تحقيق مسبار
لطالما شغلت القدرات البصرية للنحل العلماء على مدى سنوات طويلة، وعكف الكثيرون منهم على دراسة الرؤية لدى النحل على مدى تجاوز القرن من الزمان لمعرفة مدى إمكانية النحل على الرؤية وما الذي يراه النحل وتأثير ذلك على الحياة الطبيعية.
يتناول هذا المقال القدرة البصرية للنحل وماذا أنتجت الأبحاث التي تمت حول هذا الموضوع.
هل النحل يرى؟
صحيح. يستطيع النحل أن يرى عن بعد؛ فقبل مائة عام، تمكن العالم كارل فون فريش الحائز على جائزة نوبل من إثبات أن النحل يرى الألوان. يعتمد اللون الذي نراه على كيفية امتصاص الخلايا الصبغية للضوء وعكسه؛ فعندما يصطدم الضوء بجسم ما، يمتص البعض وينعكس البعض، وما تراه الأعين هو الجزء المنعكس كلون، ما يُفسر انجذاب النحل للأزهار ذات الألوان اللامعة.
لكن بالرغم من أنه تم إثبات أنّ النحل يرى منذ أكثر من قرن، إلا أن الدراسات القديمة لم تعطِ نتائج دقيقة حول حدة ومدى القدرات البصرية للنحل، حتى جاءت الدراسات التي قام بها مجموعة من الباحثين من السويد وأستراليا، حيث استخدم الباحثون أسلوبًا جديدًا في دراسة الرؤية لدى النحل عن طريق تعريضه لشاشة ساطعة، ثم تسجيل الفيزيولوجيا الكهربية للاستجابات العصبية للمستقبلات الضوئية الفردية في شبكية عين النحل. أظهرت هذه الدراسات أن قدرة النحل على الرؤية تبينت أنها أكثر بكثير مما أثبتته الدراسات السابقة.
كما أثبتت أن الضوء يعتبر عاملًا مهمًا في رؤية النحل، حيث أنه يتسبب في تقلص الخلايا الصبغية في العين، مما يزيد من دقة الوضوح الزاوي بمقدار ضعفين، وهو ما يفسر عدم دقة الدراسات التي تمت من قبل في معامل مظلمة وأدت إلى نتائج تقلل من حدة وحدود البصر بالنسبة للنحل. كما تمكن الباحثون عن طريق الضوء، من حسابهم للأشياء الأصغر التي يمكن أن تراها النحلة بدقة أكبر (حساسية الزاوية)، وكذلك إلى أي مدى يمكن للنحلة أن ترى شيئًا ما.
هل الرؤية مهمة بالنسبة للنحل؟
نعم. الرؤية ذات أهمية كبيرة بالنسبة للنحل، ذلك أنه يتغذى على الرحيق وحبوب اللقاح، مما يعني أنه يتعين عليه العثور على الزهور من أجل الغذاء. وبالرغم من أنه يمكن للنحل استخدام إشارات الرائحة للوصول إلى الزهرة، ولكن هذه الطريقة غير فعالة إلا عندما يكون قريبًا جدًا بالفعل منها، وهو ما لن يتحقق إلا إذا تمكن من رؤة الزهرة أولًا، لذلك فالرؤية ضرورية لمساعدة النحل في العثور على الزهور عن بعد.
كما أن النباتات المزهرة تعتمد بشكل كبير على النحل لنقل حبوب اللقاح من زهرة إلى أخرى، مما يسمح لها بالتكاثر. و تقدر وزارة الزراعة الأمريكية أن النحل يقوم بحوالي 80 ٪ من تلقيح المحاصيل الذي يتم عن طريق الحشرات. لذلك يعتبر العلماء النحل من أنواع الحشرات الأساسية ذات الأهمية البالغةً للنظام البيئي الذي قد ينهار بدونها.
كم عين للنحلة؟
تمتلك النحلة خمسة عيون؛ عينان مركبتان كبيرتان وثلاثة عيون صغيرة في أعلى منتصف رأسها، تعمل بشكل منفصل كما يلي:
- العيون الصغيرة:
تسمى العيون الثلاثة الأصغر الموجودة في رأس النحلة بـ(Ocelli)، وهي تأتي من الكلمة اللاتينية "ocellus" وتعني العين الصغيرة. وتحتوي هذه العيون على عدسات مفردة تساعد النحل في الحفاظ على الاستقرار والتنقل، كما تمكن النحل من الحكم على شدة الضوء والبقاء في الاتجاه. باستخدام هذه العيون، يمكن للنحل جمع ورؤية الضوء فوق البنفسجي، مما يساعده على اكتشاف ألوان الزهور فوق البنفسجية.
- العينان الكبيرتان:
تتكون العين المركبة من آلاف العدسات الصغيرة التي تسمى الأوجه (Facets). ويتولى كل وجه من هذه الأوجه جزءًا صغيرًا من رؤية الحشرة، ثم يحول دماغ النحلة هذه الإشارات إلى صورة تشبه الفسيفساء مصنوعة من كل صورة. النحل العامل لديه 6900 وجه في كل عين من العينان الكبيرتان.
هل يستطيع النحل رؤية اللون الأحمر؟
لا. فبرغم أن النحل يشابه الإنسان في كونه ثلاثي الألوان بحسب ما نشرته مجلة ثقافة النحل الأمريكية (Bee Culture)؛ أي أن لديه ثلاثة مستقبلات ضوئية داخل العين تعتمد التركيبات اللونية عليهم، لكنه لا يستطيع رؤية اللون الأحمر، حيث أنه لا يمتلك مستقبلات ضوئية حساسة له. وفي حين أن الألوان الثلاثة التي يعتمد عليها البشر في مجموعات الألوان هي الأحمر والأزرق والأخضر، يعتمد النحل في ألوانه على الضوء فوق البنفسجي والأزرق والأخضر. لكن ومع ذلك، يمكن للنحل رؤية أطوال موجية قريبة إلى الأحمر، مثل الأصفر والبرتقالي.
ويمتلك النحل أيضًا القدرة على رؤية الألوان بشكل أسرع من البشر، ذلك أن رؤيتهم للألوان هي الأسرع في عالم الحيوان (خمسة مرات أسرع من البشر)؛ ففي حين أن الإنسان قد لا يستطيع التمييز بين زهرة وأخرى في نفس المجموعة، فإن النحل لا يواجه هذه المشكلة. يروى النحل كل زهرة على حدة. لذلك، تتميز العديد من الأزهار بأنماط ألوان فوق بنفسجية مميزة غير مرئية للعين البشرية، ولكنها ملفتة للنظر بالنسبة للنحل بشكل أكبر بكثير.
كما يستجيب النحل بشكل أفضل للأشياء المتحركة أكثر من الأشياء الثابتة، حيث يمكن للنحل رؤية الزهور الفردية أثناء السفر بسرعة عالية، وهو ما يفسر قدرة النحل على تلقيح الزهور المتحركة.
هل ينتج النحل شيئًا غير العسل؟
إنتاج العسل هو أشهر ما يقوم به النحل، لكن في الوقت نفسه هناك منتجات أخرى يقوم بها النحل. بحسب جمعية النحالين البريطانيين يمكن للنحل إلى جانب العسل إنتاج الآتي:
- شمع العسل:
- شمع العسل هو أنقى أنواع الشمع وأكثرها طبيعية.
- يفرز النحل شمع العسل من أسفل بطنه، ثم يستخدم هذا الشمع لبناء قرص عسل.
- لإنتاج رطل واحد من الشمع يتطلب من النحل أن يستهلك حوالي ثمانية إلى عشرة أرطال من العسل.
- خبز النحل:
- يقصد بخبز النحل، حبوب اللقاح الصالحة للأكل، وهي عبارة عن خليط من حبوب اللقاح النباتية والعسل، والذي يتشكل في شكل حبيبات تخزن في أقراص العسل.
- يستخدم بعض الرياضيين خبز النحل في تقوية جهاز المناعة وزيادة تناول الأكسجين وتعزيز الأداء والمساعدة على التعافي بشكل أسرع بعد التدريب.
- يمكن أن يسبب خبز النحل الرشح وسيلان الأنف والعينين للأشخاص الذين يعانون من الحساسية.
- صمغ النحل (Propolis):
- هو عبارة عن خليط راتنجي ينتجه نحل العسل عن طريق خلط اللعاب وشمع العسل مع الإفرازات التي يتم جمعها من براعم الأشجار أو تدفقات النسغ أو مصادر نباتية أخرى.
- يختلف لونه باختلاف مصدره النباتي، والأكثر شيوعًا هو البني الداكن.
- لزج عند درجة حرارة الغرفة وفوقها، أما في درجات الحرارة المنخفضة، يصبح قاسيًا وهَش للغاية.
- يستخدم كمادة مانعة للتسرب.
- غذاء ملكات النحل:
- هو الغذاء الذي تتغذى عليه يرقات ملكة النحل.
- لونه أبيض كريمي وغني جدًا بالبروتينات والأحماض الدهنية.
- يتم إنتاجه عن طريق غدد الفم لدى صغار النحل.
- كل ملكة تحتاج فقط إلى ملعقة صغيرة من غذاء ملكات النحل من أجل النمو.