تحقيق مسبار
قد يتبادر إلى ذهنك هذا سؤال هل تشرب وتمتص الأرض الدماء عندما يصيبك جرح ما ويسيل بعض من دماءك على الأرض ويبقى في مكانه، أو ربّما وأنت تقوم بذبح الدجاج أو الخرفان في مناسبة ما، أو ربّما وأنت تمشي في مكانٍ ما وقد لفت نظرك بقعة دماء قديمة ولكنها ما زالت ظاهرة في مكانها دون أن تختفي. وربما سمعت عن اكتشاف جريمة ما بسبب آثار الدماء المتبقية في مكان الجريمة. كذلك استخدم العلماء آثار الدماء المتبقية على سطح الأرض للاستدلال والتعرّف على بعض الأحداث والحضارات القديمة.
هل صحيح أنّ الأرض والتربة لا تمتص الدماء؟ ما مصدر هذا السؤال؟ وما التفسير العلمي لهذه الظاهرة؟
الأرض تمتص السوائل
تمتلك التربة قدرة عالية على امتصاص معظم السوائل وعلى رأسها الماء، إذ أنّ الماء يتكوّن من جزيئات صغيرة ولا يحتوي على عناصر كبيرة أو ذات حجم كبير، فيكون من السهل على الماء او أي سوائل أخرى ذات جزيئات صغيرة أن تتغلغل بين جزيئات التربة الكبيرة نسبياً مقارنةً بجزيئات السوائل، وبذلك تختفي هذه السوائل بين التربة ولا يبقى لها أثر على سطح التربة.
لكن ماذا بالنسبة للدماء؟ هل الأرض لا تمتص تشرب وتشرب الدماء؟ ولماذا تبقى آثارها واضحة في مكانها لفترات طويلة؟ ألا يعتبر الدم سائلاً؟
ما هو الدم؟
الدم هو عبارة عن سائل يتدفق في الجسم عبر الأوعية الدموية من وإلى خلايا الجسم المنتشرة على طول الجسم وعرضه، يحمل الدم معه كل المكونات اللازمة لاستمرار الكائن الحي على قيد الحي.
يتكوّن الدم من أربع مكونات رئيسية وهي:
البلازما: المكوّن الرئيسي للدم وهذا ما يمنح الدم شكله السائل، وتتكوّن البلازما من الماء بما نسبته 95% من حجمها بالإضافة إلى مجموعة من المواد والعناصر الأخرى.
خلايا الدم الحمراء: تمنح الدم لونه الأحمر وهي المسؤولة عن نقل الأكسجين إلى خلايا الجسم وسحب غاز ثاني أكسيد الكربون منها.
خلايا الدم البيضاء: جزء من جهاز المناعة، وتعمل على تخليص الجسم من الأمراض.
الصفائح الدموية: وهي المكوّن الرئيسي المسؤول عن تخّر وتجلّط الدم.
لماذا الأرض لا تمتص الدماء؟ التفسير الديني
هناك إجابة ذات مصدر ديني على سؤال "لماذا الارض لاتمتص الدماء"، حيث يشوع بين الناس أنّ الأرض لا تمتص الدم، وغالباً فإن السبب وراء هذا الاعتقاد ديني، إذ يتناقل الناس رواية منذ أيام آدم عليه السلام تقول أنّه لعن كل أرض تشرب الدماء.
في القصة المعروفة عندما قتل قابيل أخاه هابيل، جاء آدم عليه السلام وسأل قابيل عن أخاه فأجابه بأنّه لا يعرف، لكنّ آدم عليه السلام كان أحس بأنّ هناك خطب ما، وعندما أصر بالسؤال ذهب إلى المكان الذي قتل فيه هابيل ولم يرى دمائه، وسأل حينها عن دمائه قيل له أنّ الأرض قد شربت دماء هابيل، فقال على الفور: "لعن الله أرضاً شربت دماء". ومنذ ذلك الحين حُرّم على الأرض شري أي دماء. من هنا جاء الاعتقاد السائد بين كثير من الناس على عدم قدرة الأرض على امتصاص الدماء دوناً عن باقي السوائل.
الأرض لا تمتص الدماء، التفسير العلمي
في الواقع فإنّ جزء من الإجابة على سؤال هل تشرب وتمتص الأرض الدماء صحيحة، فالأرض لا تشرب كل مكونات الدم وتقوم بامتصاص جزء من مكوناته فقط والمكونات الأخرى تبقى على سطحه. فكما ذكرنا سابقاً، فإن الدم يتكوّن من البلازما بشكل رئيسي بالإضافة لمكونات أخرى، وبما أنّ البلازما تتكوّن بمعظمها من الماء، فإن الأرض تقوم بامتصاص هذا الجزء المكوّن للدم، في حين تبقى لا تستطيع التربة امتصاص باقي المكونات، إذ تقوم الصفائح الدموية التي ذكرنا سابقاً بانها مسؤولة عن تخثّر وتجلّط الدم بالتجمّع والالتصاق ببعضها ومكونات أخرى، لتشكّل طبقة شبه صلبة لا تستطيع التربة امتصاصها بسبب حجمها الكبير مقارنة بحجم الجزيئات التي تكوّن التربة.
الخلاصة
جواباً على سؤال "لماذا الارض لاتمتص الدماء" فالحقيقة أن الأرض تشرب وتمتص معظم الدم بوصفه مكوناً من الماء، هناك جزء بسيط من مكونات الدم لا تستطيع التربة امتصاصه ويبقى عالقاً على سطح التربة والارض مشكلاً بقعة بلون من تدرجات الدم مما يشيع للناس فكرة أن الأرض لا تشرب ولا تمتص الدم!.
اقرأ أيضاً: