تحقيق مسبار
قد يتساءل الكثيرون هل الفأر يخاف من الضوء كونه لا يظهر إلا في الظلام؟ ولأنّ الفئران ثاني أكثر الثدييات انتشارًا على كوكبنا بعد البشر، ونظرًا للآثار الصحية السلبية والأضرار الاقتصادية التي تخلّفها الفئران، برزت الحاجة لمعرفتها أكثر عن قرب، ومعرفة عاداتها وطرق مكافحتها.
سوف يناقش هذا المقال أبرز تلك التساؤلات التي لاحقت الفئران، وسوف يجيب على سؤال هل الفأر يخاف من الضوء؟
الفأر
فأر المنزل هو أحد أشهر أنواع الثدييات وأكثرها انتشارًا حول العالم، تعد شبه القارة الهندية موطنه الأصلي، لكن صفاته السلوكية والفسيولوجية وقدرته على التكيّف أدت لانتشاره في جميع أنحاء العالم، وارتباطه العالي بالبشر وسرعة تكاثره، وقدرته على العيش في البيئات المختلفة كالمباني والسفن والحقول الزراعية، جعلت من الآفات التي يخلفها وراءه ما هو أقرب للكوارث، فيصنّف الخبراء غزو الفئران وانتشارها كأحد أسوأ مائة غزو في العالم.
تمتاز الفئران المنزلية بأحجامها الصغيرة التي يكسوها شعر رفيع، وأعين سوداء كبيرة وبارزة، وبأرجل خلفية نحيلة تحتوي على مخالب صغيرة وحادة. وتختلف أنواع الفئران حول العالم، إلا أنّ فئران المنازل تتميّز بلونها البنّي المصفر أو البني الغامق إلى الرمادي وبطونها البيضاء، وتبلغ أوزان الفئران المنزلية من 12 إلى 30 غراماً، وطول بين 6 إلى 11 سنتيمتر، وبطول ذيل مقارب لطول جسده.
والفئران المنزلية هي كائنات برّية وليلية في الغالب، تتواجد بعيدًا عن الضوء، ويعد التسلق والقفز والسباحة وحفر الجحور أبرز سمات الفئران المنزلية، وتعد قدرتها العالية على التكاثر وبأعداد كبيرة أحد أبرز التحديات التي واجهها الإنسان مع الفئران.
ما هي البيئة المناسبة لعيش الفئران؟
تعيش الفئران المنزلية في ارتباط وثيق مع الإنسان، فقد تتواجد الفئران في المنازل والمباني الملحقة والمخازن وغيرها من الأماكن، ولا يقتصر عيش الفئران في البيئات المشتركة مع البشر فقط، حيث تتواجد الفئران في العديد من البيئات المختلفة حول العالم، فقد تم العثور على الفئران في جميع أنحاء نيوزيلندا في البيئات العشبية الساحلية، وفي جبال الألب، كما تتواجد الفئران في أستراليا بشكل شائع في حقول المحاصيل الزراعية، ويمكن أن تصل إلى كثافة هائلة في هذه المناطق، أيضاً تم العثور على الفئران في عدد من جزر شبه القارة القطبية الجنوبية.
وتأكل الفئران كل شيء تقريبًا، كالنباتات وسيقانها وأوراقها والحبوب واللحوم، كما أنها تتغذى على أي طعام بشري يمكن الوصول إليه، كذلك تأكل المعجون والصمغ والصابون والمواد المنزلية الأخرى، وتم تلبية جزء كبير من الاحتياجات المائية للفئران من خلال محتوى الرطوبة في طعامهم، حيث أن لديهم القدرة على تركيز بولهم، هذا بدوره مكّن الفئران من استعمار المناطق شبه الصحراوية أيضًا.
هل الفأر يخاف من الضوء؟
إنّ الفئران كائنات ليلية، بمعنى أنها تتمتّع بقدر أكبر من الحرية في الأماكن المظلمة، وبالتالي لا تخرج الفئران عادةً في وضح النهار، وتتمتع الفئران بنظر ضعيف وحساسية عالية تجاه الضوء، وتعوّض هذا البصر الضعيف بالابتعاد عن الأماكن المضيئة هربًا من المفترسات الأخرى، وبحاستي الشم والسمع القويتين، لذلك ساد الاعتقاد أنّ الفأر يخاف من الضوء، بينما في الحقيقة الفأر لا يخاف من الضوء، بل يتجنّبه.
وتستجيب الفئران بيولوجيًا للضوء بشكل مختلف عن البشر والثدييات الأخرى، فقد تطورت عيون الفئران بشكل مختلف وبطريقة تسمح لها بالرؤية في الظلام، كما يسمح تركيب عيون الفئران برؤيتها جيدًا حتى في الضوء الخافت، وللفئران أيضًا قدرة على الاستجابة للأشعة فوق البنفسجية، والتي لا يستطيع معظم البشر رؤيتها.
وبدراسة عيون الفئران، تبيّن أنه حتى الفئران التي لديها عيوب بصرية تتفاعل مع الضوء حتى لو لم تتمكن من تمييز الأشكال بسبب ضعفها البصري، ذلك لأن عيون الفئران تحتوي على بروتين الميلانوبسين المسؤول عن اكتشاف الضوء، حيث يرسل هذا البروتين رسائل إلى دماغ الفأر حول درجة السطوع في البيئة المحيطة، أيضWا للضوء تأثير كبير على نشاط الفئران، فقد وجد الباحثون بتحليل الاستجابة في الفئران خلال تعريض الحيوانات لتسلسلات مختلفة من الظلام والضوء، أن الفئران التي واجهت ضوءًا مستمرًا أصبحت في النهاية بطيئة وغير قادرة على التعلّم، كما أدى التعرض المستمر للضوء إلى إضعاف قدرة الفئران على ممارسة نشاطها بشكل كبير، وهذا يُثبت أنّ الفأر لا يخاف من الضوء ولماذا يتجنبّه.
ويؤدي تعريض الفئران للضوء ليلًا إلى تعطيل عملية الأيض الطبيعية لديهم، فعند تعرضها للضوء بهذه الطريقة، تأكل الفئران في أوقات غير طبيعية بالنسبة لها، لينتهي بها الأمر باكتساب كميات غير صحية وضارة من الوزن، وبسبب كل هذا التأثير السلبي للضوء على الفئران، فمن المرجح أن تستجيب هذه القوارض للضوء المستمر عن طريق الهرب إلى مكان آخر أكثر ظلمة، لذلك يبدو أن الضوء المحيط بالمنزل قد يكون فعالاً في ردع الفئران من عبور المحيط المضيء ومحاولة الدخول إلى المنزل، لكن الأضواء داخل المنزل ليس فعالًا كرادع للفئران، فبمجرد دخول الفأر للمنزل، سرعان ما يكون قادرًا على العثور على أماكن مظلمة للتراجع لها، إلا أنّ إغراق الجزء الداخلي من المنزل بالضوء سيكون معطلًا لها في الانتشار.
ما هي الأضرار التي تخلّفها الفئران؟
تتنوّع أشكال التهديد الذي يشكله غزو الفئران بين ما هو صحي وما هو اقتصادي وما هو بيئي، وهذه هي أبرز الأضرار والتهديدات التي تشكلها الفئران:
- استهلاك وتخريب المحاصيل الزراعية والمراعي ومخازن الحبوب والمواد الغذائية.
- تحمل الفئران العديد من الطفيليات والأمراض التي من الممكن أن تنتقل للبشر أخطرها هو الطاعون الدبلي والسالمونيلا.
- تورطت الفئران أيضًا في عمليات استئصال وانقراض للعديد من الكائنات الأخرى في النظم البيئية التي غزتها واستعمرتها خارج نطاقها الطبيعي، ففي جزيرة غوف في جنوب المحيط الأطلسي مثلًا، كانت الفئران مسؤولة عن فشل التكاثر على نطاق واسع لطيور البحر، من خلال افتراس صيصانها وتخريب بيوضها وأعشاشها.
- للفئران دور كبير في تدمير وإتلاف الأثاث المنزلي والملابس والمفروشات وأساسات المنازل الخشبية.
كيف تبقي الفئران بعيدة عن منزلك؟
هناك العديد من الطرق التي من الممكن أن تساعد في إبعاد الفئران عن منزلك، بخلاف السموم المستعملة للقضاء على الفئران، هذه هي أبرز الطرق التي قد تساعد في التخلص من الفئران:
- إغلاق جميع المنافذ المحتملة لدخول الفئران، كالفراغات في البناء والشقوق وتآكل معادن النوافذ.
- إبعاد أغذية الطيور والحيوانات الأليفة الأخرى من المنزل وابقائها محكمة الإغلاق، قد يساعد في منع الفئران من فرصة الحصول على الغذاء.
- إحكام إغلاق أكياس النفايات وبواقي الطعام.
- إغلاق الأبواب الخارجية وأبواب المرآب والنوافذ.
- استعمال المصائد.
- زراعة أوراق النعناع حول محيط المنزل أو رش الزيوت العطرية، إذا كنت لا تحب رائحة النعناع، فجرّب بدلًا من ذلك رش القليل من زيت القرنفل العطري.
- تبني حيوان أليف، كالقطط والكلاب.
- استعمال أنواع الإضاءة الساطعة في محيط وداخل المنزل.
- تقصير أعشاب حديقة المنزل والإغلاق المستمر لأية مخابئ محتملة.