تحقيق مسبار
يتسائل الكثير من السيدات الحوامل والمقربون منهن فيما لو كانت الرياضة تؤثر على العملية القيصرية، وإذا كان بإمكان السيدة الحامل القيام بالتمارين الرياضية خلال الحمل أو بعد الولادة، وخاصة إذا كان هناك أثر لهذه التمارين في تجنب العملية القيصرية، أو ربما التسبب بمشاكل صحية في حال القيام بها بعد الولادة القيصرية.
سيتم في هذا المقال التعريف بالولادة القيصرية، والبحث في موضوع التمارين الرياضية في مرحلة الحمل وما بعد الولادة، كما سيتم الإجابة على سؤال هل الرياضة تؤثر على العملية القيصرية؟.
الولادة القيصرية
الولادة القيصرية هي تدخل جراحي يهدف إلى توليد الجنين من رحم الأم من خلال فتحة جراحية بالرحم دون المرور بالطريق الطبيعي وهو المهبل، وتُجرى هذه العملية في الحالات الطارئة التي يُعتقد فيها أن الولادة الطبيعية المهبلية قد تنطوي على مخاطر كبيرة على صحة الأم أو صحة الجنين، وتقدر منظمة الصحة العالمية بأن نسبة العمليات القيصرية يجب ألا تتجاوز 10% إلى 15% من مجموع الولادات.
وبشكل عام ارتفعت نسبة معدلات الأمان بالنسبة للعملية القيصرية في السنوات الأخيرة نتيجة للتطور الطبي، لكنها لكونها عملية جراحية فإنها هناك العديد من المخاطر والمضاعفات.
الأسباب الطبية التي تتطلب إجراء العملية القيصرية
يلجأ الأطباء إلى إجراء عملية قيصرية في الحالات التي تشكل فيها الولادة المهبلية خطرًا على الأم أو على الجنين مثل هبوط المشيمة، والمشيمة المُزاحة، وإذا كانت الحامل تعاني من ارتفاع ضغط الدم المرتبط بالحمل (تسمم الحمل) أو في حال عدم تقدم المخاض أو وجود نزيف مهبلي مفرط أثناءه. وأيضًا إذا كانت الحامل تعاني من عدوى معينة كالأمراض المنقولة جنسيًا، أو إذا كان الجنين في وضع المقعد الخلفي، أو في حال كان الجنين لا يحصل على ما يكفي من الأكسجين والمواد الغذائية، وهنا قد يتم اتخاذ القرار بالولادة القيصرية الفورية الطارئة.
ويذكر أنه في السنوات الأخيرة وبسبب بعض العوامل الاجتماعية أصبحت العملية القيصرية خيارًا شائعًا بشكل متزايد، إذ تختار بعض النساء الخضوع لعملية قيصرية لإنجاب أطفالهم لأسباب اجتماعية أو غير طبية مثل الخوف من آلام مخاض الولادة، والاعتقاد الخاطئ أن القيصرية أكثر أمانًا وأقل آلامًا وقلقًا، وإمكانية تحديد تاريخ الولادة وموعد الذهاب إلى المستشفى.
التمارين الرياضية خلال مرحلة الحمل
بشكل عام ينصح بأن تمارس السيدة الحامل 150 دقيقة أسبوعيًا على الأقل من التمارين الهوائية متوسطة الشدة، مثل المشي السريع وأعمال الحديقة الخفيفة، ويمكن تقسيم التمارين على شكل 30 دقيقة يوميًا، كما يمكن البدء بالتدريج بوقت أقل مع زيادة أسبوعية على الوقت حتى تصل السيدة إلى عدد الدقائق المطلوب.
ويذكر أن التمارين الهوائية تعني تحريك عضلات الجسم الكبيرة كالموجودة في الساقين والذراعين بطريقة إيقاعية كافية لرفع معدل ضربات القلب والبدء بالتعرّق دون الوصول لمرحلة الإجهاد.
عند ممارسة التمارين الرياضية يجب الأخذ بعين الاعتبار بعض التغيرات التي تطرأ على الجسم أثناء الحمل، مثل ارتخاء الأربطة التي تدعم المفاصل بسبب إفراز بعض الهرمونات، والذي يؤدي إلى جعل المفاصل أكثر عرضة لخطر الإصابة، وأيضًا تغير مركز جاذبية الجسم بسبب تغير حجم البطن الذي يؤدي إلى زيادة خطر فقدان التوازن والسقوط، كما أن زيادة حاجة الجسم للأوكسجين أثناء الحمل قد يؤثر على قدرة السيدة على أداء التمارين الشاقة نظرًا لأن ذلك يُركز توجيه الأوكسجين نحو العضلات بعيدًا عن مناطق الجسم الأخرى.
ومن أهم الاحتياطات التي يجب على السيدة الحامل مراعاتها أثناء التمارين الرياضية:
- شرب الماء: قبل التمرين وأثناءه وبعده، لتجنب الجفاف.
- ارتداء حمالة صدر رياضية: للمساعدة في حماية الثديين.
- ارتداء حزام دعم البطن: في وقت لاحق من الحمل لزيادة الشعور بالراحة أثناء المشي أو الجري.
- تجنب التعرض للحرارة الزائدة: وذلك لتجنب الجفاف أيضًا، حيث ينصح بارتداء ملابس فضفاضة، واختيار مكان يمكن التحكم بدرجة حرارته، وشرب الكثير من الماء.
- تجنب ممارسة الرياضة في الجو الحار جدًا أو الرطب.
- تجنب الوقوف بلا حراك: لتجنب تجمع الدم في الساقين والقدمين، وبالتالي انخفاض ضغط الدم.
- تجنب الاستلقاء على الظهر: لتجنب ضغط الرحم على أحد الأوردة وبالتالي انخفاض ضغط الدم.
التمارين الرياضية الآمنة خلال الحمل
يوجد العديد من التمارين الرياضية التي تعتبر آمنة خلال فترة الحمل، ومن أهمها:
- المشي: وهو تمرين سهل بالنسبة للعضلات والمفاصل، كما أن المشي السريع يوفر تمرينًا لكامل الجسم.
- السباحة والتمارين المائية: والتي توفر تمرينًا للكثير من عضلات الجسم، كما أن الماء يساعد بتجنب الإجهاد والإصابات نظرًا لأنه يدعم الوزن.
- الدراجات الثابتة: لتجنب خطر السقوط واختلال التوازن عند ركوب الدراجات الهوائية العادية.
- اليوغا المعدلة والبيلاتس المعدلة: إذ أنها تفيد في التركيز على التنفس و تحسين مرونة الجسم وتجنب الإجهاد، حيث تم تصميم تمارين خاصة للحوامل تستوعب التوازن المتغير للمرأة.
في حال كانت السيدة الحامل رياضية قبل الحمل وتقوم بممارسة بعض أنواع الرياضات ككرة المضرب، فينصح باستشارة طبيب التوليد أو اختصاصي طبي ومناقشته في مدى إمكانية الاستمرار بهذه التمارين.
التمارين الرياضية التي يجب تجنبها خلال الحمل
يجب على السيدة الحامل تجنب القيام بالتمارين الرياضية في الحالات التي تعرضها لخطر الإصابة مثل الملاكمة وكرة القدم وكرة السلة والقفز المظلي، أو حتى الأنشطة التي قد تسبب السقوط مثل التزلج وركوب الدراجات والجمباز، وأيضًا في حال كانت الرياضة تسبب ارتفاعًا في درجة الحرارة مثل اليوغا الساخنة، إضافة إلى العديد من الرياضات الخطرة كالغوص.
فوائد ممارسة الرياضة أثناء الحمل
ممارسة التمارين الرياضية المنتظمة خلال فترة الحمل لها الكثير من الفوائد للأم والجنين ومن أهمها:
- تقليل آلام الظهر.
- تخفيف الإمساك.
- تعزيز زيادة الوزن الصحي أثناء الحمل.
- تقليل خطر الإصابة بمرض سكري الحمل.
- تقليل خطر اللجوء إلى الولادة القيصرية.
- تقليل خطر الإصابة بتسمم الحمل (ارتفاع الضغط).
- تحسين اللياقة وتقوية القلب والأوعية الدموية.
- تسهيل التأقلم مع نقصان وزن الجنين من جسمك بعد ولادته.
هل الرياضة تؤثر على العملية القيصرية؟
الرياضة تؤثر على العملية القيصرية إيجابيًا إذا تم ممارستها بالشكل الصحيح. في حال لم يكن هناك ولادة قيصرية سابقة، فقد تؤثر الرياضة على العملية القيصرية من خلال تخفيف احتمالية إجراءها. كما أن الرياضة تؤثر على العملية القيصرية بعد التعافي من العملية، إذ أن ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بعد الولادة القيصرية يفيد الصحة الجسدية والصحة النفسية للأم ويساعد في التعافي. كما أن النساء الحوامل اللواتي يتبعن نظامًا غذائيًا صحيًا ويمارسن التمارين المعتدلة بانتظام أقل عرضة لإجراء عملية قيصرية، أو زيادة الوزن، أو الإصابة بمرض السكري أثناء الحمل، وفقًا لدراسة أجرتها جامعة كوين.
التمارين الرياضية بعد الولادة القيصرية
كما ذكرنا آنفًا فإنّ الرياضة تؤثر على العملية القيصرية، إذ تعتبر تمارين ما بعد الولادة مهمة جدًا للصحة الجسدية والنفسية للأم، حيث أنه عند القيام بها بالشكل الصحيح فإنها تساعد في التعافي من خلال دعم وتقوية العضلات والعظام، وزيادة الطاقة، كما أنها تساهم في تخفيف المشاعر السلبية واكتئاب ما بعد الولادة وتعزيز النوم بشكل أفضل.
وعادة ما يُنصح بتأجيل ممارسة الرياضة بعد الولادة القيصرية لفترة أطول (6 أسابيع) مقارنةً بما بعد الولادة المهبلية، حتى يتم التأكد من التعافي من قبل الطبيب، ما عدا بعض التمارين الخفيفة جدًا، وفي هذه الحالة من الضروري أن تتأكد السيدة من عدم إجهاد نفسها، إذ تعتبر الولادة صدمة للجسم، ويمكن أن يسبب الإجهاد العديد من المشاكل، بما في ذلك التهاب الجرح أو الإصابة، كما أنه عليها التوقف عن ممارسة التمارين في حال حدوث ألم في ندبة العملية القيصرية والحصول على استشارة طبية.
أهم التمارين الرياضية بعد الولادة القيصرية
يجب الاقتصار في الأسابيع الستة الأولى بعد الولادة القيصرية على التمارين الخفيفة التأثير، إذ يُحظر القيام بالتمارين عالية التأثير مثل تمارين شد البطن وتمارين القلب.
- تمارين خفيفة: ومن أهمها المشي، والتدرب على الوضعيات الصحيحة في الجلوس لتقوية عضلات البطن والظهر، إضافة إلى تمارين كيغل بهدف تقوية عضلات قاع الحوض التي تدعم المثانة والأمعاء والرحم، وأيضًا تمارين شد الرقبة والكتف والذراعين والساقين دون الضغط على ندبة العملية القيصرية.
- تمارين شد البطن: يجب الحذر كثيرًا قبل البدء وخلال ممارسة تمارين البطن حتى بعد الحصول على موافقة الطبيب للبدء بها، حيث يجب الاسترخاء إضافة إلى التأكد من عدم وجود بعض الحالات الصحية مثل حالة تسمى انفراق المستقيم من قبل الأطباء. ومن أهم تمارين البطن التي تحتاج لموافقة طبية تمارين إمالة الحوض، وتمرين الجلوس على الحائط، وتمارين اللوح الخشبي المعدل أو الكامل.
- تمارين قاع الحوض: ومن أهمها تمارين كيغل وتمرين الجسر وتمرين القرفصاء.
- تمارين تقوية أسفل الظهر: حيث ينصح بتجنب حمل الأوزان الثقيلة، والجلوس المستقيم، والنوم بشكل جانبي مع وسادة بين الأرجل بدل النوم على الظهر.
- تمارين القلب: تساعد في تقليل حجم البطن، ومن أهمها المشي والسباحة والتمارين المائية وركوب الدراجات، ويتم التدرج في ممارسة هذه التمارين مع زيادة التعافي.