تحقيق مسبار
منذ أن أصدرت شركة "أبل" أول سماعات لاسلكية لها وأسئلة الناس في ازدياد مستمر، كيف تعمل وهل سماعات البلوتوث مضرة؟
المقال التالي يوضح الكيفية التي تعمل بها سماعات البلوتوث، كما ويجيب إذا ما كانت سماعات البلوتوث مضرة أم لا، بالإضافة إلى شرح استخدامات هذه التقنية في الحياة
كيف تعمل سماعات البلوتوث؟
أصبحت تقنية بلوتوث من أهم التقنيات المستخدمة في عالم الاتصالات، وتعمل هذه التقنية باستخدام ترددات معينة من موجات الراديو، كما وتأتي كبديلٍ عملي للأسلاك وكابلات التوصيل، ومع تطورها وتحديثها المستمر، توسع استخدامها لتشمل غالبية الأجهزة التكنولوجية، بما في ذلك سماعات الرأس والهواتف وأجهزة الحاسوب وغيرها.
وسماعات الرأس اللاسلكية التي تستخدم تقنية البلوتوث واحدةً من أكثر الاستخدامات انتشارًا، وتحتوي سماعات البلوتوث بكافة أنواعها وأحجامها على شريحة حاسوبية صغيرة وجهازًا لبث موجات الراديو ذات النطاق الترددي القصير من أجل إتمام عملية توصيلها بالأجهزة الأخرى، وتستند سماعات البلوتوث في عملها على أربعة عناصرٍ رئيسية:
- شبكة البلوتوث: تعتمد السماعات في عملية توصيلها على وجود مصدرٍ مرسلٍ وآخرٍ متلقي لموجات البلوتوث، حيث يتم إيصال السماعات بالهاتف باستخدامها من أجل البدء بعملية البث الموسيقي.
- عملية الاقتران: الاقتران هو وصف لعملية ربط الهاتف بالسماعة عن طريق البلوتوث، يقوم الهاتف بالتعرف على السماعات باستخدام برمجيات معينة، ومن ثم الاقتران به لبدء نقل البيانات.
- مصدر للطاقة: لكي تعمل تقنية البلوتوث، فإنها بحاجة للطاقة كي تتمكن من بث الموجات ومن ثم إكمال عملية الاقتران، وقد تطورت سماعات البلوتوث كثيرًا لتشمل بطاريات تمدها بالطاقة لساعات طويلة أثناء الاستخدام.
- سماعات الرأس: على الرغم من قدرة البلوتوث على نقل الموجات الصوتية إلا أنها لا تكون قوية كفاية كما الحال في عمليات التوصيل السلكية، ولجأ المصنعون إلى استحداث تقنياتٍ عديدة لحل هذه المشكلة مثل العزل الصوتي في السماعات
ومع التطور التكنولوجي أصبح بالإمكان البث إلى العديد من الأجهزة باستخدام بلوتوث في نفس الوقت، فيمكن مثلًا ربط كلٍ من السماعات والهاتف بجهاز آخر والاستمتاع بخدمات كل منهما في نفس اللحظة.
هل سماعات البلوتوث مضرة؟
لا تعتبر سماعات البلوتوث مضرة بشكل كبير على صحة الإنسان، فأجهزة الراديو بالغة الصغر الموجودة داخل سماعات البلوتوث، والتي تقوم بدورها ببث موجات الراديو غير مُؤيَّنة، أي أن الموجات التي تستخدمها سماعات البلوتوث لا تحمل أيونات، وبناءً على ما صرَّحت به إدارة الغذاء والدواء الأمريكية فإن التعرض لهذا النوع من الموجات بشكل روتيني لا يشكل ضررًا على الإنسان.
تعتبر الإشعاعات التي تصدرها السماعات أكثر ما يثير الخوف لدى الناس من أن تكون سماعات البلوتوث مضرة، لما عُرف عنها بالتسبب بمرض السرطان، وتأتي هذه الإشاعات من السماعات بشكل منخفض، وبحسب المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض فإن الأشعة غير المؤينة تكون ضارة في حالة تعرض الشخص لها بشكل مكثف وقريب.
وفي ورقة علمية نُشرت سنة 2019 أظهرت انقسام الباحثين في آرائهم حول أثر ترددات الراديو على الإنسان، وعلى الرغم من اختلاف الباحثين حول الأضرار التي تسببها أشعة البلوتوث، إلا أن الأضرار التي قد تسببها سماعات الأذن عمومًا لا تقتصر على الأشعة المنبعثة، فتعرّض الأذن لموجات صوتية عالية قد يلحق الضرر بها.
وفي جميع الأحوال فإن أضرار الهاتف المحمول قد تكون أكبر بكثيرٍ من احتمالية أن تكون سماعات البلوتوث مضرة، حيث إن الهاتف ينتج إشعاعًا كهرومغناطيسيًا أكبر بكثير من الذي تنتجه سماعات البلوتوث، وعلى الرغم من أن التعرض لترددات البلوتوث أو التعرض للإشعاعات غير المؤينة قد يلحق الضرر بالإنسان، إلا أن العلماء ليسوا متفقين على هذا الارتباط بين سماعات البلوتوث والأشعة.
لماذا يقلق الناس من أن تكون سماعات البلوتوث مضرة؟
قلق الناس ليس من السماعات نفسها، وإنما من أشعة البلوتوث الصادرة منها، ومنذ أن بدأ استخدام هذه التقنية في الأجهزة الإلكترونية كالهواتف وسماعات البلوتوث ساد اعتقاد خاطئ لدى الناس بأنها تسبب لهم أضرار صحية. وفي سنة 2015 وقَّع أكثر من 200 عالم على عريضةٍ قُدمت لمنظمة الصحة العالمية تطالب بإجراءاتٍ أكثر صرامةً فيما يتعلق بالاشعاعات المغناطيسية، مما زاد من قلق الناس حولها، وجد العلماء أن هذه الإشعاعات مضرة بالبشر حتى في مستوياتٍ قليلة منها كما هو الحال في سماعات البلوتوث، كما وقاموا بإدراج لائحة بالمخاطر المحتملة نتيجة التعرض لهذه الإشعاعات وتشمل:
- زيادة مخاطر الإصابة بالسرطان.
- إحداث تغييرات جينية.
- الإضرار بالجهاز التناسلي.
- تسببها بحدوث اضطرابات عصبية.
لم يذكر العلماء بأن سماعات البلوتوث مضرة بمستخدميها، كما وقد أكدت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية أن التعرض للأشعة الصادرة من سماعات البلوتوث غير ضارة، وما زاد من قلق الناس أيضًا منذ أن أنتجت شركة "أبل" الأمريكية أو سماعات بلوتوث خاصة بها "إيربودز"، حيث علت الكثير من الأصوات المطالبة بسحبها من السوق، معللين ذلك بالأضرار التي تلحقها السماعات، إلا أن المتحدث باسم الشركة صرَّح مؤكدًا أنه تم اتباع جميع إجراءات السلامة والوقاية أثناء تصنيع السماعات.
استخدامات البلوتوث في الحياة اليومية
يقدر عدد سماعات البلوتوث حول العالم بمئات الملايين، حيث قامت شركة "سامسونج" وحدها بإنتاج 115 مليون سماعة بلوتوث عام 2015، وهذه السماعات تعتمد بشكل رئيسي على تقنية البلوتوث من أجل التوصيل وبث الموسيقى، لكن يتجاوز استخدام تقنية البلوتوث صناعة السماعات، حيث يبلغ عدد الأجهزة التكنولوجية التي تعتمد تقنية البلوتوث في عملها أكثر من خمسة مليارات جهاز، وتستخدم هذه الأجهزة في مختلف مناحي الحياة اليومية، منها:
- في المكتب: ساهمت تقنية البلوتوث في جعل استخدام الأجهزة المكتبية أكثر سهولة من السابق، حيث تستخدم في إنشاء الشبكات الداخلية ذات النطاق القصير دون الحاجة للأسلاك، كما وساهمت بجعل بيئة الأعمال أكثر مرونة عبر الاستخدام الأمثل للأجهزة الالكترونية المتاحة عبر توصيلها جميعا ببعضها البعض باستخدام البلوتوث.
- في المنزل: أصبحت الكثير من المنازل تحتوي على أجهزة تستخدم تقنية بلوتوث، فقد جعلت الأعمال المنزلية أكثر سهولة عبر التحكم بالأجهزة كالثلاجة والغسالة وأجهزة الإنذار والتلفزيون وسماعات البلوتوث وغيرها باستخدام الهاتف الجوال عبر البلوتوث، كما وأصبحت هذه التقنية داخل السيارات، ويمكن للمستخدم توصيلها كافة والتحكم بها.
- في القطاع الصحي: أصبح الاعتماد على تقنية البلوتوث كبيرًا، ويتم استخدامها من أجل تسهيل عملية تواصل الطواقم الطبية مع بعضها بالإضافة إلى سهولة تسجيل البيانات الطبية، كما هو الحال في العديد من الدول، ففي ظل جائحة كورونا طورت الدول تطبيقات خاصة للهاتف الجوال تعتمد على البلوتوث في عملها من أجل تطبيق الإجراءات الصحية اللازمة.
ومع التحديث المستمر لها، لم تعد تقنية بلوتوث مجرد أداة لنقل البيانات فحسب، بل أصبحت اليوم بديلًا عن العديد من الأدوات الأخرى التي اعتدنا على استخدامها، فصارت هذه التقنية اليوم تلعب دورًا هامًا في أنظمة الحماية والمراقبة والإنقاذ، بالإضافة إلى استخداماتها في الطائرات.