` `

هل الفأر يشرب الماء؟

علوم
17 ديسمبر 2020
هل الفأر يشرب الماء؟
الفأر يشرب الماء بواقع 15 ملليلتر لكل 100 جرام من وزنه يومياً (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

تُعتبر الفئران مِن أصغر الحيوانات الثديية حجماً، وتستوطن الفئران مُختلف أنواع البيئات في كوكب الأرض، بِما في ذلك المُدُن والقُرى المأهولة بالسُكّان، الأمر الذي يعكس قُدرة عالية على التأقلم والبقاء. وقد ارتبطت هذه الحيوانات الصغيرة بالإنسان من خِلال عِلاقة مُعقّدة، فهي تُذكّر الكثيرين بالأمراض وخصوصاً مرض الطاعون، كما أنها شريك لا غِنى عنه للعُلماء والباحثين في مجال التكنولوجيا الحيوية والتصنيع الدوائي. يُورِد هذا المقال مجموعة من الحقائق العلمية ويُجيب على عدد من الأسئلة مِثل: ماذا يأكل الفأر؟ هل الفأر يشرب الماء؟ هل حقاّ تتغذى الفئران على الجمادات التي تقرضها كالخشب والحِبال؟

 

ما هي البيئة الطبيعية للفأر؟

يعيش على كوكب الأرض اليوم 38 فصيلة مختلفة من الفئران، مع تطوّر علوم الأحياء ومن بينها علم تصنيف الكائنات الحية، أصبح جنس الفئران يتضمن أربع أنواع رئيسية، أشهر هذه الأنواع هو فأر المنازل، الموطِن الأصلي لهذا النوع هو قارّتي آسيا وأوروبا، إلا أن فأر المنازل في الوقت الراهن يتواجد في جميع أنحاء العالم، وقد استطاع هذا النوع من الفئران أن ينتشر خارج موطنه الأصلي بسبب ما يمتلكه من صِفات مثل القُدرة العالية على التأقلم وإِمكانية العيش بداخل المباني وعلى متن السُفُن.

الفقرات التالية في هذا المقال تُسلّط الضوء بشكل رئيسي على فأر المنازل وذلك للأسباب التالية:

  • فأر المنازل هو النوع الأكثر انتشاراً من الناحية الجُغرافية.
  • فأر المنازل هو النوع الأكثر ارتباطاً بالإنسان.
  • في أغلب الأحيان، فأر المنازل هو النّوع المُستخدم للأغراض العِلمية والطبية.

 

الصِفات الشّكليّة والحيوية للفأر:

يمتلك الفأر جِسماً اسطوانيّا مُغطّى بالشعر بالكامل فيما عدا الذّيل، يتراوح وزنه بين 12 إلى 30 جراماً وقد يصل إلى 40 جراماً، طول الجسم من طرف الأنف وحتى بداية الذيل يتراوح بين 6 إلى 11 سم، فيما يُعادل طول الذيل طول الجسم نفسه. ويُمكن أن يكون للفأر ألواناً مُختلفة، بعض الفصائل التي تم انتاجُها مِن خلال التلقيح المُتعمد والتي تُستخدم كفِئران تجارب بيضاء بالكامل (ألبينو)، كما يمكن أن تكون سوداء بالكامل أو أن يكون لونها خليطاَ بين الأبيض والأسود. نفس الفصيلة أي فئران المنازل في بيئتها الطبيعية ذات لون رمادي أو بُني.

 

من الناحية العلمية، أهم الصفات التي يمتلكها الفأر هي الصفات التي جعلتهُ خِياراً ممتازاً لإجراء الأبحاث العلمية والطبية وهي:

  • سُهولة الإحتفاظ بالفئران وتربيتها: وذلك لأن الفأر كائن صغير الحجم، رخيص الثمن، وسريع التأقلم مع البيئة والظُروف المُحيطة بِه، مما يجعل الاحتفاظ بأعداد كافية من الفئران في أقفاص والعناية بها أمراً سهلاً وغير مُكلف من الناحية المادية.
  • دورة حياة الفأر وسُرعة تكاثره: يعيش فأر المنازل فترة تتراوح بين 1.5 سنة و3 سنوات، من ناحية أُخرى، تبلغ مُدّة الحمل 21 يوماً فقط، كما أن أُنثى فأر المنازل تضع في المرة الواحد 6 من الصِغار، ويُمكن أن يتكرر الحمل 10 مرات في السنة الواحدة وقد يصل في بعض الأحيان إلى 14 مرة، هذا يعني أن أُنثى واحدة يُمكن أن تلد خلال عاماً واحداً أكثر من 60 فأراً، ونتيجة لذلك يُمكن دِراسة أجيال مُتعاقبة في إطار دراسة علمية واحدة وذلك خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً.
  •  التشابه الكبير بين الفأر والإنسان من الناحية الجينية: هذا يعني أنه بإمكان العُلماء مُحاكاة الأمراض التي تُصيب الإنسان عبر الفِئران من خلال نقل هذه الأمراض لِفئران التجارب بهدف دراستها و تجربة اللقاحات أو الأدوية على هذه الفئران. وفي المُتوسط يصل التشابه بين مُجمل الحمض النووي الذي يحمل الصفات الوراثية للإنسان، ومُجمل الحمض النووي الحامِل للصفات الوراثية للفأر الى 85%.

 

ماذا تأكل الفئران؟ وهل الفأر يشرب الماء؟

تختلف العادات الغذائية للفئران من فصيلةٍ لأُخرى، فيما يخص فأر المنازل، يتغذى هذا النوع على الحُبوب والحشرات في حال كان يعيش في الطبيعة، وإذا استطاع أن يعيش بداخل أحد المباني فإنه يأكل كل شيئ يُمكن أن يجده، بالنسبة للفئران التي يتم تربيتها للأغراض البحثية والعلمية، غالباً ما يتم إطعامها أنواعاً خاصة بها من الطعام الجاف، يُشبه الطعام الجاف الخاص بالحيوانات المنزلية كالقطط مثلاً.

بالنسبة للماء، نعم الفأر يشرب الماء، وبِحَسَب ما يُورده الموقع الرسمي لجمعية الطب البيطري في لويزيانا، الفأر يشرب الماء بواقع 15 ملليلتر لكل 100 جرام من وزنه يومياً، هذا يعني أنه إذا كان وزنه 40 جرام كما تُوضّح الفقرة الثانية من هذا المقال، فإن الفأر يشرب  الماء بما يعادل 7 ملليلتر يومياً.

 

هل حقاً تأكل الفئران الجمادات؟

لا، صحيح أن الفئران تقوم بِقرض مواد جامدة لا تُصنف كغذاء، إلا أنها لا تأكلها، بمعنى أنها لا تبتلع ما تقوم بقرضه كالأخشاب أو حتى المعادن. تُمارس الفئران هذا السلوك لسببين رئيسيين وهُما:

  • الأسنان الأمامية للفئران تستمر في النمو دون توقف، عملية قرض مواد صلبة كالمعادن تهدف إلى تقليم أسنانها الأمامية، أي تقصيرها، والمُحافظة عليها في حُدود طول مُعين، وهو الأمر الذي إن لم تتمكن الفئران من القيام به، فإن الطول الزائد لأسنانها الأمامية سيؤدي إلى إلحاق الضرر بها وربما قتلها.
  • السبب الثاني هو أن الفئران تجد نفسها بحاجة إلى فتح ثُقوب في حواجز تمنعها من الوصول إلى الطعام، أو بحاجة لفتح ثقوب أو توسيع ثٌقوب صغيرة في مثل تلك الحواجز، بهدف استكشاف بيئتها المحيطة لكي تتمكن من بِناء الأعشاش والمخابئ.

 

هل تتسبب الفئران بنشر الأمراض؟

نعم. يُشير الموقع الرسمي لمركز السيطرة على الأمراض ومنعها إلى 11 نوعاً مُختلفاً من الأمراض التي يُمكن أن تنتقل بشكل مباشر من القوارض إلى الإنسان، بالإضافة إلى 15 نوعاً يُمكن أن تنتقل بشكل غير مباشر من القوارض إلى الإنسان، ولعلّ من أشهر الأمراض التي تتسبب الفئران بنقلها بشكل مباشر إلى الإنسان هو الطاعون، والذي يُعتقد أن الفئران تسببت بنشره في أوروبا في منتصف القرن الرابع عشر. وبالرغم من أن هُناك دراسة نٌشرت في عام 2018 تطرح تفسيراً آخر كسبب لتفشّي الطاعون في أوروبا، حيث يعتقد القائمون عليها أن سبب تفشي الطاعون هو البراغيث والقمل وليس القوارض ومنها الفأر، إلا أن هذا لا يعني التساهل في مسألة وجود الفئران في المنزل. نظراً لخطورة الأمراض التي ثَبُت عِلمياً أن القوارض عموماً ومِنها الفئران والجرذان تقوم بنقلها للإنسان.


 

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على