تحقيق مسبار
الإجهاض
الإجهاض هو الفقد العفوي للجنين قبل الأسبوع العشرين من الحمل ويحدث بشكل طبيعي، على عكس الإجهاض الطبي أو الجراحي.
حوالي نصف بويضات المرأة المخصبة تموت ويتم إجهاضها بشكل تلقائي، ويحدث هذا عادة قبل أن تعرف المرأة أنها حامل. أمّا بالنسبة للنساء اللواتي يعرفن أنهن حاملات، فإن حوالي 10٪ إلى 25٪ سوف يتعرضن للإجهاض، وتحدث معظم حالات الإجهاض خلال الأسابيع السبعة الأولى من الحمل، إذ ينخفض معدل الإجهاض بعد اكتشاف أنّ قلب الطفل بدأ بالنبض.
الأسباب التي قد تؤدي إلى الإجهاض
تحدث معظم حالات الإجهاض بسبب مشاكل في الكروموسومات التي تجعل من المستحيل على الجنين النمو. وفي حالات نادرة ترتبط هذه المشاكل بجينات الأم أو الأب. كما قد تشمل الأسباب الأخرى المحتملة للإجهاض على ما يلي:
- تعاطي الأم للمخدرات والكحول.
- التعرض للسموم البيئية.
- مشاكل الهرمونات.
- عدوى بفايروس أو بكتيريا.
- زيادة الوزن.
- مشاكل جسدية في الأعضاء التناسلية للأم.
- مشكلة في الاستجابة المناعية لجسم الأم.
- بعض الأمراض التي قد تعاني منها الأم مثل مرض السكري غير المنضبط.
- التدخين.
ويكون خطر الإجهاض أعلى في النساء الأكبر سنًا، حيث تزداد الخطورة بعد 30 عامًا وتصبح أكبر بين 35 و 40 عامًا، وهي الأعلى بعد سن 40 عامًا. كما تزداد احتمالية الإجهاض في النساء اللواتي سبق لهن الإجهاض عدة مرات.
أعراض الإجهاض
قد تشمل الأعراض المحتملة للإجهاض ما يلي:
- آلام أسفل الظهر أو آلام في البطن خفيفة أو حادة.
- خروج بعض الأنسجة أو الدم المتجلّط عبر المهبل.
- نزيف مهبلي مع أو بدون تشنجات في البطن.
- نتائج الفحوصات المخبرية.
- الفحص الجسدي، حيث قد يرى الطبيب أن عنق الرحم قد فتح وتوسّع أو أصبح ضعيفًا أو تمزق.
المضاعفات المحتملة للإجهاض
في حالات نادرة، تظهر مضاعفات للإجهاض، وقد تحدث هذه المضاعفات إذا بقي أي نسيج من المشيمة أو الجنين في الرحم بعد الإجهاض، وتشمل هذه الأعراض على عدوى فايروسية أو بكتيرية قد تُسبب الحُمّى، النزيف المهبلي الذي لا يتوقف وتقلصات في منطقة البطن وخصوصًا في الجزء السفلي منه وإفرازات مهبلية ذات رائحة كريهة. ويمكن أن تكون العدوى خطيرة وتحتاج إلى عناية طبية فورية.
هل يحتاج الإجهاض إلى تنظيف؟
في معظم حالات الإجهاض، تنزل الأنسجة كاملة بشكل تلقائي، ولكن من المهم معرفة ما إذا كان هناك أي أنسجة حمل تبقى في الرحم تجنبًا لحدوث العدوى. إذا لم تغادر أنسجة الحمل الجسم بشكل طبيعي، فقد تتم مراقبة المرأة التي أجهضت عن كثب لمدة قد تصل إلى أسبوعين، حيث قد تحتاج إلى أدوية معينة لإزالة المحتويات المتبقية في الرحم، وفي بعض الحالات قد تكون هناك حاجة لعملية جراحية (كشط وشفط) أو دواء لإزالة المحتويات المتبقية من الرحم.
الوقاية من حصول الإجهاض
الرعاية المبكرة والكاملة قبل الحمل هي أفضل وسيلة للوقاية من مضاعفات الحمل مثل الإجهاض. حيث يمكن منع الإجهاض الناجم عن أمراض الأم عن طريق الكشف المبكّر عن المرض وعلاجه قبل حدوث الحمل. كما تقل احتمالية حدوث الإجهاض أيضًا إذا تجنبت المرأة الحامل الأشياء الضارة لحملها، وتشمل هذه الأشياء الأشعة السينية، والعقاقير المخدرة والكحول وتناول كميات كبيرة من الكافيين والأمراض المعدية.
وعندما يواجه جسم الأم صعوبة في الحفاظ على الحمل، فقد تظهر علامات مثل نزيف مهبلي طفيف، هذا يعني أن هناك خطر الإجهاض، ولكن هذا لا يعني أنه سيحدث بالتأكيد، لذا يجب على المرأة الحامل التي تظهر عليها علامات أو أعراض الإجهاض مراجعة الطبيب فورًا.
الإجهاض في الشهر الأول
تحدُث حوالي نصف حالات الإجهاض في الشهر الأول لذلك يُسمى "الإجهاض المُبكر" الذي يكون شائعًا عند النساء، إذ يُقدَّر بأن نحو 23 مليون حالة إجهاضٍ تحدث كلّ عامٍ في جميع أنحاء العالم، ممّا يشير إلى حدوث إجهاضٍ في كل دقيقةٍ. ويُعرَّف الإجهاض عمومًا على أنه خسارة الحمل قبل بقائه على قيد الحياة.
ما هو السبب الأبرز لحصول الإجهاض في الشهر الأول
يُعزى السبب الرئيسيّ لحدوث الإجهاض في الشهر الأول إلى حدثٍ عشوائيٍّ يتلقى فيه الجنين عددًا غير طبيعيٍّ من الكروموسومات، حيث أنَّ الكروموسومات هي البُنى الأساسية داخل الخلايا التي تحمل المورثات. وتحوي معظم خلايا جسم الإنسان على 23 زوجًا من الكروموسومات ليصبح المجموع 46 كروموسومًا، حيث تحوي كل من خلايا الحيوانات المنوية والبويضات على 23 كروموسومًا. وأثناء الإخصاب، عندما تنضم البويضة إلى الحيوانات المنوية وتجتمعان، تتّحد مجموعتا الكروموسومات معًا، ولهذا فإذا كانت البويضة أو الحيوانات المنوية تحوي عددًا غير طبيعيٍّ من الكروموسومات، فسيكون للجنين أيضًا عددٌ غير طبيعيٍ منها، كما أنّه لن يحدث النمو بشكلٍ طبيعيٍ عنده، ممّا يؤدي في بعض الأحيان إلى خسارة الحمل بالإجهاض.
هل يوجد أنشطةٌ تتسبّب في حدوث الإجهاض في الشهر الأول؟
في الحقيقة كثيرًا ما تشعر النساء بالقلق من أنهنَّ إذا فعلن شيئًا أو مارسنِ نشاطًا بدنيًّا ما سيتسبَّب في فقدانهنّ الحمل وحدوث الإجهاض لديهنّ. إلّا أنّه في واقع الأمر لا يُسبّب كلٌّ من العمل أو ممارسة الرياضة أو ممارسة الجنس أو استخدام حبوب منع الحمل قبل الحمل في حصول الإجهاض في الشهر الأول، كما لا يُسبب غثيان الصباح الإجهاض في الشهر الأول أيضًا. وتعتقد بعض النساء اللاتي تَعرَّضن لإجهاضٍ في الشهر الأول أنَّ السّبب في ذلك هو السقوط أو الضربة على البطن أو حتى الخوف، لكن في معظم الحالات يكون هذا غير صحيحٍ.
أمّا بالنسبة للتدخين والكحول والكافيين فهي ليست بأسبابٍ مباشرةٍ لحدوث الإجهاض في الشهر الأول، لكنّها تزيد من مخاطر حدوثه، حيث تشير بعض الأبحاث إلى أنَّ التدخين يَزيد من فرصة حدوث الإجهاض في الشهر الأول، بينما تشير أبحاثٌ أخرى إلى أنّه لا يفعل ذلك. وكذلك قد يؤدي استهلاك الكحول في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل إلى زيادةٍ طفيفةٍ في مخاطر حدوث الإجهاض في الشهر الأول أو الإجهاض المبكر عمومًا، لكنَّ البحث غير واضحٍ في تفسير ذلك. وبالرّغم من ذلك، من الأفضل للمرأة تجنُّب التدخين وشرب الكحول أثناء الحمل. كما أنَّ استهلاك 200 ميليغرام أو أقل من الكافيين يوميًا (وهي الكمية الموجودة في فنجانين من القهوة) لا يبدو أنّه يزيد من خطر الإجهاض في الشهر الأول.
وتؤدي الصدمة العاطفيّة (Trauma) إلى تعقيد حالةٍ واحدةٍ من كل 12 حالة حملٍ، وهي السبب الرئيسي غير التوليدي للوفاة بين النساء الحوامل. وتكون الإصابات الأكثر شيوعًا لحصول الصدمة العاطفية هي حوادث السيارات والاعتداءات والسقوط وتعنيف الشريك. ويتم تصنيف 9 من كل 10 إصاباتٍ رضحيةٍ أثناء الحمل على أنّها إصاباتٌ طفيفةٌ، إلّا أن ما نسبته 60٪ - 70٪ من الإجهاض بعد الصدمة يكون نتيجةِ لمثل هذه الإصابات الطفيفة.
وتكون أكثر الصدمات المرتبطة بالحمل شيوعًا هي الحوادث البسيطة، بما في ذلك حوادث السيارات والصدمات الخفيفة في منطقة البطن، وتتطلب هذه المواقف حكمًا سريريًا حول درجة تقييم وضع الأم والجنين. ومع ذلك، نظرًا لأنَّ الصدمة غير المهمة يُمكن أن تؤدي إلى إصابة الجنين أو وفاته، فإنَّ توصيات مراقبة الجنين للنساء الحوامل المُصابات بصدماتٍ طفيفةٍ تكون مماثلةً لتلك الخاصة بالنساء المُصابات بصدمةٍ كبيرةٍ.
العلامات والأعراض الشائعة عند حدوث الإجهاض في الشهر الأول
يُعدّ النزيف والتشنُّجات المهبلية من أكثر الأعراض شيوعًا للإجهاض في الشهر الأول، كما يكون نزيف كميةٍ صغيرةٍ من الدم وحدوث تشنُّجاتٍ في البطن في بداية الحمل أمرًا شائعًا نسبيًا. وغالبًا ما يتوقف النزيف من تلقاء نفسه ويستمر الحمل بشكلٍ طبيعيٍّ، لذلك يُمكن أن يكون النزيف والتشنج أيضًا من علامات مشكلات الحمل الأخرى، مثل الحمل خارج الرحم. فإذا كانت لدى المرأة أيٌّ من هذه العلامات أو الأعراض، فعليها الاتصال بطبيب النساء والتوليد مقدّم رعايةٍ صحيّةٍ للتأكّد من الحالة.
كيف يتم تشخيص الإجهاض في الشهر الأول؟
عندما تُلاحظ المرأة الحامل أعراض وعلامات الإجهاض في الشهر الأول، فعلى الأرجح سيُطلَب منها الخضوع لفحصٍ بدنيٍّ، وفي هذا الفحص يسألها الطبيب أسئلةٍ حول موعد بدء النزيف ومقدار النزيف، وما إذا كانت تُعاني من الألم أو التقلصات. كما يُمكن إجراء فحصٍ بالموجات فوق الصوتية للتحقُّق ممّا إذا كان الجنين لا يزال ينمو في الرحم أو للكشف عن وجود ضرباتٍ لقلبه. إضافةً لما سبق، قد يتم إجراء اختبارٍ لقياس مستوى موجهة الغدد التناسلية المشيمية البشرية (hCG) في الدم، ولكون هذا الهرمون يتمّ تصنيعه من المشيمة النامية، فيمكن أن يُشير انخفاض مستواه إلى حدوث إجهاضٍ في الشهر الأول. لذلك قد يكون من الضروري إجراء عديدٍ من فحوصات الموجات فوق الصوتية واختبارات هرمون hCG للتأكد من حدوث الإجهاض في الشهر الأول.
هل يجب تلقّي علاجٍ عند حدوث الإجهاض في الشهر الأول؟
عند حدوث الإجهاض قد تبقى بعض أنسجة الحمل في الرحم، لذلك يكون من الضروريّ التخلّص من هذا النسيج بإزالته من الرحم. ويوجد هناك عديدٌ من الطرق المختلفة للقيام بذلك، فإذا لم تكن الحالة طارئة يمكن للمرأة المساهمة في اتخاذ قرار اختيار نوع العلاج المناسب لها، حيثُ يكون لجميع خيارات العلاج المُتاحة لها ذات المخاطر، والتي يُمكن أن تشمل حدوث عدوى ونزيفٍ غزيرٍ، ويكون خطر حدوث مضاعفاتٍ خطيرةٍ، بغض النظر عن نوع العلاج، ضئيلًا للغاية.
أمّا إذا كانت فصيلة دم الأم من النوع Rh السالب أو ما يُعرف بسلبيّ عامل الريزوس، فمن المُحتمل أيضًا أن تتلقى جرعةً من الغلوبولين المناعي للعامل الريزوسي بعد حدوث الإجهاض في الشهر الأول، إذ يمكن أن تنشأ المشكلات في الحمل المستقبلي إذا كان عامل ريسس لديها سالب والجنين إيجابي، ويمكن منع هذه المشكلات عن طريق إعطاء الغلوبولين المناعي للعامل الريسوسي بعد فقدان الحمل.
ويجب الأخذ بعين الاعتبار أنَّ أعراض التشنُّجات والنزيف أو التبقُّع الدموي قد تستمر بعد الإجهاض الطبّي أو الجراحي لمدةٍ تصل إلى أسبوعين، ويجب على المرأة خلال هذه الفترةِ تجنُّب النشاط الجنسي حتى فترة الحيض التالية في حوالي 4-6 أسابيعٍ بعد اكتمال الإجهاض، وذلك من أجل تقليل خطر الإصابة بعدوى. وفي هذه الحالة ستكون المنتجات الماصّة للدم مثل الفوط الصحية، ضروريةً لتدبير النزيف أو التبقع لمدة 2-3 أسابيعٍ بعد العلاج؛ حيث يمكن للطبيب أو القابلة تقديم التوصيات المناسبة للمرأة. وقد يُوصى بالتدخل النفسي بعد الإجهاض في الشهر الأوّل مثل الاستشارة الفردية أو الجماعية لمساعدة المرأة على التعافي من هذه التجربة وتجنُّب تطور القلق أو الاكتئاب في أعقاب الإجهاض.
الرّحم بعد الإجهاض
يُستخدم مصطلح الحمل للتعبير عن الفترة التي يبدأ فيها تكون الجنين ونموه داخل رحم المرأة بعد العلاقة الجنسيّة وحصول الإلقاح والحمل، وعمومًا يستمر الحمل حوالي 40 أسبوعًا وفقا لآخر دورة طمثيّة. ولكن في بعض الحالات يحصل إجهاض إذ يموت الجنين قبل الأسبوع العشرين من الحمل دون إرادة المرأة واختيارها، والإجهاض حالة شائعة تحدث في 10%-20% من حالات الحمل.
وللإجهاض العفوي العديد من الأنواع حسب الأعراض ومرحلة الحمل وهذه الأنواع هي:
- التهديد بالإجهاض: ويبدأ بحدوث تقلصات رحميّة خفيفة وخروج نزف من المهبل دون توسع عنق الرحم وفقدان محصول الحمل، مما يدل على التهديد بحصول إجهاض في وقت قريب والحاجة العاجلة لاستشارة طبيب.
- الإجهاض المحتّم: يدل على تهديد بإجهاض لا يمكن الوقاية منه بعد حصول تقلصات رحميّة قوية ونزف من المهبل مع اتساع في عنق الرحم.
- الإجهاض غير الكامل: وهو حصول فقدان لجزء من أنسجة محصول الحمل أو المشيمة وبقاء الجزء الآخر ضمن الرحم، وحينها يجب اللجوء لإجراءات طبية لإزالة الأنسجة المتبقية.
- الإجهاض الكامل: وهو خروج كامل محصول الحمل من الرحم عبر المهبل.
- الإجهاض المنسي: ويحدث عند موت الجنين داخل الرحم دون علم المرأة الحامل ودون الشعور بالأعراض الواضحة للإجهاض، إذ يُظهر التصوير بالإيكو غياب دقات قلب الجنين أو كيس حمل فارغ.
أما بالنسبة للإجهاض المتعمّد القانوني (الدوائي أو الجراحي) فيمكن إجراؤه بأمان قبل الأسبوع 24 من الحمل، وكلما كان الإجهاض أبكر يكون أكثر أمانًا للمرأة الحامل.
يُعد الإجهاض الدوائي وسيلة آمنة للإجهاض حتى الأسبوع التاسع من الحمل، ويتم الإجهاض الدوائي على مرحلتين إذ يصف الطبيب دواءً يمنع عمل هرمون الحمل الأساسي وبعد يومين من تناوله يجب أخذ دواء آخر، حيث يحصل بعد أخذه بحوالي 4 ساعات إلى 6 ساعات انسلاخ بطانة الرحم وحصول ألم ونزيف وفقدان محصول الحمل، وفي حالات قليلة يبقى محصول الحمل أو أجزاء منه داخل الرحم بعد الإجهاض مما يستدعي اللجوء لإجراءات طبية أخرى.
بينما قد يتم اللجوء إلى الإجراءات الجراحية للإجهاض وأشيعها الإجهاض بالشفط الذي يمكن أن يُجرى في العيادة مع إعطاء بعض المسكنات ثم يقوم الطبيب بإدخال منظار لفحص الرحم وجهاز شفط لإفراغه والتأكد من خلو الرحم بعد الإجهاض من الأنسجة الجنينية.
والإجراء الجراحي الآخر يسمى التوسيع والإخلاء، ويُستخدم بعد الأسبوع 15 من الحمل، ويقوم خلاله الطبيب بإدخال جهاز شفط داخل الرحم بالإضافة لاستخدام حلقة معدنية لإزالة أي نسيج متبقي.
وتعاني معظم النساء من آثار جانبية بعد الإجهاض إذ من الممكن أن يحدث:
- نزيف خفيف ذو لون بني ويستمر لمدة 3 إلى 4 أسابيع.
- قد تحدث تقلصات في الرحم بعد الإجهاض وتشعر المرأة بها كمغص، وتعتبر حالة طبيعيّة وضرورية لضمان عودة الرحم إلى حجمه الطبيعي بعد الإجهاض، ومن الممكن أن تزداد هذه التقلصات خلال اليوم الثالث إلى الخامس بعد الإجهاض ويرافقه زيادة في كمية النزيف.
ويمكن التخفيف من الآلام المرافقة لتقلصات الرحم بعد الإجهاض بتناول أقراص الإيبوبروفين المسكنة وكذلك تدليك الرحم بحركة دائريّة بشكل متكرر لمدة عشر دقائق، مع شرب السوائل الدافئة.
وتعاني بعض النساء من الإرهاق والتعب وتكون أكثر عرضةً للإصابة بالعدوى إذ أن الرحم بعد الإجهاض يحتاج فترةً للعودة إلى وضعه الطبيعي حتى انغلاق عنق الرحم، فعند الإصابة بالعدوى التي من الممكن أن تحدث بسبب الإجهاض غير المكتمل أو ممارسة الجنس بوقت مبكر بعد الإجهاض يجب مراجعة الطبيب فورًا، ويمكن ملاحظة الأعراض التالية:
- حمى شديدة.
- إفرازات مهبليّة كريهة الرائحة.
- آلام شديدة في الحوض.
- قشعريرة.
لذلك يُفضل اتباع بعض القواعد الصحيّة في فترة ما بعد الإجهاض للتقليل من احتمال حدوث المخاطر التالية للإجهاض، كاستخدام الفوط الصحيّة والامتناع عن ممارسة الجنس لمدة أسبوعين.
وعمومًا فإن الإجهاض بأنواعه لا يؤثر على الخصوبة والحمل في المستقبل ولا يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي أو مشاكل صحيّة وعقلية، ويمكن أن يعود المبيض لإنتاج البويضات بعد أسبوعين من الإجهاض، وبالتالي عودة حدوث الدورة الشهرية في غضون أربع أسابيع لذلك يجب استخدام وسائل منع الحمل، بالإضافة إلى أن التغيرات الهرمونية التي تحصل في الحمل تحتاج لفترة زمنية محددة لعودة الهرمونات إلى مستواها الطبيعي بعد إنهاء الحمل وما يرافقها من تغيرات في بطانة الرحم بعد الإجهاض.
آلام بعد الإجهاض
تحدث حوالي 73 مليون حالة إجهاض حول العالم كل عام، ويُعد الإجهاض تدخلًا طبيًا آمنًا عندما يحصل في أوقات مناسبة من الحمل وبيد خبيرة وباستخدام الطرق الآمنة المُوصى بها.
يمكن أن يحصل الإجهاض بشكلٍ عفوي دون تدخل طبي ويدعى حينها بالإجهاض اللاإرادي إذ يموت الجنين قبل الأسبوع العشرين من الحمل داخل رحم المرأة، فإذا حدث الإجهاض خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل فعادةً يكون سببه مشاكل متعلقة بالجنين، أما إذا حدث بعد الأشهر الثلاثة الأولى فغالبًا سيكون سببه بعض الحالات والمشاكل الصحيّة المتعلقة بالمرأة الحامل.
المشاكل المرتبطة بالجنين:
- الطفرات والتغيرات في الكروموسومات المسؤولة عن التطور الطبيعي لمكونات الجسم المختلفة، فعند حدوث شذوذات فيها قد يؤدي لإجهاض الجنين.
- مشاكل تطور المشيمة قد تسبب أيضًا الإجهاض كونها العضو الذي يمدّ الجنين بالدم والمغذيات.
بالإضافة إلى زيادة فرصة حصول الإجهاض خلال الأشهر الثلاثة الأولى في حال كان عمر الأم فوق 35 سنة أو كانت تستهلك الكحول والتدخين خلال فترة الحمل.
المشاكل المرتبطة بالمرأة الحامل:
- الأمراض المزمنة كالسكري غير المضبوط جيدًا أو ارتفاع الضغط الشرياني وبعض الأمراض المناعيّة كالذئبة الحماميّة الجهازية.
- بعض الأدوية المستخدمة لعلاج الأكزيما أو حب الشباب وغيرها من الأدوية التي تستلزم استشارة الطبيب.
- حصول العدوى الجرثومية والفايروسيّة كالحصبة والملاريا والإيدز وغيرها.
- مشاكل متعلقة بالرحم كالأورام الليفية وضعف عنق الرحم ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات.
ويوجد للإجهاض عدة أنواع كالإجهاض التام والناقص والتهديد بالإجهاض والإجهاض المنسي، وأغلب أنواع الإجهاض تترافق مع الأعراض التالية:
- التقلصات الرحمية الشديدة.
- النزيف.
- آلام الظهر الشديدة.
- تراجع علامات الحمل.
أما بعد حدوث الإجهاض، قد تشعر الحامل بآلام بعد الإجهاض مثل:
- تقلصات شديدة في البطن والتي تساعد على خروج الدم والأنسجة من الرحم عبر المهبل وضمان عدم بقائها داخل الرحم.
- آلام أسفل الظهر.
- آلام وانزعاج في الثديين.
ومن الممكن أن تستمر هذه الأعراض بضعة أيام أو بضعة أسابيع حتى تختفي آلام بعد الإجهاض، ويختلف طول الفترة الأولى التي تلي الإجهاض حتى حصول أول دورة طمثيّة تبعًا لفترة الحمل قبل الإجهاض، وعمومًا تستمر مدة أربعة أسابيع إلى ستة أسابيع وما يرافقها من آلام بعد الإجهاض، وأيضًا قد تكون الدورة الطمثيّة الأولى مؤلمة.
وبالنسبة للإجهاض القانوني يقوم الطبيب بالتدخل دوائيًّا أو جراحيًا لإنهاء الحمل، فالإجهاض الدوائي يعتمد على أخذ نوعين من الأدوية بوصفة طبية في حال كان عمر الحمل أقل من عشرة أسابيع.
أما الإجهاض الجراحي يتم اللجوء إليه بعد الأسبوع 14 من الحمل وله نوعان:
- الشفط.
- التوسيع والإخلاء.
وكلا الطريقتين تُجريان في العيادة مع إعطاء المرأة الحامل مسكنات فموية أو ضمن المهبل وعنق الرحم للتخفيف من الآلام التي يمكن أن تحصل خلال الإجراء.
وتُعد آلام بعد الإجهاض وكذلك أثنائه التأثير الجانبي الأكثر شيوعًا للإجهاض الدوائي، ووصف الألم الناجم عن الإجهاض وبعده بأنه يتراوح من الألم البسيط إلى الألم الشديد جدًا، إذ قد يلجأ الطبيب في بعض الحالات لإعطاء أدوية مخدرة، ومن العوامل التي تؤثر في شدة الألم:
- صغر سن المرأة الحامل.
- عدم وجود ولادة مهبليّة سابقة.
- زيادة سن الحمل.
- وجود عسر طمث.
وفي كل أنواع الإجهاض تعاني أغلب النساء من آلام بعد الإجهاض مثل التقلصات الرحميّة والمغص البطني مع النزيف المهبلي، وعادةً تستمر أسبوعًا أو أسبوعين بعد الإجهاض بالإضافة للتأثيرات الجانبية للأدوية المستخدمة في الإجهاض كالإسهال والشعور بالإرهاق، ومن الإجراءات المساعدة على تخفيف آلام بعد الإجهاض بكل أنواعه يمكن اللجوء إلى:
- المسكنات البسيطة كالبروفين.
- الامتناع عن ممارسة الجنس لمدة معينة.
- استخدام كمادات الماء الدافئة على منطقة البطن والظهر.
وعمومًا قد تحدث آلام بعد الإجهاض بسبب التهاب بطانة الرحم أو الإجهاض غير الكامل أو التهاب المسالك البولية، ففي حالة الإجهاض غير الكامل وبقاء أجزاء من الجنين أو المشيمة يستمر النزف فترةً أطول وتعاني المرأة من آلام الحوض والتقلصات الرحمية الشديدة، مما يستدعي الحاجة لتأكيد التشخيص بإجراء التحاليل المخبريّة والتصوير بالأمواج فوق الصوتية عبر المهبل والبطن، وعند التحقق من وجود بقايا جنينيّة يلجأ الطبيب لإعادة الأساليب المستخدمة في الإجهاض كالأدوية أو الإجراءات الجراحية مثل التوسيع والكشط، إذ يقوم الطبيب بتوسيع عنق الرحم وإدخال منظار لفحص باطن الرحم ومكشط لشفط الأنسجة المتبقيّة.
في بعض الحالات النادرة وبعد إجراء الإجهاض تستمر الآلام لفترة طويلة وقد تكون شديدة ويستمر ارتفاع هرمون HCG (الهرمون المشيمائي البشري الذي يرتفع خلال الحمل) مما يستوجب استبعاد وجود الحمل الهاجر (وهو الحمل خارج الرحم)، فإن تمزق الحمل الهاجر حالة مهدّدة للحياة تستلزم التشخيص السريع وتقديم الإجراءات الطبية والجراحية.
لذلك من الضروري مراجعة الطبيب عند الشعور بأعراض غير اعتيادية بعد الإجهاض مثل:
- نزف غزير لا يتحسن مع مرور الوقت.
- ارتفاع في درجة الحرارة وقشعريرة.
- إفرازات مهبليّة غير عاديّة في لونها أو قوامها أو رائحتها.
- ألم شديد في البطن.
- دوخة أو إغماء.
ولا تقتصر التأثيرات الجانبيّة للإجهاض بأنواعه على الأعراض الجسديّة فقط، وإنما يرافقها أعراض نفسيّة ناتجة عن التغيرات الهرمونية الحاصلة وكذلك عن الإجراءات الطبيّة المستخدمة في الإجهاض وما ينتج عنها من ألم وعدم راحة.
الدم بعد الإجهاض كم يستمر؟
تتعرض الكثير من النساء للإجهاض العفوي خاصةً في الثلث الأول من الحمل، إذ يتم فقدان الجنين قبل الأسبوع العشرين من الحمل، ويمكن لبعض الأسباب أن تزيد من خطر حصول الإجهاض مثل التغيرات الصبغيّة والتشوهات الجنينيّة بالإضافة لمشاكل وأمراض في الرحم.
وأكثر علامات الإجهاض شيوعًا النزيف المهبلي (خروج دم من المهبل)، والذي يتراوح من الخفيف البقعي إلى النزف الغزير مما يستدعي استشارة الطبيب العاجلة، بالإضافة للعديد من الأعراض الأخرى مثل:
- تقلصات وآلام أسفل البطن.
- إفرازات مهبليّة.
- غياب أعراض الحمل كالقيء والانزعاج في الثدي.
وعند بدء الإجهاض لا يمكن إيقافه وإنما يتجه اهتمام الأطباء نحو إيقاف النزف ومنع حصول التهابات رحميّة، وتتساءل معظم النساء عن الدم بعد الإجهاض كم يستمر، فهو غالبًا ما يستقر بعد نحو ثلاث ساعات إلى خمس ساعات عند مرور معظم أنسجة الجنين خارج الرحم، ويستمر دم بعد الإجهاض بشكل خفيف لمدة أسبوع إلى أسبوعين ويتراوح لونه من الأحمر الوردي إلى البني الداكن.
وفي بعض الأحيان لا ينطرح كل محصول الحمل خارج الرحم وتبقى بعض الأنسجة داخله بعد الإجهاض، مما يطيل مدة وكمية الدم بعد الإجهاض، ويحتاج الطبيب لاستخدام أدوات لكشط الرحم وإزالة البقايا العالقة داخله باستخدام أداة تسمى المكشط والتي تُدخل إلى باطن الرحم مع استخدام مخدر موضعي خفيف، ويستمر نزيف الدم بعض الإجهاض عند اللجوء إلى هذه الطريقة مدة خمسة أيام إلى عشرة أيام ليستقر بعدها.
أما في حال استمرار الدم بعد الإجهاض بغزارة مع ترافقه بألم شديد في البطن وارتفاع الحرارة يجب مراجعة الطبيب في أسرع وقت ممكن.
وتلجأ بعض النساء للإجهاض القانوني بنوعيه الدوائي والجراحي تحت إشراف الطبيب، ومن المُفضل إجراؤه في الثلث الأول من الحمل لضمان صحة الأم، وهذان النوعان هما:
- الإجهاض الدوائي: ويُجرى في المنزل بعد أخذ التعليمات من الطبيب، إذ يصف نوعين من الأدوية يعملان على إنهاء الحمل، فالدواء الأول يؤخذ في عيادة الطبيب أما الآخر يمكن أخذه في المنزل بعد بضعة ساعات أو أيام يحددها الطبيب من أخذ الدواء الأول، وتبدأ التشنجات والنزيف الشديد بعد ساعة إلى أربعة ساعات من تناول الأدوية إلى أن يخرج كامل محصول الحمل عبر المهبل.
- الإجهاض الجراحي:
- الإفراغ بالشفط: ويُجرى في العيادة خلال أشهر الحمل الثلاثة الأولى عن طريق توسيع عنق الرحم وإدخال الشفاط واستخراج الأجزاء الجنينية، وقد تستمر هذه العملية 5-10 دقائق، وقد يؤدي هذا الإجراء إلى خروج دم بعد الإجهاض مع الشعور بالتشنجات الباطنية والغثيان والتعب.
- التوسيع والإخلاء: وهو طريقة تستخدم في الثلث الثاني من الحمل لدى الحامل التي تأخرت في قرارها بالإجهاض، ويمكن أن يجرى على مرحلتين، إذ يقوم الطبيب خلال أول مرحلة بتوسيع عنق الرحم ثم في اليوم التالي يُدخل في الرحم أداة لشفط الأجزاء الجنينية والمشيمة ثم كشط الرحم بالمكشطة، ويسبب هذا الإجراء دم بعد الإجهاض الذي يستمر لمدة أسبوعين مع بعض التشنجات والتعب.
وفي كلا الطريقتين تحصل بعض الأعراض الجانبيّة لدى المرأة بعد الإجهاض ومنها:
- خروج الدم بعد الإجهاض: تتساءل معظم النساء عن الدم بعد الإجهاض كم يستمر، فبعض النساء لا يعانين من خروج دم بينما بعضهنّ قد يعانين من دم بعد الإجهاض (نزيف) لمدة تستمر من أسبوعين حتى ستة أسابيع، وقد يكون الدم متقطعًا يحتوي على تجلطات دمويّة ويتراوح لونه من الأحمر إلى البني الغامق.
وغالبًا لا تعاني النساء من خروج دم بعد الإجهاض مباشرةً وإنما تسبب التغيرات الهرمونية نزيفًا حادًا وتقلصات رحميّة في اليوم الثالث إلى الخامس بعد الإجهاض، وعادةً يكون النزيف بعد الإجهاض الدوائي أكثر غزارةً وأغمق لونًا من الإجهاض الجراحي. ويمكن التخفيف من الدم بعد الإجهاض كما يلي:
- تدليك الرحم لمدة عشر دقائق.
- استخدام دواء الإيبوبروفين.
- وضع كمادات دافئة على البطن.
- التقلصات المؤلمة: وتُعد حالةً طبيعيةً وأيضًا ضرورية لضمان عودة الرحم إلى حجمه الطبيعي، وتزداد هذه التقلصات مع زيادة نزول الدم بعد الإجهاض خاصةً في اليوم الثالث إلى الخامس، وبشكلٍ مشابه لتخفيف النزيف يمكن التخفيف من هذه التقلصات بتدليك الرحم واستخدام الكمادات الدافئة وتناول بعض المسكنات مثل الإيبوبروفين.
وإلى جانب التغيرات الجسدية تمر النساء بالعديد من المشاعر بعد الإجهاض من الحزن أو الاكتئاب، إلا أن هذه التقلبات العاطفيّة لا تستمر طويلًا، وطبعًا يجب استشارة الطبيب في حال ملاحظة تغيرات غير طبيعيّة في النزف أو الآلام والتشنجات البطنيّة وغيرها.
دواء تنظيف الرحم بعد الإجهاض
عندما يَحدُث الإجهاض عند المرأة فإنَّ بعض أنسجة الحمل تبقى في الرحم، وتكون هناك حاجةٌ طبيّةٌ لإزالتها إمّا بطرائقٍ جراحيةٍ أو باستخدام دواء تنظيف الرحم بعد الإجهاض وذلك لتجنّب المشكلات الصحيّة المُرتبطة ببقائها. ومن خلال هذا الفقرة سيتم تناول أهمّ الطرائق المتبعة لتنظيف الرحم بعد الإجهاض، وكيف يُمكن للمرأة التخلّص من بقايا الحمل عند الإجهاض.
وإذا حدث إجهاض فإنّه لا توجد طريقةٌ لوقفه، وفي حال مراجعة المرأة للطبيب عندها وتأكيده لها أنّها تعرضتِ للإجهاض، فسيكون من الأفضل لها إجراء فحوصاتٍ للتحقّق ممّا يلي:
- علامات الإصابة بالعدوى.
- نزيفٌ لا يُمكن السيطرة عليه.
- الأنسجة التي قد تبقى في الرحم.
وقد يستغرق الأمر أسبوعين أو أكثر لطرد الأنسجة تمامًا بشكلٍ طبيعيٍّ، لذلك سيتفحّص الطبيب نمط النزيف عندها من أجل تحديد ما إذا كان أحد أنماط النزيف المعتادة المتوقعة ليُحدّد العلاج الملائم له. وعندما تكون المرأة قد عانت من نزيفٍ حادٍّ استمر عدة أيامٍ؛ أو ظهرت عليها علامات الإصابة بالعدوى، فقد تحتاج حينها إلى علاجٍ طبيٍّ ضروريٍّ لتدارك الحالة بأسرع ما يمكن. أمّا في حال لم يكن الطبيب متأكدًا من خروج جميع أنسجة الحمل من الرحم، فقد يَطلب من المرأة إجراء فحصٍ بالموجات فوق الصوتية للتأكّد من ذلك.
وفي حالة إجهاض المرأة طبيعيًّا، يمكنها مناقشة إيجابيات وسلبيات خيارات العلاج المتاحة مع الطبيب، فإذا لم يَكُن هناك خطرٌ على صحتها، يمكنها اختيار الانتظار وترك الأنسجة المتبقية تمر وتخرج من تلقاء نفسها، حيث أنَّ أكثر من نصف النساء يتعرّضن للإجهاض تلقائيًا في غضون أسبوعٍ من اكتشاف أنَّ الحمل لم يَعد مستمرًّا. وفي حال قررت المرأة الانتظار حتى تمر الأنسجة من تلقاء نفسها، فقد تُعاني من نزيفٍ خفيفٍ وتشنّجاتٍ لبضعة أسابيع. ولذلك يُمكنها ارتداء الفوط الصحية ولكن دون وضع السدادات القطنية خلال هذا الوقت، كما يمكنها تناول دواء الأسيتامينوفين لتخفيف الألم. ومن المُرجّح أن يزداد النزيف والتقلّصات قبل فترةٍ وجيزةٍ من خروج بقايا ونواتج الحمل المُجهّض أيّ المشيمة والأنسجة الجنينية أو الجنين، والتي ستبدو رمادية اللون وقد تحوي على تجلّطاتٍ دمويةٍ.
ما هو دواء تنظيف الرحم بعد الإجهاض الذي يمكن استخدامه؟
في حال لم ترغب المرأة في الانتظار حتى يتمّ نزول بقايا الإجهاض؛ أو إذا لم يتمّ ذلك بشكلٍ طبيعيٍّ في غضون أسبوعين، يُمكن للطبيب حينها أن يَصِف للمرأة دواء تنظيف الرحم بعد الإجهاض، مثل الميزوبروستول (Cytotec)، الذي يعمل على زيادة تقلّصات الرحم لمساعدتها على طرد الأنسجة الحمليّة خارجه. ويتضمن ذلك تناول المرأة لأقراصٍ تتسبّب في فتح عنق الرحم (المهبل)، ممّا يسمح للأنسجة بالخروج عبره. وفي معظم الحالات، سيتم إعطاؤها أقراصًا تسمى الفرزجة (Pessaries) يتم إدخالها مباشرةً في المهبل حيث تذوب فيه، وعادة ما تبدأ هذه الأقراص في العمل بغضون ساعاتٍ قليلةٍ.
وعند استخدام المرأة أقراص دواء تنظيف الرحم بعد الإجهاض، فإنّها ستُعاني من أعراضٍ تُشبه أعراض الدورة الشهرية الشديدة مثل التقلصات والنزيف المهبليّ الغزير أثناء طرح الأنسجة والدم خارج الرحم. وفي المتوسّط تستغرق معظم النساء مدّة 24 ساعةً لطرح كامل الأنسجة خارج الرحم بعد تناول هذا الدواء. بينما قد يحتاج ذلك وقتًا أطول بالنسبة للأُخريات حيث قد يستغرق بضعة أيامٍ حتى يكتمل طرح الأنسجة الحمليّة، وقد تعاني أيضًا من نزيفٍ مهبليٍ لمدةٍ تصل إلى 3 أسابيعٍ. لكن في كلتا الحالتين لا يتطلب الأمر البقاء في المستشفى حيث سيتمّ إعادتها إلى المنزل لإكمال الإجهاض. كما قد يُوصَف لها مسكنات الألم للمساعدة في تخفيف الأعراض في بعض الحالات.
ويُنصح بإجراء اختبار حملٍ منزليٍّ بعد 3 أسابيعٍ من تناول دواء تنظيف الرحم بعد الإجهاض، فإذا أظهر اختبار الحمل أنّها ما زالت حاملًا، فقد تحتاج حينها المرأة إلى مزيدٍ من الاختبارات. كما أنّه إذا لم يبدأ النزيف خلال 24 ساعة من تناول دواء تنظيف الرحم بعد الإجهاض، فيجب عليها الاتصال بالطبيب لتحديد علاجاتٍ بديلةٍ، وفي حال أصبح النزيف شديدًا عليها الاتصال بالمستشفى.
ما هي الخيارات الأخرى لتنظيف الرحم بعد الإجهاض؟
إضافةً إلى دواء تنظيف الرحم بعد الإجهاض، هناك أيضًا بعض الخيارات الجراحية لإزالة الأنسجة المتبقية من الرحم. حيث قد يُنصح بإجراء جراحةٍ فوريةٍ في الحالات التالية:
- إذا كانت المرأة تعاني من نزيفٍ حادٍّ مستمرٍّ.
- هناك دليلٌ على إصابة أنسجة الحمل بالعدوى.
- في حال لم ينجح الدواء أو انتظار خروج الأنسجة بشكلٍ طبيعيٍ.
وتشمل هذه العلاجات ما يلي:
- الإفراغ بالشفط: وفي هذه الطريقة يقوم الطبيب بإدخال أنبوبٍ رفيعٍ يحتوي على جهاز الشفط في الرحم، ويمكن القيام بذلك باستخدام التخدير الموضعي في عيادة الطبيب. وقد يُوصي الطبيب بهذا الإجراء إذا كان هذا الإجهاض هو الثاني أو الثالث للمرأة على التوالي، لذلك يمكن اختبار الأنسجة بحثًا عن سبب وراثيٍّ عندها.
- التوسيع والكشط (D&C): وفي هذه العملية يُدخل الطبيب منظارًا في المهبل، ويُنظف الرحم والمهبل بمحلولٍ مطهرٍ، ويوسّع عنق الرحم بقضبانٍ معدنيةٍ ضيقةٍ (ما لم يكن عنق الرحم متوسعًا بالفعل بسبب مرور بعض الأنسجة). وفي معظم الحالات، سيتم إعطاء المرأة مُهدئًا من خلال مخدرٍ وريديٍّ ومخدرٍ موضعيٍّ لتخدير عنق الرحم حيث أنَّ الطبيب سيقوم بتمرير أنبوبٍ بلاستيكيٍّ مجوّفٍ عبر عنق الرحم ويشفط الأنسجة من الرحم، ثمّ بعدها يقوم باستخدام أداة على شكل ملعقة تسمى المكشطة لكشط بطانة الرحم للتخلّص من أيّ نسيجٍ متبقٍّ من جدران الرحم. وهذه العملية يُمكن القيام بها في مركزٍ جراحيٍّ أو غرفة عملياتٍ في العيادة الخارجية، حيث يمكن استخدام التخدير الموضعي أو العام. وقد تستغرق العملية بأكملها حوالي 15 إلى 20 دقيقةً، على الرغم من أنَّ إزالة الأنسجة نفسها تستغرق أقلّ من عشر دقائقٍ فقط.
وإذا اختارت المرأة إجراء التوسيع بالشفط والكشط، فإنّ الإجراء لا يتطلب عادةً الإقامة طوال الليل في المستشفى إلّا إذا كانت تُعاني من مضاعفاتٍ تتطلب ذلك. وكما هو الحال في أيّ عمليةٍ جراحيةٍ، ستحتاج المرأة إلى الوصول للطبيب أو المستشفى ومعدتها فارغةٌ أي من دون طعامٍ أو شرابٍ منذ الليلة السابقة للعملية.
وفي جميع الحالات فإنَّ هذه العلاجات تمت دراسة كلٍّ منها جيدًا وتعدٌّ آمنةً للمرأة، وكذلك الأمر فإنَّ كلًّا منها يَحمِل مَخاطِرًا ضئيلةً للغاية لحدوث مضاعفاتٍ خطيرةٍ.
ماذا يحصل بعد تناول دواء تنظيف الرحم بعد الإجهاض أو إجراء العمل الجراحي؟
قد يستمر النزيف عدة أسابيعٍ بعد الإجهاض، ولكنّه يميل إلى أن يكون أخفّ بكثيرٍ عند إجراء الشفط. وقد يتغير لون أيّ نزيفٍ من الأحمر الفاتح إلى الوردي أو البني. ومن الشائع أيضًا الشعور بتقلصاتٍ أسفل البطن في الأيام القليلة التالية للعلاج. وفي حال زاد النزيف بعد الإجهاض بدلًا من أن يكون أخف، أو إذا تطورت الحمى، أو إذا حدثت إفرازاتٌ مهبليةٌ أو رائحةٌ مهبليةٌ غريبةٌ أو كريهةٌ، فيجب حينها الاتصال بالطبيب على الفور.
ويجب على المرأة أيضًا تجنّب الجماع أو الاغتسال أو استخدام السدادات القطنية لمدة أسبوعٍ من العلاج سواءً الجراحي أو باستخدام دواء تنظيف الرحم بعد الإجهاض، لكن يُمكن استئناف الأنشطة اليومية الاعتياديّة على الفور.
ويمكن أن يكون الإجهاض مزعجًا للغاية وتجربةً سيئةً للمرأة، لذلك قد تحتاج المرأة وشريكها إلى الاستشارة أو الدعم. كما قد يكون لديها أيضًا أسئلةٌ حول محاولة إنجاب طفلٍ آخر وماذا سيحدث للجنين لاحقًا، لذلك يمكنها التواصل مع الطبيب أو أخصائي الدعم النفسي في المستشفى للحصول على الدعم اللازم.
الإجهاض في الإسلام
قد يحدثُ الإجهاض بشكلٍ طبيعيٍّ عند النساء وهو أمرٌ شائعٌ خصوصًا في الثلث الأول من الحمل، لكن قد يكون الإجهاض أيضًا قرارًا شخصيًّا إراديًّا من المرأة أو باتفاقها مع شريكها. لذلك تسأل النساء المسلمات عن حُكم الإجهاض في الإسلام، وهل يُعدُّ ذلك محرّمًا عليهنَّ أم أنَّ الشريعة الإسلامية تُحلّل ذلك. وفي هذه الفقرة سيتم استعراض موضوع الإجهاض من وجهة نظر الشريعة الإسلامية لتبيان حُكم الإجهاض في الإسلام، وما هي الحالات التي يكون فيها مُحلّلًا.
في البداية لا بدَّ من الأخذ بعين الاعتبار قبل الخوض بالتفاصيل أنَّ الشريعة الإسلاميّة احترمَت الحياة والنَّفس الإنسانية وأمرَت بالحفاظ عليها وصيانتها ابتداءً من لحظة نَفْخِ الرُّوح حيث يكون الإنسان حينها جنينًا في بطن أمه.
ويُعرَّف الإجهاض عند علماء الطب الشرعي بأنّه: "تفريغ رحم المرأة الحامل من محتوياته باستعمال وسائلٍ صناعيةٍ كتدخيل آلةٍ، أو تعاطي أدويةٍ أو عقاقيرٍ أو غيرها، من شأنها إخراج مُتحصّلاته ونواتجه في أيّ وقتٍ قبل تكامل الأشهر الرحمية، لأيّ سببٍ غير إنقاذ حياة الأم أو الجنين".
حُكم إجهاض الجنين المصاب بتشوهاتٍ خطرةٍ
هنا يجب التمييز بين حُكم الإجهاض في الإسلام في مرحلتين اثنتين من حياة الجنين، أولهما قبل 120 يومًا أي قبل نفخ الروح في الجنين، والثانية بعد نفخ الروح فيه أي بعد 120 يومًا.
أولًا: حُكم إجهاض الجنين قبل نفخ الروح فيه
إنّ الإجهاض في الإسلام محرّمٌ بصورةٍ عامةٍ، ويكون حُكم الشريعة الإسلامية في إسقاط الجنين المريض والمشوه واضحًا، حيث أنَّ الأصل في الإجهاض هو الحُرمَة وعدم الجَوَاز منذ اللحظة الأولى من عمر الجنين. ويجوز الإجهاض للضرورة، كأن يكون الجنين مريضًا أو مشوهًا تشويهًا خطيرًا بشرط: أن يكون ذلك قبل نفخ الروح فيه، أي في الأشهر الأربعة الأولى من عمر الجنين.
وحسب موقع "فتوى" العلمي التابع لكلية الشريعة في جامعة النجاح الوطنية في فلسطين، يرى مجلس الإفتاء الأعلى عدم جواز الإجهاض في أيّ مرحلةٍ من مراحل نمو الأجنة، إلّا في نطاق العذر الشرعي المقبول. وهذا ما ذهب إليه أغلب الفقهاء القدامى والمعاصرين، فمنهم من أطلق الإباحة في الإجهاض، ولو كان دون عذرٍ، خاصةً إذا كان في المرحلة الأولى من عمر الجنين. وتعدّ التشوهات الخطيرة للأجنة من الأعذار المُبِيحة للإجهاض في الإسلام؛ لكن عندما تحقق الشروط التالية:
- إثبات التشوّه بتقاريرٍ طبيةٍ صادرةٍ عن أطباءٍ مُختصين وموثوقين.
- أن تكون هذه التقارير مُستندةً الى فحوصاتٍ طبيةٍ ومخبريةٍ.
- أن تكون نتائج الفحوصات والتشخيص يقينيةً ثابتةً غير متوهمةٍ.
- أن يكون الإجهاض بطلبٍ من كلا الوالدين ورضاهما.
والدليل هنا على جواز إجهاض الجنين المُشوَّه تشويهًا خطيرًا قبل نفخ الروح فيه هو عدم مُمانعة الشرع الإسلامي في دفع الضرر الكبير وإزالته، وإن كان فيه ارتكابٌ لضررٍ آخر لكنه أقلّ وأخفّ من المدفوع؛ إعمالًا بالقاعدة الشرعية "الضرر الأشد يُزال بارتكاب الضرر الأخف". حيث لا يمكن إنكار أو إخفاء حقيقةِ أنَّ في إجهاض الجنين المشوه ضررًا للأمّ وخصوصًا من الناحية النفسية، لكنَّ في إبقائه لتمام الحمل وخروجه حيًّا ضررٌ أكبر عليه وعلى والديه والمجتمع لما يَتبَع ذلك من الألم والمُعاناة والرّعاية الفائقة والنفقات الطبية الباهظة.
ثانيًا: حُكم إجهاض الجنين بعد نفخ الروح فيه
يتفق علماء الشريعة على أنّ نفخ الروح في الجنين يكون بعد 120 يومًا (بعد 4 أشهر)؛ استنادًا إلى الحديث الذي أخرجه الإمام مُسلم في صحيحه عن أبي عبد الرحمن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-، حيث أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال في حديثه هذا: (إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ في ذلكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ في ذلكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ فَيَنْفُخُ فيه الرُّوحَ)؛ ولذلك يُحرَّم الاعتداء على الجَنين بأيِّ شكلٍ من الأشكال، ومن بينها الإجهاض، بعد نَفْخ الرُّوح فيه حتى وإن كان مُشوَّهًا، إلّا إن ثَبُتَ أنَّ استمرار الحَمْل وحدوث الولادة سيُلحِقُ خطرًا في حياة الأم؛ فعندها يجوز إسقاط هذا الجنين بإجهاضه. أمّا بعد نفخ الروح فيه فلا يجوز الإجهاض مطلقًا مهما كانت الضرورة؛ إلّا في حالةٍ واحدةٍ فقط وهي: أن يُشكّل الحمل خطرًا وتهديدًا على حياة الأم.
وقد اتفق الفقهاء على عدم جواز إجهاض الجنين بعد نفخ الروح فيه حتى لو كان مشوهًا لكونه قد اكتسابه الصفة الإنسانية الكاملة والحياة المعصومة وحق البقاء وعدم الاعتداء عليه ولو كان مشوهًا، وذلك لقوله تعالى: " وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ ". وقوله تعالى: " وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ"، وقوله سبحانه: "مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ" فهذه الآيات تدلُّ على حرمة التعدي على حياة الجنين وإجهاضه بعد نفخ الروح فيه لكونه نفسًا مُحترمةً ومعصومةً.
ويُستثنى من ذلك حالتين:
- أن يكون في بقاء الحمل خطرًا مؤكَّدًا يُهدد حياة الأم؛ فحينئذٍ يَجوز إجهاضه ابقاءً لحياتها لأنّها الأصل وهو فرعٌ عنها، إعمالًا للقاعدة الشرعية "إذا تعارضت مُفسدتان رُوعي أعظمهما بارتكاب أخفّهما"
- إذا ثَبُتَ عن طريق لجنةٍ طبيةٍ مُختصّةٍ موثوقةٍ أنَّ الجنين مشوهٌ تشويهًا خطيرًا بحيث إنه سيولد ميتًا كما في حالة استسقاء الدماغ الشديد؛ أو أن يكون عديم الدماغ أو الكلى وأنّه لا فائدة من وجوده ولا يُرجى له حياةٌ عند الولادة مباشرةً، وأنه سيموت بمجرد انفصاله، فهو عندئذٍ في حُكم الميت؛ فيُباح إجهاضه.
حُكم إجهاض الجنين المُصاب بتشوهاتٍ بسيطة
في حال كان الجنين مُصابًا بتشوهاتٍ بسيطةٍ فقط، يُمكن علاجُها كثقب القلب، أو العيش معها كالعمى والصمم فحينها لا يَحِلُّ الإجهاض. وبناءً على ذلك، فإنَّ الاجهاض الحاصِلَ للجنين المُصاب بتشوّهاتٍ لا تمنعه من الحياة تمامًا أو تؤثّر عليه وعلى أمّه بشكلٍ كبيرٍ سيكون متَّفقًا مع أحكام الشرع الحنيف، ولذلك يعدّ تجاوزًا لأحكام الدين لعدم توفّر شروط الإجهاض المتعلقة بالجنين المشوه فيه، وبالتالي فإنَّ الطبيب والوالدين مُخالفين للشرع الإسلامي حينها.
وأخيرًا يمكن القول أنَّ قرار الإجهاض في الإسلام محرّمٌ، وحتّى لو اتفق الزوجان على قرار الإجهاض فذلك لا يُبيح أمرًا محظورًا، حيث أنّ الشريعة الإسلامية وضّحت الحالات المحدّدة الحرجة التي يجوز فيها الإجهاض والتي تكون مستندةً إلى التقارير والفحوصات الطبية الموثوقة المؤكّدة.