تحقيق مسبار
يعرف جلّ العرب عن البحرين أنها أصغر بلد عربي من حيث المساحة، ويتذكّرون عنها تلك الصور النمطية عن الغوّاصين الباحثين عن اللؤلؤ، وقد يذهب الخيال ببعضهم بعيداً فيعتقدون أنها واقعة بين بحرين، لكن القليل منهم يعرف تفاصيل جغرافية البحرين، أو تاريخه العريق أو موقعه الاستراتيجي.
تُجيبك هذه المقالة عن الأسئلة التالية: هل البحرين جزيرة؟ وما هي أهم جزرها إن كانت كذلك؟ وما هي أهم مؤهلاتها ومحطاتها التاريخية؟
البحرين، الموقع والتسمية
البحرين دولة عربية تقع وسط الخليج العربي وعاصمتها هي مدينة المَنامة. وتحتل البحرين مدخل خليج سلوى، كما تبعد عن سواحل المملكة العربية السعودية نحو 25 كيلومتراً، وهي في منتصف المسافة بين مضيق هرمز ومصب شطّ العرب، ممّا يمنحها موقعاً استراتيجياً عالمياً متميزاً. وتبلغ مساحة البحرين الإجمالية 779.95 كيلومتر مربع.
أثارت تسمية البحرين دائماً خلافاً بين المؤرخين حيث فسر بعضهم المقصود بالبحرين بأنه الخليج العربي ذو الماء المالح، وفُرشة المياه الجوفية العذبة التي تسقي الجزر بمائها. وذهب آخرون إلى أن سبب التثنية هو الينابيع التي تتفجر بالماء العذب من قاع الخليج تحت الماء المالح.
سكّان البحرين
بلغ إجمالي عدد سكّان البحرين 1,483,756 نسمة، منهم 701,827 مواطن، فيما بلغ 781,929 من غير المواطنين، وذلك حسب إحصائية لسنة 2019. وعلى الرغم من قلة العدد الإجمالي للسكّان، فإنّ البحرين تُعتبر رابع دولة على مستوى العالم من حيث الكثافة السكّانيّة؛ حيث يبلغ عدد السكّان فيها ما يُقارب مليون نسمة، وغالبيتهم من العرب الذين تصل نسبتهم إلى 46 بالمائة من نسبة السكّان، والباقي من الهنود ودول شرق آسيا كالسنغال وبنغلادش وإندونيسيا والفلبين.
معلومات عن البحرين
يُنسب الفضل للبحرين في أنّها كانت دولة رائدة في قيادة التحول الاقتصادي لدول الخليج العربي، بالنظر إلى أنّها أول بلد خليجي اكتُشف فيه النفط سنة 1932. وقد شكل هذا الاكتشاف نقطة تحوّل كبيرة في البلاد، التي ستدشن بعد ذلك عهد الاقتصاد الحديث والمتنوع. وتُعتبر البحرين قُطباً مالياً وسياحياً كبيراً، يُراهن اقتصادها أساساً على قطاعات الخدمات.
تُلخّص الأرقام والمعلومات التالية عن البحرين قوّتها ومؤهلاتها الاقتصادية والتنموية والبشرية:
- الناتج المحلي الإجمالي: 39 مليار دولار أمريكي.
- معدل النمو الاقتصادي: 1.8% حسب أرقام عام 2019.
- عدد المصارف والمؤسسات المالية: 404.
- قيمة الصادرات: بلغت الصادرات وطنية المنشأ غير النفطية في البحرين خلال يناير 2019، قيمة قدرها 167.869 مليون دينار بحريني بما يُعادل 446.460 مليون دولار. وبلغ إجمالي الواردات البحرينية بنهاية يناير 2019، قيمة وصلت إلى 372.423 مليون دينار بحريني.
- الإنتاج النفطي: بلغ إنتاج البحرين من حقل البحرين 15.468 مليون برميل في العام 2019، وبلغ إنتاج حقل "أبو سعفة" 55.418 مليون برميل في العام الماضي.
- القوى العاملة: عدد العاملين المسجلين في القطاعين الحكومي والخاص 748,047 موظف، فيما بلغ مُعدّل البطالة 4.7% وفقاً لإحصائية 2019 .
- النقل والمواصلات: يبلغ عدد المركبات المُسجلة 759,733 مركبة، وبلغ عدد الحوادث 890 حادث وفقاً لإحصائية 2019.
- السياحة: استقطبت البحرين حسب إحصائيات سنة 2019، 11.1 مليون زائر، منهم 9.7 مليون زائر عن طريق البر، و 1.2 مليون زائر عن طريق الجو، وحوالي 134 ألف زائر عن طريق البحر.
- التعليم: يبلغ عدد الطلبة الملتحقين بالمدارس الحكومية والخاصة 208,487 طالب وطالبة موزعون على 211 مدرسة حكومية و71 مدرسة خاصة وفقاً لإحصائية 2018.
- الخدمات الصحية: وفقاً لإحصائية 2017 بلغ عدد المستشفيات والوحدات الصحية 59 وحدة صحية، تشمل 6 مستشفيات حكومية يعمل بها 2027 طبيب وطبيبة، و30 مركزاً صحياً حكومياً و22 مستشفى خاص يعمل بها 1918 طبيب وطبيبة، ومستشفى حكومي للولادة.
هل البحرين جزيرة؟
تُعدّ البحرين أرخبيلاً مكوناً من مجموعة جزر يبلغ عددها 33 جزيرة، وقد ساهمت عمليات استصلاح الأراضي في زيادة عدد الجزر إلى أن بلغت 84 جزيرةً إلى حدود عام 2008. وتحتلّ الجُزر الصغيرة أكثر من خُمس مساحة البحرين. ويغلب على هذه الجزر الطّابع الصّحراوي؛ حيث إنّ أرضها قاحلة وسط سهل مُنخفض ينتهي بجرفٍ، وتتميّز بشتاء معتدل وبصيفٍ رطبٍ وحارّ جداً حيث تبلغ درجات الحرارة في بعض مناطقها 80 درجةً مئوية، بينما يكون فصلا الربيع والخريف قصيرين نسبياً. وتنشط في جزر البحرين العواصف التُرابية، وتعاني التُربة فيها من التملّح والتصحّر، وعلى الرغم من ذلك تُعتبر أراضي الجزر البحرينية غنيّة بآبار النفط والغاز الطبيعي. ويمكن اعتبار البحرين جزيرة من حيث الوصف الطبيعي، إذ لا تشترك البحرين بحدود أرضية مع الدول المجاورة، لكنها ترتبط مع المملكة العربية السعودية بجسر منذ عام 1986.
أسماء جزر البحرين
يضم أرخبيل البحرين كما ذكرنا عشرات الجزر، لكنّها تختلف كثيراً عن بعضها سواء من حيث المساحة أو عدد السكان، ويبقى أغلب هذه الجزر غير مأهول. ومن أهم هذه الجزر نجد:
- جزيرة البحرين: وتعرف أحياناً بـ «أوال»، الاسم القديم للبحرين وهي أكبرها، تشغَل 85% من مساحة الدولة، ويعيش فيها 72% من السكان، وتضمّ مدينة المنامة عاصمة الدولة.
- جزيرة المحرّق.
- جزيرة سترة.
- جزيرة أم النعسان.
- جزر حوّار، وهي محميةٌ بيئيّة طبيعية لأنواع الأحياء النباتيّة والحيوانيّة
- جزيرة مشتان.
جزيرة البحرين والربط القارّي
على الرغم من كونها جزيرة من حيث أصلها الطبيعي، إلا أنّ البحرين ليست معزولة عن مُحيطها. فبفضل مُنشأة عملاقة يُمثلها جسر الملك فهد، أصبح للبحرين رابط قارّي مباشر بالمملكة العربية السعودية. يتكوّن الجسر، الذي افتُتح سنة 1986، من طريق باتجاهين، ويبلغ عرض كل اتجاه 11.6 م بمسارين ورصيف للتوقف الاضطراري. ويبلغ طول الجسر 25 كم، يبدأ الجسر في الجانب السعودي من منطقة العزيزية التي تقع جنوب مدينة الخبر، كما يبدأ في الجانب البحريني من منطقة الجسرة إلى الغرب من المنامة. وقد ساهم هذا الجسر في تقوية العلاقات التجارية والاقتصادية والسياحية مع المملكة العربية السعودية التي يُعتبر مواطنوها من أكبر المستثمرين والوافدين على جزيرة البحرين.
استقلال البحرين
على الرغم من أنّها نُقطة صغيرة جغرافياً، إلّا أن للبحرين تاريخ عريق، فقد تنافست على النفوذ فيها حضارات قديمة بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي، فكانت باستمرار محطّ أطماع الفُرس والإغريق والأوربيين. وقد وصلت في القرن التاسع عشر إلى دائرة نفوذ الإمبراطورية البريطانية. فوقّعت البحرين أُولى المعاهدات البحرية مع بريطانيا عام 1820، وكانت تنص على قيام بريطانيا بحماية البحرين من الهجمات البحرية المعادية. وفي سنة 1861 تم توقيع اتفاقية الحماية الرسمية مع آل خليفة الذين كانوا يحكمون الجزيرة. وتم إضفاء الطابع الرسمي على الوضع البريطاني في البلاد عام 1900 مع تأسيس منصب وكيلٍ سياسيٍّ في البحرين، وهو المنصب الذي استمر حتى عام 1971. استمرت الهيمنة البريطانية طوال هذه الفترة، لكن مع وصول رياح القومية العربية وتعرّض قناة السويس عام 1959 للعدوان الثلاثي، بدأت بذور الغضب الشعبي تجاه الاحتلال البريطاني تجتاح البحرينيين. وتتالت الأحداث والمظاهرات ضد الوجود الاستعماري وتزامن ذلك مع اتخاذ بريطانيا قراراً بسحب قوّاتها من الخليج عام 1968، فأعلن الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة استقلال البحرين في آب /أغسطس 1971. وتم توقيع معاهدة صداقة مع المملكة المتحدة وتم تعيين الشيخ عيسى أميراً على البحرين. ثم أصبحت البحرين عضواً في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
نظام البحرين السياسي
يقوم النظام السياسي في البحرين على الملكية الدستورية المُستندة إلى الشورى. ويؤكد الدستور البحريني أنّ النظام السياسي قائم على مشاركة الشعب في ممارسة السلطة. وإلى جانب الملك، الذي يُعتبر رئيس الدولة وأعلى سلطة في البلاد، يوجد في البحرين مؤسسة مجلس الشورى الذي يتألف من أربعين عضواً يُعيّنون بأمر ملكي، ويُعتبر هذا المجلس أحد رُكنَي السلطة التشريعية إلى جانب مجلس النواب الذي يتم اختياره من قبل الشعب من خلال الانتخابات. وقد دخلت البلاد في نظام المؤسسات ابتداء من تاريخ 16 فبراير عام 2001، بعد أن صادق الملك على نتيجة التصويت على ميثاق العمل الوطني الذي طرحه وصوت عليه الشعب بنسبة 98.4%.
اقرأ أيضاً:
هل العراق من دول الخليج العربي؟