في إطار توسيع حملات البروباغندا، خصصت الحكومة الإسرائيلية حزمة مالية بمبلغ قدره 150 مليون دولار إضافية، لميزانية الدبلوماسية العامة الخاصة بوزارة الخارجية الإسرائيلية الحالية (الهاسبارا)، وهو ما يمثل زيادة بمقدار 20 ضعفًا من حيث تمويل ما يسمى بأنشطة "حرب الوعي"، وذلك مقارنة بما كان قبل حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 2023.
وتهدف هذه الزيادة إلى إعادة تشكيل الرأي العام الدولي من خلال حملات دعائية إسرائيلية تستهدف الحرم الجامعي الأميركي، ومواقع التواصل الاجتماعي، والصحافة الأجنبية، على أن يتم تنسيق الجهود مع المنظمات اليهودية الأميركية ووزارة شؤون الشتات الإسرائيلية، بحسب صحف عبرية وإسرائيلية.
ومن جهته، أصر جدعون ساعر وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي على الزيادة الكبيرة في الميزانية، عقب انضمامه وحزبه اليميني المتحد إلى الائتلاف الحاكم الشهر الفائت، وتوليه منصب وزير للخارجية.
وأكد، حينها، أنّها ستشمل “الحملات الإعلامية في الخارج، وفي الصحافة الأجنبية، وعلى ومواقع التواصل الاجتماع”، بما في ذلك "النشاط المكثف في الحرم الجامعي في الولايات المتحدة الأميركية لتغيير موقفهم تجاه إسرائيل وسياساتها".
بحسب صحيفة ذا تايمز أوف إسرائيل، فإنّ “هذا الإنفاق الضخم هو نتيجة لصفقة سياسية أبرمها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الشهر الماضي لدعم ائتلافه الحاكم”. وأشارت إلى أنّ نائب جدعون ساعر وحزبه "الأمل الجديد" وافقا على العودة إلى الائتلاف في مقابل التمويل وتعيينه وزيرًا للخارجية.
وقال ساعر لصحيفة معاريف الإسرائيلية: "إن جهود الدعاية والتوعية الإسرائيلية لم تتلق على مدى عقود الموارد والأدوات الحاسمة والمنقذة للحياة التي تحتاجها". وأضاف: "أنا عازم على إحداث تغيير. كل شيكل مخصص لهذه القضية هو استثمار وليس نفقات، وسوف يعزز إسرائيل ومكانتها في العالم".
وبحسب جويش إنسايدر، يعقد ساعر ونائبته شارين هاسكل جلسات عصف ذهني واسعة النطاق مع مجموعات مختلفة من الأشخاص ذوي الخبرة في مجال الدبلوماسية العامة للحصول على أفكار.
ونظم الوزير اجتماعًا يوم الخميس 26 ديسمبر 2024، مع شخصيات بارزة من منظمات المجتمع المدني التي تتعامل مع قضايا قريبة من الدبلوماسية العامة، بما في ذلك الوكالة اليهودية، ومنظمة ELNET، ولجنة الشؤون العامة الأميركية اليهودية (AJC)، ومنظمة (Nefesh B'Nefesh)، ومنظمة NGO Monitor، والمنظمة الصهيونية العالمية، ومنظمة Honest Reporting.
وقال خلاله “نحن في خضم جهد لتغيير النهج تجاه الموضوع الذي كان يُطلق عليه سابقًا “الهاسبارا”، والذي أسميه ”حرب الوعي". وأضاف: “العالم الديمقراطي يتأثر بالرأي العام... وعندما لا يكون الرأي العام لصالحنا، فإنه يؤثر على مساحة المناورة التي يملكها المستوى السياسي المنتخب في الساحة الدولية”.
البروباغاندا الإعلامية الإسرائيلية والهاسبارا
انتشر مصطلح "الهاسبارا" في أوائل القرن العشرين، على يد ناشط وصحافي صهيوني بولندي الجنسية يدعى ناحوم سوكولو، وما ميزه عن بقية الروايات وأدوات البروباغندا الإسرائيلية هو استخدام إسرائيل للإعلام كي تبرر سياساتها التعسفية وأفعالها التي تخرق القانون الدولي.
وبرز المصطلح عقب تأثر صورة الاحتلال الإسرائيلي في أرجاء العالم، عقب الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 والحرب على لبنان عام 2006 وغيرها من اعتداءات وعمليات عسكرية راح ضحيتها آلاف الضحايا من الأطفال والنساء.
وحاولت “الهاسبارا” تحسين الصورة المتدهورة لإسرائيل، المرتبطة بسياسات الاستعمار والعنصرية والفصل العنصري.
كما تسعى لتبرير الهجمات على المدنيين والبنى التحتية المدنية، ونسب مسؤولية الخسائر المدنية إلى الطرف الآخر، وأصبحت الإبادة الجماعية الحالية في غزة، مثالًا واضحًا لعمليات تبرير نهج الاحتلال الإسرائيل، عبر تمرير رسائل مثل فكرة “الدروع البشرية”. إذ تصور الهاسبارا أوامر الإخلاء الجماعي في غزة ولبنان سابقًا على أنها محاولات لتقليل الخسائر المدنية، رغم أنّ الأرقام الحقيقية تعكس الضرر الكبير الذي يلحق بالمدنيين من هذه الهجمات عليهم.
بل وتذهب الرواية الإسرائيلية ضمن مفهوم "الهاسبارا" إلى تعريف القتلى والضحايا من الطرف الآخر كـ"أضرار جانبية"، للمعارك التي تشنها القوات الإسرائيلية عليهم.
اقرأ/ي المزيد
الدعاية الإسرائيلية والمعلومات المضلّلة: "إسرائيل بالعربية" أنموذجًا
تصريحات ودلالات تكشف تناقض الرواية الإسرائيلية حول التوسع الإقليمي