` `

هل ألمانيا تمنع الحجاب؟

سياسة
6 نوفمبر 2020
هل ألمانيا تمنع الحجاب؟
في العموم ألمانيا لا تمنع ارتداء الحجاب إلا لأسباب تتعلق بالسلامة وفي بعض أماكن العمل (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

في ألمانيا يعد الحجاب من المواضيع المُتنازع عليها منذ سنوات والمطروحة للنقاش دائماً، سواءً من الأحزاب السياسية، أو قضائياً إثر حالات عنصرية أو إشكاليات دينية في العمل والدراسة. لذلك عندما يُبحث فيما لو كانت ألمانيا تمنع الحجاب أم لا سيجد الباحث إجابات غير واضحة.

يُفصّل هذا المقال القوانين المُتعلقة بالحجاب في ألمانيا فيما يخص العمل والدراسة.

 

إشكالية الحجاب مع القوانين الألمانية

 يجب هنا معرفة أنّ ألمانيا دولة فيدرالية، وأنّ المقاطعات الألمانية مسؤولة عن سن هذه القوانين داخلها، ويمكن توضيح ذلك في مثالين فرديين:

  • في ولاية هيسن الألمانية عام 2017، رفضت محكمة كاسل الإدارية شكوى مُحامية مُتدربة مسلمة بعد أن مُنعت من ارتداء الحجاب في بعض أنشطة التدريب، أي عندما تتولى مهام قضائية أو نيابة عامة ويُنظر إليها على أنها ممثلة للسلطة القضائية. وفي اللائحة القانونية في ولاية هيسن ما يسمح بهذا القرار.
  • في ولاية بافاريا الألمانية عام 2016، حكمت محكمة أوغسبورغ الإدارية لصالح مُحامية مُتدربة رفعت دعوى قضائية لأنّه لم يُسمح لها أيضاً بأداء أنشطة معينة أثناء عملها بسبب الحجاب. وفي رأي بافاريا كان الأساس القانوني الضروري للمنع غير موجود في القانون البافاري.

 

هل ألمانيا تمنع الحجاب؟

في العموم ألمانيا لا تمنع ارتداء الحجاب إلا لأسباب تتعلق بالسلامة وفي بعض أماكن العمل عندما يتعلّق الأمر بالحياد، لكن هذا الأمر بحاجة إلى طلب وأمر قضائي منفصل لكل محل عمل.

لكن كما ذكرنا سابقاً بأنّ القوانين مُتغيّرة دائماً وخاضعة لسلطة الولايات، فقد تبنّت ولاية بادن فورتمبيرغ مشروع قانون يمنع النقاب في تموز 2020، وهو قانون يشمل منع الغطاء الذي يُغطّي كامل الجسم بما في ذلك الوجه، وهذا المنع يخُص مدارس الولاية الأساسية والثانوية. إلّا أنّ هذا القرار لا يمنع الأساتذة بسبب قانون خاص سابق بهذا الشأن.

كما أقرت ولاية سكسونيا السفلى في أيار 2020 قانوناً لا يُسمح بموجبه للقضاة والمدعين العامين بارتداء أي رموز أو ملابس دينية ظاهرة في قاعة المحكمة. ويندرج هذا القرار  تحت ما يُسمّى قضايا الحياد. حيث أكّدت وزيرة العدل باربرا هافليزا أنّ الأمر لا يتعلّق بفرض حظر أُحادي الجانب على الحجاب، ولكنّ القانون يتعلّق برموز جميع الأديان. وهذا أمر مُهم في ضوء التنوّع المتزايد في المجتمع والحياد الملموس للسلطة القضائية.

 

ارتداء الحجاب في العمل في ألمانيا

برغم عدم وجود قرار عام لمنع الحجاب في ألمانيا، ورغم حدوث بعض القضايا المتعلقة بمنع الحجاب في مواقع مُخصصة وضمن ولايات ألمانية مُحددة، إلّا أنّه قد يساعد فهم القانون العام الخاص بالحجاب والعمل على التفريق ما بين المنع العام للحجاب والمنع المُخصّص، والذي أيضاً بدوره يتعرّض لقضايا نقض كثيراً ما تستطيع إلغاء تلك القرارات. 

 

هل يستطيع صاحب العمل منع الحجاب في ألمانيا؟

من حيث المبدأ لا يستطيع صاحب العمل في ألمانيا إقرار منع الحجاب للأسباب التالية:

  • يتمتع كل فرد في ألمانيا بحرية ممارسة دينه - بما في ذلك في مكان العمل.
  •  يحظر القانون العام للمساواة التمييز على أساس الدين أو المعتقد في حياة العمل. وهذا يعني أنه لا يُسمح لأصحاب العمل بالتمييز ضد الأفراد بسبب معتقداتهم أو إعاقة ممارسة شعائرهم الدينية، سواءٌ خلال التقديم على العمل أو ممارسته.

ولكن هناك استثناءات وأنظمة تُبرّر منع صاحب العمل للرموز الدينية بما في ذلك الحجاب في مكان العمل. على سبيل المثال قد يُؤدي ارتداء الحجاب أو سلسلة الصليب إلى جعل العمل ببعض الآلات خطراً، ولذلك فإنّ الحظر لما يُسمى بالأسباب الموضوعية مسموح به.

هناك أيضاً استثناءات أخرى، ولكنها تختلف بالنسبة لأصحاب العمل في القطاع الخاص والحكومي والكنيسة.

 

متى يتم منع الحجاب في ألمانيا بدعوى الحياد؟

على أساس قانون أصدرته محكمة العدل الأوروبية (C-157/15 ، آذار 2017)، يُمنح الحق لأصحاب العمل بالوجود في العمل بمظهر مُحايد أمام العالم الخارجي وبالتالي المُطالبة بمظهر محايد من موظفيهم، وقد يتطلب ذلك منع الحجاب. لكن هذا الأمر ليس من السهل تحقيقه أو الحصول عليه فهو بحاجة إلى:

  • يجب أن ينطبق الادعاء بالحياد بالتساوي على المعتقدات السياسية أو الأيديولوجية ولا يمكن أن يتعلق فقط بالتعبير الديني كارتداء الحجاب.
  • لا يُسمح بقواعد الحياد التي تُؤثّر بشكل غير مباشر على أديان محددة فقط، أو تم فرضها فقط لغرض منع الموظفين الأفراد من ارتداء الرموز الدينية كالحجاب.
  • يتطلّب الحياد التشغيلي أيضاً قواعد داخلية واضحة تنطبق على الشركة بأكملها ويتم فرضها باستمرار في العمليات اليومية.
  • يجب ألا تؤدي لوائح الحياد إلى إشكاليات في عملية التقديم على الوظيفة، أي لا يجب استبعاد طلب وظيفة من امرأة فقط لأن صورتها في السيرة الذاتية تظهر بالحجاب.

من هذا القانون قد نلحظ في وسائل الإعلام قضايا مُتنازع عليها فيما يخص الحجاب والعمل، لكن غالباً ما تربح النساء القضايا لأنّ ادعاء الشركات أو المؤسسات بالحياد غير كافي لتحقيق هذا المنع، فهو أمر مُعقّد يحتاج إلى لوائح مُحددة وحجج كبيرة تُثبت أحقية الشركة باستخدام إجراء الحياد وكيف أنه أمر مفصلي في عملها.

 

متى يُمنع الحجاب في مؤسسات الدولة الألمانية؟

لا تمنع مؤسسات الدولة العامة حرية المعتقد واللباس، ولكن في بعض المناطق تُطالب بالحياد. ولأنّ مبدأ الحياد المنصوص عليه في القانون الأساسي يتعارض مع الحق في الحرية الدينية، لذلك يجب توضيح ذلك على أساس كل حالة على حدة متى يُسمح أو يُطلب في المؤسسات الحكومية حظر الرموز الدينية.

برغم وجوب الحياد لجميع موظفي الخدمة المدنية في ألمانيا مع المواطنين، إلّا أنّ ذلك لا يكفي لتحقيق شرط الحياد الخاص بمنع الحجاب أو الرموز الدينية الأخرى، لذلك فإن الولايات الألمانية تنظر كل منها على حدة فيما إذا كان الحجاب أو الرموز الدينية يضر بالثقة والمساواة بين الأطراف في أماكن محددة كالشرطة والمحاكم. 

يتم منع الحجاب في ألمانيا أيضاً في حالات مُحدّدة، على سبيل المثال إذا نشأت نزاعات دينية في مدرسة أو في منطقة تعليمية وتعرّض حياد الدولة للخطر، أو أصبحت الأجواء بين الطلبة متوترة في المدرسة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هذا الحظر محدوداً بفترة زمنية ولا يجوز أن يُميّز أدياناً محددة عن غيرها.

 

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على