تحقيق مسبار
يخاف الناس بشكل عام من الإصابة بالسرطان نظرًا لارتفاع نسب وفياته، إضافة إلى تساؤلاتهم فيما إذا كان العلاج الكيماويّ مؤلمًا. ويعاني العديد من الناس من مرض السرطان بأنواعه المختلفة، حيث يتم مواجهة مرض السرطان بالعديد من العلاجات المختلفة مثل العلاج الكيماويّ.
سيتم في هذا المقال التعريف بمرض السرطان وأنواعه، وطرق علاجه المختلفة وخاصة العلاج الكيماويّ، كما ستتم الإجابة عن سؤال هل العلاج الكيماوي مؤلم؟
مرض السرطان
علم الأورام يُعنى بدراسة السرطانات والأورام، إذ أن الأورام يمكن أن تكون خبيثة وتدعى عندها بالسرطانات، أو حميدة تتميز بنموها البطيء وعدم انتشارها.
والسرطان عبارة عن نمو سريع وغير طبيعي للخلايا، إذ تصبح هذه الخلايا مختلفة الشكل والوظيفة عن غيرها من الخلايا الطبيعية. حيث تستمر الخلايا الخبيثة بالنمو وتتشارك بغذائها مع الخلايا طبيعية النمو على الرغم من الإشارات التي يطلقها الجسم لكبح نموها الشاذ والعشوائي، وأيضًا تدمر الأنسجة المجاورة لها وتنتشر لأماكن أخرى من الجسم. وتصنف منظمة الصحة العالمية السرطان ثاني سبب رئيسي للوفاة في العالم، وقد حصد في عام 2015 أرواح 8.8 مليون شخص، وتُعزى إليه وفاة واحدة تقريبًا من أصل 6 وفيات على مستوى العالم.
طرق علاج السرطان
يمكن الحد من وفيات السرطان في حال تم الكشف المبكر عنه وبدأ العلاج في مراحل مبكرة، ومع تطور الطب والعلوم أصبح بالإمكان معالجة السرطانات بطرق عديدة وهي:
- العلاج الكيماويّ: حيث يعطى الجسم جرعات كيماويّة تهاجم وتدمر الخلايا التي تنقسم بسرعة.
- العلاج الإشعاعي: باستخدام أشعة عالية الطاقة لقتل الخلايا السرطانية.
- الجراحة: باستئصال الأورام الخبيثة.
- المعالجة المناعية: تساعد على قتل الخلايا الخبيثة بالمشاركة مع الجهاز المناعي في الجسم.
- المعالجة الهرمونية: بمنع وصول الهرمونات التي تحتاجها الأورام الخبيثة لتنمو.
- زرع الخلايا الجذعية: وهي عبارة عن زرع نقي العظم وأكثر ما تُستخدم لعلاج الأورام الدموية والأورام اللمفاوية.
- الرعاية الملطّفة: وهي علاج يهدف لتخفيف الأعراض الجانبية الناجمة عن السرطان أو الأمراض المزمنة الأخرى وخاصة في الحالات التي تقل حظوظ شفاؤها، وذلك لمساعدة المصابين على العيش بمزيد من الراحة، حيث يمكن في حال تطبيق الرعاية الملطّفة تخفيف المشكلات الجسدية والنفسية والاجتماعية والروحانية لدى أكثر من 90% من المصابين بالسرطان في مراحل متقدمة بحسب منظمة الصحة العالمية.
العلاج الكيماويّ للسرطان
إن العلاج الكيماويّ علاج عدواني بطبيعته، إذ أنه يهاجم ويدمر الخلايا التي تنقسم بسرعة، يُستخدم لعلاج السرطانات وله أنواع مختلفة إلا أنها جميعًا تملك نفس طريقة التأثير في الخلايا الخبيثة، ويمكن أن يُشارك العلاج الكيماوي مع أنواع العلاجات الأخرى للسرطان، ويعتمد ذلك على مرحلة الورم الخبيث وموقعه والحالة الصحية للمريض وغيرها.
يُستخدم العلاج الكيماوي لأسباب عديدة وليس فقط للقضاء على الورم، إذ أنه يقلل من انتشار الخلايا السرطانية وكذلك من عددها، وأيضًا يساهم في تقليل حجم الأورام الكبيرة تحضيرًا للجراحة أو نوع آخر من العلاج، ويُعطى أيضًا كعلاج وقائي بعد القيام بالجراحة مثل استئصال ورم بالثدي أو الثدي بأكمله، للتأكد من القضاء على كل الخلايا السرطانية وتجنب النكس.
أنواع العلاج الكيماويّ
يوجد خمسة مجموعات رئيسية من الأدوية الكيماوية وهي:
- العوامل المؤلكلة: وأكثر ما تكون فعالة عندما يكون الورم السرطاني بحالة همود وغير نشط.
- المضادات الحيوية المضادة للأورام: وتؤثر بمراحل مختلفة من دورة حياة الخلية السرطانية، وهي مستخلصة من الفطور.
- النباتات القلوية: مستخلصة من النباتات وتأثيرها الأساسي بمرحلة الانقسام الورمي.
- مثبطات التوبوايزوميراز: تقوم هذه المادة بإضعاف بنية الخلية السرطانية وإعاقة انقسامها.
- مضادات الاستقلاب: تؤثر بمرحلة معينة من دورة الانقسام فتمنعه، وهي عبارة عن مركبات شبيهة بالخلية السرطانية.
طرق العلاج الكيماويّ
يُعطى العلاج الكيماوي بطرق عديدة أشهرها الحبوب والحقن الوريدي المباشر والتسريب الوريدي عبر السيرومات.
طرق العلاج الكيماويّ الأكثر استخدامًا:
- العلاج الكيماوي عبر الوريد: يعتمد على نوع المادة المعطاة ونوع الورم، ويمكن إعطائه حقنًا خلال بضع دقائق، أو عبر مضخة تبقى مع المريض لأسبوع أو أكثر، وأيضًا بالقثطرة الوريدية لمدة ثلاثين دقيقة أو عدة أيام. ويطلق مصطلح الحقن الوريدي المطول على العلاجات الوريدية التي تستمر لعدة أسابيع أو أشهر، ويستطيع المريض (المتمتع بصحة جيدة نسبيًا) التحرك والمضخة موصولة بجسمه. أما العلاجات التي تستمر لعدة دقائق أو ساعات، يستطيع المريض أخذها بالمستشفى أو في منزله بمساعدة الممرضات.
- الأقراص والكبسولات: تجب معرفة مواعيد وكيفية أخذها وكذلك المدة الزمنية الفاصلة بين تناول الطعام بعد أخذ الحبوب أو قبلها. وينصح بعدم لمس الحبوب كثيرًا وغسل اليدين بعد التماس المباشر معها، كما يجب على المرافقين أو المساعدين للمريض التعامل معها بحذر ولبس قفازات، ولا يجب تناول جرعة أكثر من الموصوفة دون استشارة الطبيب.
طرق العلاج الكيماويّ الأقل استخدامًا:
- الحقن تحت الجلد: يستطيع المريض حقنها بنفسه بعد أخذ الإرشادات من الطبيب، وأشهر مناطق الحقن في جلد البطن وأعلى الساعد.
- الحقن في العضل: يكون امتصاص الدواء الكيماوي من قبل الدم بهذه الطريقة أبطأ من الإعطاء الوريدي وأطول تأثيرًا، وأشهر أماكن الحقن في الأرداف والفخذ.
- الحقن في القناة الشوكية: ويكون عبر الحقن في النخاع الشوكي أسفل الظهر، وهي طريقة فعالة في علاج بعض أنواع السرطانات كاللمفومات وبعض أنواع أورام الدماغ وكذلك سرطان الدم.
- الحقن داخل أجواف الجسم: وهو عبارة عن حقن المادة الكيماوية مباشرًة داخل أجواف الجسم التي تحتوي على خلايا سرطانية، مما يكسبها جرعة كبيرة ومركزة من العلاج، ومن أمثلتها الحقن داخل المثانة وداخل جوف الصدر وفي البريتوان البطني.
- الحقن داخل الشريان: سوف توفر هذه الطريقة جرعة كبيرة من المادة الكيماوية مباشرة للورم، لأن الحقن يتم في الشرايين القريبة من الورم الخبيث والمغذية له، وأكثر أنواع السرطانات معالجة بالحقن داخل الشريان هو سرطان الكبد، بحقن الدواء في الشريان المروّي له.
- الحقن في الورم مباشرًة: ماتزال هذه الطريقة قيد الاختبار، وتستخدم لأنواع من السرطانات في الرقبة والرأس وكذلك تُستخدم لسرطان يدعى ساركوما كابوزي.
- كريمات: لبعض السرطانات الجلدية.
ويستخدم العلاج الكيماويّ في علاج أنواع كثيرة من السرطانات، مثل سرطانات الثدي والكبد والمثانة والرئة، وبعض السرطانات الدماغية والجلدية. كما يُستخدم العلاج الكيماوي أيضًا لأمراض غير سرطانية مثل أمراض المناعة الذاتية كالذئبة الحمامية والتهاب المفاصل الرثياني، وذلك بجرعات أقل من المستخدمة في علاج السرطان، وكذلك يُستخدم لتحضير المرضى المصابين بأمراض نقي العظم للعلاج بالخلايا الجذعية.
هل العلاج الكيماوي مؤلم؟
نعم، إن بعض أنواع العلاج الكيماوي مؤلمة وتسبب ألمًا قد يكون شديدًا وأيضًا تسبب ضعفًا وألمًا عضليًا، والشعور بالتعب، كما قد تُصبح الحركات البسيطة صعبة والمنعكسات قليلة الاستجابة، وما ينجم عن ذلك من فقدان للتوازن وصعوبة المشي والحركة، إضافة إلى العديد من الآثار الجانبية الأخرى.
الآثار الجانبية للعلاج الكيماويّ
العلاج الكيماوي يستهدف الخلايا السرطانية ذات النمو السريع ويجول في الجسم كله، فإنه يسبب أيضًا تأثيرات غير مرغوب بها على الخلايا الأخرى الطبيعية التي تتكاثر وتنمو بسرعة أيضًا للقيام بوظائفها الفيزيولوجية الطبيعية.
ومن أكثر الخلايا تأثرًا الجريبات الشعرية والخلايا المشكلة للدم في نقي العظم، وكذلك الخلايا المخاطية الفموية والسبيل الهضمي والجهاز التناسلي.
لذلك وتجنبًا لحصول التأثيرات الجانبية المزعجة، يحاول الأطباء إعطاء أقل جرعة علاجية من الدواء الكيماوي والقادرة على قتل الخلايا الورمية، كذلك وصف أدوية قادرة على حماية الخلايا السليمة وتخفيف الآثار الجانبية.
ومن أكثر التأثيرات الجانبية المشاهدة:
- خسارة الشعر.
- تزايد الإصابة بالأخماج.
- فقر الدم.
- سهولة حصول الكدمات والنزف.
- التعب.
- الإسهال والغثيان والإقياء.
- الإمساك.
- المشاكل العصبية كالألم والتنميل.
- مشاكل الجلد كالجفاف والتغيرات اللونية.
- تغيرات الوزن.
ويمكن أن يسبب العلاج الكيماوي أيضًا مشاكل بالفم واللسان والحلق كالألم عند البلع، والمشاكل المتعلقة بالجهاز البولي والكليتين، ويؤثر على التركيز وقد يسبب تغيرات في المزاج وتغيرات في الوظائف الجنسية ومشاكل في الخصوبة، كما أن للعلاج طويل الأمد تأثير على الأعضاء المختلفة خاصًة القلب والكليتين والرئتين والجهاز العصبي.
يجب الانتباه للتداخلات الدوائية بين العلاج الكيماوي والأدوية الأخرى التي يتناولها المريض، وكذلك إخبار الطبيب بجميع الأدوية المتناولة قبل البدء بالعلاج الكيماوي، خاصة الأدوية المأخوذة دون وصفة طبية وكذلك الفيتامينات والمكملات الغذائية، حيث يعتقد معظم الناس أن الفيتامينات ضرورية أثناء العلاج لتدعيم صحة الجسم، لكن تبين أنها تقلل من فاعلية العلاج الكيماوي، فيجب عدم أخذ أدوية الفيتامينات دون استشارة الطبيب مهما كانت بسيطة التركيب، والاستعاضة عنها بتحسين الغذاء واتباع حمية صحية مناسبة.
ويسبب العلاج الكيماوي كما ذُكر انخفاضًا في مكونات الدم مثل الصفيحات، فعند تشارك أخذها مع تناول الأسبرين مثلًا سوف يفاقم من المشكلة الدموية الحاصلة.
