تحقيق مسبار
تزخر اللغة العربية بملايين المعاني والمرادفات، وهي أكبر لغات العالم من حيث عدد الكلمات، كما وأنها واحدة من أكثر اللغات تحدثًا بها على مستوى العالم، ومع كثرة كلماتها وتشعباتها، يخطئ بعض الناس في هذه الكلمات من حيث النوع والصياغة والإعراب، ومن هذه الكلمات كلمة بعير، فما هو معناها؟ وهل يمكن جمع كلمة بعير؟ وما هو نوع الكلمة في اللغة العربية؟
معنى كلمة بعير
هو ما صلح للركوب والحمل من الإبل إذا بلغت من العمر أربع سنوات، كما ويطلق وصف بعير على كلٍ من الذكر والأنثى من الإبل، فيُقال للناقة وللجمل، وبعير اسم يختلف لفظه بين العرب، حيث عند بني تميم يُقال بِعير بكسر حرف الباء، أما الشائع فهو بَعير بفتح الباء، وتُستخدم كلمة بعير في بلاد الخليج العربي حديثًا على وجه الخصوص بسبب أثرهم بالبيئة البدوية، ويختلف شعوب الخليج في لفظها بين فتح الباء وكسرها على اختلاف أصولهم، وقد ذُكرت كلمة بعير في القرآن الكريم في أكثر من موضع، حيث ذكرت مرتين في سورة يوسف، فقال الله تعالى:
(وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) يوسف(65)
(قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ) يوسف(72).
وقال النحوي المصري ابن بري: إن البعير المقصود بها في الآيتين هو الحمار، والآيتان تتحدثان عن إخوة النبي يوسف عليه السلام وقد كانوا في أرض كنعان، حيث لا تُستخدم الجمال للترحال وإنما الحمير.
وذُكرت في زبور داوود عليه السلام، وقصد بها كل ما يُحمل عليه، وهي موجودة أيضًا في اللغة العبرية، وذُكرت في حديثٍ للرسول محمد عليه الصلاة والسلام، فقد ذَكر جابر عن الرسول أنه قال في ليلة البعير، وقصد بها الليلة التي اشترى بها الرسول جملًا من جابر وهو في سفر، وقد قالت العرب أيضًا: ماله شاةٌ ولا بعير، في وصف من هو شديد الفقر.
هل يمكن جمع كلمة بعير؟
نعم، يمكن جمع كلمة بعير، حيث أنَّ بعير مفرد، وجمع كلمة بعير: أباعر وأباعير وبعران، وفي معجم المعاني الجامع، فإن جمع كلمة بعير هو أباعر، وجمع أباعر أباعير.
وقديمًا، اشتهر بيت شعرٍ ذُكر فيه جمع كلمة بعير بأباعر زمن الصحابي عثمان بن عفان، حيث كان عثمان يجهز جيشًا إلى الشام، وطلب شخصًا اسمه يزيد العقيلي أحد اللصوص المشهورين في البادية، وكان وقتها في وادي الحجاز يسرق الشاة والبعير، فلما رأى جيش عثمان يتجه نحو الشام بدونه تاب وقال بيته المشهور:
"ألا قُلْ لرُعْيانِ الأَباعِرِ أَهْمِلوا فَقَدْ تابَ عَمّا تَعْلَمونَ يَزيدُ
وإِنَّ امْرَأً يَنْجو من النار بَعْدَما تَزَوَّدَ منْ أَعْمالِها لسَعيدُ"
كما وذُكرت كلمة أباعير في شعر العباس بن مرداس السلمي، وهو من الشعراء المخضرمين، فقد ذكر عنه معاتبته للنبي حين أعطاه أربعةً من البعير وأعطى غيره أكثر من ذلك فقال:
"وقد كنتُ في الحرب ذا تدرءٍ فلم أعط شيئا ولم أمنعُ
إلا أباعيراً أعطيتها عديد قوائمه الأربعُ"
أما كلمة جمع كلمة بعير ببعران هي كلمة عربية فصيحة، جاءت على لسان الشاعر الجاهلي تأبطّ شرًا، وقد كان يسرق الإبل فغضب عليه الناس، فقال لهم: لا تسأل العبد الفقير بعيره وبعران ربي في البلاد كثيرُ.
إلا أن استخدام كلمة بعران لم يعد شائعا بين العرب كما كان سابقا، وأصبحت مع الوقت تستخدم في سياقات أخرى غير معناها الأصلي.
أنواع الجمع في اللغة العربية
في اللغة العربية يأتي الاسم إما مفردًا أو مثنى أو جمع، والجمع ثلاثة أنواع، جمع المذكر السالم وجمع المؤنث السالم ويسمى بالجمع السالم لسلامة مفرده من التغيير عند الجمع، والنوع الثالث هو جمع التكسير:
- جمع المذكر السالم: هو لفظ يدل على أكثر من اثنين من الاسم المذكر العاقل، ويكون بإضافة واو ونون أو ياء ونون إلى آخره، مثل: معلم معلمين أو معلمون.
- جمع المؤنث السالم: يختص بجمع أكثر من اثنين من اسم المؤنث السالم، حيث يتحول الاسم من المفرد إلى الجمع بإضافة الألف والتاء إلى آخره، مثل مسلمة مسلمات، مكتبة مكتبات وهكذا.
- جمع التكسير: يختلف عن جمعي المذكر والمؤنث السالم، حيث تتغير صورة الكلمة عند جمعها، مثل جمع كلمة بعير تصبح أباعير أو أباعر، وقد يكون التغير بزيادة حرف على المفرد أو بنقص حرف منه.
وجمع التكسير نوعين: جمع القلة، وهو ما وضع للعدد القليل من ثلاثة إلى عشرة، ومن أمثلتها "أبعار" جمع كلمة بعر مصدر بعير، والنوع الثاني هو جمع الكثرة، وهو لجمع ما أكثر من عشرة، ومن الأمثلة عليه كلمة أباعير، والتي تأتي على وزن أفاعيل.
وهناك جمع الجمع، ففي اللغة العربية، قد يُعامل الجمع معاملة المفرد فيتم تثنيته أو جمعه مرة أخرة، كما هو الحال مع كلمة أبعرة، فهي جمع لكلمة بعير، ولكن يمكن جمعها أيضا لتصبح أباعير.
وهناك كلمات عربية أيضا تدل على المفرد والمثنى والجمع معًا، كما وهناك جمع سماعية، حيث لا مفردة لها، بالإضافة إلى جموع جُمعت على غير مفردها أيضًا، ومفردات أخرى تعبر عن القلة والكثرة والمفرد والجمع على حد سواء.
أنواع الأسماء في اللغة العربية
الاسم في اللغة العربية هو اللفظ الذي يدُلُّ على معنى دون أن يقترن بزمان أو فعل، أي يدل على المعنى في ذاته مثل كلمة بعير، وتنقسم الأسماء في اللغة العربية إلى قسمين رئيسيين هما اسم الجنس واسم العلم.
- اسم الجنس: هو ما يطلق على الأجناس والأنواع المختلفة، وهو مالا يختص بواحد من جنسه دونًا عن غيره، ويجوز إطلاقه على كل فرد من نفس الجنس مثل: رجل وامرأة وغيرهم، فيقال عن أي رجلٍ رجل أو أي طفلٍ طفل بغض النظر عن اسمه.
ومنه الضمائر وأسماء الاستفهام والإشارة والشرط والأسماء الموصولة.
- اسم العلم: هو الاسم الذي دلَّ على فرد معين دون غيره من أبناء جنسه، مثل أحمد وكرم وسليم، أي يمكن لنا أن نطلق على كل صغير لفظ طفل، لكن لكل طفل اسمه الذي يخصه، فلا نطلق على كل طفل مثلًا كرم أو خالد وهكذا، ومنه أسماء الدول والمعالم والأفراد وغيرهم، ويمكن لفردين من نفس النوع أن يحملا الاسم نفسه، لأن الاسم هنا يقصد به فردًا واحدًا فقط حتى وإن حمل أكثر من فرد من نفس النوع نفس الاسم.
وللأسماء في اللغة العربية علامات تميزها عن الفعل والحرف، يمكن تلخيصها كما يلي:
- قبوله لأداة التعريف "ال".
- قبول أحرف الجر قبل الاسم.
- قبول الاسم للتنوين على آخره.
- قبوله لحروف النداء قبله.
- قبول الإسناد إليه.
وتُعرب الأسماء ظاهريًا بوضع إحدى حركات التنوين عليها أو تقديرًا، وذلك بتقدير الحركة دون إظهارها، كما وتُبنى الأسماء بحيث لا يتغير آخرها بتغير موضعها، وكلمة بعير تُعرب إعرابًا ظاهريًا تتغير الحركة على آخرها بتغير موضع الكلمة.
اقرأ/ي أیضًا:
