تحقيق مسبار
تُعدّ الناقة من الحيوانات ذات الرمزية لدى العرب، ويتسائل البعض عن جمع ناقة إن كان ممكنًا.
المقال التالي يوضح معنى كلمة ناقة وأسمائها المختلفة، كما ويبين إن كان هناك جمع لكلمة ناقة، ويذكر أيضًا مكانة الإبل بشكل عام عند العرب.
معنى كلمة ناقة
كلمة ناقة هي كلمة عربية أصيلة، وهي اسم ذات مؤنث على وزن فَعَلَة، والناقة هي أنثى الإبل، أما الذكر فيسمى جملًا، ويُطلق وصف الإبل على كلٍ من الذكر والأنثى، وفي المعجم العربي المعاصر، تأتي ناقة بمعنى بثرة، وتعني الخراج، وتأتي أيضًا بمعنى الكواكب المصطفة في الفَلك، لكن المعنى الأكثر شيوعًا للناقة هو أنثى الإبل. وقد قال العرب لا ناقة له فيها ولا جمل، يعني أنه لا شأن له بها، وقالت أيضًا فيمن أصابه الذل بعد العز: استنوق الجمل، أي شبهوه بالناقة مقارنة بالجمل.
وقد ورد ذكر الناقة في القرآن الكريم في أكثر من موضع، تحدث بها الله تعالى عن ناقة النبي صالح فقال في سورة الأعراف: (هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله) وقال تعالى في سورة الإسراء: (فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم)، وقد كان للرسول محمد عليه السام ناقةً اسمها العضباء، وكانت معروفة بسرعتها العالية، حتى جاء أعرابي على جمله فسابقها وسبقها، فقال الرسول وقتها "إِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ لا يَرْفَعَ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَه".
هل يمكن جمع ناقة في العربية؟
نعم، يمكن جمع ناقة على أكثر من صيغة، وأشهر جموعها نِياق ونِيق وأنيُق، وتختلف المعاجم العربية في جمع كلمة ناقة، إلا أن معظمها اتفق على أينُق ونُوق ونِياق، وقد يزيد بعضها عن ذلك، كما ويختلف جمع الجمع لكلمة نياق على النحو التالي:
- المعجم الرائد: حسب المعجم الرائد فإن جمع ناقة هو أنوُق وأنؤق ونُوق ونياق وناق وأينُق وناقات وأنواق، أما جمعُ الجمع أيانِق ونِياقات.
- مختار الصحاح: جمع ناقة نُوق وأنوُق، وتقدم الواو تخفيفًا لتصبح أونِق، وتستبدل الواو بالياء ليصبح الجمع أينُق، وجمع الجمع أيانِق ونِياق.
وقد تعدد ذكر الناقة وجموعها في الشعر العربي في مختلف العصور، ومن الأمثلة على جمع كلمة في الشعر العربي ما يلي:
- جمع ناقة على نياق: ذكرها الشاعر الأندلسي عبد الغفار الأخرس فقال:
تَحِنُّ نياقُ الظاعنين وما لها ** تَحِنُّ وفي القلب المشوق حَنينُ
- جمع ناقة على أنيق: ذكرها عمر ابن الربيعة وهو أحد الشعراء الأمويين فقال:
ظِلتُ وَظَلَّت أَينُقٌ بِرِحالِها ** ضَوامِرُ يَستَأنينَ أَيّانَ أَركَبُ.
- جمع ناقة على نيق: قال ابن مالك المرحل في قصيدته:
لو كنتَ في قعرِ بيرٍ أو كنتَ في راسِ نيقِ ** لجاءَك الرزقُ يجري من كلِّ فجٍ عميقِ.
- جمع ناقة على أنواق: ذكرها معروف الرصافي في شعره فقال :
كأنها وهي بالمطّاط منعلةٌ ** تمشي بأخفاف أنواقٍ مطاريب.
- جمع ناقة على نوق: ذكرها عنترة بنت شداد في شعره قائلًا:
وَسُقتُ النَوقَ وَالرُعيانَ وَحدي ** وَعُدتُ أُجِدُّ مِن نارِ اِشتِياقي.
وكافة جموع كلمة نياق هي جمع تكسير، حيث تغيرت فيها صورة الكلمة الأصلية، وفي مقالٍ سابق لمسبار يوضح فيه أنواع الجمع في اللغة العربية.
أسماء الناقة في اللغة العربية
للناقة أسماء كثيرة، وعلى وفرة المفردات العربية، تعددت أسماء الناقة وأوصافها إلى المئات، فقد سماها العرب تسميات مختلفة حسب شكلها ولونها ومهامها وحتى استخداماتها المختلفة، وقائمة الأسماء طويلة حتى يكادُ لكل وضع أو حال كانت به الناقة تحمل اسمًا مختلفًا
وعلى سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
- إذا كانت الناقة تعطش بسرعة يسمونها المَلوح، وإذا كانت لا تعطش كثيرًا فيسمونها العَيوف، والرَّقوبُ هي الناقة التي تَظلُّ تراقب حوض الماء حتى لا يصبح مشغولًا فتذهب لتشرب، والمِلحاح هي الناقة التي لا تترك حوض الماء والناقة العطشى تسمى بالهيام.
- إذا كانت الناقة جاهزة للتناسل يسمونها المُسَّير، واذا حمِلت تسمى اللقِحة، وإذا وضعت مولودها بعد 6 أشهر من الحمل تسمى الخلِفة، أما إذا وضعت مولودها بعد أكثر من ذلك يصبح اسمها العشراء.
- الخلوج هي الناقة الحزينة على موت صغيرها، واذا كفَّت عن الحزن يصبح اسمها الخَفوت، والمُضيَّرة هي التي ترضع صغارًا ليسوا صغارها.
- المسوح هي الناقة التي يمكن حلبها دون وجود صغارها، أما النحوس فهي الناقة التي ترفض أن يتم حلبها، والجَضور هي الناقة التي تفرز زبدًا كثيرًا عند حلبها.
وإلى جانب ذكر كلمة الناقة في القرآن الكريم، ذكرت أسماء أخرى لها أيضًا، فقد جاء ذكر الناقة العشراء في قوله تعالى: (وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ) للدلالة على أهوال يوم القيامة، والعشراء هي الناقة الحامل إذا مضى على حملها عشرة أشهر.
وذكرت أيضًا الناقة البَحِيرة، والبحيرة هي ناقة حُرّم أكلها قبل الإسلام، فقد كان العرب يرقبون بطون نياقهم، فإذا أنجبت الناقة ولدًا في بطنها الخامس ذبحوه وأكله الرجال دون النساء، أما إذا أنجبت الناقة أنثى، قصوا آذانها وتركوها وشأنها دون أن يذبحوها، وقد جاء ذكرها في القرآن الكريم في سورة المائدة (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُون).
أهمية الإبل عند العرب
يعود تاريخ الإبل إلى العصر الحجري، وقد دُجّنت الإبل في جزيرة العرب منذ آلاف السنين، ومنها انتشرت في أفريقيا وتركيا وباقي آسيا.
وللإبل أهمية بالغة لدى العرب، فقد كانت وسيلة مواصلاتهم عبر الصحراء الواسعة إلى الشام ومصر والعراق، وعليه كانت تُنقل بضائعهم في تجارتهم، ولا تكمن أهمية الإبل في كونها وسيلة مواصلات فحسب، بل تعد أيضًا جزءًا أصيلًا من الموروث الثقافي العربي منذ أن بدأت كوسيلة مواصلات إلى أن أصبحت رمزًا للعرب في شبه الجزيرة على مر العصور.
وكانت الإبل قديمًا تعادل المال، فإن تحدث أحدهم عن المال فالمقصود هنا الإبل، كما وكانت معيارًا لثراء الفرد والقبيلة، حيث كانت القبائل العربية قديمًا تقيس عزها وجاهها بما لديها من إبل، وكانوا يدفعون دية القتيل من الجمال ومهر العروس من النِياق.
ولاعتمادهم الكبير عليها قديمًا، نشأت بين الإبل والعرب علاقة وطيدة، وأصبحت ملهمة شعراء البادية في شعرهم فتغنوا بها وغنوا لها، ووصفوا الناقة بأجمل الأوصاف، وكانت لها أسماء عديدة أشهرها الرهيفة والجهامة والغزالة وبنت الفلاة وبنت النجائب، كما وتُكنَّى الناقة أيضًا بأم بو وأم حائل وأم حوراء، أما الجمل فكانت كنيته أبو أيوب وأبو صفوان، كما كانت الإبل أيضًا مضربًا للأمثال، وقائمة الأمثال التي ضربت في الإبل طويلة منها:
- " يخبط خبط عشواء": ويقال هذا المثل فيمن لا طريق واضح له لكي يسلكه، والعشواء هي الناقة ضعيفة البصر.
- " ماله ثاغية ولا راغية": والراغية هي الناقة، وقال هذا المثل عن شديد الفقر الذي لا يملك شيء
- "كالحانة في أخر الإبل" والحانة هي الناقة في مؤخرة القافلة، ويقال هذا المثل للغير جدير بأن يكون في المقدمة.
- " أصوص عليها صوص" الأصوص هي الناقة السمينة، والصوص هو الشخص اللئيم.
اقرأ/ي أیضًا:
ھل یمكن جمع وحي في اللغة العربیة؟