تحقيق مسبار
يتبادر سؤال هل البقرة تحيض في أذهان الكثير من مربي الأبقار أو حتى أذهان الناس العاديين. وتعتبر الأبقار من أكثر أنواع المجترات شيوعًا، وأكثرها إلفةً للإنسان، ويتم تربيتها وإكثارها نظرًا لفائدتها الكبيرة، حيث أنها تعتبر مصدرًا للحم والحليب ومشتقاته، حتى روثها يُستفاد منه للسماد والوقود، كما تُستخدم جلودها في الكثير من الصناعات.
سيتم في هذا المقال التعريف بالأبقار، مع البحث في طريقة تكاثرها ومراحل دورتها الشهرية والحمل، وسيجيب على سؤال هل البقرة تحيض؟
الأبقار
الأبقار إحدى أنواع الثدييات، تتغذى بشكل رئيسي على الأعشاب، وبنيتها التشريحية تساعدها في الاعتماد بغذائها على العشب، فللأبقار فم واسع وأسنان تساعدها على قضم ومضغ الأعشاب، وأكثر ما يميزها امتلاكها معدة كبيرة ذات أربع حجرات والتي تعمل كمخمّر للأعشاب.
يختلف حجم أنثى الأبقار ووزنها عن الذكور، فذكورها البالغون أوزانهم بين 450 كغ إلى 1800 كغ، والإناث من 360 كغ إلى 1100 كغ، ولكن كل من الذكور والإناث لديهم قرون تختلف صفاتها بين منطقة وأخرى، ربما حسب الاستقصاء الوراثي.
تشتهر الأبقار بأثدائها الكبيرة التي تسمى الضروع ذات أربع حلمات، منتجة كمية كبيرة من الحليب.
تُعرف الأبقار بفائدتها الكبيرة للإنسان، حيث تعتبر مصدرًا للحم والحليب ومشتقاته، حتى روثها يُستفاد منه للسماد والوقود، كما تُستخدم جلودها في الكثير من الصناعات، كما كانت الأبقار أولى المواشي التي وُضعت لها الخريطة الجينومية كاملة، واستفاد العلماء من إجراء الدراسات عليها.
وقد قدرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة عدد الأبقار حول العالم عام 2011 بحوالي 1,4 بليون (مليار) بقرة.
هل البقرة تحيض؟
صحيح، البقرة تحيض، ومثل باقي الثديّات، فإن الأبقار لديها دورتها الشهرية الخاصة والتي تسمى الدورة الشبقية، ويتكرر حدوثها كل 21 يوم بشكل وسطي، حيث تبدي الأبقار خلالها علامات جسدية وتصرفات سلوكية مختلفة، ومنها خروج المخاط الدموي من الفرج في بعض الأحيان.
الدورة الشبقية لدى الأبقار
يعتمد حدوث البلوغ عند الأبقار على العوامل الوراثية والغذائية والبيئية، ووسطيًا يحدث البلوغ بين الشهر التاسع والثاني عشر من عمرها، حيث تبدأ البقرة تحيض في هذا العمر، ويتكرر حدوث الدورة الشبقية كل 21 يومًا وسطيًا، أي أنّ البقرة تحيض كل 21 يومًا، وتمر بمجموعة من المراحل.
مراحل الدورة الشبقية لدى البقر
- تبدأ الدورة بالطور الجريبي الذي يكون قبل الإباضة وحدوث الشبق، ففي هذا الطور يحدث نمو متسارع للجريبات المبيضية وكذلك يرتفع مستوى هرمون الأستروجين.
- تمتلك الأبقار ثلاثة مجموعات من الجريبات المبيضية تدعى الأمواج، تتطور جميعها في كل دورة شبق، ويحدث في كل واحدة منها تطور لجريب واحد يدعى الجريب المسيطر، وتبقى الجريبات الأخرى لتفرز الإستروجين.
- لكن يحدث في وقت باكر من الدورة الشبقية ارتفاع في مستوى هرمون البروجسترون، مما يسبب تراجع الجريب المسيطر في كل موجة، ليسمح بظهور جريبات أخرى إلى أن تصل مستويات البروجسترون إلى قيم منخفضة، عندها ستكون هذه آخر موجة جريبية في هذه الدورة، ولن يتراجع الجريب عندها بل سيستمر ليصبح أكبر ويفرز المزيد من الأستروجين.
- تسبب المستويات المرتفعة من الأستروجين تنبيه الوطاء في الدماغ ليفرز الحاثة المطلقة للأقناد (GnRH)، والتي بدورها سوف تنبه الغدة النخامية لإفراز الهرمون الملوتن (LH) والهرمون المنبه للجريب (FSH) اللذين يؤثران على المبيض.
- إضافةً إلى ذلك، سوف يسبب الأستروجين أيضًا مظاهر الشبق عند الأبقار، والذي يُعتبر بداية حدوث الدورة الشبقية، ويتمثل بخروج مفرزات مخاطية مهبلية وزيادة النشاط الحركي وكذلك إصدار أصوات لجذب ذكور الأبقار.
- يبدأ بعد حدوث الشبق الطور الجريبي من الدورة الشبقية، مسببًا تطور جريبات مبيضية جديدة والحصول على جريب مسيطر، والذي سيتمزق عند حصول نبضة قوية من الهرمون الملوتن مطلقًا بيضة.
- يتشكل الجسم الأصفر (الناتج عن بقايا الجريب المتمزق) في الطور اللوتيئيني، يبدأ بالازدياد في الحجم وإفراز البروجسترون وتشكيل أمواج جريبية جديدة، مُجهزًا لحدوث دورة شبقية جديدة، ويصل لأكبر حجم ويستمر بالإفراز وتشكيل الجريبات الجديدة إلى أن يتشكل جريب مسيطر وتنخفض مستويات البروجسترون ليتمزق في الطور الجريبي التالي.
علامات الدورة الشبقية عند البقر
تبدي الأبقار علامات جسدية وتصرفات سلوكية في فترة الشبق.
العلامات السلوكية:
وقُسمت هذه العلامات إلى بدئية وثانوية كما يلي:
-
العلامات البدئية للشبق:
أولى العلامات الخارجية وأكثرها ظهورًا وتعبيرًا عن حالة الشبق، طريقة وقوف البقرة للقيام بالعملية التكاثرية (Standing to be mounted) وجاهزيتها لها، ويعتمد اختلاف مدة الشبق على معدل هذه الوقفة الخاصة وتُقدر بحوالي 8 ساعات إلى 9 ساعات.
كما تتأثر أيضًا هذه المدة بكمية الحليب المنتجة يوميًا.
-
العلامات الثانوية للشبق:
وتتضمن أيضاً
- سلوك الصعود: الذي تمارسه الأبقار للقيام بالعملية التناسلية، ويزداد حدوثه في فترة الشبق مقارنةً بالأيام العادية، ويمكن الكشف عنه في الفترة قبل حدوث الشبق بساعة إلى ست ساعات وبعد حدوثها خلال ثلاث ساعات. وتختلف هذه المدة حسب المكان الذي تعيش فيه الأبقار وظروفه الفيزيائية من حرارة ورطوبة.
- النشاط: يزداد النشاط بشكل ملحوظ عند الأبقار في فترة الشبق، ويمكن قياس كمية النشاط الزائد بوساطة جهاز قياس النشاط الذي يربط إلى عنق البقرة، فوجد ازدياد بمعدل النشاط 17 مرة في أوقات الشبق مقارنةً بالأيام الخمس قبله.
- أوقات الاجترار: لوحظ انخفاض الاجترار وكذلك شرب الماء خلال فترة الشبق (على الرغم من ازدياد النشاط بهذه الفترة) مقارنةً بالأيام العادية، حيث أن الأبقار تقضي ثلث يومها بالاجترار.
- الميل للعدوانية: إذ لوحظ ازدياد العدوانية والميل للصراع في فترة الشبق.
العلامات الجسدية
تبدي الأبقار أيضًا علامات جسدية تدل على الفترة الشبقية وهي:
- تورم الفرج
- خروج المخاط منه
- تحول المخاط المهبلي إلى اللون الأحمر
- تلوث ما حول الفرج
ويبقى المخاط الدموي بعد يوم إلى ثلاثة أيام من الشبق، دالًا على انتقال البقرة إلى المرحلة التالية من دورتها الإنجابية وهي المرحلة ما بعد الشبق.
الحمل عند الأبقار
الإخصاب
فيما يتعلق بعملية الإخصاب، تبقى الحيوانات المنوية ست ساعات بالطرق التناسلية الأنثوية قبل جاهزيتها للإخصاب، وتقدر حيوية الحيوانات المنوية وبقائها بنشاطها بعد تلك الفترة وقبل وصول البيضة ب 18 إلى 24 ساعة، وكلما طال وقت انتظارها للبيضة تفقد فعاليتها الإخصابية.
أما البيضة غير الملقحة تفقد فاعليتها بوقت أقل، لذلك يجب أن تبقى الحيوانات المنوية بانتظار وصول البويضة وتلقيحها، ويحصل التلقيح في القناة الناقلة للبيوض.
عند عدم حدوث الحمل، سوف يتراجع الجسم الأصفر بسبب إفراز الرحم لهرمون البروستاغلاندين F2 ألفا، وبالتالي ستنخفض مستويات البروجسترون لتسمح كما ذُكر من قبل بنمو جريب مسيطر جديد وحدوث دورة شبقية جديدة.
أما بحال حدوث إخصاب و حمل، فإن الجنين سيمنع من تراجع الجسم الأصفر ويستمر إفراز البروجسترون، وأيضًا سيمنع الرحم من إفراز هرمون "البروستاغلاندين F2 ألفا" ويتوقف حصول الدورة الشبقية عند البقرة خلال الحمل.
مدة الحمل عند البقر
تختلف مدة الحمل حسب جنس الجنين، فيكون أطول عند الحمل بجنين مذكر مقارنةً بالحمل بجنين أنثى، لكن وسطيًا يكون بين 279 يومًا إلى 278 يومًا.
بعد الوضع تختلف المدة التي تستطيع فيها الأبقار أن تحمل مرةً أُخرى اعتمادًا على عدة عوامل:
- حصول صعوبات وأذيات عند الولادة
- حالة جسم البقرة أثناء الحمل السابق
- عمرها
- التغذية بعد الولادة وخلال الإرضاع
- خسارة الوزن وتردي الحالة الصحية بعد الولادة
لكن وبشكلٍ عام وبحال توافر ظروف صحية وبيئية وغذائية مناسبة، فإن الأبقار تستطيع أن تحمل بعد آخر ولادة لها بفترة 50 يومًا إلى 60 يومًا، وتطول هذه المدة بحوالي عشرة أيام إذا كانت الولادة السابقة هي الأولى للبقرة.
الكشف عن الحمل عند البقرة
تزايد الاهتمام بالأبقار (خاصة في أثناء الحمل) لما تجنيه من أرباح، وكذلك لما تسببه من خسائر بحال عدم الاهتمام بها، حيث ازداد الاهتمام بتغذيتها أثناء الحمل وكذلك استخدام وسائل كشف الحمل المبكرة لديها.
ومن أهم التقنيات المستخدمة لهذا الغرض:
- الجس المستقيمي: يُفضّل أن يقوم بهذا الإجراء طبيب بيطري خبير في وقت باكر من الحمل (بعد 35 يومًا من الإلقاح)، يستطيع التعرف على أهم علامتين للحمل وهما الأوعية الأمينوسية وانزلاق الغشاء الكوريوني.
- الإيكو المستقيمي: أيضًا هذه التقنية تحتاج لطبيب بيطري خبير حيث تُجرى بعد 28 يومًا من الإلقاح، وتعطي معلومات أكثر عن الحمل كرؤية دقات قلب الجنين، وكذلك تحديد جنسه في اليوم 55-70.
- قياس مستويات البروجسترون: تؤخذ عينات من الدم أو الحليب بعد 21 يومًا إلى 24 يومًا بعد الإلقاح، لهذا الاختبار إيجابية كاذبة، إذ أن مستويات البروجسترون ترتفع في الدورة الشبقية، لكنه لا يعطي نتيجة سلبية كاذبة إذ أن انخفاض مستويات الهرمون يؤكد عدم وجود حمل.