تحقيق مسبار
هناك الكثير من العوامل التي تؤثر على مستويات السكر في الدم، لكن ماذا عن الغضب والحالات العصبية، هل الغضب يرفع السكر في الدم فعلًا؟
يستعرض المقال نبذة عن داء السكري بأنواعه، كذلك تأثير المشاعر السلبية مثل الغضب على مستويات السكر في الدم، كما يقدم بعض الطرق التي قد تساعد مريض السكري على التخلص من الغضب والتوتر.
نبذة عن داء السكري
يشخص الإنسان بالإصابة بداء السكري عندما تضعف قدرة الجسم على إبقاء نسبة السكر في الدم أو غلوكوز الدم ضمن المستويات الطبيعية. وهناك أنواع مختلفة من مرض السكري وتعتمد إدارة كل حالة (التعايش والعلاجات) على نوع السكري المصاب به الشخص.
ترتبط أكثر حالات داء السكري بزيادة الوزن لدى الشخص أو اتباع أسلوب حياة غير نشط، لكن بعض الحالات تكون وراثية ضمن العائلة الواحدة. ويؤدي تراكم السكر في الدم أحيانًا إلى مضاعفات صحية خطيرة منها الإصابة بالسكتة الدماغية أو أمراض القلب المزمنة.
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن عدد الأشخاص المصابين بداء السكري حول العالم يقدر بحوالي 422 مليون شخص، الغالبية العظمى من هؤلاء المصابين يعيشون في البلدان النامية. أما عدد الوفيات المرتبطة بداء السكري بشكل مباشر أو جراء مضاعفاته فتُقدّر بحوالي 1.6 مليون وفاة سنويًا. وعلى الرغم من حملات التوعية بأسباب الإصابة بالمرض وكيفية التعايش معه، إلا أن أعداد الإصابات والوفيات في تصاعد منذ العام 2016 حسب منظمة الصحة العالمية.
أنواع داء السكري
تاليًا الأنواع الثلاثة لداء السكري:
- النوع الأول: ويحدث هذا النوع عندما يفشل الجسم في إنتاج هرمون الأنسولين، مما يعني أنه يجب على الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول أخذ الأنسولين الاصطناعي يوميًا للبقاء على قيد الحياة.
- النوع الثاني: يؤثر مرض السكري من النوع الثاني على طريقة استخدام الجسم للأنسولين. إذ بينما لا يزال الجسم يصنع الأنسولين -على عكس النوع الأول- فإن الخلايا في الجسم لا تستجيب له بشكل فعال كما تستجيب له في الحالات الطبيعية. ويعتبر هذا النوع الأكثر شيوعًا من مرض السكري وله ارتباط وثيق بأسلوب الحياة التي يعيشها المريض.
- سكري الحمل: يحدث هذا النوع عند النساء أثناء الحمل عندما يصبح الجسم أقل حساسية للأنسولين. لا يحدث سكري الحمل بالضرورة لدى جميع النساء الحوامل، وعادة ما يصيب المرأة بعد الولادة.
هل الغضب يرفع السكري؟
نعم من الممكن أن يرتفع السكري بسبب المشاعر السلبية ومنها الغضب. وفقًا لإحدى المراجعات فإن الغضب والتوتر والقلق والمشاعر السلبية والإجهاد النفسي جميعها تلعب دورًا في رفع السكر في الدم، عندما تكون المشاعر السلبية مهيمنة ومسيطرة فإن الجسم يدخل في حالة من التأهب تسمى الكر والفر (fight or flight response)، خلال حالة التأهب تلك يقوم الجسم بإفراز عدة هرمونات في الدم ليتأقلم مع الحالة. وجود هرمونات التوتر في الدم مهم من ناحية لكنه يرفع مستويات السكر في الدم من ناحية أخرى. ونظرًا لأن جسم الشخص المصاب بداء السكري غير قادر على إفراز هرمون الأنسولين بصورة طبيعية، فإن إعادة سكر الدم إلى مستوياته الطبيعية تستغرق وقتًا أطول مما يشكل خطرًا على صحة المريض.
علاوة على ذلك فإن المراجعة ذاتها أشارت في ملخصها إلى أن تنظيم هرمونات التوتر قد يكون غير طبيعي عند مريض السكري من النوع الأول من الأساس نتيجة اعتلال وظيفي. كما خلصت الدراسة إلى أن الأدلة التي تشرح أثر المشاعر السلبية على مريض السكري من النوع الأول لا تزال متناقضة، حيث أشارت بعض الدراسات التي أجريت على الإنسان بأثر رجعي إلى أن الإجهاد النفسي والمشاعر السلبية يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بمرض السكري من النوع الأول، فيما لم تجد دراسات أخرى دليلًا على ذلك.
من ناحية أخرى فقد أشارت مراجعة لبعض الدراسات طويلة الأمد إلى أن التوتر العاطفي العام والقلق ومشاكل النوم والغضب والعدائية والاكتئاب مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
قراءة مستوى السكري في الدم
ليتمكن المريض من إدارة مستويات السكر في الدم بصورة فعالة يتوجب عليه أولًا أن يحدد مستوى السكر في الدم باستخدام عدة فحص السكري المنزلية. تاليًا القراءات النموذجية لمستويات السكر التي توصي بها الجمعية الامريكية لمرض السكري:
- عند الصوم أو قبل تناول الطعام: القراءة النموذجية الموصى بها 80 إلى 130 ملليغرام لكل ديسيلتر (مل / ديسيلتر).
- بعد تناول الطعام: القراءة النموذجية الموصى بها 180مل / ديسيلتر أو أقل بعد ساعات قليلة من تناول الطعام.
يمكن أن يختلف النطاق المستهدف لسكر الدم من مريض إلى أخر لذلك يجب مراجعة تلك الأرقام مع الطبيب المختص، كما من الممكن أن تتغير تلك الأرقام وفقًا للحالة المزاجية للشخص.
علامات هبوط أو ارتفاع السكر
إن عدم الاستقرار في مستويات السكر في الجسم (ارتفاع وهبوط السكر) ينعكس على حالة المريض الجسدية والنفسية، لذلك من الضروري جدًا أن يكون مريض السكري واعيًا لتلك العلاقة المتبادلة حتى يتمكن من أخذ الإجراء الصحيح لكل حالة.
تاليًا أهم أعراض هبوط السكر:
- التشوش في الرؤية.
- التوتر.
- الجوع.
- الانفعال السريع.
- الغضب.
- الإرهاق.
- التعرق.
أما عن أعراض ارتفاع السكر:
- الغضب والتوتر.
- الحزن.
- ضبابية في التفكير.
- فقدان الوعي.
- العطش.
- الشعور بالإرهاق والكسل.
نصائح لإدارة مستويات السكر والسيطرة على الغضب
كما ذكر المقال سابقًا فإن العلاقة بين الغضب وداء السكر علاقة متبادلة، أي أن ارتفاع وانخفاض مستوى السكر في الدم ينعكس على سلوك المريض فيصبح شخص غاضب، والعكس صحيح أيضًا، فمن الممكن أن يساهم الغضب برفع السكر في الدم.
لذلك لا بد من السيطرة على شعور الغضب والتعامل معه بطريقة تمكن المريض من الوصول إلى سلوك مستقر وغير غاضب، كذلك بناء علاقات أفضل مع الأشخاص المحيطين به، ذلك أن الغضب والسلوك العدائي لا ينعكس على المريض فحسب، إنما يمتد ليؤثر على علاقاته الشخصية والعائلية.
تاليًا بعض النصائح لإدارة مستويات السكر في الدم والسيطرة على الغضب بشكل أفضل:
- ممارسة الرياضة بانتظام: يمكن أن يساعد النشاط البدني في تحسين الحالة المزاجية وتقليل مستويات الغلوكوز والحفاظ على وزن صحي. يجب على مرضى السكري فحص مستويات السكر في الدم قبل وبعد التمرين، خاصةً إذا كانوا يستخدمون الأنسولين وإذا كان النشاط البدني مكثفًا.
- تناول وجبات الطعام بانتظام: من المهم لمريض السكري تناول الوجبات الغذائية بانتظام ومراقبة مدى ملائمة الحمية الغذائية المتبعة وأثرها على مستويات السكر في الدم. ومن الأفضل استشارة أخصائي تغذية من أجل الحصول على نظام غذائي متوازن بإمكانه دعم تنظيم مستويات السكر في الدم.
- الاحتفاظ بالوجبات الخفيفة "الطارئة" في متناول اليد: يُنصح مريض السكري بالاحتفاظ بالوجبات الخفيفة لتجنب انخفاض مستوى السكر المفاجئ، كما ينصح المريض بعدم تأجيل أوقات وجبات الطعام.
- الوعي للعلاقة بين الغضب ومستويات السكري: يعتبر أخذ الأدوية وتناول الطعام بشكل صحيح ومنتظم من العوامل الأساسية للتحكم في نسبة السكر في الدم. لكن يجب أن يعي المريض العلاقة بين تنظيم السكر والحالة النفسية، لأن الهرمونات التي تنظم نسبة السكر في الدم مرتبطة بمستويات التوتر بصورة مباشرة. فعندما يرتفع مستوى السكر في الدم، يمكن أن يصاب المريض بالغضب، والعكس صحيح، مما يجعل من الصعب تنظيم نسبة السكر لاحقًا. لذلك ينصح بأخذ القراءات المنتظمة لمستوى السكر في الدم.
تعلم كيفية تخفيف المشاعر السلبية: هناك تقنيات مختلفة توفر الراحة عند الشعور بالغضب أو التوتر. تعتبر ممارسة التأمل واليوجا طرقًا ممتازة لتحقيق التوازن والتعامل مع المشاعر السلبية القوية. أيضًا محاولة المشي أو الكتابة في دفتر يوميات أو التنفس بعمق لمدة دقيقة أو دقيقتين. ولتجنب تهويل جميع الأحداث يحث المختصون على طرح الأسئلة المناسبة عند هيمنة الغضب أو المشاعر السلبية على المريض، مثل البدء بطرح سؤال بسيط من قبيل ما مدى أهمية وتأثير أي حدث سلبي للمساعدة في إبقاء الأمور في نصابها وتجنب التهويل. كما يساعد العلاج النفسي أيضًا في التغلب على الإحباط والتوصل إلى طرق عملية للتحكم في الحالة المزاجية بشكل أفضل.