تحقيق مسبار
هل تخاف الفيلة من الفئران؟ هل الفيل يخاف من الفأر؟ قد يحمل هذا السؤال كمًّا كبيرًا من الغرابة والترقُّب. وقد يطرحه عددٌ كبير من المُغرَمين بالطبيعة وعالم الحيوانات.
فهل تخاف الفيلة من الفئران فعلًا؟ هل يخاف الفيل من الفأر؟ هذا ما سيتم التحقق منه في هذا المقال.
الفيلة والفئران
ربّما يتشارك الجميع، سواء من مسلسلات الرسوم المتحرّكة أو قصص الأطفال التي كانت تُقص في الصغر أو حتى من المجلّات الكاريكاتورية، صورةً ذهنية عن فيلٍ ينتفض ذعرًا من فأرٍ صغيرٍ يمرّ من أمامه. وغالبًا ما تحمل تلك الصورة رمزياتٍ لثنائياتٍ مختلفة؛ مثل القوي والضعيف، الضخم والضئيل، الكبير والصغير وغيرها من المقارنات والاستعارات التي يحب البشر إسقاطها على كلّ ما حولهم.
قد تكون هذه الفكرة حقيقية، ولكنّها لا تعكس الحقيقة كاملةً أيضًا. فما مدى صحة خوف الفيل من الفأر؟ هل تخاف الفيلة من الفئران؟
اعتقادات قديمة حول خوف الفيلة من الفئران
هناك علاقة قديمة تجمع كلُا من الفيل والفأر تحت فكرة خوف الفيل من الفأر، والتي قد تكون مشوِّقة للبعض. ولقد تم ذكر فكرة خوف الفيل من الفأر في الكتب التاريخية الإغريقية القديمة، وغيرها من الاعتقادات التي من الممكن اختصارها فيما يأتي:
- تذكر الكتب التاريخية الإغريقية القديمة أن بلينيوس الأكبر، أحد أشهر مؤرّخي الرومان وباحثيها في الجغرافيا والطبيعة، والذي يُعرف أيضًا باسم پليني الأكبر، أشار إلى خوف الفيلة من الفئران في العام 77 قبل الميلاد في مسودّاته التي أرّخ فيها ما كان أشبه بمقدّمة للعلوم في العصر الإغريقي.
- نتج عن التاريخ الإغريقي أسطورة قد تعود لبلينيوس الأكبر تسمى "الفأر في الجذع" وهي أسطورة تحكي عن فأر صعد إلى جدع الفيل فأصابه بالجنون.
- في أواخر القرن السابع عشر، ساد اعتقادٌ علميّ من قبل طبيب إيرلندي اسمه ألين مولان، مفاده أنّ الفيل يخاف من أنْ يدخل الفأر إلى خرطومه فيسدّه، لأنه لا يمتلك لسان المزمار الذي يغطي فتحة القصبة الهوائية عند البلع، وبالتالي سوف لن يتمكّن الفيل من التنفّس ما قد يؤدّي به إلى الاختناق. لكنّ هذا اعتقادٌ خاطئٌ بالمجمل أيضًا، وذلك لأن:
- الفيلة لا تمتلك الوعي الكافي للتركيبة الفسيولوجية لأعضائها.
- إنْ كانت الفيلة تخاف من الفأر فلن تخاف من وعيها لإمكانية دخوله إلى خرطومها.
- الفيلة بنفخةٍ واحدة تستطيع أنْ تُخرج الفأر ما إنْ يدخل لخرطومها.
هل تخاف الفيلة من الفئران؟
ولأن من المهم الإجابة على سؤال هل الفيلة تخاف من الفئران، فيما يلي تفسير لما يحدث عندما يشاهد الفيل الفأر:
- وفقًا لجون هاتشينسون، أحد الباحثين في سلوك الحيوانات، فإنّه مبدئيًا، تشعر الفيلة بالتوتر بشكلٍ عام عندما يظهر أمامها أيّ حيوان صغير وسريع.
- يُستَنتج من ذلك أن الأمر لا يتعلّق بالفئران فقط. إذ يمكن أنْ تُظهر الفيلة توتّرًا في حركتها وسلوكها بمجرّد مرور قطٍ أو كلبٍ أو ثُعبانٍ أو أيّ شيءٍ يتحرّك بسرعة ويقوم بحركاتٍ مُفاجِئة أمامها.
- المفاجأة هي العنصر الأساسيّ في ردّة فعل الفيل، وليس نوع الحيوان أو الكائن المتحرّك من أمامه.
- هذا ما قد تتشابه به الفيلة مع معظم الحيوانات الضخمة أيضًا.
- تمتلك الفيلة بصرًا ضعيفًا نسبيًا، الأمر الذي يجعلها تتفاجأ من أي حركة سريعة حولها.
في النهاية، إن الإجابة على سؤال هل تخاف الفيلة من الفئران؟ أو هل يخاف الفيل من الفأر؟ هي لا، لا تخاف الفيلة من الفئران بحد ذاتها، ولكنها تتوتر وتتفاجأ من وجود أي حركة سريعة حولها. وهذا لا يقتصر على حركة الفئران السريعة فقط أمام الفيل، بل على مجمل حركة الحيوانات السريعة بما فيها الكلاب والقطط والأفاعي.
وفي تتبع لكثير من الفيديوهات الموجودة على الإنترنت، لباحثين يحاولون فهم سلوك الفيل أمام الفأر، فلربّما يُلاحَظ فعلًا أنّ استجابة الفيل قد لا تكون مبنيةً بشكلٍ واضح على الخوف من الفأر، وإنما على عنصر المفاجأة.
حقائق حول الفيلة
في سياق الحديث عن الفيلة، فإن هناك عدد من الحقائق حول حيوان الفيل، والتي يمكن توضيحها فيما يأتي:
- يعتبر الفيل أكبر حيوان بري، إذ يصل وزن فيل السافانا إلى 8000 كيلو غرام.
- يُقدَّر وزن جذع الفيل بـ130 كيلوغرام، ويتمثل الجذع في شفة الفيل العليا، بالإضافة إلى أنفه، وله القدرة على رفع وزن قدره 250 كيلوغرام.
- يمتلك الفيل 6 مجموعات من الأسنان الخديَّة، والتي تشمل أسنان الضواحك والأضراس. وإن ما يميز أسنان الفيل أنها:
- لا تخرج مرة واحدة، جزء منها يخرج عند الولادة، وجزء بعد تفتت الأسنان القديمة، وعلى مراحل عدة من الوقت.
- كل مجموعة جديدة من أسنان الفيل تكون أطول وأوسع وأثقل.
- قد يصل طول الأضراس الأخيرة للفيل إلى 40 سم، وقد يصل وزنه إلى 5 كيلوغرامات.
- قد يتسبب فقدان الأسنان عند الفيلة بالموت أحيانًا، لأن فقدان الأسنان عند الفيل نهايتها جوع الفيل.
- يعتبر جذع الفيل عضوًا هامًا في عمليات الفيل الحيوية كالشرب وتناول الطعام، وذلك من خلال:
- قدرة الجذع على امتصاص 10 لترات من الماء تقريبًا، ومن ثم ضخها داخل الفم.
- يفصل الجذع الأطعمة عن بعضها البعض، كفصل الحشائش عن الأوراق، ومن ثم تناولها في الفم.
- للجذع أهمية كبرى في قدرة الفيلة على التواصل فيما بينها، فقد تتشابك جذوع الفيلة عند التقائها ببعضها البعض، كوسيلة تعبيرية عن القوة أو كمظهر من مظاهر إلقاء التحية.
- يمتلك الفيل من 7 إلى 9 توربينات أنفية، بينما يمتلك البشر ثلاثة والكلاب خمسة، وهذا ما يساعدها في الشم بشكل كبير، لدرجة أنها تعتمد على حاسة الشم في إدراك الحاجة الإنجابية. وذلك من خلال:
- قدرتها على شم الهرمونات الأنثوية للفيلة الأخرى عندما تكون في حالة شبق، إذ تنتقل الهرمونات عبر الهواء.
- تنتقل رائحة الهرمونات إلى عضو جاكوبسون الذي يوجد في سقف الفم عند الفيلة.
- يقوم عضو جاكوبسون بنقل المعلومات التي وردت إليه إلى الدماغ لتحليلها.
- بالإضافة لما ذكر، بإمكان الفيلة استنشاق الهرمونات بشكل مباشر من خلال البراز والبول.
اقرأ/ي أيضًا: