تحقيق مسبار
ربّما نمتلك معلومات عن الكثير من دول العالم، ومعظمنا يكوّن صورة في خياله عن أنّ الدولة هي عبارة عن مساحات شاسعة وأعداد كبيرة من السكان، وكلنا يعرف أن معظم الدول لها أجهزة أمن وجيوش كبيرة تشارك في حروب ونزاعات.
لكن هل فكّرتم يوماً بأصغر دولة في العالم؟ كيف تأسست؟ هل حاولتم أن تعرفوا كم مساحتها وعدد سكانها؟ وكيف تدار الأمور الإدارية والأمنية فيها؟
في هذا المقال سوف نتعرّف على أصغر دولة في العالم.
دولة بحجم مدينة
الفاتيكان اختصاراً، أو دولة مدينة الفاتيكان كما تسمى رسمياَ، أصغر دولة تتمتّع بسيادة مستقلة في العالم. تقع دولة الفاتيكان على قمة تلة صغيرة في وسط العاصمة الإيطالية روما. تبلغ مساحتها قرابة الـ 0.44 كيلومتر مربع، ولها حدود بطول 3.4 كيلومتر محاطة بالكامل بمدينة روما الإيطالية من كل الجهات. أمّا بالنسبة لعدد سكان دولة مدينة الفاتيكان فإنه لا يتجاوز الألف نسمة، يحمل نصفهم فقط جنسية الدولة، وغالبيتهم من الأساقفة والباباوات، وبهذا تكون الدولة الأصغر من حيث عدد السكان أيضاً.
كيف تأسست دولة الفاتيكان؟
في عام 1929 وبعد سنوات من الأزمة بين مملكة إيطاليا والكرسي الرسولي، تمكّن حاكم إيطاليا بينيتو موسوليني من وضع حد لهذه الأزمة وذلك بتوقيع معاهدة لاتيران. كانت هذه المعاهدة إحدى مجموعة اتفاقيات عقدت بين مملكة إيطاليا والكرسي الرسولي لحل الأزمة، وسمّيت بهذا الاسم نسبة إلى قصر لاتيران التي وقعت فيه الاتفاقيات.
أقرّت معاهدة لاتيران بدولة مدينة الفاتيكان واعترفت بها كدولة ذات سيادة مستقلة، ووافقت الحكومة الإيطالية كجزء من المعاهدة على إعطاء دولة الفاتيكان تعويضاً مادياً عن فقدان الكرسي الرسولي للدول البابوية، حيث دفعت الحكومة الإيطالية بقيادة موسوليني مبلغ 750 مليون ليرة إيطالية.
حكومة دولة الفاتيكان
نظام الحكم في دولة الفاتيكان معقد بعض الشيء، إذ تُحكم الدولة بما يسمى مجمع الكرادلة، وهو مجموعة من رجال الدين يقدّر عددهم بحوالي الـ 128 شخصاً من رؤساء الأسقفيات الكبرى والبطاركة، يقوم مجمع الكرادلة بانتخاب رأس الدولة والذي يطلق عليه لقب البابا، وبمجرّد انتخابه يصبح رئيساً للكنيسة الكاثوليكية بكل أتباعها حول العالم، كما يمتلك البابا فور انتخابه صلاحيات تنفيذية وتشريعية وقضائية كاملة وشاملة من لحظة تسلمّه السلطة وحتى وفاته.
يعامل بابا الفاتيكان معاملة الرؤساء والملوك في التعاملات الرسمية بين دولة الفاتيكان والدول الأخرى، ويحكم دولة الفاتيكان حالياً البابا فرنسيس الذي انتخب عام 2013، وهو البابا رقم 266 الذي يحكم دولة الفاتيكان منذ تأسيسها.
اقتصاد دولة الفاتيكان
تمتلك دولة الفاتيكان اقتصاداً نادراً غير متبّع في غيرها من الدول، إذ إنّ اقتصاد دولة الفاتيكان ليس اقتصاداً تجارياً، بل يقوم اقتصادها بشكل أساسي على التبرعات والمنح التي تحصل عليها الدولة من أتباع الكنيسة الكاثوليكية حول العالم إمّا بالتبرّع المباشر للدولة أو عن طريق التبرّعات التي تحصل عليها الكنائس والجمعيات التابعة لها والمنتشرة حول العالم.
بالإضافة إلى ذلك، وكون دولة الفاتيكان دولة سياحية، فإنها تحصل على عائد لا بأس به من وراء السياح الذين يزورون الدولة وذلك عن طريق بيع الطوابع والعملات والتذكارات السياحية.
أما بالنسبة للعملة المتداولة في دولة الفاتيكان، فقد كانت الفاتيكان تستخدم الليرة الخاصة بها والتي كانت مساوية لليرة الإيطالية، لكن منذ عام 2002 أصبحت العملة الرسمية للفاتيكان هي اليورو.
الأجهزة الأمنية في دولة الفاتيكان
لدى الفاتيكان أصغر جيش نظامي بين جيوش دول العالم، إذ يحرس الفاتيكان داخلياً الحرس السويسري الملكي والذي يبلغ تعداده المئة شخص، أمّا بالنسبة للحماية الخارجية لدولة الفاتيكان فهي مسؤولية الحكومة الإيطالية. كما يوجد في الفاتيكان مركز شرطة واحد فقط يضم عشرة أفراد يتولون مسؤولية حماية وتأمين المباني والممتلكات وتنظيم المرور.