضًا

جندي إسرائيلي يحمل قطة في غزة: صورة مضللة عن واقع الحيوانات خلال الحرب على القطاع

عكس ادعاءاته بالمعاملة الإنسانية: تقارير تثبت تعمد الجيش الإسرائيلي استهداف الأطفال في غزة

الأكثر قراءة