تحقيق مسبار
يعود الإهتمامُ الكبير بكوكب المريخ والبحثُ عن حياة هناك إلى التشابه بينه وبين كوكب الأرض، وقد أظهرت نتائج الأبحاث الي جرت على مدارٍ عقودٍ وجود حياة كانت على المريخ قديماً.
يستعرض هذا المقال كوكب المريخ، وهل يمكن العيش على كوكب المريخ؟ وبماذا يختلفُ المريخ عن كوكب الأرض؟
كوكب المريخ
عرف البشر كوكب المريخ قديماً، فقد كان إله الحرب عند اليونانيين، وظلَّ الإعتقاد سائداً بأن كوكب المريخ يعجُّ بالحياة حتى
مُنتصف القرن الماضي، حيث ظنَّ البشر أن الأخاديد الظاهرة على سطح المريخ هي من صُنع مخلوقات ذكية.
ويقع المريخ في المرتبةِ الرابعة من حيث قربه إلى الشمس، كما ويُعدُّ ثاني أصغر كواكب المجموعة الشمسية، وثاني أقرب الكواكب إلى كوكب الأرض، وللمريخ قمرين يدورانِ حوله، ويمتاز كوكب المريخ بلون سطحه الأحمر، والذي تشكَّل نتيجة تراكم صدأ الحديد عليه.
والمريخ أصغر من كوكب الأرض حجماً، إلا أن مساحته تعادل تقريباً مساحة اليابسة على كوكب الأرض، وعليه ثاني أعلى قمة جبلية في المجموعة الشمسية. كما ويدور المريخُ حول الشمس بشكل بيضاوي، ممَّا ينتجُ عن ذلك عواصفَ ترابية ضخمة هي الأكبر في مجموعتنا الشمسية.
واليوم على المريخ لا يزيد عن اليوم على الأرض سوى بـ37 دقيقة، لكنَّه يستغرقُ 687 يومًا للدوران حول الشمس. كما ولا يوجد مجالٍ مغناطيسي على المريخ، وله فصول موسميةٍ تأتي مرتين في العام الواحد، وعلى سطحه أكبر بركانٍ في المجموعة الشمسية حيث يبلغ ارتفاعه 25 كم وقطره 600 كم.
هل يمكن العيش على كوكب المريخ؟
لا يمكنُ العيش على كوكب المريخ، حيث أنَّ بيئة المريخ قاسية مقارنة ببيئة كوكب الأرض، فالمريخ كوكب قاحل، وأغلبُ مياهِه متجمدة في جبالهِ القُطبية، وجميع الكائنات الحية على الأرض تشتركُ في عدة أمور مثل حاجتها إلى الطاقة وإستجابتها إلى بيئتها، بالإضافة الى تطورها الجيني ونقل خصائصها الجينية إلى نسلها.
ورغم أن بعض الكائنات الحية على الأرضِ يمكنها العيش في بيئة قاسية مثل درجة الحرارة المرتفعة أو نقص الأكسجين، إلا أن غالبية الكائنات الحية لا يمكنها العيش إلاَّ ضمن ظروف بيئية معينة.
ومن أجل العيش على كوكب المريخ، يجب تهيئة الظروف الملائمة لذلك، حيث يجب أن يكتفي البشر ذاتيًا من الماء والهواء والغذاء. وتعمل "ناسا" مع شركات أخرى على تطوير أجهزة لتعدين المياه من تربة المريخ، وكما وتسعى أيضًا لتطوير أنظمة زراعية تتماشى مع بيئة المريخ في ظل ضُعف الجاذبية هناك.
ومن أهم المخاطر التي تواجه البشر في إمكانية العيش على كوكب المريخ هي الإشعاع، حيث إن كوكب المريخ لا يحتوي على غلاف جوي يحميه من خطر الإشعاعاتِ التي قد يؤدي التعرض لها إلى الإصابة بمرض السرطان أو تلف الحمض النووي للبشر.
مخاطر السفر إلى المريخ
بدأت محاولات البشر بإرسال البعثات الى المريخ منذ ستينات القرن الماضي، واقتصرت على إرسال الروبوتات، لكن تخطط وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" لإرسال البشر للمرة الأولى إلى المريخ مع حلول العام 2030، وتواجه الرحلة إلى المريخ العديد من التحديات التي تفرضها بيئة الكوكب ومداره وبعد المسافة عن الأرض. وتسعى ناسا لتطوير مركبات فضائية قادرة على استيعاب كميات كافية من الطاقة اللازمة لسفرِ البشر إلى المريخ ومن ثُم إعادتهم إلى الأرض.
وهناك العديد من التحديات والمخاطر الصحية التي يواجهها المسافرون أيضاً، وقد حدد مارك جربلوم عضو اللجنة الأسترالية لطب الفضاء ستة تحديات رئيسة تواجه رواد الفضاء أثناء رحلتهم:
1. داء الفضاء: يعاني العديد من رُوَّاد الفضاء أثناء سفرهم من حالة عدم الإدراك المكاني والشعور بالغثيان، مما يؤثر سلباً على أداء الفريق.
2. الضغط النفسي: حسب جربلوم، فإن رواد الفضاء يعانون من الضغط النفسي الشديد، فروَّاد الفضاء يعيشون في ظروفٍ قاسية على متن كبسولة فضائية لأيام طويلة، مما يؤدي إلى حدوث تعطلات في الرحلة أو تقصير مُدّتها وإلغائها في بعض الأحيان.
3. ضعف العضلات: بسبب انعدام الجاذبية، فإن عضلات رواد الفضاء تضعف، مما يؤدي إلى بذل جهد كبير من أجل ممارسة حركتهم بشكل طبيعي، وقد تفقد عضلات القلب قوتها مما يؤدي إلى توقفه وموت رائد الفضاء.
4. ضعف الرؤية: يعاني رواد الفضاء من تغير في رؤيتهم، وذلك بسبب قلة انتقال السوائل في الرأس، مما يحدث انتفاخاً في مُقلة العين.
5. نزلات البرد: لا يعملُ الجهاز المَناعي في الفضاء بشكل جيد، ويتعرض رواد الفضاء لنزلات البرد بشكل شائع، ويعود السبب في ذلك إلى الهواء المُعاد تدويره داخل المركبات الفضائية، ومن أجل الحفاظ على صحتهم يتم عزلهم لأسبوعين قبل إقلاعهم.
6. حالات صحية طارئة: يتم تجهيز مركبات الفضاء بأحدث المعدات الطبية، كما ويتم تدريب رواد الفضاء على التعامل مع كافة الطوارئ الصحية، بالإضافة الى مركز اتصالات بين المركبة وفريق طبي على الأرض .
الفرق بين المريخ والأرض
رغم التشابه الكبير بين الأرض والمريخ في البنية والتكوين، إلا أن هناك اختلافات كبيرة بينهما تجعل من العيش على المريخ صعباً. فكوكب المريخ أكثر برودة من الأرض، حيث يبلغ متوسط درجة الحرارة عليه 60 درجة مئوية تحت الصفر، وغلاف كوكب المريخ رقيق بالمقارنة مع الغلاف الجوي لكوكب الأرض، هذا وبالإضافة إلى اختلافاتٍ فزيائية رئيسة بين الكوكبين تجعل من العيش على كوكب المريخ امراص صعباً على الأقل في الوقت الحالي.
ومن أهم الاختلافات بين الأرض والمريخ:
- الحجم والكتلة: يُعادل حجم كوكب المريخ حوالي 15% من حجم كوكب الأرض، حيث يبلغ حجمه 163 مليار كيلو متر مربع، في حين أن حجم الكرة الأرضية يبلغ 1083 مليار كيلو متر مربع. كما أن كتلة المريخ أقل من كتلة الأرض وبالتالي فالجاذبية أقل أيضاً.
- الهيكل والتكوين: يتشابه كلاً من الأرض والمريخ وفي تركيبتهما الأساسية، فيحتوي كوكب المريخ على نواة تتكون من الحديد والنيكل، كما ويحتوي أيضاً على غطاء من السيليكات يحيط بنواته، إلّا أن نواة كوكب المريخ أكثر سيولة من الأرض، كما ويختلفان عن بعضهما البعض من حيث سُمك الطبقات وكثافتها.
- خصائص السطح: تكثر الاختلافات بين الأرض والمريخ فيما يتعلق بخصائص السطح، حيث إن المسطحات المائية تغطي ما نسبته 70% من سطح الأرض، أما سطح كوكب المريخ جافٌّ ومغبر، ويغطي سطحه صدأ الحديد الذي تشكّل بتفاعل الحديد مع الهواء والماء قديماً.
- الغلاف الجوي: يحتوي الغلاف الجوي لكوكب الأرض على 78% من غاز النيتروجين و21% من الأكسُجين، بالإضافة إلى بعض الغازات الأخرى، أما المريخ فيُشكّل غاز ثاني أكسيد الكربون 96% من غلافه الجوي، بالإضافة إلى احتوائه على كميات قليلة من النيتروجين وغاز الأرجون.
ورغم عدم وجود حياة على كوكب المريخ، إلا أنّ إمكانية العيش على كوكب المريخ ما زالت محط دراسة، وتتسابق العديد من حكومات العالم على معرفة المزيد عن هذا الكوكب، كما وهناك العديد من الشركات الخاصة تخطط لإرسال رحلات إلى المريخ في المستقبل القريب.
اقرأ أيضاً: